يَحل علينا بعد أيام قليلة عيدًا سنوي ننتظره من عام إلى عام لنسعد فيه أمهاتنا ، ولكن ما يأتي يوم 21 مارس ألا ونشاهد من يحرم من المتشددين هذا العيد ويعتبره بدعة ليست موجوده في الإسلام ، والسؤال : ما حكم الاحتفال بعيد الأم ؟ ، وهل هو بدعة ؟. أكد الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ، أن الاحتفال ب"يوم الأم" أو عيد الأم هو أمر جائز شرعًا ولا حرج فيه ، بل هو مظهر من مظاهر البر والإحسان المأمور بهما شرعًا على مدار الوقت ؛ قال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [لقمان: 14] ، ولا يوجد في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم ؛ فإن هذا أمر تنظيمي لا علاقة له بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس ؛ فالبدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع ؛ كما يتضح هذا جليًّا في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» متفق عليه ، أما ما شهد الشرع لأصله فإنه لا يكون مردودًا ، ولا إثم على فاعله . وقال الدكتور علي جمعة في فتواه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل الأم أولى الناس بحسن الصحبة ، بل جعلها مقدمة على الأب في ذلك ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ» متفق عليه، والشرع الإسلامي أقر أن العلاقة بين الولد وأمه علاقة عضوية طبعية ؛ فلا تتوقف نسبته إليها على كونها أتت به من نكاح أو سفاح ، بل هي أمه على كل حال ، بخلاف الأبوة التي لا تثبت إلا من طريق شرعي . وتابع جمعة : لذا من مظاهر تكريم الأم الاحتفاء بها وحسن برها والإحسان إليها ، وليس في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة لذلك يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم ؛ فإن هذا أمر تنظيمي لا حرج فيه ، ولا صلة له بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس ؛ فإن البدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع ؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» متفق عليه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، ومفهومه أن من أَحدث فيه ما هو منه فهو مقبول غير مردود وقد أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم العرب على احتفالاتهم بذكرياتهم الوطنية وانتصاراتهم القومية التي كانوا يَتَغَنَّوْنَ فيها بمآثر قبائلهم وأيام انتصاراتهم ، كما في حديث "الصحيحين" عن عائشة رضي الله عنها قالت: "دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ، تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثٍ"، وجاء في السنة: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ زَارَ قَبْرَ أُمِّهِ -السيدة آمنة- فِي أَلْفِ مُقَنَّعٍ، فَمَا رُئِيَ أَكْثَرُ بَاكِيًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ" رواه الحاكم وصححه، وأصله في "مسلم" ، لذلك نؤكد أن الاحتفال بعيد الأم ليس حرام ولا بدعة كما يروج البعض . والله تعالى أعلى وأعلم