إدراج 27 جامعة مصرية ضمن أفضل الجامعات العالمية لعام 2025–2026    غدًا.. «البحوث الإسلامية» يعقد اللقاء ال18 من فعاليات مبادرة «معا لمواجهة الإلحاد»    مدبولي يطمئن المواطنين: لدينا احتياطي من السلع يكفي الاستهلاك لعدة أشهر    محافظ أسيوط يتابع أعمال التطوير الشاملة للمنازل بمنطقة المصلة بحى غرب    وزير السياحة: 26% زيادة في الحركة السياحية الوافدة لمصر خلال ال5 شهور الأولى لعام 2025    الرقابة المالية تصدر ضوابط الترخيص للمواقع الإلكترونية لصناديق التأمين    بريطانيا تسحب عائلات دبلوماسييها من إسرائيل    الوكالة الدولية للطاقة الذرية: معلومات عن إصابة منشأتين لإنتاج أجهزة الطرد المركزي في إيران    جدول مواعيد اختبارات الناشئين بالنادي المصري البورسعيدي 2025-2026    بيان عاجل للجنة العليا للطوارئ النووية والإشعاعية حول الوضع الإشعاعي في مصر    إحالة مدرس لمحكمة الجنايات لتعديه على 10 طالبات بمدرسة فى الإسكندرية    المشدد 10 سنوات ل«عامل» بتهمة الإتجار في المخدرات وحيازة سلاح ناري بالشرقية    محمد الجالي: التصعيد بين إيران وإسرائيل ينذر بحرب إقليمية شاملة ويهدد الاقتصاد العالمي    "الغرفة" و"هذه ليلتي" في ختام عروض التجارب النوعية المسرحية بالغربية    طريقة عمل كباب الحلة، أسرع أكلة مغذية ولذيذة    مزايدون.. لا صامدون!    جامعة القناة تطلق دورة لاستراتيجية والأمن القومي 19 يوليو المقبل    رسالة من حسين الشحات بعد تعرضه للانتقادات    "شرط غير قانوني".. مفاجأة مدوية حول فشل انتقال زيزو ل نيوم السعودي    شوبير يكشف حقيقة مفاوضات نادٍ أمريكي مع مهاجم الأهلي وسام أبوعلي    «أبرزهم بيرسي تاو».. شوبير يؤكد مفاوضات الزمالك مع ثلاثي أهلاوي    إكسترا نيوز تحيي ذكرى «عيد الجلاء».. «تتويج كفاح شعب لاستقلال مصر»    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة الأربعاء    مصر تسجل 750 ألف نسمة زيادة في عدد سكانها خلال 228 يوما.. اعرف التفاصيل    تراجع الحرارة ونشاط رياح.. الأرصاد تُعلن طقس الساعات المقبلة    خلال حملات أمنية.. ضبط 14 مركزًا غير مرخّص لعلاج الإدمان في 3 محافظات    تركيب رادارات ولوحات إرشادية لتقنين السرعات بطريق دائرى المنصورة    هيئة الرقابة النووية: مصر آمنة إشعاعيًا.. ولا مؤشرات لأي خطر نووي    رسميًّا.. ضوابط جديدة للمدارس الخاصة والدولية بشأن توزيع الكتب    دور العرض تستقبل 4 أفلام جديدة الشهر المقبل للمنافسة في موسم صيف 2025    مش بس نور الشريف.. حافظ أمين عاش بمنزل السيدة زينب المنهار بالدور الأرضى    أمين الفتوى: الأمانات بين الناس لا تسقط بالوفاة ويجب أداؤها لأصحابها أو لورثتهم    تعرف على جدول مباريات مانشستر سيتى فى الدورى الإنجليزى موسم 2025 - 26    نائب وزير الصحة تبحث مع رئيس جامعة جنوب الوادي تعزيز التعاون لتحسين الخصائص السكانية بقنا    توقيع الكشف الطبي والعلاجي المجاني ل 1000 مواطن في قافلة طبية بأسوان    بعد الموافقة النهائية من «الإسكان».. تفاصيل عقود الإيجارات القديمة التي تطبق عليها التعديلات    جامعة كفرالشيخ ال 518 عالميًا في تصنيف «يو إس نيوز» الأمريكي لعام 2025    في ظهور إنزاجي الأول.. التشكيل المتوقع للهلال لمواجهة ريال مدريد بمونديال الأندية    بقيمة 5 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية لمافيا الاتجار في الدولار    الصحة: إصدار أكثر من 18 مليون قرار علاج على نفقة الدولة خلال 5 سنوات    محافظ دمياط يناقش ملف منظومة التأمين الصحى الشامل تمهيدا لانطلاقها    ترامب يجتمع بكبار المستشارين العسكريين لبحث تطورات الصراع الإسرائيلي الإيراني    ارتفاع أسعار الذهب وسط ترقب قرار الفيدرالي الأمريكي    تركي آل الشيخ يكشف كواليس زيارته لعادل إمام    قصة ومواعيد وقنوات عرض مسلسل «فات الميعاد» بعد تصدره التريند    السلطات الإيرانية تمدد إغلاق الأجواء في البلاد    ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية بالإسماعيلية 2025 قريبا.. روابط رسمية ونسب النجاح في المحافظات    الرئيس الإماراتي يُعرب لنظيره الإيراني عن تضامن بلاده مع طهران    مباشر كأس العالم للأندية - أولسان (0)-(1) صنداونز.. الشوط الثاني    مينا مسعود: السقا نمبر وان في الأكشن بالنسبة لي مش توم كروز (فيديو)    جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    جدال مع زميل عمل.. حظ برج الدلو اليوم 18 يونيو    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التصوف والطرق الصوفية والثورة الشعبية المصرية
نشر في شباب مصر يوم 09 - 08 - 2011

لعله يكون من المستحسن – منذ البداية – القول بأن الطرق الصوفية ليست التصوف ، وإن كان التصوف هو غايتها إلا أنها وإن إنتسبت إليه من حيث الغاية ، فإنها قد لا تمثله من حيث تعدد الوسائل والمناهج والطرق وما يشوبها من خلل أو معايب وانحرافات قد تضر بالتصوف من حيث حقيقته وأهدافه وغاياته العليا.
وهذا يحتاج منا لبحث آخر ليس هنا مجاله ، فتلك المقالة مخصصة لذلك الحراك الانفعالي الذى انتاب الشارع المصري – منذ ثورة الشعب المصري بكامل قواه فى 25من يناير 2011م بتياراته السياسية والثورية المختلفة والمتباينة ؛ بشكل حاد ، فكل واحد من هنا أو هناك يريد أن يمركز الثورة المصرية والإرادة الثورية الشعبية فى زاويته وأهدافه سواء كانت صحيحة أو فاسدة ، فالغرض فرعوني يريد إقصاء الآخر من طريقه ولو كان موسى عليه السلام ، فكان عاقبته أنه حطب جهنم.
لقد استمعت إلى الشيخ محمد الشهاوى شيخ الطريقة الشهاوية ورئيس المجلس الصوفي العالمي على قناة الجزيرة مصر مباشر مساء السبت 6 أغسطس 2011م ، استمعت إليه وأعجبت بصوته الهادئ ، ولكننى - تعجبت من منطقه الصارخ ، يقول : الدين إذا دخل السياسة أفسدها ، والسياسة إذا دخلت فى الدين أفسدته.
كيف غاب عن شيخ الطريقة أن الدين كالملح يصلح كل شيء ، فإذا فسد لا يصلحه شيء ، فالدين بمعناه الواسع هو دين الإسلام دين الأنبياء جميعا منذ آدم عليه السلام إلى الخاتم صلى الله عليه وسلم مرورا بأولوا العزم من الرسل نوح وإبراهيم وموسى والمسيح عيسى بن مريم عليهم جميعا الصلاة والسلام ؛ وهو ما شرعه الله تعالى لعباده من عقيدة التوحيد والإيمان بالله الواحد الأحد ، وما شرعه لهم من أحكام وقوانين تنظم لهم حياتهم وصلاحها دنيا وآخرة عدالة ومعاملات ومكارم أخلاق ، فكيف بمن هذه طبيعته يفسد السياسة إذا دخل فيها ؟!
كان من المنطقي أن الدين إذا دخل فى السياسة أصلحها وقوم أخطائها وعدل من اعوجاجها وقلل من جبروتها وغلوائها وتصدى لفرعنتها وطغيانها.
ولكن – الشيخ الشهاوي - فيما يبدو - لا يفرق بين فشل مشيخة الطرق الصوفية وأسباب ذلك الفساد الذى عم معظمها وبين الدين.
يقول أن فشل شيخ مشايخ الطرق الصوفية راجع إلى أنه رجل بنكي ، يعنى ممن يعملون فى مجال البنوك والمال.
وأنا لا أعرف علة لذلك الذى يعتقد الشيخ الشهاوى أنه سبب فشل شيخ مشايخ الطرق الصوفية ، فلعله تصور أن مخالطة الحياة والعمل فى الوظائف التجارية والبنكية يعارض طبيعة الزهد ، مع أنه كان يظهر فى البرنامج مرتديا زيه كاملا نظارة وكرافت وبدلة وقميص أساوره بارزة ، فقد يبدو لمن لا يعرف أن مظهره يعارض الزهد الذى يتسم به التصوف فى بعض مقاماته.
وأنا بالطبع لست فى معرض الدفاع عن هذا أو ذاك ، فلست إلا باحث فى مجال تخصصي الدقيق وهو التصوف ، فلا أدخل فى شخصنته ، فحبى للتصوف يحرجنى أن أدفع به فى بحور الخلاف والاختلاف بين الطرق المتعددة والمتابينة الصحيح منها والفاسد ، كما أنأى بنفسى عن الولوج فى مشاحنات الجماعات الإسلامية المختلفة والمتابينة الصحيح منها والسقيم ، فتلك الطرق جميعها وما يخالفها من فرق كلامية أو دعوية وعظية بشخوصها ورجالها من المتغير الذى لا أقف عنده كثيرا إلا مؤيدا لحق أو معارضا لباطل سندا لمصلحة ودرءا لمفسدة.
لقد نسي شيخ الطريقة وهو يعارض الشيخ القصبي أن الدين ليس هو الطرق الصوفية كما أن الطرق الصوفية ليست هى التصوف ، ولا كذلك التصوف هو الدين.
إن الدين أمر رباني له خصائص تعم الحياة الإنسانية كلها ، فهو دين فطري عام شامل كامل تام ، ناهيك بأنه دين محفوظ من التغير والتبدل ، فهو صالح فى الزمان والمكان ، ففيه جميع الحلول لجميع المشكلات ما عرف منها وظهر فى وقته وحينه ، وما لم يعرف منها وما سيظهر فى وقته وحينه ، فصلاح الكون والحياة منوط بدين الإسلام شريعة وحقيقة ظاهرا وباطنا فى الفكر والعقيدة والسلوك جميعا ، فلا يقدر على تسيير الحياة سوى خالق الكون والحياة ، فكان الإسلام هو الطريق الذهبي لتلك الغاية العليا دنيا وأخرى ، وكان محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين الهادى لهذا الطريق مبشرا ونذيرا وسراجا منيرا ؛ أرسله ربه سبحانه وتعالى للناس كافة بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله خاتما ومعلما ؛ رحمة للعالمين ؛ بعثه ره سبحانه وتعالى ليتمم مكارم الأخلاق ، فأتمها ، فكان هو لا غيره الأسوة الحسنة فى الزمان والمكان ، فمن تمسك به نجى ومن عانده أو عاداه ضل وغوى.
ومن هنا قال شيخ الطائفة الجنيد أن الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من أقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقال أيضا كما جاء فى الرسالة القشيرية : من لم يحفظ القرآن ، ولم يكتب الحديث لا يُقتدى به في هذا الأمر، لأن علمنا هذا مقيَّد بالكتاب والسنَّة.
وهذا يعنى أن الطرق الصوفية وإن استقامت على أسس الدين الحنيف ومنهاج النبوة الخاتمة ؛ ومهما صلحت لا تقوم مقام التصوف ، ولا التصوف يقوم مقام الدين ، فليس الدين طريقة صوفية ولا مشيخة سلفية أو مدرسة إخوانية ، أو حوزة شيعية ، أو فرقة من الفرق الكلامية مهما صحت كل تلك الفرق والطرق ، فهى لا تمثل إلى صورة أصحابها وطريقتهم فى فهمهم للدين ، فلا حرج فى ذلك مادام الجميع يزعم أنه يستند فى فهمه لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما لم يجنح إلى حدي الطريق ، فالإسلام دين الوسطية ، فلا إفراط فيه ولا تفريط.
هذا ، ولكن - الأعجب فى ذلك الحراك الإنفعالي فى الشارع المصري أن الشيخ عبد الخالق الشبراوى جعل من نفسه منظرا للأحزاب اللبرالية ، فهو يؤسس للتيارات اللبرالية المصرية ويقعدها على أساس من القرآن الكريم ، فيزعم أن القرآن لبرالي ، فلا يقف عند ذلك بل يقدم الدلائل والشواهد من القرآن الكريم ، فيأتى بقوله تعالى " لا إكراه فى الدين " وأيضا بقوله سبحانه وتعالى " لكم دينكم ولي دين " ، ويقول أن القرآن يدعو للحرية.
بقد فهم أن اللبرالية الحزبية واللبرالية السياسية تعنى الحرية فى الاعتقاد ، وأنا لا أعرف إن كان الشيخ وجدى غنيم سمعه أم لا ؟
وعموما يبدو أنه لا يفرق بين حرية الاعتقاد والحرية السياسية والحريات الأخرى ، فلعله لا يعرف أن من اللبرالية اتجاهات إلحادية منكرة كافرة.
لا شك أنه وغيره من مشايخ الطرق الصوفية ونحن نعرف الكثيرين منهم - بحكم وظيفتنا البحثية - ؛ فمعظمهم لا يعرف الفرق بين اللبرالية والملوخية على قول الشيخ وجدى غنيم لا هم ولا الجماعات السلفية ، فهم يجهلون الفروق بين الأنظمة اللبرالية والنظريات السياسية والحزبية ، فاللبرالية كما التيارات اليسارية ليست نوعا واحدا لا فى النظرية ولا فى التطبيق ، وإن اجتمع الجميع فى الغاية من الحياة السياسية ، فقد يحصرونها جميعا فى الحرية السياسية والتعددية الحزبية ، فيتوافقون على ذلك وبينهم ما بينهم من خلافات لا تخفى على حزبي محنك من هنا أو هناك ، وربما تسامح اليساريون فوافقوا مرحليا على الحرية الاقتصادية بشرط توفر المبادئ الدستورية والقوانين التى ترسى قواعد العدالة الاجتماعية مثلا، فيتوافقوا على ذلك ، وبينهم من الفروق مطارق الحداد.
إن الشيخ عبد الخالق الشبراوى يجهل - بلا شك – حقيقة التيارات اللبرالية المختلفة وأنها ليست نوعا واحدا ، وإلا ما كان يفاضل بينها وبين التيارات الإسلامية ، فيعاديها من أجلها .
وإلا فليخبرنى من فهم كلامه ومداخلته كيف له أن يعارض التيارات الإسلامية المصرية كلها سلفية وإخوانية وغير ذلك فى سبيل تحالفه مع التيارت اللبرالية الحزبية والتلفزيونية الكلامية ؟!
وكان عدد من الطرق الصوفية منها العزمية والرفاعية والسعدية الى جانب بعض القوى الوطنية مثل ائتلاف شباب الثورة وحركة 6ابريل واتحاد شباب ماسبيرو والجمعية الوطنية للتغيير وحزب التحرير المصري والغد ، قد اجتمعوا الخميس الماضى بمقر المشيخة العزمية واتفقوا على النزول يوم الجمعة المقبل بميدان التحرير للتأكيد على مدنية الدولة والرد على جمعة لم الشمل التى رفع خلالها السلفيون شعارات دينية. ( جريدة المصريون 7أغسطس2011م )
ليخبرنى شيخ الطريقة عن سر تحالفة ضد التيارات الإسلامية وشروطة العجيبة .
إن حجته فى ذلك لعجيبة ، فهو يعادى كل التيارات الإسلامية لأنها كما يظن ترتبط بالسعودية.
يعنى بصراحة – وأقول ذلك عن خبرة شخصية ومعايشة لكثير منهم – حجته فى معارضته ومعاداته للتيارات الإسلامية وتحالفه مع اللبرالية ، مع أن فيهم ملحدين – عرف أو لم يعرف - لأنها ترتبط كما يظن هو وغيره من مشايخ ومريدى الطرق الصوفية بعامة بالوهابية المنسوبة للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، فهى تهاجم الأضرحة والتمسح بالأولياء وقبورهم ، فتدعو إلى صحيح الدين وتحمى حياض التوحيد من كل شوائب وشبهات الشرك والوثنية مهما كان أصحابها يدعون التمسك بالكتاب والسنة ، فعليهم أن يخففوا من غلوائهم فى مشايخهم وصالحيهم.
ولا شك أن ذلك النصح – لكل من يحب الناصحين – فلا يخص أحدا دون آخر ، فهو يوجه أيضا للجماعات الإسلامية كما يوجه للطرق الصوفية ، بل أيضا على الشيعة أن يلتزموا حوزاتهم ، فلا يصدروا طرقهم وحياتهم الخاصة لغيرهم.
( وعلى الله قصد السبيل )
*****
التصوف 00 والطرق الصوفية 00 والثورة الشعبية المصرية !
دكتور / عبد العزيز أبو مندور
[email protected]
000
لعله يكون من المستحسن – منذ البداية – القول بأن الطرق الصوفية ليست التصوف ، وإن كان التصوف هو غايتها إلا أنها وإن إنتسبت إليه من حيث الغاية ، فإنها قد لا تمثله من حيث تعدد الوسائل والمناهج والطرق وما يشوبها من خلل أو معايب وانحرافات قد تضر بالتصوف من حيث حقيقته وأهدافه وغاياته العليا.
وهذا يحتاج منا لبحث آخر ليس هنا مجاله ، فتلك المقالة مخصصة لذلك الحراك الانفعالي الذى انتاب الشارع المصري – منذ ثورة الشعب المصري بكامل قواه فى 25من يناير 2011م بتياراته السياسية والثورية المختلفة والمتباينة ؛ بشكل حاد ، فكل واحد من هنا أو هناك يريد أن يمركز الثورة المصرية والإرادة الثورية الشعبية فى زاويته وأهدافه سواء كانت صحيحة أو فاسدة ، فالغرض فرعوني يريد إقصاء الآخر من طريقه ولو كان موسى عليه السلام ، فكان عاقبته أنه حطب جهنم.
لقد استمعت إلى الشيخ محمد الشهاوى شيخ الطريقة الشهاوية ورئيس المجلس الصوفي العالمي على قناة الجزيرة مصر مباشر مساء السبت 6 أغسطس 2011م ، استمعت إليه وأعجبت بصوته الهادئ ، ولكننى - تعجبت من منطقه الصارخ ، يقول : الدين إذا دخل السياسة أفسدها ، والسياسة إذا دخلت فى الدين أفسدته.
كيف غاب عن شيخ الطريقة أن الدين كالملح يصلح كل شيء ، فإذا فسد لا يصلحه شيء ، فالدين بمعناه الواسع هو دين الإسلام دين الأنبياء جميعا منذ آدم عليه السلام إلى الخاتم صلى الله عليه وسلم مرورا بأولوا العزم من الرسل نوح وإبراهيم وموسى والمسيح عيسى بن مريم عليهم جميعا الصلاة والسلام ؛ وهو ما شرعه الله تعالى لعباده من عقيدة التوحيد والإيمان بالله الواحد الأحد ، وما شرعه لهم من أحكام وقوانين تنظم لهم حياتهم وصلاحها دنيا وآخرة عدالة ومعاملات ومكارم أخلاق ، فكيف بمن هذه طبيعته يفسد السياسة إذا دخل فيها ؟!
كان من المنطقي أن الدين إذا دخل فى السياسة أصلحها وقوم أخطائها وعدل من اعوجاجها وقلل من جبروتها وغلوائها وتصدى لفرعنتها وطغيانها.
ولكن – الشيخ الشهاوي - فيما يبدو - لا يفرق بين فشل مشيخة الطرق الصوفية وأسباب ذلك الفساد الذى عم معظمها وبين الدين.
يقول أن فشل شيخ مشايخ الطرق الصوفية راجع إلى أنه رجل بنكي ، يعنى ممن يعملون فى مجال البنوك والمال.
وأنا لا أعرف علة لذلك الذى يعتقد الشيخ الشهاوى أنه سبب فشل شيخ مشايخ الطرق الصوفية ، فلعله تصور أن مخالطة الحياة والعمل فى الوظائف التجارية والبنكية يعارض طبيعة الزهد ، مع أنه كان يظهر فى البرنامج مرتديا زيه كاملا نظارة وكرافت وبدلة وقميص أساوره بارزة ، فقد يبدو لمن لا يعرف أن مظهره يعارض الزهد الذى يتسم به التصوف فى بعض مقاماته.
وأنا بالطبع لست فى معرض الدفاع عن هذا أو ذاك ، فلست إلا باحث فى مجال تخصصي الدقيق وهو التصوف ، فلا أدخل فى شخصنته ، فحبى للتصوف يحرجنى أن أدفع به فى بحور الخلاف والاختلاف بين الطرق المتعددة والمتابينة الصحيح منها والفاسد ، كما أنأى بنفسى عن الولوج فى مشاحنات الجماعات الإسلامية المختلفة والمتابينة الصحيح منها والسقيم ، فتلك الطرق جميعها وما يخالفها من فرق كلامية أو دعوية وعظية بشخوصها ورجالها من المتغير الذى لا أقف عنده كثيرا إلا مؤيدا لحق أو معارضا لباطل سندا لمصلحة ودرءا لمفسدة.
لقد نسي شيخ الطريقة وهو يعارض الشيخ القصبي أن الدين ليس هو الطرق الصوفية كما أن الطرق الصوفية ليست هى التصوف ، ولا كذلك التصوف هو الدين.
إن الدين أمر رباني له خصائص تعم الحياة الإنسانية كلها ، فهو دين فطري عام شامل كامل تام ، ناهيك بأنه دين محفوظ من التغير والتبدل ، فهو صالح فى الزمان والمكان ، ففيه جميع الحلول لجميع المشكلات ما عرف منها وظهر فى وقته وحينه ، وما لم يعرف منها وما سيظهر فى وقته وحينه ، فصلاح الكون والحياة منوط بدين الإسلام شريعة وحقيقة ظاهرا وباطنا فى الفكر والعقيدة والسلوك جميعا ، فلا يقدر على تسيير الحياة سوى خالق الكون والحياة ، فكان الإسلام هو الطريق الذهبي لتلك الغاية العليا دنيا وأخرى ، وكان محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين الهادى لهذا الطريق مبشرا ونذيرا وسراجا منيرا ؛ أرسله ربه سبحانه وتعالى للناس كافة بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله خاتما ومعلما ؛ رحمة للعالمين ؛ بعثه ره سبحانه وتعالى ليتمم مكارم الأخلاق ، فأتمها ، فكان هو لا غيره الأسوة الحسنة فى الزمان والمكان ، فمن تمسك به نجى ومن عانده أو عاداه ضل وغوى.
ومن هنا قال شيخ الطائفة الجنيد أن الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من أقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقال أيضا كما جاء فى الرسالة القشيرية : من لم يحفظ القرآن ، ولم يكتب الحديث لا يُقتدى به في هذا الأمر، لأن علمنا هذا مقيَّد بالكتاب والسنَّة.
وهذا يعنى أن الطرق الصوفية وإن استقامت على أسس الدين الحنيف ومنهاج النبوة الخاتمة ؛ ومهما صلحت لا تقوم مقام التصوف ، ولا التصوف يقوم مقام الدين ، فليس الدين طريقة صوفية ولا مشيخة سلفية أو مدرسة إخوانية ، أو حوزة شيعية ، أو فرقة من الفرق الكلامية مهما صحت كل تلك الفرق والطرق ، فهى لا تمثل إلى صورة أصحابها وطريقتهم فى فهمهم للدين ، فلا حرج فى ذلك مادام الجميع يزعم أنه يستند فى فهمه لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما لم يجنح إلى حدي الطريق ، فالإسلام دين الوسطية ، فلا إفراط فيه ولا تفريط.
هذا ، ولكن - الأعجب فى ذلك الحراك الإنفعالي فى الشارع المصري أن الشيخ عبد الخالق الشبراوى جعل من نفسه منظرا للأحزاب اللبرالية ، فهو يؤسس للتيارات اللبرالية المصرية ويقعدها على أساس من القرآن الكريم ، فيزعم أن القرآن لبرالي ، فلا يقف عند ذلك بل يقدم الدلائل والشواهد من القرآن الكريم ، فيأتى بقوله تعالى " لا إكراه فى الدين " وأيضا بقوله سبحانه وتعالى " لكم دينكم ولي دين " ، ويقول أن القرآن يدعو للحرية.
بقد فهم أن اللبرالية الحزبية واللبرالية السياسية تعنى الحرية فى الاعتقاد ، وأنا لا أعرف إن كان الشيخ وجدى غنيم سمعه أم لا ؟
وعموما يبدو أنه لا يفرق بين حرية الاعتقاد والحرية السياسية والحريات الأخرى ، فلعله لا يعرف أن من اللبرالية اتجاهات إلحادية منكرة كافرة.
لا شك أنه وغيره من مشايخ الطرق الصوفية ونحن نعرف الكثيرين منهم - بحكم وظيفتنا البحثية - ؛ فمعظمهم لا يعرف الفرق بين اللبرالية والملوخية على قول الشيخ وجدى غنيم لا هم ولا الجماعات السلفية ، فهم يجهلون الفروق بين الأنظمة اللبرالية والنظريات السياسية والحزبية ، فاللبرالية كما التيارات اليسارية ليست نوعا واحدا لا فى النظرية ولا فى التطبيق ، وإن اجتمع الجميع فى الغاية من الحياة السياسية ، فقد يحصرونها جميعا فى الحرية السياسية والتعددية الحزبية ، فيتوافقون على ذلك وبينهم ما بينهم من خلافات لا تخفى على حزبي محنك من هنا أو هناك ، وربما تسامح اليساريون فوافقوا مرحليا على الحرية الاقتصادية بشرط توفر المبادئ الدستورية والقوانين التى ترسى قواعد العدالة الاجتماعية مثلا، فيتوافقوا على ذلك ، وبينهم من الفروق مطارق الحداد.
إن الشيخ عبد الخالق الشبراوى يجهل - بلا شك – حقيقة التيارات اللبرالية المختلفة وأنها ليست نوعا واحدا ، وإلا ما كان يفاضل بينها وبين التيارات الإسلامية ، فيعاديها من أجلها .
وإلا فليخبرنى من فهم كلامه ومداخلته كيف له أن يعارض التيارات الإسلامية المصرية كلها سلفية وإخوانية وغير ذلك فى سبيل تحالفه مع التيارت اللبرالية الحزبية والتلفزيونية الكلامية ؟!
وكان عدد من الطرق الصوفية منها العزمية والرفاعية والسعدية الى جانب بعض القوى الوطنية مثل ائتلاف شباب الثورة وحركة 6ابريل واتحاد شباب ماسبيرو والجمعية الوطنية للتغيير وحزب التحرير المصري والغد ، قد اجتمعوا الخميس الماضى بمقر المشيخة العزمية واتفقوا على النزول يوم الجمعة المقبل بميدان التحرير للتأكيد على مدنية الدولة والرد على جمعة لم الشمل التى رفع خلالها السلفيون شعارات دينية. ( جريدة المصريون 7أغسطس2011م )
ليخبرنى شيخ الطريقة عن سر تحالفة ضد التيارات الإسلامية وشروطة العجيبة .
إن حجته فى ذلك لعجيبة ، فهو يعادى كل التيارات الإسلامية لأنها كما يظن ترتبط بالسعودية.
يعنى بصراحة – وأقول ذلك عن خبرة شخصية ومعايشة لكثير منهم – حجته فى معارضته ومعاداته للتيارات الإسلامية وتحالفه مع اللبرالية ، مع أن فيهم ملحدين – عرف أو لم يعرف - لأنها ترتبط كما يظن هو وغيره من مشايخ ومريدى الطرق الصوفية بعامة بالوهابية المنسوبة للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، فهى تهاجم الأضرحة والتمسح بالأولياء وقبورهم ، فتدعو إلى صحيح الدين وتحمى حياض التوحيد من كل شوائب وشبهات الشرك والوثنية مهما كان أصحابها يدعون التمسك بالكتاب والسنة ، فعليهم أن يخففوا من غلوائهم فى مشايخهم وصالحيهم.
ولا شك أن ذلك النصح – لكل من يحب الناصحين – فلا يخص أحدا دون آخر ، فهو يوجه أيضا للجماعات الإسلامية كما يوجه للطرق الصوفية ، بل أيضا على الشيعة أن يلتزموا حوزاتهم ، فلا يصدروا طرقهم وحياتهم الخاصة لغيرهم.
( وعلى الله قصد السبيل )
*****


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.