الإسكان الاجتماعي 2025 يفتح أبوابه قريبًا بهذا الموعد.. «بمقدم 50 ألف وفائدة 8%»    محافظ البحر الأحمر: تدخل عاجل من رئيس الوزراء لحل أزمة مياة الشرب بالغردقة    صندوق النقد الدولي: أوضاع الاقتصاد المصري تسير نحو الأفضل    افتتاح معرض كافكس 2025 فى الفترة من 19 – 21 مايو بمركز مصر للمعارض الدولية    تفاصيل خطة ترامب لنقل مليون فلسطيني إلى ليبيا    الجامعة العربية: مجرد التئام القادة العرب في ظل التحديات أمر يدعو للتقدير    «فارق الأهداف».. سيناريوهات تتويج الأهلي بلقب الدوري المصري بعد الفوز على البنك    موعد إجازة عيد الأضحى 2025 والإجازات الرسمية في مصر    أقارب عريس البحيرة: «الشيخ علي» خطب لصلاة الجمعة ومات العصر (فيديو)    محافظ المنيا يسلم حجاج الجمعيات الأهلية جوازات السفر والتأشيرات وتذاكر الطيران    موعد عيد الأضحى 2025 ووقفة عرفات فلكيًافي مصر والدول العربية    يسرا تحتفل بعيد ميلاد عادل إمام ال 85 :«كل سنة وأنت طيب يا زعيم قلبي»    لميس الحديدي: الرئيس السيسي عبر عن موقف مصر في قضايا المنطقة بكل وضوح    صحة القاهر: توفير خدمة طبية مجانية متميزة للمواطن البسيط    الجناح المصري في سوق مهرجان كان يفوز بجائزة أفضل جناح لعام 2025    زواج سري أم حب عابر؟.. جدل قديم يتجدد حول علاقة عبد الحليم حافظ وسعاد حسني    محمد رمضان يكشف عن صورة من كواليس فيلم أسد وعرضه بالسينمات قريبا    رئيس جامعة الأزهر يفسر آية «يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج»    داعية: وجوب تقسيم الميراث على وجه السرعة لهذا السبب    السودان يتهم الإمارات بطرد واحتجاز دبلوماسيين بالمخالفة ل اتفاقيات فيينا    هيئة الخدمات البيطرية تكشف حقيقة نفوق الطيور في مزارع الدواجن    إصابة 48 طالبة.. رئيس جامعة طنطا يطمئن على الحالة الصحية لطالبات «تربية رياضية»    القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى يشهد مناقشة البحث الرئيسى لهيئة البحوث العسكرية    ضحية الانتقام بكرداسة    كواليس جلسة الرمادي مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بتروجيت    احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف.. المنيا تحتضن الملتقى العلمي الخامس لتعزيز الوعي الثقافي والتاريخي (صور)    مستشار رئيس الوزراء العراقي: قمة بغداد تؤكد أهمية التضامن العربي في مواجهة الأزمات الإقليمية    3 أمناء مساعدين بالجبهة الوطنية.. زكى والصريطي للفنون وضيف الله للتنظيم    الزمالك يتحرك لحل أزمة مستحقات ميشالاك قبل عقوبة "فيفا"    فابريجاس: تحدثت مع أندية أخرى.. وهذا قراري بشأن مستقبلي    رئيس جامعة المنوفية يعقد اجتماع مجلس الدراسات العليا الشهري "أون لاين"    قائد تشيلسي: مصير المشاركة في دوري أبطال أوروبا بأيدينا    تشييع جثمان ابن شقيقة الفنان الراحل عبدالوهاب خليل بكفر الشيخ (صور)    آخر تحديث للحصيلة.. إصابة 46 طالبة بإغماء في جامعة طنطا بسبب ارتفاع الحرارة -فيديو    "وقاية النباتات" ينظم برنامجا تدريبيا لتعزيز الممارسات الذكية في مكافحة الآفات    الضفة.. الاحتلال الإسرائيلي يصيب مسنا فلسطينيا قرب مخيم جنين    مصرع طفل غرقا فى نهر النيل بمنطقة الحوامدية    بالأسماء، ارتفاع عدد المصابات بإغماء وإجهاد حراري بتربية رياضية طنطا ل 46    صور| أكاديمية الشرطة تنظم ندوة "الترابط الأسري وتأثيره على الأمن المجتمعي"    هل يجوز توزيع العقيقة لحومًا بدلًا من إخراجها طعامًا؟.. أمين الفتوى يجيب    ملازم دراسية مسروقة.. سقوط مكتبة غير قانونية في القليوبية    انطلاق الدورة 41 من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في سبتمبر المقبل    نقيب الصحفيين العراقيين: القمة العربية فى بغداد تؤكد استعادة العراق لدوره القيادى    جامعة الفيوم تطلق الحدث الريادي الأول "ستار أب" لدعم رواد الأعمال والشباب الخريجين    مخرجش من المنهج.. ردود أفعال طلاب الشهادة الإعدادية الأزهرية بسوهاج بعد امتحان مادتي اللغة العربية والهندسة "فيديو"    هل يجوز سفر المرأة للحج دون مَحْرَم.. الأزهر للفتوى يجيب    الأوقاف: الطبيب البيطري صاحب رسالة إنسانية.. ومن رحم الحيوان رحمه الرحمن    أمين «التعاون الإسلامي» يؤكد ضرورة بذل كل الجهود لاسترداد الفلسطينيين لحقوقهم    نقيب الصحفيين يطلق حملة لتعديل المادة 12 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    وكيل الزراعة بالبحيرة يوجه بسرعة توزيع الأسمدة وإزالة التعديات على الأراضي الزراعية في حوش عيسى    أوكرانيا تعلن إسقاط 36 طائرة روسية مسيرة    رئيس الوزراء يتفقد أعمال التطوير في منطقة السيدة عائشة وطريق صلاح سالم    كلاكيت تالت مرة.. مصطفى محمد يرفض المثلية وينتظر العقوبة    قصر العيني يحتفل ب 80 عامًا على تأسيس قسم المسالك ويطلق برنامجًا لأطباء الامتياز    موجة شديدة تضرب البلاد اليوم| وتوقعات بتخطي درجات الحرارة حاجز ال 40 مئوية    «لو روحتوا أمريكا هينصفوا الأهلي».. عمرو أديب يوجه رسالة لمجلس الزمالك    اللقب مصري.. نور الشربيني تتأهل لمواجهة هانيا الحمامي في نهائي بطولة العالم للاسكواش    البرلمان الليبي يكلف النائب العام بالتحقيق مع الدبيبة على خلفية قمع المتظاهرين وأحداث طرابلس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سنة سودة ولا أمل في إصلاح ديني
نشر في شباب مصر يوم 18 - 08 - 2014

رب ضارة نافعة. سنة سودة مرت كالهباب، لكنها أعطتنا المناعة ضد فيروس التطرف والتجارة بالدين. وعلمتنا أصول الدجل وحيل النصابين والمعتوهين، وبينت لنا درجة توغل المرض العضال في جسد مجتمعنا المسكين.
لم نعد ننخدع بالملابس البيضاء المغسولة والمزهرة والمكوية، والسبحة والمسواك والسجادة الطرية، واللحية المصبوغة باللون الأحمر والمنفوشة والممتدة حتى الكرش.
والزبيبة السودة المفرطحة، التي تفرش على فدان، والتي تذكرنا بسوداوية الأعماق. هذه الزبيبة، لا توجد بين النساء، ولا نشاهدها إلا في بلادنا المنكوبة.
والطرحة البيضة المكبوسة على سحنة سودة غبرا. لا تمت لزي بلادنا بأية صلة. والابتاسامة البلهاء بسبب أو بدون سبب، والعينان الجاحظتان المكحلتان. وصهد الغباوة الذي يتطاير من الرأس كالشرر، عند الكلام والصمت، وأيضا عند السير أو النوم.
كل هذا ثبت أنه أدوات نصب، وعدة محتالين وتجار دين. تخفي وراءها حقد وكبت وغباء وإجرام لا مثل له. لم يرد في أدبيات غابرة أو في حديث ركبان سائرة، ولم يظهر في كتب علم نفس أو يرد على عيادات أمراض عقلية.
أجسام البغال وأحلام العصافير. ترى الفتيان كالنخل، وما أدراك ما الدخل. ما فيش مخ ولا منطق ولا فطرة سليمة ولا يحزنون. ولا فيه تفكير من أي نوع، صح أو خطأ. لكن في الحفظ عن السلف، مكنة، ورهوان لا يشق له غبار.
ليست هناك أي رغبة في معرفة أو حب استطلاع ولو بسيط، مثل الموجود عند عجائز النساء. مهما تعلم فيه، تجده مبلم يصبح ناسي. مهما تشرح له وتحاول أن تُفَهمه، تجد نفسك كأنك:
"ناطح صخرة يوما لتوهنا، فلم يضرها وأوهي قرنه الوعل."
كده. شيخه الأغبى منه قاله كدة. قرأها كده في كتاب الشيخ فجلة. طيب وعلماؤنا ومفكرونا الأفاضل، الذي ثبت فهمهم العميق للدين، وشرح فلان ورأي علان وفتاوى زيدان؟ لا، دول كفار ولاد كلب ومشايخ سلطة.
الصح كلام الشيخ جعان والشيخ جعران وزميله عريان. طيب يا سيدي شغل مخك. لا يا محترم، تشغيل المخ يوصلك للكفر المبين ويجعلك تشك في اليقين.
بالذمه ده كلام؟ إذا لم نستخدم العقل، كيف نفرق بين الصح والخطأ، وبين الصالح والطالح؟ وكيف نشفى مرضانا وننمي اقتصادنا وندافع عن أنفسنا؟
الأحسن والأضمن لدخول الجنة والحور العين، أن تخلي دماغك بيضة زي صدغ اللفت أو فحل البصل. المخ، يا مؤمن، بالرغم من ضخامة حجمه وثقل وزنه، مافيهش علامة واحدة مضيئة، توحد الله.
لازم تخلع مخك مع جزمتك وانت جاي لي. لازم تصدق كل اللي حقوله لك، تأخذه وانت جدع، زي شربة الدود بتاعة الحاج محمود، ببلاهة وأنت زي الباشا. اقعد هنا جنب الفرن، وانتظر الرغيف الملعبط اللي أحدفه لك.
والاّ عاوز تنشوي في نار جهنم زي الكفار؟ النار التي وقودها الناس والحجارة. أي التي تشتعل بأجساد الناس والفحم الحجري. لازم تصدق كلامي، وتعض عليه بالنواجذ، وتفديه بمالك وعيالك وحياتك. فهمت يا مؤمن؟
أول ما نبدي بالصلاة على النبي. الحكومة كافرة وتارك الصلاة كافر واللي عنده بول لا إرادي كافر. الذي لا يؤمن بالخلافة كافر. والنسوان ستمتلء بهن النار. والتي لا تتنقب كافرة وبنت ستين في سبعين. لازم تطيع بعلها في الفراش ولا تفتح خاشمها أبدا، إلخ. فاهم ياحضرت؟
الموسيقى حرام، والصور والتماثيل حرام، والفن والتمثيل والسينما والمسرح، وكل ما هو جميل حرام. والورود والعطور والمشموم، كله حرام في حرام.
كلها أشياء تلهيك عن ذكر الحميد المجيد. المفروض تأكل وتقضي حاجتك وبس. وتكون ريحتك بصل وثوم، وتنط في السرير زي الثور. تتعبد وتجاهد في سبيل الله، وتغزوا وتفتح وجيب السبايا والأسرى.
المفروض تسمع كلامي وبس. لا تنسى الشفع والوتر والتراويح والاعتكاف والحج والعمرة في شهر رمضان. والأكل بإيدك اليمين، والدخول والخروج برجلك اليمين.
انت من الفرقة الناجية، والباقي كفار ولاد كلب. ألعن من اليهود والنصارى وبتوع بوذا واللي بيتباركوا ببول البقر. على كل حال احنا كمان عندنا التداوى ببول البعير. ومفيش حد أحسن من حد.
أنت الشملول الذي ينتظرك رضوان على باب الجنة ومعاه كشف بأسماء الحور العين الأبكار، اللاتي يزيد عددهن عن السبعين للرجل الواحد. هذا ثوابك لأنك سمعت كلامي وفجرت نفسك، وقتلت معاك نساء وأطفال وأبرياء الكفار والمسلمين على السواء. لو عاوز في الآخرة نسوان أكتر، مافيش مشكلة.
انت اللي ح تجد النعيم والروضة في القبر. أما الكفار ولاد الكلب وتاركين الصلاة والمتبولين بعدم اكتراث، فالثعبان الأقرع وضمة القبر وعذابه الشديد. فهمت يا حضرت.
العقل أكبر مصيبة خلقها ربنا لينا، وموش عارفين ربنا خلقه ليه؟ عارف العقل مصيبة ليه يا مؤمن؟ لأنه يخليك تشك، والشك يقودك للكفر والعياذ بالله، ويحرمك من النعيم المنتظر. أوعى تشغل مخك. أوعى تفكر. لوجاءك فكر، استعذ بالله من الشيطان الرجيم، وقم توضأ وصلي لك ركعتين.
النسوان يا مولانا شياطين مجسمة تمشي على الأرض. ربنا خلقهن علشان يطلعونا من الجنة ويدخلونا النار. لو شفت امرأة، قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وغمض عينيك، واجري إلى بيتك واقضي حاجتك مع زوجتك، ستجدها جاهزة في انتظارك إن شاء الله، أو اقضي حاجتك مع من ملكت يمينك.
إذا لم تكن متزوجا، إكبت! إكبت، كبت الله عدوك. علشان كدا النسوان لازم يتغطين من فوق لتحت، من الأمام ومن الخلف. لازم نحبسهن في البيت. إذا خرجن، نحبسهن في أكياس سودة مافيهاش علامة، زي أكياس البلاستك المخصصة لجمع القمامة.
العلوم يامحترم، هي العلوم الدينية. العلماء، هم مشايخنا الكبار الذين يقاس طول لحاهم بالأشبار. أما علوم الأولين، فكلها كفر والعياذ بالله. يمكن استثناء الكيمياء والتوصيلات الكهربائية، لزوم عمل البمب والمفرقعات الجهادية. الموت في سبيل الله اسمى أمانينا.
أما، والعياذ بالله، الفلسفة وعلم النفس والتاريخ والبيولوجيا وما شابه ذلك من علوم الأولين، فهي الكفر بعينه. حفظنا الله منها ومن شرورها آمين.
هرب مجموعة من قرود الجبلاية، تحصنوا بالجبال، أطلقوا شعورهم ولحاهم، وسموا أنفسهم "داعش". إذا لم تكن هذه جماعة فاشية، فما عساها أن تكون ياترى؟
الفاشية تتسم بالولاء الشديد والطاعة العمياء لزعيمهم (بن لادن، الزرقاوي، أو البغدادي). توصف بالتعصب وفكرة عسكرة الدولة. الفاشية، تلتزم بالعنف السياسي والحرب والتوسع والسطو على أراضي الغير. مثال ذلك، الفاشية في ألمانيا أيام هتلر، والفاشية في إيطاليا في عهد موسيليني.
لكن تنظيم داعش، أكثر إجراما. تنظيم سفاحين وقطاع طريق. يغتصب النساء ويقتل المخالفين له في العقيدة، من مسيحيين ومسلمين مسالمين على السواء.
لقد أخلوا الموصل من المسيحيين بعد أن خيروهم بين الاسلام أو الجزية أو القتل. فهل ننكر بعد اليوم أن الاسلام قد انتشر بحد السيف؟ هل هناك برهان أوضح من ذلك؟
أليس هذا أسوأ استخدام للدين عرفه التاريخ؟ عندما تقتل وتنهب وتستولي على أراضي وبترول وممتلكات الغير من مسيحيين وسبك وتركمان ويزيديين وباقي الأقليات، بحجة إقامة الخلافة التي ثبت تاريخيا أنها أسوأ نظام حكم عرفه العالم قديما أو حديثا.
الخلافة الاسلامية التي عمرها ما يقرب من 1400 سنة، كان الحكم الرشيد بها لا يزيد عن 25 سنة. الباقي يا سيدي، هو ملك عضوض وراثي. وقتل آباء وخنق أبناء، وسكر وعربدة وجنس ولواط. ألا تصدقني؟ ارجع إلى كتب التاريخ الموثقة.
كبت ونهب وانتهاك لحقوق وآدمية الإنسان. وغلمان وجواري وسبايا وقنان، بلغن في عهد الخليفة المتوكل 4000 جارية، كان يمتلكهن جميعا وحده كما نمتلك نحن الأنعام.
هل يمكن أن ينتصر مثل هذا الشر؟ ومن وراءهم؟ ومن أين أتوا بكل هذه الأسلحة؟ هل سبب ذلك، المخبولون دينيا من غلاة الإنجيليين الأصوليين المتطرفين والمحافظين الجدد بالولايات المتحدة، الذين يؤيدون إسرائيل ظالمة أو مظلومة، بحجة أن ذلك يعجل بالحضور الثاني للمسيح؟
وهل لنفس السبب، يقومون بالمساعدة على ظهور المسيخ الدجال، الأخ أبوبكر البغدادي، وهو صنيعتهم، خليفة للمسلمين المنكوبين؟ أم الهدف، قيام دولة خلافة، تتجمع فيها حثالات العالم الاسلامي من متطرفين وجهلة ومجرمين؟
لكي يقوموا بتطبيق أفكارهم الكارثية الرجعية المتخلفة، التي لم تبرح ساحة القرن السابع الميلادي. هذه وصفة أكيدة ومجربة، للتخلف والانحطاط. وصفة لا تصلح إلا لفناء هذا الجنس المسمى بالمسلمين.
كيف يصمت العالم لما يحدث بالموصل من تهجير وتصفية عرقية على أساس الدين والعقيدة؟ كيف يصمت العالم لما يحدث بالنسبة لمسيحي الشرق في العراق، وللفلسطينيين تحت نير إسرائيل وحكم حماس؟ هذه أسئلة، تبين عمق المستنقع الذي نغوص فيه.
يقوم الآن في مصر صراع، بين فكر ديني مستنير وفكر دواعشي مسيطر على الأزهر والأوقاف ودار الافتاء. بعد أن تنبه الرئيس السيسي لخطورة الخطاب الديني في بلادنا، وقدرته الفائقة على إنتاج وتفريخ فكر داعش جديد كل يوم، نصح في أحد لقاءاته بضرورة الاصلاح الديني، عن طريق الأزهر. الفكرة سليمة ومطلوبة، لكن المشكلة، من يقوم بالاصلاح؟
كنت آمل، والحق يقال، في رئاسة مشيخة الأزهر الحالية ومفتي الديار المصرية ووزير الأوقاف. ظننت أنهم يستطيعون القيام بحركة اصلاح ديني منتظر.
إلى أن سمعت بعض تصريحاتهم التي تدافع عن البخاري وعذاب القبر والثعبان الأقرع، دفاع المستميت. فضربت كفا بكف، وقلت: "لا حول ولا قوة إلا بالله. إنا لله وإنا إليه راجعون."
يا سيدي مافيش فايدة ولا عايدة. إذا كنت تقف داخل قفة أو مقطف، هل تستطيع أن تجذبه إلى أعلى بيديك وترتفع به في الهواء، وأنت داخله، لكي تبعده عن سطح الأرض؟ حاول أن تقوم بهذه التجربة البسيطة؟ الإجابة هي، بالطبع لا يمكن ذلك.
قوانين نيوتن للميكانيكا لا تسمح. الجذب يجب أن يأتي من خارج المقطف، لا من داخله. الذين سبقونا قالوا في نفس المعنى: "فاقد الشئ لا يعطيه". إذا كانت مشيخة الأزهر تغوص حتى الأذنين في مستنقع التخلف والسلفية والجمود الفكري، كيف تقود حركة إصلاح ديني؟؟
الأزهر، سيداتي آنساتي سادتي، الآن يدافع عن أحاديث وقصص تقول بإرضاع الكبير، ورجم القرد الزاني، ومضاجعة الوداع، وقتل المرتد وتارك الصلاة وأكل لحمه. أي والله، أكل لحمه مطبوخا في قدر، أو غير مطبوخ، لا أدري.
الأزهر يا حضرات، يدافع عن عذاب القبر والثعبان الأقرع. يأتيك في قبرك المغلق من حيث لا تدري، لكي يرهبك وينغص عليك عيشتك وعيشة اللي خلفوك.
الغريب أيضا أن علماء الأزهر أثناء دفاعهم عن الثعبان الأقرع باستماتة، عرجوا على المرحوم داروين بالمرة بدون مناسبة، ولعنوا سلسفين أبوه. يستدلون بذلك، على سفه فكر المعارضين. ولا أدري ما دخل داروين بالثعبان الأقرع؟
يعني عملية تخبيط في حلل والسلام. حاول مشاهدة مناظرة الشيخ المستنير محمد عبد الله نصر، ومناظرة المستشار أحمد عبده ماهر، مع شيوخ داعش، سبب بلوتنا ونكبتنا الكبيرة، على قناة دريم حديثا (برنامج العاشرة مساء).
لو كنت حكما في هاتين المناظرتين، لأوقفت البرنامج لعدم تكافؤ المتناظرين. أحد الأطراف يستخدم العقل والمنطق والدليل والبرهان، مدفوها بالغيرة على الدين الحنيف، يريد تطهيره من الدرن.
الطرف الآخر يستخدم كل أسلحة الدمار الشامل والفتك الرهيبة، للحفاظ على الفكر القديم الراسخ كما هو، في عقول متكلسة. تقوم بالتكفير والتهديد بمحاكم التفتيش.
تشتم بأشنع الألفاظ، وتلعن سلسفين الجدود، وتتهم الرأي المعارض بالجهل وعدم التخصص والعلم. ولا تلتزم بأية موضوعية. فقط سب وقذف ولعن للجدود.
هؤلاء المشايخ، ذو العقول الفولاذية، التي لا يوجد بها ثقب واحد يوحد الله، يمكن أن ينفذ منه الضوء، تؤمن بأنك لو تبولت لا إراديا، وبللت نفسك بدون اكتراث وحذر كافيين، تنال والعياذ بالله عذاب القبر، ويأتيك الثعبان الأقرع.
لكن، إذا وُضعت جريدة خضراء فوق قبرك، فإنها بأمر الله تخفف من عذابك. بالذمة ده كلام؟ علينا أن نقبله تحت التهديد والوعيد؟ أي والله هكذا يقولون.
لكن في نفس الوقت، مسموح لك بشرب جردل بول بعير، مثلج أو فاتر، بدون مشكلة. الغريب أن الإبل نفسها، كما يقولون وهم يتبسمون ابتسامة بلهاء، مخلوقة من الجان، وحلال أكل لحم الجان. هذه ليست نكتة، ابحث في الإنترنت، تجد العجب العجاب من مشايخ فحول كثر، لهم مريدين وسميعة وأتباع.
ماذا أقول بعد أن طفح الكيل؟ أنا وغيري نكتب مقالات تنويرية تحترم عقل القارئ، عن الفن والموسيقى والفلسفة والأدب والمسرح والتاريخ والحرية. إن شاء يقبلها وإن شاء يرفضها. والأزهر ورجال المؤسسة الدينية المحترمون عندنا، يحاربون تنقية التراث الطافح بالخرافات والإسرائيليات والثعابين والشياطين.
ينصبون محاكم التفتيش لمن يعارضهم ولا يتبع خطاهم. لا يشعرون بخطورة المدلهمة الكبرى التي نحن بصددها، الحرب الأهلية التي نصلاها وداعش على الأبواب. لا يرون ما أصاب بلادنا ومجتمعنا من هذا الفكر المنحط.
هذا الفكر الذي لا يحترم عقولنا، ولا آدميتنا، ولا يراعي حقوقنا التي اكتسبناها بالمولد. حقنا في الحياة الحرة الكريمة، وحقنا في طلب السعادة كما نريدها، وحقنا في المساواة والتفكير وابداء الرأي بدون خوف أو وجل. بدون رقيب وبدون إرهاب فكري أو محاكم تفتيش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.