انطلاق حفل تكريم الفائزين في مسابقة ثقافة بلادي 2    شراكة استراتيجية بين جامعة بنها ومؤسسة أخبار اليوم لتأهيل جيل جديد من الإعلاميين    أكبر معرض زراعي بالشرق الأوسط.. انطلاق الدورة ال37 من صحارى 2025 في سبتمبر المقبل    محافظ بني سويف يفتتح موسم جني محصول القطن    محافظ المنوفية يترأس مجلس إدارة المنطقة الصناعية ويؤكد دعمه للاستثمار    الخارجية الإيرانية: الاحتلال الإسرائيلي يشكل تهديدا وجوديا لأمن واستقرار المنطقة    فاركو يختتم استعداداته لمواجهة الطلائع في الدوري    الصحة: إغلاق مركز غير مرخص لعلاج الإدمان في الشرقية    ضبط أصدقاء السوء بعدما تخلصوا من جثمان صديقهم بالعاشر    للكبد والكلى.. 907 موافقات من «الصحة» لزراعة الأعضاء خلال 2025    فقدان أجهزة كهربائية.. محافظ سوهاج يُحيل مخالفات المجمع الزراعي ببرديس للتحقيق    تعويضات بالملايين.. نزع ملكية بعض العقارات بمحافظة القاهرة لهذا السبب    إجراءات حاسمة من «التعليم» بشأن العقاب البدني وغياب الطلاب في العام الدراسي الجديد    أستراليا تلغي تأشيرة عضو بالكنيست وتمنعه من دخول أراضيها    رئيس الوزراء يشارك في قمة «تيكاد 9» باليابان    تنسيق الجامعات 2025.. اليوم إغلاق باب التسجيل لطلاب مدارس النيل والمتفوقين    سبورت: بافار معروض على برشلونة.. وسقف الرواتب عائقا    تمكين الشباب.. رئيس جامعة بنها يشهد فعاليات المبادرة الرئاسية «كن مستعدا»    الرقابة المالية: 3.5 مليون مستفيد من تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حتى يونيو 2025    مواعيد انطلاق القطارات من بنها إلى الإسكندرية الاثنين 18 أغسطس    «ثقافة بلادي».. جسر للتواصل والتنوع بين طلاب الأزهر والوافدين    تووليت وكايروكي يحيون ختام مهرجان العلمين الجديدة (أسعار التذاكر والشروط)    تعرف على الفيلم الأضعف في شباك تذاكر السينما الأحد (تفاصيل)    جولة غنائية عالمية.. هيفاء وهبي تستعد لطرح ألبومها الجديد    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    إصلاحات شاملة لطريق مصر - أسوان الزراعي الشرقي في إسنا    هل يتم تعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا ؟.. اقتراح جديد في البرلمان    تحذير رسمي.. عبوات «مجهولة» من «Mounjaro 30» للتخسيس تهدد صحة المستهلكين (تفاصيل)    "العدل": على دول العالم دعم الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم    الليلة.. عروض فنية متنوعة ضمن ملتقى السمسمية بالإسماعيلية    أكرم القصاص: مصر قدمت 70% من المساعدات لغزة وقادرة على تقديم المزيد    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    الصحة العالمية تقدم أهم النصائح لحمايتك والاحتفاظ ببرودة جسمك في الحر    "كان بيطفي النار".. إصابة شاب في حريق شقة سكنية بسوهاج (صور)    الشيخ خالد الجندي: مخالفة قواعد المرور معصية شرعًا و"العمامة" شرف الأمة    بالصور- محافظ المنيا يتفقد الأعمال الإنشائية بمدرسة الجبرتي للتعليم الأساسي    "قصص متفوتكش".. 3 رصاصات تنهي حياة لاعبة سموحة.. وتحرك عاجل لبيراميدز    الفنانة مي عز الدين تخطف الأنظار فى أحدث ظهور من إجازتها الصيفية    بعثة يد الزمالك تطير إلى رومانيا لخوض معسكر الإعداد للموسم الجديد    اليوم.. الأهلي يتسلم الدفعة الأولى من قيمة صفقة وسام أبو علي    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: دخول 266 شاحنة مساعدات منذ الجمعة والاحتلال سهل سرقة معظمها    رضا عبدالعال: خوان ألفينا سيعوض زيزو في الزمالك.. وبنتايج مستواه ضعيف    أيمن الرمادي ينتقد دونجا ويطالب بإبعاده عن التشكيل الأساسي للزمالك    ضبط أطراف مشاجرة بالسلاح الأبيض في المقطم بسبب خلافات الجيرة    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    أسعار البيض اليوم الإثنين 18 أغسطس في عدد من المزارع المحلية    وفاة شاب صدمته سيارة مسرعة بطريق القاهرة – الفيوم    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    مدرب نانت: مصطفى محمد يستحق اللعب بجدارة    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    إسرائيل تقر خطة احتلال مدينة غزة وتعرضها على وزير الدفاع غدا    وزارة التعليم: قبول تحويل الطلاب من المعاهد الأزهرية بشرط مناظرة السن    قوة إسرائيلية تفجر منزلا فى ميس الجبل جنوب لبنان    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    مواجهة مع شخص متعالي.. حظ برج القوس اليوم 18 أغسطس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموظفون بين آمال الغنى ومخاوف الفقر
نشر في شباب مصر يوم 27 - 10 - 2011

شرعت بعض الحكومات قبل عقود مضت بزيادة راتب الموظف ، كان دافعها في ذلك غرض دعائي وهدف مبيَّت يقصد منه النيل من هذه الطبقة التي كانت صمام الأمان وعنصر الموازنة والتوفيق بين طبقات المجتمع كافة0
كانت طبقة الموظفين وما زالت تخلق التكامل وتعزز الاطمئنان وتربط الشعب بنسيج متوازن يعطى فيه كل ذي حق حقه وفق الاستحقاق الصحيح لمعايير الكفاءة والنزاهة والإخلاص الذي يؤدي إلى سعادة المجتمع وصون حقوق أفراده وضمان أمنهم ورقي حضارتهم ، لأن هذه الطبقة تشكل معظم المثقفين والعقلاء والراشدين ، والنيل منها يؤدي بالتأكيد إلى ضياع المجتمع بين الجهلة والانتهازيين من تجار الأزمات من الذين لاهم لهم سوى تحقيق أعلى الأرباح والمكاسب ولو كانت ممزوجة بحسرات وآلام الجائعين والأشقياء ، من المؤكد ان هذه الطبقة هي التي تمكنت دوماً من تشخيص الأخطاء ووضع الحلول الصائبة لها 0
الزيادات التي حصلت في رواتب الموظفين قبل عقود والتي أدت الى التضخم النقدي ، ومن ثم رفع الأسعار التي افضت إلى انعكاسات اجتماعية خطط لها مسبقاً ، ما ادى إلى أن تسلب مكانة هذه الطبقة الوسطى وتصفيتها ، وبالتالي إحداث أخطار شديدة ، لاسيما بعد أن رافقها تدبير ماكر وخسيس غرضه توجيه طعنة نجلاء ضد هذه الطبقة الفعالة والنزيهة والواعية في الغالب ، حيث رفعت أسعار السلع بتخطيط وتعمد إلى أضعاف النفع الذي حصل عليه الموظف عند زيادة راتبه ، ما جعله غير قادر على الحصول على السكن اللائق والعيش بكفاية وكرامة ، وحدا بهذه الطبقة للتفتيش عن بدائل لتعويض الضعف الحاصل في قوتهم الشرائية ، فبدد سكون حياتهم وساقهم إلى ممارسة الأعمال الإضافية واللجوء إلى الارتشاء والاختلاس واضطرار المعلمين منهم إلى ممارسة التدريس الخصوصي والى استجداء الصدقة من تلاميذهم ، وبالتالي ضياع وقارهم وهيبتهم أمام تلاميذهم ومجتمعهم ، حتى صارت السخرية والإستخفاف وإنعدام الإحترام تأخذ طريقها إلى المعلم في حصة الدرس وفي الأسواق والطرقات .
كان هذا هو المفتاح الأخطر الذي أودى بالمجتمع ، فقد تطرق من خلاله الفساد إلى التعليم فحرف الأجيال عن جادة الصلاح والإستقامة وعن ثوابت الحق والفضيلة ، ونتج عن ذلك أيضاً إنحراف الضابط ورجل الأمن والقاضي والطبيب والمهندس والقانوني وحتى معلم المستقبل ، بحكم أن هؤلاء هم نتاج التربية والتعليم الحكومي في الغالب ، ثم تم القضاء على المجتمع الفاضل وأغرقت أيام وساعات الناس بالبؤس والشقاء وفقدان التوازن الإجتماعي المنصف .
لو توفرت النيات الصادقة والسليمة عند هذه الحكومات لما حدث كل هذا الخراب الإجتماعي ، ولوسع الحكومات أن تَعْدِلَ عن زيادة الرواتب ، إلى تدعيم السلع الأساسية والحد من الإنفاق الحكومي وتوزيع الأراضي السكنية للمستحقين ، وخلق الفرص لتحقيق المزيد من فائض الإنتاج القومي ، ولحصل بذلك الرفاه المؤكد للموظفين الحكوميين وللشعب عامة ، أو كان من الممكن أن تزيد هذه الحكومات الرواتب تدريجياً وعلى مراحل ، ودون دعاية واسعة وتطبيل ، وبالتزامن مع ضخ سلع أساسية في السوق تمتص أي زيادة في الأسعار ، إضافة إلى إذاعة برامج ثقافية تحض على عدم رفع الأسعار وتشرح للتاجر ان رفع الأسعار لن يفيده بشئ ، إنما سيحقق له مصلحة آنية ، ثم سيعود الضرر عليه وعلى المجتمع مستقبلاً 0
المحزن في الأمر انَّ هذه الحكومات استطاعت وبمساعدة قواها الهمجية والفوضوية أن تنال من هذه الطبقة (الوسطى) ، لأن هذه القوى غذيت بمخططات وألاعيب مدروسة على يد أحذق الاختصاصيين في علم النفس والاقتصاد والسياسة وفي فنون القمع والإرهاب وتطويع الامم ، لتسلخ عن المثقف العاقل إنسانيته فيتحول إلى روبوت لا يتعامل إلا بالماديات ، فلم تترك له أدنى فرصة للتفكير وتدارك ما يحصل ، فقد هيأت له ظروفاً مصطنعة جعلته على الدوام يركض ويلهث دون شعور أو إحساس بما يجري حوله ، كان كل همه توفير الأساسيات لعيش كريم له ولأسرته ، لكن ذلك كان منالاً صعباً وعسيراً لا يتأتّى له بالطرق الشريفة0
عملت هذه الحكومات على تسويد الجهلة والفوضويين عن طريق دفعهم إلى مختلف الدراسات في الجامعات والمعاهد والمدارس ليحوزوا على شهادات ، بالحق أو بالباطل بالغش أو بالإستحقاق ، لتستبدلهم بموظفي حقبة المباديء والأمانة ، فيتسنموا مناصبهم ، ويحوزوا على صلاحياتهم ، رغم نقاء سلوكهم الوظيفي ، ورغم انهم لم يفرطوا بالثوابت الأخلاقية التي كانت لهم منهجاً يهتدون به ، ورغم أنهم طبقة نخبوية لا يمكن ان يرقى مجتمع فاضل راشد إلا بهم .
أما الحكومات فقد سعت من اجل خداع شعوبها إلى أن تصطنع رقياً بديلاً خادعاً وظاهرياً حماية لسمعتها ، وهذا الرقي الزائف محض سراب خادع ليس للحقيقة فيه نصيب ، وعلى الشعوب أن تتعظ وتتنبه لئلا تقع كرة أخرى في حبائل هذا النمط من الحكومات التي لا تكترث للأمانة ولا تعبأ بالمسؤولية و(لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.