قبل أن أسرد كلماتى أود أن أوضح شيئا هاما للدلالة على حسن نواياي ؛ عنوان المقالة أعنى به هو البيع بالأجل. من الشواهد التى أمامى كلما تنقلت فى أرجاء الثغر أن حزب الحرية والعدالة والمسمى بالذراع السياسى للإخوان المسلمين من الأحزاب الثرية ...حيث أن أغلب لافتات الدعاية للحزب أو لأعضائه هى استخدام البانر حيث اللافتة الواحدة تتكلف حوالى ال 300 جنية بسعر الجملة... وقد علمت أن سبب الثراء هو المتاجرة...والتجارة شطارة. وحيث أن البلد فى فترة انتخابات ومرشحين ومنافسات على السيادة فإن حزب الإخوان قام بنشر شوادر اللحوم فى أزقة وحوارى مصر وعليها لافتات كبيرة وهى الحملة الخيرية لبيع اللحوم. ولحسن حظى فقد أخذتنى رجلى لأن أصلى صلاة الجمعة فى مسجد التوحيد بمنطقة كليوباترا بالإسكندرية ووجدت أمام المسجد شادر من شوادر الإخوان ويالا الحظ ...الشادر مملوء بالخراف المعلقة...ولحم البقر المعلق...وتعلقت عيونى غصبآ عن النفس باللحوم المعلقة و بالرجال والنساء العاملين عليها حيث ارتدت النساء صديرى برتقالى اللون يشير إلى جماعة الإخوان وكان الخطيب يخطب خطبة الجمعة...و عقلى معلق بأسعار اللحمة وعدد الكيلوات التى سأتمكن من الحصول عليها فور انتهاء المصليين من صلاتهم والهجوم المتوقع على البائعين. ومازال العاملين يعملون وقد دخل خطيب المسجد فى الخطبة الثانية...وكنت أنتظر لحظة توقف العاملين والعاملات للتوجه للوضوء لكى يلحقوا فريضة صلاة الجمعة... حتى أذن المؤذن لإقامة الصلاة وقد فقدت الأمل فى أن يترك هؤلاء العاملين فى الشادر الخاص بالإخوان المسلمين العمل وترك تشفية اللحوم. وبعد إنتهائى من الصلاة توجهت لفورى إلى الشادر الذى كان يصطف أمامه العديد من الرجال يلقون نظرة على الأسعار... وجدت أن كيلو الضانى يباع بسعر 62 جنيهآ...مش بطال وكيلو اللحم الشمبرى( البقرى) يتراوح مابين 48 إلى 68 جنيهآ....فصدمت كيف أن اللافتة تشير إلى الحملة الخيرية..والأسعار مماثلة لأسعار 2 هايبر ماركت شهيرين وأسعارهم معلنة فى إعلانات الجرائد ليوم الجمعة. هل هى شطارة تجار الإخوان ؟! لم أذهل فالتجارة شطارة...ولو أنها أيضآ أمانة. الذى أذهلنى وأحبطنى هو الأتى: الشادر ليس به مورد ماء للتنظيف ...العمال الثلاثة القائمين بدور الجزارين ..ليسوا بجزارين بل هم متطوعين لا يجيدوا مهنة التشفية ولا حتى يرتدون ملابس الجزارين البيضاء الذى يعرٌفهم هو كثرة الدماء على ملابسهم.. رائحة اللحوم لا تطاق...ولونها مقزز ، و مخلفات ذبح الخراف أسفل ترابيزات الشادر ويغطيها أشكال وألوان من الذباب. تعليقات الرجال كلها تتسائل ..هل هذة لحمة ؟؟!! ووسط تطلعى للحالة المزرية فاجأتنى سيدة من سيدات الإخوان والتى تعمل مشرفة..وسألتنى...هل أخذت ورقة بالدور...فأجبت بالنفى... قالت لى( بوجه متجهم) طيب لو سمحت علشان الدنيا زحمة....قلت لها هل تطلبى منى أن أغادر المكان...قالت لو سمحت الدنيا زحام( وعلامات وجهها تطردنى). وغادرت المكان مدفوعآ للهروب من الرائحة الكريهة وعقلى يلكمنى... هل ثورة 25 يناير قامت لانتشال مصر من حالة الضياع والتخلف ..أم لكى يرحل مبارك وزمرته فقط؟ هل الأحزاب التى سارعت بالطفو على الساحة الإعلامية هدفها هو التطور واللحاق بالعصر؟ أم العودة بنا للخلف بقيادتها الواهمة ؟! كيف يسعى حزب الإخوان للتطور...ولا يسعى لتطبيق الشروط الصحية فى مشاريعه الخدمية. ولا يسعى لتطوير فكرة شوادر بيع اللحوم الممنوعة صحيآ وكان يجب عليه أن يقوم بتجهيز اللحوم وعرضها مبردة فى أطباق فوم ومغلفة..وهكذا تكون الخدمة المطورة.. كيف لا يكون قدوة للمسلمين, وأفراده لا يقوموا بوقف البيع والشراء وقت صلاة الجمعة؟ لقد أرادوا أن يبيعوا للشعب الفقير بالأجل..بأن يبيعوا لحوم بسعر مدعوم من أغنياء الحزب أو مخفض لكى يستردوا منهم باقى الثمن ويربحوا أصواتهم فى الصناديق.....ولكن أتضح أن الهايبر ماركت يبيعون بنفس السعر...وشوادر جزارى الأرياف أرخص وأرخص. وقد تنبهت وتوقفت عن التفكير فيما أذهلنى من شادر اللحم الخيرى عندما زكمت أنفى رائحة القمامة المتكومة خلف محطة سيدى جابر واجهه أسكندرية الحضارة . وتنهدت تنهيدة كبير وتذكرت مقولة الزعيم سعد زغلول الشهيرة فى أخر أيام حياته "مفيش فايدة" .