كم هو إشتياق الانسان صوب الحرية ؟ ، وكم هي أمنياته المتعددة التى لا تخلو من التوق إلى الانفلات من الأغلال و القيود التى تكبله؟، وما أكثر تطلعنا إلى تلك الحرية عندما نُحرم منها لسنوات و سنوات ،بل ويزيد من عشقنا لها أن تكون القيود التى تُبقينا فى الآسر هى قيود الظلم و الجهل والتأخر عن ركب التقدم والحضارة . فى ربيع ثوراتنا العربية ستجد أن الحرية مطلب أساسى من بين مطالب الشعوب التى تهتف بها فى وجه حكامها المستبدين ، فالحرية حق أصيل وجزء لا يتجزأ من كرامة الانسان ، لكن هى الحصول على الحرية هذا الحق الأصيل هو منتهى الغاية التى نطمح إليها ؟ ، وهل الحرية تعنى أنه من حق أى شخص أن يفعل ما يريد متى يريد و بالطريقة التى يراها هو مناسبة دون أى إعتبارات أو حدود ؟ ، هل الحرية هى التحرر من العادات والقيم والمبادئ الأصيلة و السلوكيات القديمة بحلوها و سيئها ؟ ثمة مفهوم للحرية فى نظر الكثيرين فى بلداننا العربية وهو أن الحرية هى التخلص من قيود الحاكم الظالم و المستبد ، وهو بهذا النص مشابه إلى حد قريب لمفهومها فى عهد من الماضى على أنها التخلص من نير الاستعمار الأجنبى الذى أصاب بلادنا و أفقرها و نهبها لعقود طويلة ، لكن ليست تلك هى الحرية وحسب ، فربما تكون تلك هى حرية الوطن و حرية الأمة ، لكن ماذا عن حرية الفرد ؟! ، الملاحظ لحال البلدان العربية التى نجحت ثوراتها فى إسقاط أنظمتها سيجد أنه وبمجرد سقوط النظام تجد أن كل فرد يفعل ما يحلو له دون أى إعتبار لمبادئ أصيلة موجودة منذ القدم سطرتها العقيدة والشريعة والقيم التى تنتهجها هذه الدولة أو تلك ، غريب حقاً أن تجد الكثيرين من أصحاب الأفكار الملعونة و الشيطانية يعودون إلى أوطانهم متسترين فى ظلال العودة من المهجر إلى الوطن و متسترين فى جموع آخرين من الصالحين و أصحاب الأفكار الناضجة الذين قد منعتهم الأنظمة من العودة أو هجرتهم ذات يوم عندما إستشعرت فيهم خطراً على النظام ، لكن ماذا عن أولئك الآخرين العائدين فى ثياب التنور وهم بالأساس تغرق عقولهم فى الظلام ؟ هذه ليست الحرية التى تجعل كل منا يقول ما يشاء دون رقيب أو حسيب ، ليست حرية تلك تجعل من الاعتصام هواية والاحتجاج مهنة و التظاهر موعد للقاء الاصدقاء والخروج مع الصحبة ، خصوصا وأن ذلك يقطع طرقاً يكون المسافرين عليها فى أشد الحاجة إلى كل دقيقة تمر فى انتظار انتهاء اعتصام او تظاهرة فئوية لن تنفض ، الحرية هى أن يعرف كلا منا حقوقه و فى نفس الوقت أن يعرف ما عليه من واجبات كى يؤديها تجاه وطنه و شعبه ومجتمعه ، الحرية ان تفعل ما تريد لكن فى حدود المعقول ، وفى حدود يسمح لك القانون بها ، أنت حر .. ما لم تضر ، فإذا كان من وراء تلك الحرية ضرراً لأحد ، فهى ليست حرية على الاطلاق ! أحمد مصطفى الغر