إذا سقط أو اسقط المجلس العسكري لم يتبقى في النظام السياسي المصري سوى شرعية واحدة وهي شرعية الشعب المصري وهنا من المؤكد أن الشعب المصري صاحب الشرعية الوحيدة لن يكون قادرا على إدارة شؤون البلاد إلا من خلال الانتخابات البرلمانية ومن ثم الرئاسية التي من المفترض أنها ستكون الممثل الحقيقي للشعب في ميدان التحرير وفي الميادين الأخرى وستكون الممثل الحقيقي للغالبية الصامتة من أبناء هذا الشعب, وهنا يجب على الشعب المصري أن يكون حذرا من خطورة إسقاط المجلس العسكري قبل أن تنظم الانتخابات التي من المؤكد أنها ستفرز الشرعيات الجديدة والمخولة قانونيا بحكم البلاد وإدارة المرحلة المقبلة دون أن يزايد عليها احد ودون أن يطعن في شرعيتها احد ودون أن تكون عرضة للمليونيات التي تريد إسقاطها بعد أن اختارها الشعب وارتضاها لنفسه بكل مكوناته بشكل ديمقراطي وحضاري بامتياز. إن الأصوات التي خرجت من ميدان التحرير في الأيام القليلة الماضية وقبيل أول انتخابات تشريعية بعد سقوط النظام والتي تطالب برحيل المجلس العسكري وتخليه عن إدارة البلاد لصالح سلطة مدنية تقوم بتشكيل حكومة إنقاذ وطني لا تتعدى كونها شعارات واهية سرعان ما تسقط كما سقطت حكومة عصام شرف التي رفع رئيسها على الأكف في ميدان التحرير وسرعان ما اتهم وحكومته بالضعف وعدم القدرة على إنجاز متطلبات الثورة والثوار, وإنني هنا اتفق تماما أن حكومة شرف كانت ضعيفة وذلك لسبب وحيد وهو أنها ليست منتخبة وليست وليدة عملية ديمقراطية يدعمها القانون وبالتالي لن تكون لا هي ولا غيرها من الحكومات مسلحة بالقانون والنظام من اجل قيادة البلاد ومحاربة التحديات وهي تفتقد للشرعية القانونية الكاملة. إن الغريب فيما يطلبه ثوار التحرير أن تمنح الحكومة المقبلة كل الصلاحيات التي تمكنها من حكم البلاد وهو الأمر الذي لا يتفق وكل القوانين المعمول بها في أنظمة الحكم حيث تنزع الكثير من الصلاحيات من الحكومة التي لا تأتي على خلفية انتخابات ديمقراطية ويطلب منها أن تبقى تسير أمور البلاد الاعتيادية وتكون المهمة الأساسية لها هي الحفاظ على الأمن والتنظيم للانتخابات والعمل على شفافيتها فقط لا غير. هل باستطاعة الأحزاب المشاركة في التظاهرات القائمة في ميدان التحرير أن تجيبنا اعن اسم أو شخصية محددة أو جهة محددة من الممكن أن يتفق عليه الكل المصري ويضع بين يديها مسئولية البلاد وتكون حائزة على رضا غالبية الشعب المصري الذي من المؤكد أن الذي يمثله ليس فقط من هم في ميدان التحرير وهناك غالبية صامته لا تريد أن تنجر البلاد إلى لغة الانقسام وترى أن يأخذ المجلس العسكري وقته الكافي من اجل إخراج شرعيات جديدة ومسلحة بقوة الشعب من اجل استلام الحكم وإدارة البلاد بعيدا عن الخطورة الناتجة عن الصراعات القائمة على مذبح الميادين, وأخيرا يجب على الشعب المصري وتحديدا الذي يعشقون المليونيات في ميدان التحرير أن يستعدوا لمليونية التمثيل وان يتجهوا بمليونية محترمة إلى صناديق الاقتراع من اجل استبدال هذه المليونيات بأعضاء مجلس الشعب أسوة بكل الدول الديمقراطية المحترمة ويا رضا الله ورضا الوالدين.