"لا تخرج قبل أن تقول سبحان الله" هو أول شئ يسرق أنظار الضيف عند أخذ مقعده داخل الصالون بعد طرق باب العروسين, ولما لا وقد زين بأبرز أنواع أطقم الطعام والشراب "كالصيني" و"الأركوبال" و"البايركس" وحتي المفارش المصنوعة خصيصًا له, فقد وضع في الصالون بالتحديد لتتباهي به العروس أمام أهل زوجها وأصدقائها الذين جاءوا لزيارتها مخصوص لحساب عدد أطقم النيش مضروبًا في الحجم والإرتفاع وعدد ال"الله! .. جبتيها منين؟". "هتتجوزي ازاي من غير النيش؟!" وكأنها إذا تزوجت بدون النيش ستصيبها لعنة الأمهات والجدات وجدات الجدات فهي عادة موروثة لا تعرف سرها إلا امرأة مجهولة أبت ألا تتنازل عن حقها في "طقم الصيني"! .. وبما أننا بدأنا الحديث عن طقم الصيني هنا تستوقفنا جملة شهيرة ألا وهي "هتحطي طقم الصيني فين لو ماجبتيش نيش؟!", فقد دفع طقم الصيني العديد من الضحايا إلي التمسك بضرورة النيش "فلن نضع طقم الصيني تحت السرير مثلًا". حذار الإقتراب من النيش "خطر الموت": يلقي النيش لعنته علي كل من حاول الإقتراب منه أو فتحه, هكذا تعتقد الأمهات, وإلا ما لبث وجوده إلي أطول فترات وصل بعضها إلي عشرون عامًا, مما دفع بعض مستخدمي التواصل الإجتماعي للسخرية من هذه الفكرة, فكلما أردت نداء والدتك "افتح النيش وطلع كوباية .. هتيجي بسرعة".. "النيش بيتكلف كتير وبيفضل ديكور, ولو فكرتي تطلعي حاجة منه في الغالب بتتكسر", فالغريب أن العروس إذا خالفت تلك التعليمات الفطرية واستخدمت إحدي أطقم النيش فلا تحلم بأن يعود الطقم إلي النيش مرة أخري, سينكسر الطقم وستندمين عزيزتي "فلا تخرج قبل أن تقول سبحان الله". وبعض الفتيات قد اقتنعت بعدم أهمية النيش فقررت أن ترضي جميع الأطراف واشترت دولاب صغير لئلا يأخذ مساحة كبيرة وتتجنب لعنة الأجداد وسخرية العمَات, ولكن المصيبة أن ذلك الدولاب الصغير قد احتوي علي أطقم فاخرة توازي سعر النيش العادي بما فيه. وبرغم اقتناع العديد من مقدسي النيش بعدم ضرورته إلا أن اجابتهم علي سؤال "إذا عاد بهم الزمن مرة أخري هل سيتمسكوا بالنيش؟" كانت بأنهم إذا عاد الزمن بهم مائة مرة فلن يتنازلوا عن النيش "امال كنا هنحط الصيني فين؟". فمن الواضح الآن أن طقم الصيني هو أزمة الأجيال وليس النيش. وقد كان الدكتور شريف صلاح الدين –خبير التطوير الشخصي والإداري- أول المضحين بطقم الصيني بعد محاولات عديدة من الإقناع لحماته بضرورة التخلص من هذا الطقم والذي أهدته لإبنتها في زواجها بعد أن اشترته من الحرم المكي مباركًا كما اعتقدت, فيقول:"لقد سبب لنا طقم الصيني حيرة ما بعدها حيرة فننقله من فوق الدولاب إلي أسفل السرير ونتنقل به في كل مكان, لأنه مازال مغلف كما هو منذ أهدتنا إياه حماتي, لا يمكننا فتحه حتي لا تغضب, وبعد عدة محاولات استطعت اقناعها بإهدائه لإبنة جارتنا كنوع من أنواع الخير وزكاة عنها بدلًا من ركنته, والحمدلله اقتنعت وتخلصنا منه". فهل حقًا النيش هو الذي يجر الأطقم لتملؤه أم أن طقم الصيني هو السبب في وجود النيش أصلًا؟ .. كل ما علينا الآن أن ندعوا الله بألا تسمعنا أحد كؤوس الشاي أو القهوة داخل النيش فيلقي علينا لعنته الأزلية، فتتحولي عزيزتي لفتاة عاصية قررت أن تستبدل النيش بمكتبة لإقتناء الكتب وتوريثها لأبنائها، أو تتحول عزيزي إلي شاب توقف زواجه لأن والدته وحماته اختلفن علي النيش.