رئيس جامعة كفر الشيخ يستقبل فريق الدعم الفني    وفقًا لتصنيف التايمز 2026.. إدراج جامعة الأزهر ضمن أفضل 1000 جامعة عالميًا    رئيس جامعة قناة السويس يشارك في وضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الوطن    وزير السياحة يشارك في الاجتماع السنوي للاتحاد بحضور مسؤولي الحكومة الألمانية    استرداد 3 حالات تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في الشرقية    QNB يحقق صافى أرباح 22.2 مليار جنيه بمعدل نمو 10% بنهاية سبتمبر 2025    موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 رسميًا في مصر.. موعد تغيير    الخارجية الفلسطينية: الخطة الأمريكية تحتاج إلى كثير من التوضيحات    هل تستعد أمريكا لنشر قواتها في غزة؟ قائد القيادة المركزية يكشف سبب زيارة القطاع    وزير خارجية الصين يدعو إلى تعزيز التعاون الثنائي مع سويسرا    رئيس وزراء العراق يؤكد حرص الحكومة على دعم الأمن والاستقرار    حسابات معقدة.. الجولة الأخيرة تحسم سباق «ملحق» تصفيات أفريقيا ل كأس العالم 2026    لامين يامال يغيب عن مواجهة جيرونا استعدادا للكلاسيكو أمام ريال مدريد    القبض على مصري في السعودية لترويجه الحشيش المخدر (تفاصيل)    «قولوا يا رب».. منة شلبي تعلق على أنباء ارتباطها (فيديو)    ندوة بمعرض دمنهور للكتاب تؤكد دور الفن في ترسيخ الانتماء    «نيتهم وحشة».. طارق العريان يرد على منتقدي فيلم السلم والثعبان 2    عالم أزهري يوضح أحكام صلاة الكسوف والخسوف وأدب الخلاف الفقهي    عالم أزهري يوضح حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين الإيمان والإسلام ودقة استعمال كل منهما    مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية: لا تفشٍ لفيروس كورونا مرة أخرى    نزلات البرد.. أمراض أكثر انتشارًا في الخريف وطرق الوقاية    التوقيت الشتوي.. كيف تستعد قبل أسبوع من تطبيقه لتجنب الأرق والإجهاد؟    «ركز وأنت بتشتري».. أفضل طريقة لاختيار البرتقال لضمان حلاوته    بن شرقي يحصد جائزة أفضل هدف في الجولة العاشرة من الدوري المصري    بتهمة خطف طفل وهتك عرضه,, السجن المؤبد لعامل بقنا    وزارة السياحة تطلق منصة "رحلة" لتنظيم الرحلات المدرسية المجانية إلى المواقع الأثرية والمتاحف    قيل بيعها في السوق السوداء.. ضبط مواد بترولية داخل محل بقالة في قنا    القسم الثالث .. إعادة مباراة دمياط وبورتو السويس    معهد فلسطين لأبحاث الأمن: اتفاق شرم الشيخ يعكس انتصار الدبلوماسية العربية    تقديم 64 مرشحًا بأسيوط بأوراق ترشحهم في انتخابات النواب    «الري»: التعاون مع الصين فى 10 مجالات لإدارة المياه (تفاصيل)    تفاصيل لقاء السيسي بالمدير العام لليونسكو (صور)    فتح باب المشاركة في الدورة السابعة لملتقى أفلام المحاولة بقصر السينما    إيهاب فهمي: "اتنين قهوة" يُعرض في ديسمبر | خاص    اكتشاف قلعة عسكرية جديدة من عصر الدولة الحديثة بسيناء    «تعليم الجيزة»: الانتهاء من تسليم الكتب المدرسية للطلاب دون التقيد بالمصروفات    الجو هيقلب.. بيان عاجل من الأرصاد الجوية يحذر من طقس الأيام المقبلة    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط سائق يسير عكس الاتجاه بالتجمع الخامس ويعرض حياة المواطنين للخطر    إحالة أوراق المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في المنيا إلى المفتي    الداخلية تكشف حقيقة سرقة شقة بالدقي    منظمة العمل العربية تطالب سلطات الاحتلال بتعويض عمال وشعب فلسطين عن الأضرار التي سببتها اعتداءاتها الوحشية    القنوات الناقلة لمباراة الإمارات وعُمان مباشر اليوم في ملحق آسيا لتصفيات كأس العالم    زراعة المنوفية: ضبط 20 طن أسمدة داخل مخزنين بدون ترخيص فى تلا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    الرباعة سارة سمير بعد التتويج بثلاث فضيات ببطولة العالم: دايمًا فخورة إني بمثل مصر    العرفاوي: لا ندافع فقط في غزل المحلة.. ونلعب كل مباراة من أجل الفوز    عاجل- الدفاع المدني في غزة: 9500 مواطن ما زالوا في عداد المفقودين    «المشاط» تبحث مع المفوض الأوروبى للبيئة جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون    انتخابات النواب: رقمنة كاملة لبيانات المرشحين وبث مباشر لمتابعة تلقى الأوراق    نائبة وزيرة التضامن تلتقي مدير مشروع تكافؤ الفرص والتنمية الاجتماعية EOSD بالوكالة الألمانية للتعاون الدولي    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع التطوير العمراني لعواصم المحافظات    منها «القتل والخطف وحيازة مخدرات».. بدء جلسة محاكمة 15 متهما في قضايا جنائية بالمنيا    أكسيوس عن مسؤول أميركي: نتنياهو لن يحضر القمة التي سيعقدها ترامب بمصر    أسعار اللحوم اليوم السبت في شمال سيناء    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكرى النكبة .. وأول من قدس القدس ..!
نشر في شباب مصر يوم 15 - 05 - 2017


دكتور / عبد العزيز أبو مندور
قلت أن الله تعالى هو من يقدس ما شاء له من خلقه فنحن لا نقدس إلا ما يقدسة الله تعالى لأنه لا حيلة لنا ولا حق فى تقديس ما لم يقدسه الله تعالى.
قلت ذلك فى بوضوح فى كتابى ( أصنام فى فكر يوسف زيدان ) فمن أراد الحجة والدليل فليطلبه هناك.
أما وقد وصلتنى اليوم الأحد 18من شعبان 1438ه / 14 مايو 2017م رسالة ثانية من د. مردخاي كيدار ، فقد سألنى أحد عشر سؤالا معظمها شماتة فى الفتنة الدائرة فى بلادنا العربية الآن والتى يؤججها كل من له مصلحة سياسية ومطامع فى تخريب مقدراتنا البشرية والاقتصادية والتشكيك فى ثوابتنا العربية والإسلامية والمماطلة فى رد حقوقتا الشرعية والقانونية فى القدس والأقصى وفلسطين واستعادة كافة حقوق شعبنا الفلسطيني المغتصبة منذ النكبة الكبرى فى 15 مايو 1948م واحتلال العصابة الإسرائيلية الغاشمة لأرضنا فى 5 من يونيو 1967م وإلى الآن ناهيك عن ما يحدث الآن بين المسلمين من العرب بينهم وبين بعضهم البعض من تقاتل بغيض وتفكيك لوحدتنا وتماسكها ويصرفنا عن قضايانا الكبرى ويؤخر ما كنا نصبوا إليه من تحقيق تقدمنا الحضاري ؛ فكلها تصب فى صالح العدو الإسرائيلي الغاصب وتساعده على تحقيق مطامعه !
والعجيب أن د. مردخاي يريدنى أجيب على رسائله كما يحب هو دون النظر إلى مدى الأهمية المرتجاة والفائدة التى تعود علينا سويا أو على شعوبنا من ذلك الحوار أو الجدل وبخاصة أنه من البداية لا تعجبه ردودي الحضارية !
وإليكم نص رسالة د.مردخاي الثانية ، فكانت كما يلى :
د. أبو مندور المحترم
لقد قرأت جوابك من بدايته إلى نهايته ولم أجد فيه أي دليل على كلامك فأنت تكثر الكلمات ولم تأت بأي دليل.
لو كانت لديك قطرة من الجرأة والمصداقية أرجوك أن تجيب على الأسئلة التالية:
--------
وكما قلت أن د. مردخاي سألنى إحدى عشر 11 سؤالا بالطبع لن أجيبه عليها دفعة واحدة فذلك يشغلنى عن الكثير مما فى يدى من أبحاث ومؤلفات حضارية وثقافية هامة أعدها قريبا للطبع إن شاء الله ، ناهيك عن الفائدة التى ترتجى من إجابة كل سؤال على حدة وبخاصة عن تبينت أهميته .
ومن ثم سأبدأ فى بالسؤال الأولى بالإجابة الخاص بعروبة القدس وجميع أرض فلسطين الثابتة بالوثائق التاريخية والمواثيق الدولية ؛ وبخاصة فى تلك الأيام وذلك اليوم بالذات 15 من مايو 2017م لأنه يوافق ذكرى تاريخ النكبة الكبرى فمنذ 70 سنة مضت ومنذ وعد بلفور الذى قطعته بريطانيا لعصابة اليهود الصهاينة باعطاء وطن قومي لليهود فى فلسطين ؛ فقد أعطى من لا يملك وعدا لمن لا يستحق وما تلاها من ترتيبات خبيثة ومؤامرات دنيئة حاكها الغرب الأمريكي والأوربي من شرقه وغربه فقد تآمروا على شعوبنا العربية ونفذوا ما خططوا له تدريجيا فى غيبة خكام العرب والمسلمين وضعفهم وانقسامهم على أنفسهم ؛ فانسحبت بريطانيا من فلسطين فأعلنت إنهاء انتدابها على أرض فلسطين بعد تقسيمها فكان أن تبع ذلك فورا إعلان عصابة الهاجناة اليهودية عن قيام دولة لهم فى فلسطين فكان الاعتراف بها بعد دقائف معدودة من الحكومة الأمريكية برئاسة ترومان الصهيوني هو الأسرع.
----
كانت هذه مقدمة ضرورية فى بيان علة تقديم إجابة سؤال عن غيره فليس إلا لأهميته.
-----------------
والسؤال الذى وجهه د.مردخاي هو :
هل تنكر أن الأمويين قدسوا مدينة يروشلايم لتكون مكانا بديلا للحج بعد نشوب ثورة عبد الله بن الزبير (682-691) وقطعه دروب الحج؟
أقول لك أولا أن غجابتى عن مثل هذا السؤال ستفيدك كثيرا فى تحضير محاضراتك القادمة فغياك أن تنسبها لنفسك فذلك يخالف المانة التى ينبغي أن يتصف بها الأكاديميين.
والآن أقول أنه ينبغى على عقلاء الباحثين ان يكونوا على بينة تماما أنه فى المسائل التاريخية والخصومات السياسية بين الحكام تكون الإجابات فى معظمها مظنونة فالتاريخ ليس وحيا من الله جل فى علاه يوحى فقد ختمت النبوات ولم يعد أمام الناس إلا التوثيق العلمي ، ناهيك عن من يكتبون التاريخ فى العالم كله فهم يكتبون فى الغالب بناء على مطالب حكامهم إما خوفا أو تقربا وزلفا طمعا فى جاه أو مال أو سلطان فهم يكتبون لتبرير سياساتهم ونظم حكمهم أو تمجيدا لمفاخر وإنجازات فى الغالب لم يصنعوها !
ومن ثم ، فلنبدأ أولا بالرد على سؤالك عن أول من قدسوا القدس الشريف ( يبوس ) ( أورسالم ) أو يورسالم التى ترجمتموها إلى العبرية ب ( يوروشاليم ) فليسوا بالطبع من آل عبد الملك بن مروان أو غيره كما تزعم أنت وتابعك د. يوسف زيدان فالقدس عمرها أكثر من سبعة 7 آلاف سنة وتجديدات الأمويين للقدس والأقصى كفى عهد بن مروان كانت سنة 95 ع تقريبا !
وعموما ، فأنا أريدك أن تقر أولا أن القدس الشريف مدينة عربية النشأة .
ودعوتى لن ألجئك إليها بدليل لا طاقة لك به ، بل بنصوص صريحة من التوراة التى بين أيديكم اليوم.
فاعلم ، ان نشأة القدس الشريف وبناتها فى الأصل هم قبيلة يبوس العربية من الكنعانيين .
نعم ، فلا تندعش لأن عروبة القدس أمر ا مفروغا منه تاريخيا بالوثائق والحفريات وقبل ذلك بنصوص التوراة التى بين أيديكم اليوم ، فاعترف ولا تكابر.
لا يستطيع يهودى أو إسرائيلي ولا صهيوبي ( صهيونى + صليبي ) أو إنسان كائن من كان أن يشكك فى عروبة القدس .
ولعلك تدهش لو قلت لك أن ما تفعله إسرائيل الآن من جرائم فى محاولاتها اليائسة لطمس معالم وهوية القدس العربية وجرائمهم البشعة بتدنيس المسجد الأقصى وحفرياتكم الخبيثة تحته بغية تقويض أركانه ؛ كل ذلك وغيره لن يجدي مع القدس فتيلا ، بل جرائمكم تلك تعد من أقوى الأدلة على عروبة القدس الشريف والسبب الكافى على الهوية الإسلامية للمسجد الأقصى بالقدس الشريف.
هذا هو الحق الصراح ، فالقدس مدينة عربية النشأة ، سكنها العرب اليبوسيون قبل خمسة آلاف سنة ، حيث يعتبر هؤلاْء أول من أسس المدينة المقدسة حيث سموها ( يبوس) في حوالي عام (3000) ق. م ، أي قبل نحو خمسة آلاف عام ، فهي إذن - عربية المنشأ ، عربية السكن والسكان والزمان والمكان والتاريخ شاهد على ذلك .
لقد توصل الأثريون ممن أجروا تنقيبات في بعض المدن التي تحمل أسماء عربية كنعانية أصيلة مثل ( أريحا ) وأثبتوا قدمها ، فقد تمكنوا من إرجاع تاريخها إلى ما يقرب سبعة ( 7 ) آلاف عام ؛ يعنى خمسة ( 5 ) آلاف سنة قبل الميلاد ، فاعتبارها البعض أقدم مدينة في العالم ما تزال باقية حتى الآن.
سكانها الأصليون هم بناتها الكنعانيون فقد عرفت باسم ( أرض كنعان)، وشملت الشريط الساحلي الممتد من صيدا وحتى غزة، ومن الساحل الغربي إلى البحر الميت شرقاً، ومن بحيرة طبريا شمالاً إلى بئر السبع جنوباً.
كانت القدس فى زمن الكنعانيين على جانب كبير من الحضارة والمدنية ؛ فكان الكنعانيون أول من اكتشف النحاس الطري ، ثم اهتدوا إلى الجمع بين النحاس والقصدير في إنتاج البرونز ، فكانوا السبّاقون في استخدام صناعة التعدين.
وأما لغتهم فكانت في الأصل - على أرجح الأقوال - أقرب إلى اللغة العربية القديمة ، اللغة الأم التي كان يتكلم بها أهل الجزيرة قبل هجرتهم إلى الهلال الخصيب ، ثم تفرعت منها مختلف اللهجات المتأخرة .
أما الديانة فى ذلك الزمان الغابر من تاريخ يبوس والكنعانيين ، فيبدو أن الكنعانيين كانوا يعبدون عدة آلهة في الإطار العام ، ... وبجانب تلك العقائد الوثنية كانت هناك جماعة تعبد الله الواحد الأحد ، فقد أشارت روايات التوراة إلى أن ملكي صادق وهو عربي الأصل اعتقد هو وجماعته بالله الواحد العلي مالك السماوات والأرض ، واتخذ من بقعة الحرم القدسي الشريف معبداً له ، وقدم ذبائحه على موضع الصخرة المشرفة ، وقد مجدته التوراة، كما مجده الإنجيل باعتبار أنه أول من قدس الحرم الشريف فوصف بأنه (كاهن الله العلي)
والحق أن العرب الكنعانيون أقدم من قدس هذه البقعة وتعبد فيها ، وذلك قبل أن يقوم سليمان بن داود ببناء هيكله بما يقرب من ألف سنة.
والثابت أن اليهود فى ذلك الوقت ، وإلى وقت طويل لم يكن لهم سكنى فى يبوس ( القدس ) ولا دور ، بل لم يكن أصلا لهم وجود ، فلم يكن أحد منهم وجد فى الحياة الدنيا بعد.
وعموما ، فالعرب هم سكان القدس الأصليين من ذلك الوقت وحتى الآن ، وإن خالطهم بعض الأجانب على فترات متفاوته فى التاريخ ، إلا أنها ظلت بطبيعتها عربية ، ولا يغير من ذلك تعدد أسمائها القديمة فمن ذلك :
1- اسمها الأول يبوس ، وهو نسبة كما قلنا للعرب اليبوسيين.
2- وأطلق عليه الكنعانيون اسم يورسالم .
3- ثم أطلق عليها المحتل الأجنبي الإسرائيلي فى فترة من فترات تواجدهم يورشالم ، مما يدلك على عاداتهم الخبيثة فى مماسة التحريف والتزوير والتلفيق الذى عرفوا به على مر التاريخ .
4- ثم سميت بعد ذلك باسم إيلياء.
5- ثم القدس الشريف كما نعرفها اليوم .
يبوس الكنعانية لم تعرف لها أصلا ولا سكان أصليين إلا العرب ، حتى عندما قدم إليها اليهود الإسرائيليون وكان ذلك في القرن الثاني عشر قبل الميلاد وفدوا على سكانها الأصليين وهم العرب الكنعانيين واليبوسيين ، شعب عربي أصيل ، فعاشوا بين ظهراني العرب ، وتعلموا منهم لغتهم والكثيرمن عاداتهم المعشية بل والدينية والحضارية.
واقرأ ما قاله (الفريد جيوم)Alfend Guillaume: فى ذلك .
قال : "إن الوعد الغامض المقطوع لأسباط إبراهيم بأرض الميعاد الممتدة من نهر مصر ( النيل ) إلى النهر الكبير ( الفرات ) كما جاء فى سفر التكوين : 15- 18 ) هو وعد قطعه الله لنسل إبراهيم في جميع أرجاء المعمورة ، قبل مولد إسماعيل وإسحاق .
تنبه ودقق فيما يقوله جيدا جيوم : " أن هذا الوعد القديم ليس خاصا باليهود والإسرائيليين فقط ، يعنى ليس خاصا بنسل إسحاق ويعقوب فقط ، بل هو وعد قطعه الله سبحانه وتعالى لنسل إسماعيل عليه السلام أيضا ، فهو وعد قطعه الله تعالى لنسل إبراهيم عليه السلام أي لإسماعيل وإسحاق عليهما السلام وللعرب والإسرائيليين من أبناء إبراهيم جميعا .
هل تفهم ؟ فلم يقطع العهد أن تكون أرض الكنعانيين العرب لليهود وحدهم .
ولو كان كذلك كما يدعى المزورون اليهود ، فلماذا لم تقم لهم دولة فى فلسطين فى ذلك الزمان البعيد ؟ !
لم تكن له دولة أبدا فى فلسطين إلا فى فترات محصورة فى حكم مملكة داود وابنه سليمان عليهما السلام ؟
والسؤال لماذا لماذا لم تٌعَمََّر ولم تستمر لهم الدولة بعد ذلك ؟!
يقول العلامة بريستد " إن بني إسرائيل ( قوم موسى ) عندما جاؤوا إلى بلاد كنعان ( فى فلسطين ) بالشام ، كانت المدن الكنعانية ذات حضارة قديمة فيها كثير من أسباب الراحة ، تسهر عليها حكومة ذات نظام ديني وسياسي واقتصاد قوي وصناعة وتجارة .
وهذا تأكيد لما سبق ، فلم يكن لليهود وجود أو دولة أو وطن حقيقي فى أرض الكنعانيين ( فلسطين ) العربية ، فلم يقم لليهود أبدا كيان سياسي في المنطقة إلا كما قلت على عهد النبيان داود وسليمان عليهما السلام فلم يتجاوز السبعين عاما.
وهذا يعنى أن ملك داود وابنه سليمان عليهما السلام لم يغير من طبيعة المدينة المقدسة والمدن الكنعانية ، فقد ظلت المدن الكنعانية والمنطقة دائما أرضاً عربية ، عريقة في عروبتها.
لقد حافظت مدينة القدس و فلسطين على كيانها العربي قرون طويلة ، فمهما تغيرت أحوالها وترددت بين القوة والضعف إلا أنها كانت دائما تحافظ على وحدتها وطبيعة الحياة العربية والعادات الكنعانية ، فلم يتغير من تقاليدها العربية شيء ، حتى بعدما أصابها العدوان الأجنبي وتعاقب احتلال العبرانيين والفرس واليونان والرومان لها ، فلم يغير ذلك العدوان الخارجي من طبيعتها العربية.
ولم يستطع -الاحتلال الأجنبي - مهما تغير اسمه وشكله وأسلوبه - لم يستطع كما قلت - أن يفقد السكان الأصليين من الكنعانيين أهليتهم وهويتهم العربية الخالصة.
هذا الكلام الذى أثبته المؤرخون المحايدون ، ليس من فراغ ، فقد صرحت به نصوص التوراة التى بين ايديكم اليوم بذلك ، فمدينة القدس وأرض فلسطين باعتراف التوراة ذاتها كانت أرض غربة بالنسبة إلى آل إبراهيم وآل إسحق وآل يعقوب إذ كانوا مغتربين في أرض فلسطين بين الكنعانيين سكانها الأصليين.
ويتجلى أيضا ذلك فى كلام إبراهيم عليه السلام مع غلامه.
وَقَالَ ابْرَاهِيمُ لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ: ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي 3 فَاسْتَحْلِفَكَ بِالرَّبِّ الَهِ السَّمَاءِ وَالَهِ الأرض أن لا تَاخُذَ زَوْجَةً لِابْنِي مِنْ بَنَاتِ الْكَنْعَانِيِّينَ الَّذِينَ أنا سَاكِنٌ بَيْنَهُم 4 بَلْ إلى ارْضِي وَالَى عَشِيرَتِي تَذْهَبُ وَتَاخُذُ زَوْجَةً لِابْنِي اسْحَاقَ. ( تك ، 4-3 : 24 )
إن إبراهيم عليه السلام كشف لنا حقيقة السكان الأصليين بمدينة القدس الشريف قبل وجود الإسرائيليين، فلم يكن يعقوب الملقب بإسرائيل عليه السلام قد وجد ، بل لم يكن أبوه إسحاق عليه السلام قد تزوج ، فإبراهيم عليه السلام لا يريد أن يزوجه من العرب الكنعانيين ، لا لشيء إلا لأنه ساكن بينهم ، فهو كالغريب بينهم ، والغريب غالبا لا يحب أن يتزوج أو يزوج أبناءه إلا من بين أهله وعشيرته ، فلا يحب أن يكون آله غرباء !
تقول نصوص التوراة " وَتَغَرَّبَ إبراهيم فِي ارْضِ الْفَلَسْطِينِيِّينَ أياماً كَثِيرَةً"( تك ، 34 : 21 )
قل لنا يا مردخاي أين هم اليهود فى ذلك الزمان ؟!
ليس إلا العرب السكان الأصليين للأرض المقدسة والقدس يبوس وأورسالم.
ومن هنا نعلم أنه لم يكن لليهود وجودا فى تلك الفترة ، فلم يكن إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن حنيفا مسلما ، عاش فى أرض العرب الكنعانيين غريبا ، بل فيما يبدو لم يكن قد أنجب إسحاق بعد ، وما كان إسحاق تزوج بعد ، فلم يكن يعقوب عليه السلام وهو المعروف باسم إسرائيل قد وجد ، فلم يكن أبوه إسحاق عليه السلام قد تزوج بعد !
وحتى بعد أن وجد يعقوب عليه السلام كان غريبا فى أرض الكنعانيين أرض كنعان العرب.
تقول التوراة " وَسَكَنَ يَعْقُوبُ فِي ارْضِ غُرْبَةِ أبيه فِي ارْضِ كَنْعَانَ " ( تك ، 1 : 37 )
إن التوراة وهى كتابكم الذى تؤمنون به وتتشدقون حتى بعد أن حرفتموها تؤكد غربة اليهود عن القدس ، ففي سفر القضاة ( 11 ، 13 ، 19) تجد قصة رجل غريب وفد مع جماعة له إلى مشارف ( يبوس).
واقرأ حوار الرجل الغريب مع جماعته وما جاء فى سفر القضاة عن قصة الغرباء اليهود من بنى إسرائيل
تقول القصة ".. وفيما هم عند يبوس والنهار قد انحدر جدا، قال الغلام لسيده : تَعَالَ نَمِيلُ إِلَى مَدِينَةِ الْيَبُوسِيِّينَ هذِهِ وَنَبِيتُ فِيهَا.
انظر وتأمل أيها المحب الفطن ، إنها مدينة اليبوسيين ، فليس لليهود فيها إلا الغربة والضيافة !
وقد عاش اليهود تحت ظل العدالة فى دولة الإسلام سنينا طويلة بعدما اضطهدوا وطردوا من بلاد أوربا ، ألا تقر بذلك ؟
فإن لم تفعل فكيف يستمر بيننا حوار ؟
واقرأ باقى القصة .
فَقَالَ لَهُ سَيِّدُه ُ: لاَ نَمِيلُ إِلَى مَدِينَةٍ غَرِيبَةٍ حَيْثُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ هُنَا.
ومن هنا يقول غوستاف لوبون أستاذ الحضارة الفرنسي الشهير : … غير أن استقرار العبريين بفلسطين تم بالتدريج على ما نرى.
ثم يقول : فالعبريون قضوا زمناً طويلاً ليكون لهم سلطان ضئيل في فلسطين لا أن يكونوا سادتها.
ويؤكد غوستاف ليبون ذلك من جهات عدة أهمها :
1- أنه في فلسطين كان يعيش اليبوسيون وكان السلطان في فلسطين للفلسطينيين.
2- وكان ذلك حتى عهد داود – عليه السلام - . ولم تكن لهؤلاء اليهود لغة ، أو ثقافة، أو حضارة خاصة بهم ، وإنما كانوا يقومون على تراث كنعاني بحت كما تؤكد لنا ذلك الأحداث التاريخية.
وهكذا بقيت القدس ، بل كل فلسطين ، كنعانية في ثقافتها ، وفي حضارتها ، ولغتها.
إن الدراسات التاريخية والأثرية تدل على أن الكنعانيين لم ينقطع نسلهم في فلسطين مع كثرة الأجناس التي تعاقبت على السكن فيها، فقط ظلوا فيها حاكمين ومحكومين يشكلون السواد الأعظم للسكان حتى بعد الفتح الإسلامي فى عهد الخليفة العادل عمر بن الخطاب ، فقد أسلم منهم الكثيرون واندمج منهم من بقي على نصرانيته مع المسلمين ، وغاب اسمهم منذ ذلك التاريخ.
ولتعلم أنه إن غاب اسمهم بعد الفتح الإسلامي– إلا أنه لن يضيع حقهم أبدا طالما وراءه مطالب !
( وعلى الله قصد السبيل )
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.