أخطأ من اعتقد أن الثورة في مصر قد انتهت حين ترك الناس الميادين والشوارع وعادوا إلى ديارهم بعد سقوط الرئيس المخلوع .. وخاب من ظن أن المصريون قد خدعوا بقفز المجلس العسكري على السلطة وترقيعه للدستور الساقط الشرعية .. ساذج من حسب أننا شعب فاقد الأهلية ولا نفقه كيف تدخل الأمريكان والغربيين في مصر ونصبوا هذا المجلس حاكماً ليحافظ على النظام الديكتاتوري ويرعى مصالحهم ومصالح إسرائيل في المنطقة .. وهرم عقله من حسب أن هناك تجربة للأمريكان في مصر ستكون مثل تجربتهم في شيلي لإعادة الديكتاتورية بعد الانتخابات النزيهة التي نصب فيها الرئيس سلفادور في السبعينات. لم نشك يوماً في محاولات المجلس العسكري لإخماد الثورة وإنعاش نظام مبارك ولم يكن الهدوء سوى تهدئة "استراحة محارب" من قبل الثوار الحقيقيين الذين صنعوا الثورة وسطروا التاريخ خوفاً على تراب مصر ولإعطاء الفرصة المناسبة لهذا المجلس وحكومة شرف للعمل طمعاً في تحقيق أي من أهداف الثورة وللأسف لم يقدموا شيئاً يذكر على أرض الواقع بعد عشرة أشهر من اندلاع الثورة وسقوط الرئيس المخلوع سوى مهاترات وخداعات وتأجيلات وحتى الآن يحاكم قتلة خير شباب مصر في الخفاء ولم تسترد أموال نهبت ولم يلاحق من هربوا بعد مص دماء الشعب ومن باعوا ثروات الدولة لأعتى أعدائها بأبخس الأثمان. بل تقمصوا شخصية الرئيس المخلوع وأعادوا ممارسة نفس أدواره في القمع والقهر والتجاهل لإرادة الشعب. ربما يعتقد البعض أن وثيقة السلمي للمبادئ فوق الدستورية كانت بمثابة النكبة على مصر غير أننا نحمد الله عليها لأنها شرارة جديدة أعادت مشاهد الثورة وأيقظت صناعها من استراحتهم وأوقعت المجلس المغتصب للسلطة في فخ لم يحسب حسابه جيداً وأصبح بمثابة الفأر الذي أيقظ الأسد النائم. ولم يستطع معالجة الموقف فانفرطت حبات عقد العنف من يديه وراح يمارس قتل المصريين بأيدي المصريين كما فعل مبارك. فهل نسي عاقبة سلفه؟ ألم يعي العسكر الدرس جيداً رغم فشل كل محاولاتهم منذ اندلاع الثورة؟ ألا يكفيهم دورهم المخزي أثناء الثورة وتخاذلهم الذي طووه تحت شعار الجيش حمى الثورة وشعار الجيش والشعب إيد واحدة؟ للأسف جلبوا على أنفسهم الخزي والعار قبل أن يجلبوا على أنفسهم هم الزنازين التي سيكون إليها مآلهم وهم الذين خذلونا وبخروا ثقتنا بهم بعد أن كنا نمجدهم ونعتبرهم شعاع النور والأمل الذي يشرق على مصر كل صباح والدرع الواقي لمصر ضد أي معتد أو طامع وخاب ظننا فيهم بعد أن فشلوا حتى في حماية أنفسهم من اعتداءات الجنود الإسرائيليين وأصبحوا أسدٌ علي وفي الحروب نعامةٌ. فأصبحوا يسفكون دم المصري ثم يسحلونه على ظهره ويلقون به بجوار أكوام القمامة ويعتقلون النساء والفتيات والصبيان وكأننا أمام جيش غازٍ أتى على الأخضر واليابس. فلك الله يا مصر وللثورة صناع وثوار حقيقيون يحمونها وشكراً للسلمي على إعادة الثورة إلى مسارها الصحيح .. حقيقة الحمد لله على سلامة الثورة .. والويل والعار لمن يقتل المصريين بأيدي المصريين .. سيذهبون إلى مزبلة التاريخ .. وسيكون مصيرهم مصير العادلي والشريف وسرور .. والعاقبة عندكم في جيش يأكل خيرات بلادي ليدافع عن أرض بلادي .. وليس جيشاً يأكل خيرات بلادي ويدمر ما تبقى منه في بلادي.