تصوير . محمود شعبان للكاتب الكبير مكرم محمد أحمد رؤية ووجهة نظر فى كل ما يحدث حولنا، وبالرغم من أن رؤيته تلك دائما ما تصيب إلا أنه أبدا لايحاول أن يعبر عنها بالصخب أو الصوت العالى ، إنما يكتفى بأن يكتب ما يراه بهدوئه الشديد لكونه يؤمن أن الحقيقة للصحفى تنتهى عند كتابة وجهة نظره وإنارة الطريق أمام الشعب والنظام الذى قد يأخذ بوجهة النظر تلك أو لايهتم بها ، ومن ثم فقد ذهبنا إليه بعدد من الأسئلة التى تشغل الرأى العام فى الفترة الأخيرة لعلنا نجد عنده الإجابة عليها. • مبارك كان رجلا وطنيا وليس صحيحا ما أشيع عنه من كونه كان عميلا لأمريكا * الإعلام فقد مصداقيته وبرامج التوك شو قلبتها درابوكه • الثقة التى بين الشعب والسيسى الآن لم يصل إليها الرئيس عبد الناصر نفسه • الدولة ستنتصر على الإرهاب كما هزمته من قبل بالرغم من عناصر التشويش المخيفة الموجودة الآن • لو لم تضع الداخلية احترام حقوق الإنسان على أولولية تعاملاتها ستضيع كل جهودها سدى كيف تقرأ واقع ما نمر به الآن ؟ أعتقد أن أى شخص لديه رؤية ويعرف كيف يقرأ الواقع الذى تمر به مصر الآن يستطيع بسهولة أن يعرف مصر بدأت تسير على الطريق الصحيح . وما هو الطريق الصحيح هذا من وجهة نظرك ؟ أتصور أن الطريق الصحيح بالنسبة لأى دولة فى العالم أن يكون مجتمعها وشعبها مجتمعا منتجا وهذا ما استطعنا أن نصل إليه الآن، فنحن بالفعل تحولنا الى مجتمع منتج بمعنى أن كل القدرات المعطلة بدأ يعاد تشغيلها كما بدأنا أيضا فى إعادة استثمار كل ما نملك من طاقات من جديد ،هذا فضلا عن أن المواقع التى فقدتها مصر على المستوى العربى والإقليمى استطاعت أن تستعيدها مرة أخرى ، مما خلق لها قدرا كبيرا من المكانة الدولية، يضاف إلى هذ أننا فى العشر سنوات الأخيرة عانينا من مشكلة فى منتهى الخطورة و التى تعد من الأسباب الرئيسية لاشتعال ثورة 25 يناير، وهى احتجاز كل مصادرالثروة فى مصر ونتائج التنمية التى وصلت إلى أكثر من سبعة فى المائة وهو رقم هايل ومتميز فى الطبقات الغنية فقط التى يمثلها عدد محدود جدا من رجال الأعمال والمستثمرين ، مما جعل تلك الطبقات تزداد غنى و الطبقات الفقيرة تزداد فقرا، وبالتالى فإن معدل التنمية هذا لم ينجز أثارا حقيقية على معظم فئات الشعب المصرى وهذا ما يحاول النظام الآن أن يتجنبه تماما مما يؤدى إلى حدوث تغيير حقيقى وملموس . عدم الإنصات إلى نداء التغيير كان من أخطر عيوب نظام الرئيس السابق مبارك! مما لاشك فيه فنحن طالما كتبنا أيام نظام مبارك خاصة فى السنوات الأخيرة أن التغيير أصبح ضرورة لامفر منها ، ولكنه للأسف لم يصغ السمع الى هذا بل ولم يكن يهتم بمجمل الأوضاع الداخلية ، وترك أمور الداخل فى جزء منه إلى ابنه الذى كان يتولى أو بمعنى أصح يرأس المجموعة الاقتصادية ، والجزء الآخر إلى الهانم وهو كل ما يتعلق بالصحة والثقافة ، ومن ثم فإن سلطات الدولة الواحدة توزعت على ثلاث ولاءات وهم الولاء للرئيس وللرئيسة وللابن ، وطبيعى جدا أن كل هذا أدى إلى إضعاف الدولة بالإضافة، إلى أن مبارك نفسه كانت استجابته بطيئة جدا نظرا لكبر عمره فضلا عن أن مهام دولة كبيرة مثل مصر تعانى من مشاكل ضخمة ومتراكمة وكثيرة مع وجود عجز فى الموارد المالية كان يحتاج الى قيادة مختلفة غير مبارك . أليس غريبا أن يكون هذا هو رأيك وأنت الذى سبق وكتبت فى عدة مقالات أن مبارك كان رجلا وطنيا ولم يكن عميلا لأمريكا كما أتهمه البعض بعد ثورة يناير ؟ ومازلت أقول هذا الكلام فمما لاشك فيه أن السنوات العشر الأولى من حكم مبارك كانت سنوات جيدة أنجز فيها الكثير من الإصلاح الإقتصادى، كما أنه عالج مشكلة البنية الأساسية التى كانت تفاقمت كما أنه فتح الباب الى عودة مصر إلى مكانتها الهامة على مستوى العالم لأن سياساته الخارجية كانت متوازنة فليس صحيحا على وجه الإطلاق ما يشاع على أن مبارك كان عميلا لأمريكا ، وإنما العكس هو الصحيح فمبارك وتحديدا فى السنوات الأخيرة كان فى خصام دائم مع الولاياتالمتحدة ولم يكن يطيق الإسرائيليين، وأنا كنت معه فى رحلته الأخيرة الى هناك عندما استقبلنا جورج بوش الابن فى بيته وأهين الوفد المرافق للرئيس إهانة بالغة حيث تم تفتيشنا وخلعنا الأحذية ووصل الأمر الى صعود الكلاب الى الأتوبيس الذى ينقلنا لتفتيشه ، وطبعا تلك لم تكن ترتيبات أمن ولكنها كانت رسائل بأن مبارك لم يعد موضع ثقتنا ثم كانت الطامة الكبرى عندما فوجىء مبارك فى اجتماعه مع جورج بوش الابن بأن الأمريكان سلموا ما يسمونه خطاب الضمانات الأساسية إلى شارون رئيس وزراء إسرائيل وقتها دون أن يبلغوه مما إستشاطه غضبا وكان يبحث عن أى شىء يرد به الإهانة لولا تدخل عمرو موسى الذى رتب له لقاء فى جامعة جيمس بيكر الذى ذهب إليه وأعلن أن ما قيل حول خطابات الضمانات الأساسية وأنه لم يكن يعرف شيئا عنها ولا يعنيه على الإطلاق وأظهر الكثير من غضبه على الإدارة الأمريكية ، ومن هنا أستطيع أن أقول بضمير مطمئن أن مبارك كان رجلا وطنيا وأبدا لم يكن خائنا وحاول قدر الإمكان أن ينجز أشياء كثيرة ولكن عيبه الوحيد والخطير أنه صم أذنيه تماما خلال السنوات الخمس الأخيرة عن إدراك المتغيرات خاصة تلك المتغيرات التى تتعلق بمشاكل الشباب وإرتفاع نسبة البطالة وغياب العدالة الإجتماعية والكرامة . ولكن الوضع لم يتغير كثيرا فمازالت مشاكل الشباب والبطالة وغياب العدالة الإجتماعية كما هى حتى بعد قيام ثورتين .. فبماذا تفسر هذا ؟ لا الحقيقة أن الوضع تغير كثيرا عما كان عليه أيام مبارك وهو تغيير للأفضل فأصبح هناك جدية فى العمل من قبل الرئيس والشعب معا، وأصبح لدينا سلسلة من المشروعات الضخمة فمثلا مشروع قناة السويس لاغبار عليه بالمرة سوى أننا تأخرنا فى استثمار محور القناة ، هذا بالإضافة الى المشروعات الزراعية وحل أزمة الكهرباء والتى لم تحدث سوى بالجرأة على دخول مشروع الضبعة النووية ، فبالرغم من أنه كان مطلبا أساسيا وحيويا منذ الثمانينات وكان موجودا على القائمة من أيام الرئيس السادات إلا أن مبارك تقاعس عن دخول هذا المشروع خوفا مما حدث فى مفاعل تشرنوبل وربما كان الحق معه لأن معدلات الأمان فى المفاعلات بتلك الفترة لم تكن تطورت بالشكل الكافى عكس الحال الآن حيث وصلت نسب الأمان فيها الى مائة بالمائة ، ومن ثم فدخول السيسى لهذا المشروع أمر بالغ الأهمية لأنه لولا تلك المحطة خاصة فى ظل الارتفاع المتزايد لأسعار البترول كان وضعنا سوف يسير من سيء لأسوأ، والأهم من كل هذا أنه هناك قدر من الثقة ما بين السيسى والشعب والدليل على ذلك عندما طلب من الشعب مساعدته فى حفر قناة السويس تدفقت عليه المليارات بما يكفى ويفيض فى خمسة أيام فهذا الأمر لم يحدث ولا في عهد عبد الناصر نفسه نضيف إلى ذلك إدراكه أن لديه مشكلة مع الشباب وإلحاحه على ضرورة حل تلك المشكلة إلى الحد الذى وصل إلى طلبه من شباب الألتراس تشكيل لجنة للتحاور معه للوصول الى حل للخروج من أزمة الثأر وغيرها مما يؤكد حرصه على التواصل الدائم مع الشباب كل هذا فى ظل سعيه أيضا لعلاقات متوازنة مع الصين وروسيا ومع ذلك فمازالت هناك بيروقراطية ثقيلة تكبس على أنفاس المصريين . هل ترى أن المواطن البسيط يلمس هذه المتغيرات ؟ بالتأكيد المواطن استطاع أن يلمس ويشعر بكل تلك المتغيرات وعلينا ألا ننسى أن كل هذا يحدث فى ظل حملة شديدة تحت السطح وفوق السطح من جماعة الإخوان المسلمين الذى تجاوز عددها مليون و250 ألفا ومن ثم فهى مازالت موجودة بشكل لايستهان به وبعضها يشكل طابورا خامسا يبث الشائعات والقلق هذا بخلاف الإرهاب الذى أستوحش فى القتل والدم وعداء الأقباط والقضاء على السياحة بصفتها واحدة من أهم مصادر الدخل القومى . تعتقد أن الدولة تسير على الطريق الصحيح فى التعامل مع الإرهاب؟ أولا دعينا نؤكد على أن السيسى بيواجه إرهابا مخيفا ما بين سيناء وليبيا فنحن نكاد نكون محاصرين ما بين فكى كماشة ، فضلا عن الجماعة التى تخرب فى الداخل ما بين إلقاء عبوات ناسفة فى القطارات وأبراج الكهرباء ، وبالرغم من هذا كله فإنه استطاع أن يحقق لمصر قدرا معقولا من الاستقرار يجعلنا نطمئن بالفعل إلى قدراتها على هزيمة الإرهاب كما هزمته فى السابق، ومن هنا نستطيع أن نرى أن مجمل الصورة متغير ولابد أن نضع فى حسابنا عناصر التشويش الكثيرة الموجودة الآن و التى لم تكن موجودة أيام مبارك ورغم هذا كله فقد استطاعت الدولة أن تضرب الإرهاب فى مقتل بدليل انخفاض عدد الإرهابيين فى سيناء وتباعد العمليات الإرهابية مما يؤكد انتصار الدولة وهذا بشهادتهم هم وتصريحاتهم فى الخارج التى يقولون فيها :إن التواجد الشرطى أصبح أقوى وأكثر سيطرة فالسيسى استطاع أن يحقق تقدما كبيرا فى ملف سيناء تحديداوهذا بشهادة إسرائيل وأمريكا و المجتمع الدولى ككل ولكن يبقى الخطر الأكبر هو الذى يأتينا من ليبيا التى تحولت اليوم إلى قاعدة جديدة فلك أن تتخيلى أن عدد مقاتلى داعش اليوم وصل الى 600 ألف مقاتل يستوطنون فى سرت ودرنة التى تبتعد 75 كيلو مترا عن الحدود المصرية وهى التى تنطلق منها كل العمليات الى مصر . وبماذا تفسرإدعاء البعض بانخفاض شعبية الرئيس السيسى بالرغم من كل هذا ؟ لأن هناك من يعملون ضده طوال الوقت فمازال هناك شباب يعتقدون فى الفوضى الخلاقة وضرورة هدم الدولة وبنائها من جديد وطبعا فلول الإخوان فكل هذا أثر بالتأكيد على جزء من شعبية الرجل لكن الأغلبية العظمى من الشعب المصرى لاتزال معه بقوة . لو توفر لك فرصة إجراء حوار مع الرئيس السيسى فما هى أهم الأسئلة التى ستوجهها له ؟ بصفتى أعمل فى تلك المهنة منذ أكثر من خمسين عاما فأعتقد أن لى قرون استشعار قوية تجعلنى أدرك ما هى مشاكل وآلام الرأى العام وبالتالى فإن أول ما سأناقشه فيه هو ما هى رؤيته للمستقبل وما هى حدود القدرة المصرية فى تحدياتها حتى لاتتكرر تجربتنا مع عبد الناصر وأيضا سأسأله وهو رجل يعتنق الانفتاح الإقتصادى عن القواعد التى لابد أن يضعها حتى يحافظ على العدالة الاجتماعية وحفاظا على أمن المجتمع وماذا عن أدواته فى إمكانية تغيير البيروقراطية المصرية التى وضح بالفعل إنهاء قادرة على تفريغ أى ثورة من محتوياتها فالأسئلة كثيرة لأن مصر مليئة بالمشاكل والتمنيات . وماذا عن التعليم الذى لايمكن لأى دولة قوية أن تقوم بدونه ؟ أستطيع أن أقول لك إننا وضعنا على الطريق الصحيح فيما يتعلق بالاقتصاد وعلاقاتنا وسياساتنا الخارجية وكذلك تنويع مصادر الأسلحة وتقوية الجيش ومحاربة الإرهاب وهزيمته ولكننا للأسف مازلنا أبعد ما يكون عن الطريق الصحيح فيما يتعلق بالتعليم بالرغم من أن أوضاعنا تملى علينا جميعا أن نهتم بالعلم والعلميين وخصوصا الفنيين والذى فى ضعفهم يصعب أن نقول أن لدينا تعليما متوسطا وليس جيدا فنحن مازال عندنا برامج الأطفال لابد أن تنسف من أساسها لأنها تنشئ أطفالا لايدركون طبيعة الأشياء من حولهم ولا تعلم الطفل كيف يسأل ويفهم ويندهش ويبحث ويفكر تفكيرا علميا من ثم فنحن لسنا على الطريق الصحيح فى التعليم . هل من مصلحة الحاكم أن يبقى الشعب جاهلا ؟ هذا ينطبق على الحاكم غير المستنير والمستبد ولكن مثل هذا الحاكم ينقرض من العالم اليوم فالحكومات الآن لم تعد تحاسب على توفير الاحتياجات الأساسية للشعب وإنما على جودة الحياة فهناك دول ترى أن الحكومة مسئولة عن توفير السعادة للشعب ونحن حتى نصل الى هذا المستوى علينا بالتعليم الجيد والتدريب الراقى وتطبيق القانون فى الثواب والعقاب على الجميع حتى نقطع دابر التسيب والإهمال ونسد ثقوب الفساد والعدل لابد أن يقوم وتلك هى الأمور التى لابد أن تتحقق حتى نقول إن مصر مائة فى المائة على الطريق الصحيح . بما أنك تطرقت للعدل فما تعليقك على أداء تلك الوزارة وما يشوبها من إخفاقات كثيرة خاصة فى التهاون فى تنفيذ أحكام الإعدام على قيادات الإخوان ومن ثبت عليهم القتل مسجلا بالصوت والصورة ؟ من الضرورى جدا أن نحصن الأحكام المتعلقة بالإعدام بدرجات كثيرة من التقاضى لأن إعدام نفس بريئة ليس بالسهل وفيما يتعلق بالتسجيلات التى تتحدثين عنها وإن كنت تقصدين أحكام كرداسة تحديدا فالأمرلا يمنع من حدوث اختراقات من جهة ما فالحقيقة أن العبء الواقع على القضاء المصرى عبء ضخم للغاية فضلا عن قلة عدد القضاة ومع ذلك فقد صرح المستشار احمد الزند وزير العدل أنه سيجعل مدة التقاضى فى المحكمة الإبتدائية لاتزيد عن سنة وأن أكبر قضية لن تستغرق فى مراحل التقاضى أكثر من ثلاث سنوات وهذا كلام طيب علينا أن ننتظر تنفيذه فالوزراء كل يوم يخرجون علينا بتصريحات عظيمة لو نفذت لأختلف الأمر كثيرا . ولكنها كلها تصريحات غالبا لاتصل لمرحلة التنفيذ فهل يعد ارتعاش الحكومة من الأسباب الى جعلت المواطن يشعر أن كيان الدولة أصبح هشا وضعيفا ؟ لابد أن يكون هناك توازن ما بين قدرة الفرد وقدرة الدولة حتى يشعر المواطن بأهميته التى تنبع من أهمية الدولة لذلك من أهم تحديات الحكومة الآن أن تحث البيروقراطية المصرية على ضرورة احترام حقوق الإنسان وتلك هى نقطة البداية الصحيحة فثورة 25 يناير كان أحد بواعثها الأساسية هى كيفية احترام حقوق الإنسان لذلك رفعوا شعار الكرامة وتلك الكرامة معناها أنى كمواطن عادى لابد أن أحترم فى قسم الشرطة واستقبال المستشفيات الحكومية و المدارس التابعة للدولة وهذا طبعا لم يكن موجودا قبل 25 يناير . ولكن الوضع لم يختلف كثيرا الآن؟ حتى لو الوضع لم يتغير لكن المصريين تغيروا بالفعل ولا يمكن أن يقبلوا أن يعاملوا على النحو الذى كانوا يلقونه قبل الثورة بدليل أن ما يحدث الآن وتقوم الدنيا من أجله مثل واقعة مستشفى المطرية مثلا كان غالبا ما يحدث كل يوم دون أن يدرى أحد أما الآن فهناك صحافة تكتب بقدر واسع من الحرية ورأى عام الحكومة تخشاه وتستجيب له فالقرار السياسى اليوم يضع فى حسابه ضغوط قوى المجتمع وهنا أحب أن أوضح أنه فيما يتعلق بأداء وزارة الداخلية تحديدا لو لم يكن احترام حقوق الإنسان جزءا أساسيا من تعاملاتها فإن أى جهد ستبذله سيذهب سدى . وماذا عن دور الأحزاب السياسية فى التأثير على القرار السياسى ؟ الأحزاب السياسية عانت من ضعف شديد ونحن طالما قلنا للرئيس مبارك أن تنمية الأحزاب مثل الوفد والناصريين والأهالى لن تضره ولكنها قد تفيده فى خلق جو حقيقى من الديمقراطية ولكنه لم يفطن لذلك حتى أصبح الأمر قاصرا على الحزب الوطنى أو جماعة الإخوان وبالتالى فقدت الناس إيمانها بالأحزاب لذلك فإن نجاح الأحزاب فى الإنتخابات الأخيرة كان مفاجأة للمصريين وهذا معناه أنها بدأت تأخذ مكانة حقيقية من جديد وتستعيد ثقة الشعب ولم تعد أحزاب تحت السلم إنما أصبحت فوق السلم وداخل البرلمان وستعرف كيف تصيغ السمع للرأى العام حتى تستمر وهذا تطور مخيف ومذهل لأنه سيلزم الحكومة بتوسيع دائرة المناورات . لو كانت الصورة كما ترسمها حضرتك فهى إذن مليئة بالحركة والأمل فماذا عن تلك الصورة الكئيبة المظلمة التى يصدرها الإعلام كل يوم ؟ وبسبب تلك الصورة الكئيبة انصرف الناس عنهم ولم يعد لهم مشاهد فقد فقدت برامج التوك شو تأثيرها على الرأى العام وفقد الإعلام مصداقيته ومع ذلك فأغلب مقدمى تلك البرامج مازال لديهم قناعة إنهم من يصنعون الرأى العام دون أن يفطنوا أن الناس انصرفت عنهم ومن بدأ منهم يدرك ذلك قلبها طبل وزمر و"درابوكه " وعفاريت وإهتمامات هايفه لأن أهم شىء بالنسبه له هو الإثارة وجمع أكبر قدر من الإعلانات وهذا يدل على أن المصريين بدأوا يربون أنفسهم بأنفسهم ويتعلمون من تجاربهم . وماذا عن أوضاع الصحافة ؟ الصحافة تحتاج الى تغيير جذرى وشامل وقوانين جديدة وإعادة هيكلة أوضاع المؤسسات الصحفية القومية وضمانات لاستقلالها ولكن رغم كل ذلك فستبقى الصحافة هى العامل الأكثر تأثيرا فى الشارع والأكثر حيادية أيضا ولكن على أى حال لن يتم الإصلاح فى الصحافة إلا بتغيير البنية القانونية واستقلال المؤسسات الصحفية وأن تكون مجالس إدارات المؤسسات القومية هى التى يكون لها حق اختيار رؤساء تحريرها وليس الحزب . هل لديك النية لخوض انتخابات نقابة الصحفيين أو قبول رئاسة المجلس الأعلى للصحافة ؟ أبدا فأنا رجل كبير فى السن ولم أعد أستطيع أن أخوض أى إنتخابات أو قبول أى منصب وليس لى أى طموحات فى أى شىء وكل ما أستطيع أن أفعله هو أن أقرأ وأكتب وتلك هى وظيفة الصحفى من وجهة نظرى .