في 29 يونيو 1944 تزوج جمال عبد الناصر من تحية محمد كاظم ، وقد أنجب ابنتين هدى ومنى .. وثلاثة أبناء كان أكبرهم هو خالد و(على اسم أخي تحية المتوفي خالد) ثم عبد الحكيم (على اسم عبد الحكيم عامر صديق عمره) وعبد الحميد . واليوم توفى خالد جمال عبد الناصر عن عمر يناهز 62 عاماً بعد صراع طويل مع المرض أنقصه نحو 40 كيلو جراماً خلال شهرين فقط بعد عملية جراحية أجراها في الكبد قبل شهور فى لندن ، وقد قد دخل فى غيبوبة قبل شهر رمضان الماضى، ثم تحسنت حالته قبل أن يعود لدخول العناية المركزة منذ أسبوعين ، ورغم أن خالد واسرته خلال الثلاثين عاماً الماضية لم يتعد تأثيرهم في مصر كونهم أبناء رئيس سابق .. لكنهم جميعاً يتمتعون بشعبية طاغية خارج مصر وخاصة في سوريا ، وكذلك فى يوغوسلافيا التى ارتبط رئيسها تيتو بوالده والتى استقر بها لفترة طويلة بعد اتهامه فى قضية تنظيم ثورة مصر الشهيرة في نهاية الثمانينيات بزعامة الدبلوماسى محمود نور الدين، ووقتها غادر القاهرة بأسرته إلى لندن، ثم إلى يوغوسلافيا التى احتضنته وفاءً لذكرى والده، وحصل بعدها على حكم بالبراءة. خالد عبد الناصر متزوج من داليا فهمى شقيقة سامح فهمى وزير البترول الأسبق، ولديه ثلاثة من الأبناء وهم جمال " علي اسم والده " وتحية " علي اسم والدته " وماجدة ، وكان يعمل أستاذاً بكلية الهندسة جامعة القاهرة. وكان خالد بمثابة الأب الروحى لإخوته الأربعة بعد رحيل والدهم الزعيم الراحل عبد الناصر منذ نحو 41 عاماً ، وهو من خريجي جامعة كمبريدج البريطانية الشهيرة وحصل من هناك علي رسالة الدكتوراه فى هندسة الطرق والنقل ، وكانت آخر تصريحاته تشير إلي تفكيره في أن يلعب دورا سياسيا ، لكنه لم يحدده بعد، حيث عرض عليه الكثير من السياسيين والمقربين الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة وأنه مازال يفكر في الأمر. وعن محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك قال : أشعر بالفخر أننا كنا نموذجا طيبا لأبناء الرئيس ولابد أن تأخذ العدالة مجراها تجاه الرئيس مبارك، وكان من الطبيعي أن يحاكم الرئيس وأبناؤه بعد كل هذه التجاوزات في حق الشعب المصري. ومن الحكايات التى تروي عنه تبرعه ب"600 جنيه" لصالح المعتقلين من أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين" .. و قد أثار التبرع الذى تسلمه الصحفى "محمد عبد القدوس" دهشة قيادات الجماعة ، فيما قال المرشد العام وقتها "محمد مهدى عاكف" إن "خالد" يتمتع بصفات طيبة ، ودوره فى "العمل الوطنى" يجعل تصرفه هذا طبيعيا ، وكان "عبد القدوس" قد إلتقى "خالد عبد الناصر" .. و تساءل الدكتور خالد عن الإخوان .. "هل هم بتوع دين و بس..و لا دنيا كمان؟" أجاب محمد عبد القدوس: نحن جماعة شاملة.. و لا يمكن للمسلمين تقديم صورة جميلة للإسلام إلا بتفوقهم فى الدنيا! كان رد خالد عبد الناصر: ده كلام جميل .. فى هذه الحالة ممكن نتكلم.. أنا عايز أقرب منكم و أفهمكم مع العلم أنكم إذا حاولتم تجنيدى فلن تفلحوا ! ضحك عبد القدوس و قال: كفاية نكون أصدقاء! و بعد ذلك أخرج خالد من جيبه مبلغ "600 جنيه" و قدمها إلى محمد عبد القدوس كتبرع لسجناء الإخوان المسلمين.. ومنذ سنوات وفي حوار مطول له مع جريدة البيان الاماراتية .. قال خالد عبد الناصر: أبي علمني حب الغلابة الى حد التعصب وامي علمتني القناعة ، وفيه روي حكاية تقول " بعد وفاة الوالد, اصدر مجلس الشعب قانوناً ببقاء منزل منشية البكري, وكابينة المعمورة بالاسكندرية مدى الحياة.. ونحن من جانبنا كأبناء عبدالناصر تعاملنا مع الموضوع, على ان المنزل والكابينة للوالدة, على اساس ان كل واحد منا سوف يشق طريقه, ويكون له في النهاية مسكنه الخاص.. ومن اهم الاشياء التي اثرت فينا كأسرة واثلجت صدورنا, واحيي فيها مصر شعبا وحكومة. ان احدا لم يترك امي بعد رحيل الاب في حاجة الى شيء.. كانت امي من طراز السيدات اللاتي يعشن على القليل.. كانت راضية بالقليل. احب ما عندها بيتها.. كانت تقول دائماً على منشية البكري.. ده بيتي.. نعم هو بيت الحكومة.. لكن تعبيرها كان يحمل دلالة الارتباط بالبيت الذي عاشت فيه منذ البداية, وشاهدت فيه كل شيء.. كل شيء.. الزواج.. الامومة.. السياسة.. النضال.. رؤساء دول العالم وزوجاتهم.. كل شيء.. تاريخ بالنسبة لها مليء بالافراح والاحزان, والذكريات...اذكر ان شقيقتي (منى) كانت تلح عليها بالذهاب اليها في لندن حيث تقيم, وكانت ترفض باصرار غريب.. ومرة وحيدة نجحت في اقناعها بالذهاب معها الى اسبانيا, وبعد اربعة ايام بالضبط بكت واصرت على العودة الى مصر عامة, والبيت في منشية البكري خاصة.. كانت تقول دائماً.. الشعب كرمني ولم يتركني لأحد.. كان معاشها 500 جنيه ويصل طبقاً للقانون الذي صدر من مجلس الامة الى مخصصات رئاسة الجمهورية ليصل المبلغ الى 950 جنيها.. كان المبلغ بالنسبة لها كافيا بالاضافة الى البيت والكابينة.. رغم كل هذا.. وفجأة وبلا مقدمات خرج يوسف ادريس على صفحات الاهرام بمقالة يقول فيها ان اسرة عبدالناصر تعيش في المعمورة في 500 فدان.. ثمن المتر 2000 جنيه ولو تم بيع هذه الارض فسوف يصل سعرها الى 100 مليار جنيه.. وبالتالي يمكن سداد ديون مصر.. اخطأ يوسف ادريس اولا حين قال ان البيت مساحته 500 فدان وفي الحقيقة ان مساحته خمسة افدنة واخطأ في حساباته حين قال ان ثمنها يصل الى 100 مليار جنيه.. كانت الحسبة بالاضافة الى خطأها اقرب الى الكوميديا.. وكان الافضل او الاكرم له ان يقول.. (بلاش تصيف) هذه السيدة.. وكان من جانبها ان قالت: (يا جماعة اذا كانت الارض دي هتسدد ديون مصر.. خدوها) .. وأرسلت خطابا الى صحيفة الاهرام ردا على ذلك تعلن تنازلها عن الكابينة والارض التابعة لها.. وقالت في الخطاب: (كل ما انتظره هو اليوم الذي اقابل فيه ربي.. وادفن الى جوار جمال عبدالناصر الذي اعطى حياته كلها لمصر) .. لهذا لم اسامح يوسف ادريس.. وعادت الكابينة .. ولم تسدد ديون مصر ، ورغم ذلك لم تفقد رأيها في ان الشعب المصري الذي أحب جمال عبدالناصر لم يتركها في احتياج لأحد أبدا. وعن والده عبد الناصر قال : كان يحب الناس.. كان يقول لي: شعبنا واعي وطيب. ويستاهل نعمل له كل حاجة طيبة .. شعب قاسى من أيام الاستعمار.. يبقى لازم يطمئن على غده.. كان مؤمنا بالشعب ايمانا كاملا.. لا تصدق ان هناك حبا من طرف واحد.. هو أحب الشعب وأخلص له, فأحبه الشعب وأخلص له ، وأنا الآن لا أريد سوي الستر لي ولأبنائي ، وكل ما أملكه يهون في سبيل مصر والأمة العربية.