بعد مشوار طويل من العطاء وأدوار لا تحصى ولا تعد ورصيد كبير من الأعمال التليفزيونية والسينمائية والمسرحية، رحلت الفنانة الكبيرة " كريمة مختار " بعد أن تركت لنفسها مكانا بارزا فى قلوبنا وذاكرتنا جميعا بأدوارها التى إستطاعت أن تجعلنا نشعر فى كل واحد منهم وكأنها أم مصرية حقيقية وليست ممثلة تقدم دورا أو تؤدى شخصية مكتوبة مسبقا. وعلى حسب ما قالته لى الفنانة الكبيرة والإنسانة الرائعة فى الحوار الوحيد الذى أجريته معها ، وهو الأخير لها علي صفحات مجلة " الشباب " ، فهي بدأت مشوارها الفنى منذ أن كان عمرها 8 سنوات فى برنامج " بابا شارو " وعندما أرادت أن تحترف التمثيل وتثقل موهبتها تلك بالدراسة فى معهد الفنون المسرحية عارضت أسرتها كلها بشدة حيث كان العمل فى الفن وقتها "سُبة " لمن يعمل به ولأسرته أيضا إلا أنها صممت على موقفها وهددت بالإنتحار الى أن وافق والدها على أن تعمل فى الإذاعة فقط بشرط أن تغير إسمها ونبرة صوتها فغيرت بالفعل إسمها من عطيات البدرى الى كريمة مختار وقد إختار لها هذا الإسم الأستاذ عبد الرحيم الزرقانى وإستطاعت من خلال صوتها الذى كان مميزا جدا فى الإذاعة أن تحقق شهرة كبيرة جدا لدرجة إن زملائها والجمهور أطلقوا عليها لقب سندريللا الإذاعة وكان من أشهر أعمالها فى تلك الفترة " حسن ونعيمة " و"أدهم الشرقاوى " و" العسل المر" وكلها أعمال حققت نجاحا كبيرا جدا خاصة أن التليفزيون لم يكن قد ظهر بعد وكانت الإذاعة هى النافذة الوحيدة للناس . التليفزيون ولأن الموهبة الصادقة لايمكن أن تقضى عليها أى ظروف فقد كانت من أوائل الناس الذين عملوا فى التليفزيون رغم إستمرار معارضة أهلها وقد كان للأساتذه زكى طليمات ومحمد الطوخى فضلا كبير فى تبنى موهبتها وإقناع والدها بالإستمرار فى العمل فى الفن وبالفعل بدأت تقديم مسلسلات للتليفزيون كان أشهرها "بنت الأيام " الذى حقق نجاحا مذهلا وقتها وكذلك مسلسل " أم لأولادى " وقد إستطاعت كريمة مختار أن تصل للناس من خلال التليفزيون أكثر مما كانت فى الإذاعة ولكنها كانت قد إتخذت قرار آلا تقدم أى عمل فنى على مدى حياتها إلا إذا كان له قيمة ويعالج مشاكل المجتمع بشكل عميق وواقعى . نور العمر كان زواجها من المخرج الكبير نور الدمرداش أو نور العمر كما كانت تناديه من أهم وأجمل خطوات حياتها وحتى هذا الزواج لم يتم بسهوله فقد إلتقت به صدفة أثناء عملها فى الإذاعة وكان هو ضابطا إحتياطيا فى القوات المسلحة وفى نفس الوقت يعمل بالإخراج المسرحى وسألها إن كانت مخطوبة فأجابته بالنفى فطلب منها أن تحدد له موعدا مع والدها حتى يخطبها وقد سعدت جدا بطلبه لإنها كانت تأمل أن ترتبط بشخص يعمل فى الفن إلا أن والدها رفضه بشدة ولكنه أقنعته بحجة أنه خريج كلية تجارة وله دراسات عليا فى الإقتصاد ومن أسرة صعيدية مثل أسرتهم فوافق شرط أن يبتعد نور عن الفن نهائيا وهى أيضا لدرجة أنه قال له لو تركتها تعمل فى الفن سأضربك بالنار فى ميدان عام وقبل نور بشرطه لكن حبها للفن كان أكبر فعادت بالفعل بعد زواجها وقاطعتها أسرتها نهائيا حتى أنجبت أبنها الأول فبدأت العلاقة تعود تدريجيا . السينما جاءت أدوارها فى السينما أقل كثيرا من أدوارها فى التليفزيون ولكنها حققت بها نجاحا لابأس به ومن أوائل أفلامها فى السينما فيلم " المستحيل " الذى قدمت فيه دورا سبق أن رفضته معظم نجمات الفن وقتها وقد كان فاتحة خير عليها ومن بعده بدأت تتوالى عليها العروض السينمائية مثل الحفيد وبالوالدين إحسانا وومضى قطار العمر والليلة الموعودة ويارب ولد والرجل الذى فقد عقله كما قدمت أيضا أدوارا فى سينما الشباب فى التسعينات مثل إسماعيلية رايح جاى وكان فيلم الفرح هو أخر أعمالها فى السينما . الأم معظم أعمال كريمة مختار سواء فى السينما أو التليفزيون كانت فى دور الأم وهو دور يتطلب أداء من نوع خاص جدا فضلا عن أن من تؤدى دور الأم لابد آلا تخلو ملامحها من الطيبة والحنان حتى يشعر الجمهور قبل الممثل وكأنها أما له وقد إستطاعت كريمة مختار أن تقدم نماذج مختلفة للأم يعنى مثلا فى الليلة الموعودة قدمت شكلا مختلفا للأم عن الشكل الذى إعتاد الناس أن يرونها فيه وقد وافقت عليه تحديدا لأنه يختلف عن كل ما سبق وقدمته ولكنها لم تقدم طوال حياتها دور الأم الشريرة أو تلك التى تقصر قى حق أولادها فالأمومة عندها هى العادات والتقاليد المتوارثة بكل أثقالها ومسئولياتها وعلى حسب كلامها فإنها لم تكن تؤمن بأن النجومية تقتصر على أدوار معينة أو بطولة وإنما النجومية الحقيقية تأتى من إبداع الممثل فى الدور الذى يقدمه وقد حصلت كريمة مختار على تكريمات عديدة عن أدوارها كان أهمها تكريم " إنديرا غاندى " عام 1975 فى الهند عن دورها فى فيلم "الحفيد " . ماما نونا يعد دور " ماما نونا " الذى قدمته فى مسلسل " حمادة عزو " من أقرب أدوارها الى قلبها فقد قالت عنه إنها شعرت عندما عرض عليها هذا الدور أن الدنيا بخير وأن الفن لايتنر للفنان بعدما يكبر خاصة أنه جاء لها بعد فترة طويلة لم تكن تعرض عليها بها أى أدوار وقد إتصل به يوسف معاطى دون سابق معرفة وقال لها لو عرضت عليك دور جيد مع يحيى الفخرانى تقبلين فقالت له بالتأكيد ويكفى أننى سأمثل أمام يحيى الفخرانى الذى كان سبق وقدمت معه فيلم مبروك وبلبل . كانت كريمة مختار فى الحقيقة أم لثلاثة أبناء هم شريف ضابط شرطة ومعتز المذيع المعروف والإبنة الصغرى دكتورة فى الإقتصاد وأكدت إنها كانت فى الحقيقية تشبه ماما نونة الى حد ما ولكن دلعها لأبناءها كان له حدود وإلا ما كانوا نجحوا مثل ما حدث لحمادة عزو بالضبط وكانت تعاملهم بحزم شديد حتى بعد ما كبروا ووصلوا لمراكز إجتماعية مرموقة .