"تأهيل خريج الجامعة لمواجهة تحديات الحياة الأسرية".. ندوة بجامعة حلوان    انطلاق امتحانات نهاية العام بجامعة حلوان التكنولوجية الدولية    انطلاق فعاليات البرنامج التدريبي "مهارات النجاح" بجامعة حلوان    موديز تهز أسواق الذهب.. هبوط أسعار المعدن الأصفر بعد موجة صعود بالأسواق.. والتوترات الجيوسياسية والأزمات مالية أبرز الأسباب    سعر طبق البيض اليوم الثلاثاء 20 مايو    لو ناوى تضحى.. اعرف أسعار خراف العيد بسوق العامرية بالإسكندرية.. فيديو    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    رئيس الوزراء: الدولة تهتم بقطاع الصناعة وتعمل على توفير المحفزات    «الشيوخ الأميركي» يوافق على تعيين والد صهر ترامب سفيرا في باريس    تفاصيل أخر تطورات تعزيز العلاقات الاستراتيجية المصرية الأمريكية    ترتيب الدوري الإنجليزي قبل مباراة مانشستر سيتي وبورنموث    بمتابعة وزير الرياضة.. المصري يصدر بيانًا رسميًا بشأن استقالة كامل أبو علي    مباريات اليوم.. جولة جديدة لمرموش.. مواجهتان حاسمتان بكأس الرابطة.. وقمة السلة    الأهلي ضد الزمالك.. الموعد والقناة الناقلة لقمة كرة السلة    «الأرصاد»: أجواء حارة اليوم والعظمى بالقاهرة 31 درجة    فصل جديد في المنازعات القضائية بين جوري بكر وطليقها    تطورات واقعة سرقة مبالغ مالية ومشغولات ذهبية من فيلا نوال الدجوى    ضبط كميات من القمح واللحوم الفاسدة خلال حملات تموينية بأسيوط    المتحف المصري الكبير يستضيف فعاليات ملتقى التمكين بالفن    منظمة الصحة العالمية تعلن قضاء مصر على طفيليات الملاريا البشرية    لطلاب الشهادة الإعدادية.. «تعليم القاهرة» تتيح نماذج استرشادية جديدة لامتحانات البوكليت في الهندسة «Math»    إصابة 4 أشخاص فى مشاجرة بسبب الخلاف على أرض زراعية بسوهاج    حملات مكثفة لتجميل ونظافة وكنس الشوارع ورفع القمامة بنطاق غرب المنصورة    ترتيب هدافي الدوري السعودي قبل مباريات اليوم الثلاثاء    22 دولة تدعو إسرائيل إلى السماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة    ترامب يلمح إلى إخفاء إصابة بايدن بسرطان البروستاتا عن الرأي العام    غزة.. إصابة طفلين بالرصاص الحي خلال اقتحام الاحتلال بلدة الخضر    طريقة عمل كفتة الأرز، أسرع وأوفر بروتين حيواني لأسرتك    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    رحيل "أم إبراهيم"... الدراما السورية تودّع فدوى محسن عن 84 عامًا    ياسمين صبري تكشف كواليس تعاونها مع كريم عبدالعزيز ب«المشروع X»    «أبتاون 6 أكتوبر»: استثماراتنا تتجاوز 14 مليار جنيه وخطة لطرح 1200 وحدة سكنية    جماعة الحوثي: فرض "حظر بحري" على ميناء حيفا الإسرائيلي    «أكبر خطيئة وتستلزم الاستغفار».. سعد الهلالي عن وصف القرآن ب الدستور    شديدة العدوى.. البرازيل تُحقق في 6 بؤر تفش محتملة لإنفلونزا الطيور    فوائد البردقوش لصحة الطفل وتقوية المناعة والجهاز الهضمي    وزارة العمل تعلن توافر 5242 فُرص عمل في 8 محافظات    ماذا تفعل المرأة في حال حدوث عذر شرعي أثناء أداء مناسك الحج؟    منذ فجر الاثنين.. 126 شهيدا حصيلة القصف الإسرائيلي على غزة    5 أيام متواصلة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    مدرب وادي دجلة السابق: الأهلي الأفضل في إفريقيا وشرف لي تدريب الزمالك    "تيك توكر" شهيرة تتهم صانع محتوى بالاعتداء عليها فى الطالبية    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    مهرجان كان يعدل جدول أعماله بسبب دينزل واشنطن ويفاجئه بجائزة "السعفة الذهبية الفخرية" (فيديو)    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    فضل حج بيت الله الحرام وما هو الحج المبرور؟.. الأزهر للفتوى يوضح    تكريم طالبين بجامعة عين شمس لحصولهما على جائزة بمسابقة عمرانية    حبس شاب متهم بالشروع في قتل آخر بالعياط    أحمد دياب: إيقاف النشاط أمر غير وارد    عاجل| عرض خليجي خرافي لضم إمام عاشور.. وهكذا رد الأهلي    محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل ويشدد على سرعة الإنجاز (صور)    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    ما مصير إعلان اتصالات بعد شكوى الزمالك؟.. رئيس المجلس الأعلى للإعلام يوضح    سامي شاهين أمينا للحماية الاجتماعية بالجبهة الوطنية - (تفاصيل)    عليك إعادة تقييم أسلوبك.. برج الجدي اليوم 20 مايو    تامر أمين ينتقد وزير الثقافة لإغلاق 120 وحدة ثقافية: «ده إحنا في عرض مكتبة متر وكتاب»    أستاذ علاقات دولية: الاتفاق بين الهند وباكستان محفوف بالمخاطر    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"العطر".. عندما يبدع الصُم على خشبة المسرح
نشر في بوابة الشباب يوم 01 - 08 - 2016


كتب: محمد وليد بركات - نور الدين عادل - هيثم ناصر
تصوير -نور الدين عادل
عرض مسرحي يقدمه الصم وضعاف السمع مع المتكلمين لعرض مشاكلهم بشكل كوميدي.
على خشبة مسرح الطليعة بالعتبة، قدم فريق مسرحي مختلط من المتكلمين والصُم، عرضا بديعا حول مشكلات الصم وضعاف السمع - تعد كلمة "بُكم" كلمة مسيئة - بما في ذلك التعليم والعمل والتواصل مع الآخرين وحتى الحب والارتباط، وتنوعت مشاهد المسرحية ما بين التراجيدية والكوميدية، ونجحت في انتزاع قهقهة الجمهور عدة مرات وكذلك إسالة دموعهم، واشتملت أيضا على عدة رقصات استعراضية على نغمات أغنيات عربية وأمريكية وحتى هندية أداها "الصُم" بتفاعل وانسجام رائعين مع الموسيقى!
في البداية يزال ستار المسرح وسط تصفيق حار من قبل الحضور، وتبدأ المسرحية بعرض استعراضٍ راقٍ علي أغنية "تحيا مصر" لأحمد جمال يؤديها الممثلون بلغة الإشارة، ثم يتم عرض فيلم تسجيلي قصير يجمع ما بين لغة الإشارة وترجمتها مكتوبة على الشاشة، عن أبرز المشاكل التي تواجه الصُم وضعاف السمع، ثم تتابع مشاهد المسرحية والتي تدور فكرتها بشكل عام حول فريقين مسرحيين أحدهما من الصُم والآخر من المتكلمين يتعاونان لتقديم عمل مسرحي يعبر عن الصُم وينطبق بلسانهم.
من بين الحضور جلس تزين وجهه ابتسامة جميلة رجل أربعيني، فاقد السمع والبصر والنطق!
الرجل لا يتصل بمن حوله إلا باللمس فلا الكلام يُجدي ولا لغة الإشارة، نسخة مصرية من "هيلين كيلر"، المفاجأة أنه حضر المسرحية أكثر من مرة، وصعد على خشبة المسرح معربا عن إعجابه بالعرض وسعادته به عبر مترجمة اللمس المرافقة له.
وتقول قمر عادل مترجمة الإشارة والمسئول الإدارية لفريق الصم وضعاف السمع، أن العرض يعتمد علي إظهار أبرز المشاكل التي يتعرض لها الشخص "الأصم" في حياته اليومية، ومنها عدم الاهتمام بلغة الإشارة، وعدم وجود مترجمين إشارة بالمصالح الحكومية الهامة والمستشفيات والجامعات وغيرها مما أدى إلى تضاؤل نسبة مساهمة الصم في فاعليات الدولة المختلفة، كذلك صعوبة التواصل المترتب عليها صعوبة التعليم، وعدم وجود قناة تليفزيونية مترجمة بالإشارة أو جريدة خاصة بهم.
وأضافت قمر أن سبب تسمية العرض بهذا الاسم يرجع إلى جماله فهو كزجاجة العطر التي تفوح فتمتع من حولها، مشيرة إلى أنه العرض المسرحي الأول في مصر والعالم العربي الذي يضم صُما ومتكلمين معا، مشيدة بقدرة المخرج محمد علام على خلق الانسجام بين الفريقين.
واختتمت مترجمة الإشارة حديثها قائلة: "فريق الصم يمتلك مواهب فنية تمثيلية متميزة لم تكتشف حتى البروفات والعرض الأول حيث خرجت للنور، ونالت استحسان الجميع، ونجحت في نشر رسالتها من خشبة المسرح".
أما مادونا جمال إحدى بطلات العرض من ضعاف السمع قالت أنها شاركت في البروفات لمدة شهرين، وذللك بعدما رشحتها قمر مترجمة الإشارة للعمل وشجعتها، ثم بدأ العرض وحقق نجاحا كبيرا جعلها تحب التمثيل وتفرح بشدة هذا النجاح رغم كل متاعب البروفات التس ذللها تعاون وحب مخرج العرض والممثلين المتكلمين، مشيرة إلى أن المسرحية هي مشاركتها الفنية الأولى. كما أوضحت أن بطل العرض الممثل سيف ذو 26 سنة خريج معهد الألسن شارك فقط في عرض "أنا مش سامع"، أما خلاف ذلك فأغلب الممثلين الصم من المبتدئين والهواة وأعمارهم من 21 سنة حتى 36 سنة.
"من أعظم المسرحيات في تاريخ المسرح".. هكذا وصفتها كارولين عزمي إحدى الممثلات في العرض، مضيفة أنها تتأثر بشدة كلما شاهدت هذه المسرحية لأنها تشعر إلى أي درجة لم تكن مدركة لمتاعب وآلام هذه الفئة.
وتضيف كارولين - الطالبة في الفرقة الأولى في معهد الفنون المسرحية- والتي تعتبر المسرحية "فاتحة خير" بالنسبة لها، وتقول "بدأت في بروفات هذه المسرحية، وبذلت جهدا جبارا لتعلم لغة الإشارة، بعدها سافرت خارج مصر للمشاركة في عمل تليفزيوني جار تصويره، فاضطررت إلى ترك "العطر"، وحزنت لذلك حزنا شديدا، فعرض عليّ محمد علام المخرج المشاركة في تصوير أحد الفيديوهات التي تذاع مسجلة ضمن العرض، وبالفعل عندما عرض عليّ ذلك نزلت من بيتي في الحال وقمنا بالتصوير، كنت حريصة على ألا أترك هذا العرض أبدا".
واشتركت كارولين في عدد من الأعمال المسرحية على "مسرح النهار"، منها الحب في قلب هضبة الهرم، وواحد امبليه، وبوجي وضمضم، واشترك معها عدد من أعضاء الفريق كالممثلين نورا القاضي ومحمد الغريب وهاني السراج، ومحمد الحناوي مساعد المخرج، كما أن كارولين تفكر حاليا في عدة عروض سينما وتليفزيون.
وتختتم كلامها قائلة: "موهبة الصم في قمة الروعة، وكان لنا الشرف الاشتراك معهم في المسرحية، "اللي عليت بيهم"، وأقول لهم أنتم نعمة من الله بيننا، وأتمنى أن تنجحوا في نقل صوتكم إلى العالم كله، وتأسيس نقابة لكم، وإطلاق قنوات متخصصة، بما يعيد إليكم حقوقكم كاملة، أتمنى لكم السعادة والنجاح كما أمتعتونا، وأن تكون هذه المسرحية فاتحة خير لكم".
ومن جانبه قال الإعلامي الدكتور محمد سعيد محفوظ: مسرحية العطر بطولة أحبائي الصم وضعاف السمع، ليست مجرد عرض مسرحي، بل فرصة هائلة للتأمل والوقوف مع النفس، ونافذة مفتوحة على عالم من البهجة والدهشة، كل كلمة وموقف على خشبة المسرح يلمس القلب.. النص يمتلئ بالرقي، والأداء يمتلئ بالصدق، والإخراج يمتلئ بالإبهار، التماهي التام بين الصُمّ والمتكلمين في العرض هو حلم جميل يتحقق، بأعلى درجات السلاسة والإتقان.
وتابع محفوظ: أدعوكم لمشاهدة هذا العرض المعجزة، كما أدعو زملائي الإعلاميين لتغطيته، وأدعو الدولة أن تنتبه لوجود مثل هذا العرض على أحد مسارحها، والتحرك فورا لتنفيذ مطالب الصم التي عبروا عنها فيه بلمسة إبداعية، اختلط فيها الإبداع وخفة الظل بالحزن والمرارة!
واختتم "محفوظ" كلامه قائلا: أشكر أحبائي الصم على دعوتي للوقوف إلى جانبهم على خشبة المسرح بعد انتهاء العرض، والاستماع إلى كلمتي المتواضعة التي غالبت فيها دموعي بصعوبة. مؤكدا على دعمه للصم وضعاف السمع دعماً كبيراً في مختلف أنشطتهم.
أما محمد علام مؤلف ومخرج المسرحية فقال أنها تخاطب المجتمع معبرة عن الصم وضعاف السمع، معربا عن أسفه لتهميش هذه الفئة رغم أن عددها يصل إلى 5 ملايين نسمة.
وتابع علام: "هذه أول تجربة لي في إخراج عمل مسرحي يضم الصم وضعاف السمع، وفي الواقع لم أجد صعوبة في التواصل مع مجموعة الصم خصوصاً أنهم ملتزمون ومحبون للفن والتمثيل ويبذلون أقصى ما بوسعهم لإخراج أجمل ما لديهم، وعندما نبدأ البروفة يتقمص كل منهم دوره جيدا، ولا يركز في شيء سوى السيناريو والأداء على خشبة المسرح.
وأضاف مخرج مسرحية العطر، أن المسرحية تعرض يوميا في تمام التاسعة والنصف مساءً، في قاعة "زكي طليمات" بمسرح الطليعة، وهي بطولة 8 من شباب الصم وضعاف السمع، و 6 من الممثلين المحترفين،
والجدير بالذكر أن ثمن التذكرة عشرون جنيها، وأن المسرحية سيتم عرضها في الإسكندرية خلال الأيام القليلة القادمة.
اشترك في المسرحية إسلام أشرف للإعداد الموسيقي، ونورا نور في الغناء، وعمر هشام في ترجمة الإشارة.
وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد الصُم وضعاف السمع في مصر يصل إلى خمسة ملايين نسمة، وهم محرومون من الالتحاق بالجامعات الحكومية، ويواجهون صعوبات جمّة في التعايش والعمل وقضاء مصالحهم في المؤسسات الحكومية وغيرها، هؤلاء الملايين وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة بفئاتهم المختلفة، ثروة بشرية يمكن أن تتحول إلى طاقة أمل وعمل، بل ويجب أن تكون كذلك.. الدستور المصري يجرم التمييز - لأي سبب- ضد أي جماعة من البشر تعيش على أرض الوطن، ويضمن حقوق المواطنة كاملة للجميع، ولذلك علينا - الدولة والمجتمع - أن نسارع بتوظيف تلك الطاقات الكامنة والمواهب المدفونة، وكلي يقين أنها ستقدم لنا الكثير من المفاجآت السارة.
هؤلاء ليسوا 5 مليون معاق.. هؤلاء 5 مليون بني آدم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.