صعدت هرم خوفو بمفردى لأقول للعالم: أين حقوق ذوى الإعاقة؟ شاهدت فقدان الكثير من المغامرين أعلى قمة جبل الموت! أتمنى أن أرى وزيرا قصير القامة أستعد لصعود قمة جبال كاليمنجارو وأخطط لعمل حملة دعائية لتنشيط السياحة بمصر اسمه يحمل طاقة أمل غير محدودة لكل من يعرفه أو يسمع عنه في مجتمع ذوى الاحتياجات الخاصة.. التحدي أحد أهم صفاته الشخصية التي يتمسك بها دائما ليحفر اسمه كصانع إنجاز حقيقي دون أن ينافسه أحد، حيث صعد- رغم إعاقة قدمه- قمم ثلاثة جبال (الألب بسويسرا ، توبقال بالمغرب، سانت كاترين بمصر) .. ليس هذا فحسب وإنما جعل من (الإعاقة) قضية حياته، حيث يحمل السمة والأمل والتحدى لذوى الاحتياجات الخاصة، وحاليا يقوم بالتحضير لإحياء اليوم العالمي لذوي الإعاقة في مصر بشكل مختلف على طريقته، ويدعو الجميع للمشاركة.. فى السطور التالية حاورناه لنقترب أكثر من تجربته.. فى البداية .. كيف استطعت أن تجعل من المعاناة تجربة ناجحة مع الحياة؟ تجربتى مع الإعاقة بدأت مبكرا فى حياتى، لكننى لم أستسلم لها، أنا ولدت في العراق لأب وأم مصريين وقت حرب الخليج، ونظرا لظروف الحرب والتنقل من مكان لآخر حتي نصل لمصر لم أتلق جرعات التطعيم بانتظام، وتلقيت جرعة تطعيم فاسدة تسببت في إصابتي بضمور كامل بالجسم، وذهبت لأخذ جلسات علاجية في تركيا حتى بدأ يتدفق الدم لجسمي ماعدا ساقي اليمني التي أصيبت بشلل الأطفال، وحينما عدت إلي مصر أصر والداي علي ممارسة حياتي بشكل عادي، فتلقيت تعليمي في المدرسة ومارست الرياضة والسباحة وتعلم الفنون والغناء. وفي المرحلة الإعدادية قمت بإجراء عملية لساقي، ولكن لم تنجح فأصبحت أعتمد علي (العكاز) حتي المرحلة الثانوية إلي أن قررت العودة للرياضة والتخلي تدريجيا عن العكاز وأدين بالفضل لأصدقائي وأسرتي في كل مراحل حياتي. وكيف بدأت معك فكرة المغامرة؟ في فترة ثورة يناير شاركت في أغلب فعاليات الثورة؛ لأني مؤمن بالتغيير وبمبادئ العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ووقتها كل فئات المجتمع أصبحت أكثر بحثا عن حقوقها وتجد من يتحدث باسمها ماعدا فئة ذوي الإعاقة التي نادرا ما يتذكرهم أحد، وأصبحت أتواصل مع كل الجمعيات التي تعمل علي ملف ذوي الإعاقة وأكثر تواصلا مع ذوي الإعاقة الذين أتوا من كل المحافظات ليشاركوا في الثورة، وخطرت لي فكرة توصيل صوتنا بشكل مختلف للمسئولين فقررت صعود هرم خوفو بمفردي، ورفعت لافتة "أين حقوق ذوي الإعاقة؟" ليسمعنا من لا يسمعنا علي الأرض ووقتها بدأت أشعر بشرارة التغيير بداخلي بعد أن لفت الحدث أنظار الإعلام والصحافة العالمية، ففكرت في توظيفه بشكل أفضل لخدمة قضية ذوي الإعاقة، وفكرت في تكرار التحدي وجهزت لرحلة صعود لثاني أعلي قمة جبل في مصر، وهي قمة جبل موسي بسانت كاترين، وشاركني في الرحلة مجموعة من الصحفيين الإيطاليين ليدعموني. ومع الوقت يتولد بداخلي طاقة تحركني نحو هدفي لأصنع شيئا مميزا يلفت الانتباه لقدرات ذوي الإعاقة اللامحدودة، وكلما زاد التحدي زاد إصراري علي النجاح وعندما أنجح تزيد سعادتي وشغفي وتطلعي للأكثر فذوي الإعاقة مثله مثل أي شخص سويٍّ لديه فكر وطموح، ولدينا أبطال من ذوي الإعاقات المختلفة يحققون ميداليات في رياضات عالمية. بعد نجاحك فى تسلق أعلى قمم الجبال فى سيناء، لماذا اتجهت لتسلق قمة جبال الألب بسويسرا؟ في إحدى مرات بحثي على الإنترنت شاهدت بالمصادفة إعلانا عن مسابقة أطلقتها إحدى شركات الاتصالات العالمية باسم "احلم"، وشاركت في المسابقة وكان حلمي أن أكون أول متحدي إعاقة (مصري) يصعد قمة جبال الألب في سويسرا، وهي أعلي قمة جبال في أوروبا، وثاني أعلي قمة جبال في العالم، وتواصلت معهم وحصلت علي أعلي نسبة تصويت في المسابقة وبدأت التحضير للرحلة وصوروا الرحلة من بدايتها في بعض الشوارع المصرية الأصيلة، ثم جولاتي بجينيف ثم سافرت وبدأت خلال 4 أيام تنفيذ خط سير الرحلة إلي قمة الألب وفق ما حددته الشركة المنظمة وقتها كانت درجة الحرارة30 تحت الصفر وبرغم أنها جبال ثلجية إلا أنها ممهدة للصعود عكس الجبال الصخرية. وماذا عن جبل توبقال الشهير بجبل الموت في بلاد المغرب؟ كنت أتحدي نفسي أولا لأصعد أعلي قمة في شمال إفريقيا وثاني أعلي قمة في إفريقيا والشرق الأوسط، وهو جبل توبقال الذى يعد أعلي قمم سلسلة جبال أطلس ويبلغ ارتفاعه 4167 ويقع علي بعد 63 كم من جنوب مدينة مراكش، وكان العامل المشجع لي في هذه المرة، أني سأصعد الجبل برفقة آخرين فكانت دعوة الرحلة منشورة علي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك من خلال جماعة "رحالة"، وتحمست للمشاركة بها وجميعهم رحبوا بي ودعموني معنويا حينما عرفوا أني متحدى إعاقة، وصعدت قمة الجبل وطبيعته الصخرية صعبة جدا وغير ممهدة للتسلق، وحدثت حوادث فقدان بين العديد من المغامرين. هل هناك مغامرات أخرى قادمة؟ أستعد لصعود قمة جبال كاليمنجارو، أعلي قمة جبل في إفريقيا ويبلغ ارتفاعه 5,895 متر. وأحضر مع فريق عمل من أصدقائي لحملة دعائية لمصر، بهدف تنشيط السياحة للتعريف بأشهر القمم الجبلية والوديان والمناطق الأثرية، وسنقوم بدعوة كل ذوي الإعاقة والأصحاء من مختلف دول العالم لزيارة مصر والاستمتاع بها. ما الشعور الذي يسيطر عليك خلال رحلة صعود كل جبل؟ الشغف يقودني للمخاطرة والتحدي والإصرار علي تحقيق هدفي، وبقرب الوصول لقمة الجبل أشعر بسعادة غامرة، ولا أنكر أن الخوف شعور طبيعي يسيطر عليَّ أحيانا، ولكن لا يمنعني من الوصول لهدفي. وما التجهيزات التي تقوم بها لضمان جاهزيتك للصعود وملائمة الجبل؟ بالتأكيد أقوم ببحث دائم علي الإنترنت حول طبيعة منطقة الجبال وأبحث عن مدى ملائمة تربة الجبل للصعود، وبناء عليه أكثف التدريبات وأبحث الحالة المناخية المناسبة لتوقيت الرحلة هذا بجانب التدريبات الرياضية المستمرة، وأحضر الملابس والسترات المناسبة لطبيعة كل جبل. وماهدفك من المغامرة وتسلق الجبال؟ هدفي إثبات أن ذوي الإعاقة لديهم طموح لا حدود له، مثلهم مثل الأصحاء، ولا تمنعهم الإعاقة من تحقيق طموحهم، ويستطيعون أن يكونوا رقم واحد في مجالات مختلفة، وأكثر مجال يثبت فيه ذوو الإعاقة أنفسهم هو الرياضة؛ لأنها تزيد من ثقتهم بأنفسهم، وبالتالي تظهر قدراتهم اللامحدودة، وهو ما نراه فيما حصدوه من ميداليات عالمية في الدورة الباراليمبية الأخيرة ، ولا يقف هدفي عند تحقيق إنجاز لنفسي فقط ، فهدفي الأكبر هو تحريك الأمل والطموح داخل كل صاحب إعاقة ليخرج أفضل ما لديه في صورة إنجاز، وكسر صورته الذهنية السلبية عن نفسه فالله- تعالي- خصه بقدرات غير اعتيادية عليه أن يبحث عنها بمفرده أو بمساعدة من حوله. وهل تري أن الدولة بتكريمها- وقت تحقيقهم إنجازا- قد أوفت بحقهم عليها ؟ التكريم حافز معنوي هائل، وأيضا تمثيلهم في مجلس الشعب بعدد 8 مقاعد أيضا يعتبر تطور عما ذي قبل، وليست هذه نهاية المطاف بل بدايته. أشعر بإحساسك بالمسئولية تجاه مجتمع ذوي الإعاقة فما الدور الذي تقوم به نحوهم؟ أسعي لتجهيز قاعدة بيانات بأعداد حقيقية لذوي الإعاقات في مصر، ولذلك أقوم بالوصول إليهم مباشرة بالزيارات في كافة المحافظات وخاصة القري والنجوع والمناطق النائية، لأعرفهم بحقوقهم وكيف يحصلون عليها فكلما زاد الجهل تعرض ذوو الإعاقة للظلم في مجتمعهم المحيط بهم، فمن خلال تواصلي معهم وجدت أن كثيرا منهم لم يعرف بديهيات حقوقهم، منها مثلا حصولهم علي كارنيه ذوي الإعاقة ليحصلوا علي حقوقهم في التعليم والسكن والوظيفة، وبعد الانتهاء من الدستور اقترحت كتابته بطريقة برايل؛ ليتمكن ذوو الإعاقة البصرية من الاطلاع عليه. أوضحت أنك حصلت علي حقك في التعليم والوظيفة بموجب حق ذوى الاحتياجات الخاصة في التعيين، فى حين يعاني الكثير منهم للحصول على وظيفة؟ لا يضيع حق وراءه مطالب، وعرفت حقي وطالبت به وأخذته، ولكني سعيت في إنهاء الإجراءات بنفسي ولم أنتظر أحدا ينهي لي الإجراءات، وهذا ما أرسخه في فكر كل منهم عند تواصلي معهم، وكثير من ذوي الإعاقة بمجرد تواصلي معهم ومع أهاليهم بدأوا خطوات في حياتهم، وبدأوا يلعبون ويحصدون بطولات رياضية ويشاركوا في مسابقات فنية ومسرحية، فالحافز والأمل والتشجيع هو كلمة السر. وكيف تسعي لإحياء اليوم العالمي لذوي الإعاقة بشكل مختلف؟ أحضر لحدث كبير هذا الشهر لإحياء اليوم العالمي لذوي الإعاقة، أدعو خلاله 50 من أصحاب الإعاقات المختلفة في رحلة تحدي لصعود جبل موسي (7 كم) سيرا علي الأقدام للوصول لقمة الجبل، وبالطبع أحضر كل وسائل الدعم والتيسير لهم والدعوة مفتوحة لكل المتطوعين الذين يرغبون في مرافقة ذوي الإعاقة، وهدفي أن يكون هذا اليوم بداية انطلاق التحدي داخلهم لأي ظروف تقهرهم أو تعيقهم عن تحقيق هدفهم . وما الرسالة التي تسعي لتوصيلها من خلال رحلات صعودك قمم الجبال؟ أسعي لتوصيل رسالة تحمل معني تحقيق السلام الداخلي والمجتمعي، وأيضا سنصل للمسجد والكنيسة بسانت كاترين لتصل رسالة السلام للعالم كله من خلال مكان له خلفية تاريخية ودينية وأثرية، وتأكيد رسالة الدمج مع المجتمع، وذلك تمهيدا لحدث قادم سندعو فيه ذوي الإعاقات من كل دول العالم لزيارة مصر لتسلق الجبال وزيارة المناطق الأثرية، بهدف تنشيط السياحة وتأكيد أن مصر بلد السلام والأمن والأمان. وماذا عن الفرقة المسرحية التي شاركت في تأسيسها؟ شاركت في تأسيس فرقة الإمام الشافعي لفنون الشارع مع مخرج صديق لي اسمه إسلام سعيد، وقمنا بعمل فرقة فنية استعراضية غنائية من أهالي المنطقة بمختلف الأعمار بهدف استرجاع فن مسرح الشارع، ودربناهم علي الفنون المختلفة لأن الفن هو الذي يحدث طفرة في المجتمع وفقا لما قاله أوبست بول- رائد فن مسرح الشارع- وقمنا بعمل نص مسرحي بعنوان "في ميدان الإمام"، وحصدنا 11 جائزة من مهرجان فنون الشارع التابع لوزارة الثقافة، وقمنا بعمل عرض آخر بعنوان "فول سوداني". هل حصلت علي تكريم من الدولة؟ بشكل مباشر لا، ولكن ما حدث معي ولمسته هو دعم رئيس الدولة، حينما توجهت للرئاسة بعدما طرقت كافة السبل الطبيعية لأحصل علي تصديق بالموافقة من الدولة للحصول علي تكريم من إحدى المؤسسات الشبابية في كوريا الجنوبية التي تعمل علي نشر السلام من أجل الشباب، وبمجرد أن توجهت بملفي للرئاسة اهتم الرئيس شخصيا بالدعم والموافقة الفورية. وماذا عن حلمك؟ أحلم بأن أري- ذات يوم- وزيرا قصير القامة، ومن ذوي الإعاقة في منصب هام. وما النصيحة التي توجهها للشباب؟ "لو لم يكن لديك حلم، اصنع لنفسك حلما.. ولم لم تكن مؤمنا بحلمك، ابحث عن حلم آخر تكن مؤمنا به لتتحفز لتحقيقه". #