احتفل الامريكيون بالأمس بذكرى مرور 125 سنة على نصب تمثال الحرية الشهير في نيويورك ، وهو التمثال الذي يزن 125 طنا ويمثل شابة تحررت من قيود الاستبداد وألقتها عند قدميها وتمسك بيمناها مشعلاً يرمز للحرية وفي يسراها كتابا نقشوا عليه تاريخ 4 يوليو 1776 للتذكير بيوم الاستقلال الأمريكي. لكن بداية هذا التمثال مختلفة عن نهايته ، وذلك لأن صاحب فكرته عرض على الخديوي إسماعيل أن يصنعه لفلاحة مصرية عملاقة ويقوم بنصبه عند قناة السويس ، لكن الخديوي لم يستطع تأمين تكاليفه فقدمته فرنسا هدية للأمريكيين ، وحسبما يؤكد المؤرخون الفرنسيون فإنهم كانوا سيصنعون تمثال الفلاحة المصرية عملاقا أيضا وبوضعية تمثال الحرية في نيويورك ، لكنه كان لسيدة سمراء تحمل الجرة بدلا من المشعل أو ما يطلق عليه المصريون اسم البلاص المعروف بأنه زاد الخير من عسل أو جبن أو زيتون منذ زمن الفراعنة ، وصاحبة التمثال هي رمز الزاد الحديث للخير في مصر الحديثة. وبدأت قصة تمثال الفلاحة حين سافر بارتولدي في 1869 إلى مصر حاملا معه نموذجا مصغرا عن التمثال بطلب من الخديوي نفسه فاقترحه عليه بديلا عن مشروع تمثال ديليسبس ليأتي كرمز لحرية الملاحة والصداقة بين الشعوب مع عبارة مصر منارة آسيا في قاعدته حين نصبه عليها عند مدخل قناة السويس وكانوا افتتحوها في 16 نوفمبر ذلك العام. لكن الخديوي فوجئ بالتكاليف وخزينة البلاد خاوية مما كان فيها ولم يبق مال لدفع ما يزيد على 600 ألف دولار كتكاليف للتمثال وقاعدته وملحقاتها بسبب ما تم دفعه لحفر القناة وحفل افتتاحها فصرف النظر عن التمثال وولى الفرنسي بارتولدي وجهه شطر الولاياتالمتحدة متساهلا مع الأمريكيين أكثر بكثير مما تساهل مع المصريين. عرض صانع التماثيل الفرنسي أن يكون تمثاله هدية تقدمها فرنسا للولايات المتحدة لمناسبة المؤية الأولى لاستقلالها مشترطا أن يكون بناء القاعدة على عاتق الأمريكيين فوافقوا سريعا ومضى تاركا للمصريين مشروع تمثال أرخص وأصغر صنعوه في فرنسا بعد 30 سنة لديليسبس ولم يكلف وقتها 50 ألف دولار مع قاعدته البالغ ارتفاعها 9 أمتار.