تجمع بين جمهورية مصر العربية، وجمهورية الصين الشعبية، علاقة خاصة منذ قديم الأزل، حيث كان هناك الاتصال والتواصل الدائم بين الدولتين أصحاب الحضارة العريقة، تجاريا واقتصاديا على مر عصور التاريخ. وارتقى التواصل حديثا ليشمل مجالات التبادل الثقافى والفكرى والأكاديمى، حيث يوجد بالجامعات الصينية الكبرى حاليا العديد والعديد من الشباب المصرى الواعد، الذين حضروا إلى الصين، لتعلم اللغة الصينية والتعرف على حضارتها العريقة، التى لا تقل أهمية وعراقة عن الحضارة المصرية القديمة التى سبقتها، لكنهما سطرا سويا فى التاريخ آثارا للابداع وعظمة الإنسانية- حسب تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط- ورغم أن الصين خطت بقدرات شعبها خطوات متقدمة على مر التاريخ سبقت بها دول العالم واعتلت مصاف الدول الكبرى، إلا أن علاقات الشعبين الصديقين المصرى والصينى كانت دائما الأقوى والأرقى، ومن هنا ظهر دور الشباب المصرى القادم إلى الصين للتعلم والبحث والدراسة فى أشهر الجامعات الصينية بالعاصمة بكين وغيرها من المقاطعات التى تبعد بعضها أحيانا عن العاصمة قرابة عشرات الساعات فقط ليبحثوا عن العلم ما يضىء لهم دروب التقدم والازدهار لمستقبل مصر وعلاقتها مع الصديقة الصين، عن طريق نقل كل الخبرات والمهارات التى تعلموها إلى وطنهم الأم، متيمنين بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "أطلبوا العلم ولو فى الصين". فى البداية، تحدث الشباب المصرى فى الصين عن تأثرهم بالحالة الحضارية العظيمة لمصر عبر إجراء أول انتخابات عقب ثورة 25 يناير، كخطوة على طريق الاستقرار والبناء، فيقول الطالب أسامة أبو جازية بجامعة بكين الدولية، والذى يطلق عليه زملاؤه شاعر المصريين ببكين، لما له من دواوين شعرية فى حب مصر وثورة 25 يناير، "إن جميع الطلبة المصريين الدارسين فى الصين لديهم حلم وهدف واحد، هو رغبتهم فى العودة إلى الوطن الأم بمفهوم وفكر جديد للارتقاء بمصر العظيمة، وهم على ثقة أنه لن ترتقى مصر إلا بأبنائها الأوفياء المخلصين". وأضاف "أنه رغم كل العقبات والحوادث المأساوية المفتعلة التى راح ضحيتها الأبرياء بسبب من وصفهم مخربى الوطن، إلا أنه للوفاء لشهداء مصر وشهداء شباب ثورة 25 يناير الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة من أجل مستقبل افضل لمصر، فقد حان الدور على أبناء وشباب ورجالات مصر فى الداخل والخارج، أن يبذلوا جهودهم ويقدموا كل غال وكل ما يملكون من فكر ومال وجهد لرفعة شأن هذا الوطن، فالأوطان لا تنهض إلا بسواعد وعقول أبنائها المخلصين". ويقول الطالب إسلام محمد وهو يدرس بجامعة بكين للاقتصاد والأعمال "إن ما يحدث فى مصر هو نقلة تاريخية مشرفة، ولقد كنت شغوفا على أن أتابع ما يحدث من متغيرات وتابعت ذلك عبر صفحات الإنترنت، ولكنى انتظر ما هو أهم وأكبر من ذلك وهى الانتخابات الرئاسية والتى ستكتمل بها الصورة الحضارية لمصر وستعلن عن النجاح الحقيقى للثورة المصرية الغالية ثورة المصريين جميعا من أجل الاستقرار والأمن والمستقبل". وأضاف محمد عادل، وهو زميل إسلام فى نفس الجامعة، "أرى أن هذه الانتخابات اختلفت كل الاختلاف عن غيرها والتى كانت فى ظل النظام السابق ونتجت تلك الرؤية عن شعورى بنزاهة تلك الانتخابات والتى حماها المجلس العسكرى بالتضامن مع أصحاب العقول المستنيرة من أبناء الشعب المصرى ولكن على الشعب ألا يتعجل جنى الثمار وعلى الجميع العمل سويا لنحقق آمالنا وتطلعاتنا فى مصر الجديدة، مصر لكل المصريين". من جانبه، أعرب الطالب عبد الرحمن مسعد والذى يدرس بجامعة بكين للنقل والمواصلات عن شعوره بالفخر والسعادة تجاه ما يحدث الآن فى مصر من انتخابات نزيهة ومشرفة، وقال "لقد حرصت مع العديد من زملائى المصريين طلاب وطالبات على المشاركة فى الانتخابات داخل السفارة المصرية لشعورى ولأول مرة بقيمة الصوت الانتخابى للمواطن المصرى سواء كان خارج مصر أو داخلها، وأرى أن الأهمية الكبرى للمجلس العسكرى والبرلمان تكمن فى أن لديهم الصلاحيات لتشكيل اللجنة التى ستقوم بوضع الدستور الجديد وانتخابات الرئاسة". وانضم إلى هذا الرأى أيضا العديد من الشباب المصرى فى الجامعات الأخرى، حيث أعرب كل من عبد العزيز أحمد، ومحمد ثروت، وأمير محمد وهم طلاب بجامعة بكين للدراسات الدولية واللغات، عن فخرهم بما يحدث فى مصر ووجهوا دعوة للشعب المصرى لحماية مطالب الثورة دون التوجه إلى العنف والتخريب الذى يعرقل عجلة التقدم للبلاد. وأشاد الطلبة المصريون الثلاث، أيضا بما وصل إليه الشعب المصرى بكافة طبقاته وتوجهاته من نضج سياسى وفكر ووعى، حيث لمسوا من خلال متابعاتهم حرص الجميع على الذهاب إلى الانتخابات ومدى معرفتهم التامة بحقوقهم السياسية ..وتمنى الشباب أيضا أن تعبر مصر دوامة الاختلافات للوصول بسلام إلى الاستقرار الذى نترقبه جميعا.
ومن جامعة شمال الصين للكهرباء والطاقة والتى يدرس بها العديد من الطلاب المصريين، أعرب كل من أحمد إيهاب، ومى شوقى، وريم علاء الدين، ومى حسب الله، ومنة الله محمد العايدى عن سعادتهم بما حققته الثورة المصرية حتى الآن وإجراء الانتخابات، والمظهر المشرف الذى أظهر للعالم أجمع المعدن الحقيقى الأصيل للشعب المصرى. وأظهر إبدائهم لرأيهم عن الأحوال فى مصر تخوف بعض الطالبات المصريات مما حدث مؤخرا من شجارات ومظاهرات فئوية، وأحداث أمنية من سرقات مسلحة، حيث وجهوا دعوة للمجلس العسكرى وقوات الأمن المصرية للاستمرار فى الحفاظ على مكتسبات الثورة وأرواح الشعب المصرى، والحفاظ على الأمن والاستقرار، للبدء فى عمليات البناء والتنمية والاستقرار لوطننا مصر الحبيب. وتقول الطالبة منة الله محمد "لفت انتباهى ما رأيته من تكاتف للشعب المصري كبارا وصغارا، مسلمين ومسيحيين، يقفون جنبا إلى جنب داخل اللجان الانتخابية دون النظر إلى التوجهات السياسية أو الطبقية أو العقائدية، وكان جل همهم هو الانتقال بمستقبل هذا الوطن إلى الأفضل رافعين راية الوحدة فى وجه كل يد أرادت العبث بأمن ومقدرات مصر الغالية. ومن جانبها، أشادت الطالبة ريم علاء الدين بعظمة شعب مصر، مستشهدة بكلمات الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى قال "يجب أن نربى أبناءنا ليصبحوا كشباب مصر"، وأيضا مقولة سيلفيو برلسكوني رئيس وزاراء إيطاليا "إنه لا جديد فى مصر فقد صنع المصريون التاريخ كالعادة"، وأضافت "أننى كفتاة مصرية لا أتعجب مما يحدث الآن فى مصر من حراك سياسى فالشعب المصرى دائما هو صانع التاريخ، ويملأنى الأمل فى أن يسود الأمن والأمان مصر لتبدأ عجلة العمل والتنمية وتضخ العقول المفكرة دماء النهضة والتقدم للوطن". وعن الأعياد الصينية التقليدية، وحلول عام "التنين" الصينى، اختلفت توجهات الطلاب المصريين فى كيفية التعامل معها، فالبعض يفضل استخدام الانترنت لإرسال برقيات التهنئة للأصدقاء والبعض الآخر قرر مشاركة أصدقائهم الصينيون فى الاحتفالات الصينية وإضفاء الطابع المصرى على الاحتفال بالمشاركة بالأغنيات المصرية، وأعربوا عن تمنياتهم "أن يحمل العام الجديد كل ما هو خير للشعب المصرى مسلميه ومسيحييه، كباره وصغاره، رجاله ونساءه فى الداخل والخارج".
وعن مستقبل الطلاب المصريين الدارسين بالصين، خاصة من يدرسون اللغة الصينية، والتى تعد أصعب اللغات فى العالم، عن مدى استفادة وطنهم من هذه الخبرات التى اكتسبوها، فيقول إسلام محمد "إنه رغم صعوبة اللغة الصينية إلا أننى قررت تعلمها كى أتعلم ثقافة هذا الشعب وأنقل ما توصلوا إليه من تطور إلى الوطن حينما أعود، وكان حرصى على إتقان اللغة واستفادة وطنى من خبراتى كى نقوم بزيادة العمق الفكرى والثقافى والتعاون بين مصر والصين ليستفيد الشعب المصرى من التجربة الصينية الرائدة والتى أبهرت العالم بنجاحها". وقالت الطالبة مي شوقي وهي تدرس بجامعة شمال الصين للكهرباء والطاقة "لقد قمت بدراسة اللغة الصينية لرغبتى فى الاختلاف عن أقرنائي الذين توجهوا لدراسة اللغات المعروفة للجميع، ولكون أعداد من يدرسون اللغة الصينية قليلة نسبيا فى الوطن العربى لذا فإن هناك فرصة أفضل للحصول على وظيفة جيدة". وأضافت "أنه من خلال دراستى لأهم لغة من لغات العالم سأتمكن من تحقيق ذاتى وأهدافى وتحقيق النفع لى ولمصر عن طريق الاستفادة من اللغة والثقافة الصينية داخل مصر"، منوهة بأن أعداد الطلاب الصينين الذين توجهوا لدراسة اللغة العربية قد زادت رغبة منهم فى اكتشاف الثقافة العربية والسعى وراء فرصة عمل والتى باتت سهلة نتيجة للتعاون التجارى والاقتصادى والسياسى فى المجالات الأخرى بين الصين والوطن العربى. أما محمد ثروت فيقول "كانت لدى الرغبة دائما فى أن أتمكن من التواصل مع جميع الثقافات في العالم وبما أننى أتحدث العربية والإنجليزية فإنى أستطيع التواصل مع ثلثى العالم لذا كانت هناك حاجة ماسة لدراسة اللغة الصينية وذلك لأن تعداد الصين قد يقترب من مليار ونصف نسمة مما سيساعدنى على التواصل مع عدد كبير من متحدثى هذه اللغة". وأضاف "أنه نظرا لما حققته الصين من تقدم ملحوظ وازدهار مبهر ومستمر لذا فأحاول أنا وزملائي نشر اللغة العربية وإتقان اللغة الصينية وذلك لتعميق التبادل بين مصر والصين فى شتى المجالات وخاصة المجال الثقافي بين البلدين".