وحدة الصف وقبول الآخر والبناء .. هذه كانت المحاور التي تناولها الداعية عمرو خالد في ندوته التي أقامتها جامعة MSA في لقاء مفتوح مع الطلاب وحضرتها الدكتورة نوال الدجوي رئيس مجلس أمناء الجامعة والدكتور خيري عبد الحميد رئيس الجامعة . تصوير: محمود شعبان حضر مئات الطلاب الذين تكدسوا بداخل قاعة المؤتمرات بالجامعة بل وافترشوا الأرض لكي يجدوا مكانا لهم ، واستقبل الطلاب عمرو خالد عند دخوله بتصفيق وترحيب كبير جدا وأتجه نحو الميكرفون ليشكرهم جميعا وقال لهم : أنا جئت اليوم وأحمل لكم مجموعة من الرسائل ، وعندما أضع نفسي مكانكم أقول " يا بختكم قوي " لأنني وأنا طالب في كلية تجارة جامعة القاهرة كان سقف الحلم منخفضاً جدا, وأنا كان سقف أحلامي -غصب عني- كان منخفضاً ولكن بعد الثورة الدنيا تغيرت وأصبح حلمي مالوش حدود وعشان كده أول عنصر أريد أن أحدثكم فيه اليوم هو سؤال لكل واحد فيكم : أنت حلمك أية؟ وأنتم ليس لديكم عذر لكي لا تحلموا لأن الدنيا تغيرت كثيرا, وبقدر ما يكون سقف حلمك عالي بقدر ما ستشهد البلد تطورات غير عادية, وجاءت لي رسالة علي الموبايل تقول أن أتنين واحد عربي والآخر غربي والأخير يسأل العربي ويقول له أنت حلمك إيه فرد أن أكون حراً وأتجوز بحرية وأختار الكلية بحرية وأعمل بحرية فرد عليه الغربي قال له : دي حقوقك ..ولكن أين أحلامك؟ . وأمام هذا لابد أن نتوقف لأن في الفترة السابقة كانت أقصي أحلامنا أن نحصل علي حقوقنا, ولكن أين الأحلام, وكانت فيه ناس خايفة تحلم عشان ماتتكسرش, وفيه ناس كانت خايفة تحلم لأن ممكن حد تاني يسرق حلمها لأن المحسوبية خلت الناس تسرق من بعض حتى الأحلام. ووجه عمرو خالد للشباب انطلاقة حماسية للطلاب عندما وجه إليهم بعض من أبيات الشاعر أحمد مطر والتي تقول : "وضعوني في إناء ثم قالوا لي تأقلم ... وأنا لست ببناء ... أنا من طين السماء, وإذا ضاق الإناء بنموي سوف يتحطم أو أتحطم" وما أن سمعها الطلاب وصفقوا تصفيقا حاداً, واستطرد في كلامه قائلا: تصدقوا أن مصر لم يكن لديها حلم؟ وآخر حلم كان لشعب مصر هو السد العالي ومن وقتها لا توجد أحلام ورغم أنني لم أكن موجود في ذلك الوقت إلا أنني شعرت بأهمية هذا الحلم عندما سمعت أغاني عبد الحليم فهي لم تكن مجرد أغنية لأن الناس كانت تسمعها وتبكي لأنهم قدروا يحققوا حلمهم, يعني إحنا طلعنا جيل بلا أحلام وكل الدول من حولنا لديها أحلام إيران عندها حلم وإسرائيل عندها حلم, ولكن من سيصنع الحلم هم الشباب الموجود الآن ، وجيل الشباب محظوظ لأنه شاهد الثورة وشارك فيها ورغم صغر سن أبني "علي" إلا أنني حرصت أن يشهد علي هذا الحدث من قلب ميدان التحرير لأن مجرد التواجد تفرز هرمونات جديدة في المخ! ونحن كنا دائما نري أنفسنا صغيرين ولكن عندما يخرج أوباما ويقول للعالم أنه وقف وأخذ بعض الملاحظات عندما شاهد الثورة المصرية معناها أننا نستطيع أن نصدر شيئا ربما لم نعرف من قبل أن نصدر قماشاً أو منتجات ولكننا استطعنا أن نصدر فكرة, وتعتبر هذه الثورة من أنقي الثورات الشعبية في تاريخ البشرية , ولابد أن نستثمرها وأن نحلم ونكون متأكدين أن الحلم سيصبح يوما حقيقة فالآن الحواجز ألغيت وسيكون موجود علي أرض الواقع, وأن إيماننا بالنهضة والتي سنصنعها بأيدينا ستجعلنا نسبق ماليزيا وتركيا. والله دعانا في القرآن بقوله (يا معشر الإنس والجن إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فأنفذوا) فكل نجاح في البشرية دليل علي عظمة الخالق, وربنا ميزنا عن سائر المخلوقات بقدرتنا علي الحلم وأننا نسعى لتنفيذه, ومع احترامي لهذه المؤسسة التعليمية التي أنا بها الآن إلا أن الحلم أهم من العلم لأن أصل كل الاختراعات بدأت بحلم وهذا أيضا لام "اينشتين". ثم سأل عمرو خالد الجميع : من فيكم لديه حلم يرفع يده ؟! وعندما رفع جميع الحضور بما فيهم أعضاء هيئة التدريس الذين حضروا الندوة أيديهم قال: إذاً ... مبروك علي مصر, وأنا هنا الآن من أجل أن أقيم معكم شراكة علي مستقبل مصر معكم, والأهم أننا نضحي عشان كل واحد فينا يحقق الحلم فليس المهم فقط أن يكون لدينا الحلم ولكن المعادلة كالآتي: حلم+ جهد وتعب+ تضحية = حلم تم تحقيقه علي أرض الواقع ، وأنا شخصياً وضعت في اختبار التضحية يوم 30 أكتوبر 2002 ما بين أن أعيش في بلدي معززاً مكرما بدون أي تكون لي رسالة أو أن أكمل رسالتي في الخارج , والخارج يعني مجهولاً بالنسبة لي .. واخترت أن أرحل للخارج, والنهاردة أنا واقف بينكم لأنه لا يوجد حلم يموت ولكن لازم يحصل ويتحقق, والذي يطمئنك هو أن ربنا موجود لأنه لن يضيع أجر من أحسن عملا .. فهذه الجملة قانون , فأي جهد ونجاح دليل علي عظمة الخالق., وأتمني أن كل واحد منا عندما يعود لمنزله أن يكتب حلمه في ورقه ويضعه أمامه عشان يحققه. وأضاف عمرو خالد: أما المحور الثاني الذي أريد أن أحدثكم عنه اليوم هو وحدة الصف والتماسك رغم الاختلاف أن يكون عندنا وحدة الصف, ومن بين المشاكل التي كنا نعاني منها في الوقت السابق هو الاختلاف والتنوع وعدم الاستمتاع بهذا التنوع وهناك كثيرون ينظرون إلي الاختلاف علي أنه شيء سيء ولكن العكس تماما ونحن الآن نعيش لحظة تاريخية والسر الحقيقي وراء نجاح ثورة 25 يناير أن الشعب كله أيد واحدة وصف واحد ، والمصريون قبل الثورة كانوا مثل "الطوبة" المنفردة وكان كل واحد منا بمفرده وبالتالي كنا نؤكل لأننا كل واحد وحدة ضعيفة ولا أحد يساند الآخر ولكن ثورة 25 يناير علمت الناس كيف يقفون صفاً واحداً, وهذا هو المفتاح السحري لنجاح الثورة. وأبدي عمرو خالد تخوفه مما يحدث الآن قائلا: أنا خايف النهارده أن ننسي مفاتيح هذا النجاح, لان ال35 مليون لم يحملوا السلاح ولكن كان سلاحهم أنهم كانوا صفاً واحداً وإذا كنا نريد أن نكمل بعد 25 يناير فلابد أن تكون الأداة التي صنعنا بها الثورة أن تستمر ولابد أن نقبل بعض وحتى بعد التعديلات الدستورية رغم اختلافنا عليها فلابد أن نقبل بالنتيجة ، فالغالبية قالت نعم وأنا كنت واحداً ممن قالوا لا , ولكنني احترمت رغبة الأغلبية وأنا مع اختيار مصر, ورغم أن التنوع والاختلاف يضايق بعض الناس, ولكن الشكل الواحد فقر ولكن التعدد والتنوع ثراء, ومصر مش زي زمان لأن زمان كانت نقطة الاختلاف الوحيدة بين المصريين أهلي وزمالك, لأن ماكنش فيه حاجة تانية نختلف عليها , ولكن لابد أن تتعودوا من الآن علي أن مصر سوف تشهد تغيرات كبيرة ولابد أن نقبل المسيحيين كجزء من الوحدة والنسيج للمجتمع المصري, ولابد أن أي طرفان يختلفان في الآراء أو التوجهات أن يجدا نقطة مشتركة بينهما للتفاهم وإقامة الحوار. أما العنصر الثالث الذى تكلم عنه عمرو خالد غهو " أخلاق ما بعد الثورة " .. وقال : في تاريخ الدول عموما بعد الثورات يحدث لدي الناس استعداد غير طبيعي للاستمرار في الثورة وحالة الغضب, ويصبح الشخص لديه الرغبة في الغضب طوال الوقت لأنه منقول من كبت إلي حرية ومن احترام لرأيه إلي تقدير كامل فهذه النقلة الواسعة تحدث فجوة وبالتالي الاستمرار في هذه الحالة طويلا لن نبني مصر, وهذا ليس معناه أن من أجرم في حق مصر لا يحاسب بل يجب أن يحاسبوا ولكنني أتحدث عن الشعور العام وهو التشفي وهذه النفسية عندما تستمر تتحول إلي مرض ونستمر طوال الوقت نريد مزيداً من التشفي , ولابد أن نحول هذه الحالة إلي شكل إيجابي لأن الاستمرار في حالة التشفي والثورة ستؤدي بنا إلي الأسوأ, ولكن من الأفضل أن يكون هدفنا في المرحلة القادمة أن يضيف كل واحد منا إلي مصر ويكون جزء من جماعة أكبر سعيا لتحقيق النهضة التي حلمنا بها جميعا ، أما الجزء الرابع والأخير الذي أريد أن أوصيكم به هو البناء فلابد أن كل يوم نحاسب أنفسنا علي الإضافة التي يمكن أن يكون صنعها كل واحد منا في مجاله, وكل شخص قبل أن ينام يسأل نفسه هذا السؤال أنا عملت إيه النهارده؟ لو وجدت أن الإجابة لاشيء فهذا الشخص لا يبني شيئا , ورغم أننا عملنا إنجاز عظيم لأننا دولة لا تنتج, والفجوة واسعة بيننا وبين الدول التي تنتج, ورغم أن المسلمين يمثلون 5/1 الكرة الأرضية إلا أنهم وبمنتهي الصراحة يعشون "عالة" علي الجزء الباقي!!, وأعظم ما قدمناه حتى اليوم هو الثورة فقط ولكن ماذا بعد؟, لازم كل واحد فينا يضيف شيء في هذا البلد سواء إذا كان مشروع محو أمية أو مساعدة أحد الأسر الفقيرة أو تعليم أحد أطفال الشوارع حرفة أو مهنة المهم يكون فيه شيء, والحياة ليست أن كل واحد يعيش مع نفسه دون أن ينظر حوله فخلاص أنتهي الوقت الذي يعيش كل واحد منا لنفسه واليوم الذي لا تقدم فيه شيء للآخرين لابد أن تتهم نفسك بأنك أناني لأن كل واحد لم يختار حالة فلابد أن نساعد بعض, وأنا اليوم أحملكم أمانة نهضة البلد وأن تقول عند سؤالك يوم القيامة أنك عشت للناس مش لنفسك وبس, لأن لذة العطاء أفضل بكثير من لذة الأخذ, والغرب يقول عنا أن القدر وضع في أرضنا كل خيرات النعيم والسعادة ولكن العرب لا يحبون العمل , فلابد أن نغير هذه الفكرة بعد 25 يناير لأن منذ الثورة حتى الآن ونحن لا نعمل بجد واجتهاد, فالمصانع معطلة والبورصة مغلقة, ومتى سنسمع عن شاب أو فتاة قدموا فكرة غيروا بها الدنيا..وأختتم كلامه مع الطلاب قائلا: عايزين الماكينة تطلع قماش , لأني خايف أن نفرح بإنجاز عملناه وننام جنبه 20 سنة فنرجع زي ما كنا وأسوأ!!. وفي نهاية الندوة وجه عدد من الطلاب عدد من الأسئلة والتي كان من أهمها سؤال حول ترشيحه للانتخابات الرئاسية, فرد قائلاً: أنا غير قادر علي الإجابة حتى الآن لأن الأمور غير واضحة علي الإطلاق. وبسؤاله عن العلمانية والمدنية قال : هناك فرق بين العلمانية والليبرالية والأخيرة تعني الحرية للجميع أما العلمانية لها موقف شديد من الدين ولكن الليبرالية لها ليس لها موقف من الدين وأري أنها شكل أنسب , وإذا كانت الليبرالية هو الوصول إلي عقول الناس أهلا وسهلا به ولكن الإيمان يحركنا سواء كنا مسيحيين أو مسلمين ولكننا نعيش في دولة مدنية ، وروعة الإسلام أنه به قيم عظيمة مثل الحرية الدينية والتسامح والإيمان والرحمة والعدل وفي إطارها نستطيع أن نتحرك, وبالتالي نحن نريد دولة مدنية بدون أن نفقد قيم أماننا ومصدر قيمنا من ديننا.