قرار جريء ومفاجيء في نفس الوقت اتخذه المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات القاهرة التي يمثل أمامها الرئيس السابق حسني مبارك وأفراد نظامه لمحاكمتهم في قضية قتل الثوار وقضايا أخرى، وذلك باستدعاء المشير محمد حسين طنطاوي والفريق سامي عنان رئيس الأركان واللواء عمر سليمان مدير المخابرات العامة السابق ، واللواء منصور العيسوي وزير الداخلية الحالي، واللواء محمود وجدي وزير الداخلية السابق . ولكن تبقى هناك أسئلة تحتاج إلى إجابة وتحليل.. ما معنى استدعاء هؤلاء المسئولين للشهادة؟، وهل هذا مؤشر على أن القضية في طريقها للحكم؟، ماذا لو تخلف أحد هؤلاء الشهود؟ فى البداية وعن تفاصيل وكواليس استدعاء المشير طنطاوي للشهادة .. أكد اللواء عبد المنعم كاطو ، الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكري، أن قرار استدعاء المشير طنطاوي والفريق سامي عنان للمثول أمام المحكمة للإدلاء بالشهادة هو قرار المحكمة، وليس به تدخل من أحد، ولم يكن هناك تنسيق مسبق بين المجلس العسكري والمحكمة بخصوص ذلك، لأن هذا معناه توجيه القضية نحو اتجاه معين، وهذا بعيدا تماما عن القضاء المصري الذي نثق في نزاهته، فالقرار هو قرار المحكمة، والجميع يثق في عدالة المحكمة التي ستعطي كل ذي حق حقه. وأضاف اللواء كاطو، أن شهادة المشير والفريق سامي عنان قد تتم بواحدة من 3 صور، الصورة الأولى، هي مثول المشير أمام المحكمة مباشرة، وهذه يحددها رغبة المشير طنطاوي نفسه في الحضور من عدمه، أما الصورة الثانية، فهي أن تتقدم المحكمة بالأسئلة والتوضيحات التي تريدها مكتوبة، ويتم الرد عليها كتابة أيضا، أما الصورة الثالثة، فهي أن تخاطب المحكمة النيابة العسكرية باستكمال التحقيق والاستماع لشهادة المشير. ويقول الكاتب الصحفي الدكتور عبد الحليم قنديل إن المحكمة تتجه إلى اتخاذ طابع جدي يليق بمحاكمة أول حاكم عربي أمام محكمة وطنية، خاصة أن هناك كثيرين شككوا في مجريات المحاكمة خلال الأيام الماضية بعد انقلاب شهود الإثبات إلى شهود نفي، وما هو ما أفضى إلى نوع من شهادة الزور، فنحن سننتقل من اسبوع الزور إلى أسبوع الحسم . وأضاف قنديل، لا يمكن التفكير في أن قرار مثول هذه الشخصيات وتحديدا المشير طنطاوي للشهادة أمام المحكمة جاء وليد اللحظة، ودون سابق استشارة، أي أن المشير طنطاوي أبدى استعداده مسبقا للمثول أمام المحكمة للإدلاء بشهادته، وأكد قنديل أن يوم 11 سبتمبر الذي سيشهد فيه المشير طنطاوي يوافق مرور 8 اشهر على تنحي الرئيس السابق مبارك الذي ترك الحكم في 11 فبراير الماضي، وذلك عندما قرر المشير طنطاوي التخلي عن مبارك لمصلحة الشعب، وكانت هذه ضربة سياسية، أما شهادته يوم 11 سبتمبر فستكون ضربة قضائية للرئيس السابق. وأضاف قنديل أن سير الجلسات بهذه السرعة، وما يحدث ما هو إلا مؤشر واضح وحرص من المستشار أحمد رفعت على إنهاء المحاكمة سريعا، خاصة أنه كان هناك من يتوقع أن المحاكمة ستستمر أكثر من 3 سنوات، ولكن أتوقع أن يصدر الحكم قريبا جدا بعد الاستماع لشهادة الكبار، فالمستشار رفعت يبدو أنه قرر اختصار الطريق ولن يستمع لبقية الشهود والذين يقترب عددهم من 1600 شاهد، وأكد أن القضية جاءت مهلهلة من النيابة، وأن انقلابات شهود الإثبات مثيرة للاهتمام وتدعو للتساؤل، ولكن شهادة الكبار سترد الأمور لنصابها السليم، لأننا أمام قضية سلطة وليست قضية أفراد، مشيرا أنه لن يتخلف أحد من الأسماء السابقة عن الشهادة. أما اللواء حسام سويلم الخبير العسكري، فأكد أن استدعاء هذه الشخصيات جاء بناء على طلبات المحامين المدعين بالحق المدني، والمحكمة استجابت لطلباتهم، برغم أن المشير طنطاوي يرأس الدولة حاليا، ولكنه سيمثل للشهادة وهذه قمة الديمقراطية، فهؤلاء قبلوا المثول أمام المحكمة رغم مناصبهم، وهذه هي قمة العدالة، وحتى لا يقول البعض أن المحاكمة ما هي إلا "تمثيلية"، وأكد اللواء سويلم أن المشير طنطاوي سيرد على كل الأسئلة في شهادته، وأنه لبى طلب المتظاهرين الذين طالبوا بشهادته، ولكنه في نفس الوقت وجه لهم سؤالاً قائلا : ماذا تريدون بعد مثول المشير طنطاوي أمام المحكمة؟ وأكد اللواء سويلم أنه لا يهمه ما يحدث في الشارع من تظاهرات واعتصامات، ولكن كل ما يهمه أن المشير طنطاوي سيمثل أمام المحكمة ليوضح الحقيقة كاملة، وفي نفس الوقت أكد سويلم أنه لا يهم الطريقة التي سيمثل بها المشير وهل تتم مخاطبة النيابة العسكرية أمام لا ، لأن كل هذه مجرد شكليات، المهم أنه سيقول الحقيقة . أما المحامي خالد أبوبكر، فأكد أن قرار استدعاء المشير طنطاوي والفريق سامي عنان واللواء منصور العيسوي معناه أن مصر أصبحت دولة قانون، مشيرا إلى أن القضية سيتم الحكم فيها في أسرع وقت ممكن وبشكل موضوعي سيرضي الجميع، كما أكد على أن أيا من هذه الأسماء لن يتخلف عن الإدلاء بشهادته. أقرأ أيضاً : المحكمة تستمع لشهادة المشير طنطاوي الأحد 11 سبتمبر