ما يحدث الآن على الساحة العالمية يؤكد أن الحرب العالمية الثالثة على الأبواب.. وأن الجحيم قادم لا محالة.. الدب الروسي أخذ زمام المبادرة وفرض نفسه بسلاسة وبقوة منقطعة النظير، وبدأت طائراته في قصف بعض المواقع في سوريا، لم تعبأ روسيا بتهديدات أمريكا ولا بتحذيرات دول الاتحاد الأوربي، ولا حتى وجهات نظر الدول الإقليمية مثل تركيا، التي قالت إنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام وضع جديد يتم فرضه على حدودها مع سوريا، وفرضت أمرا واقعا، ينبئ بانهيار نظرية القطب الأوحد. الصورة معقدة ومتشابكة والمصالح متداخلة، لا أحد يستطيع أن يحدد من مع من؟ أو من ضد من؟ لكن الحقيقة المؤكدة، أننا على أبواب نار إذا فتحت لن تهدأ، وستكون العواقب أسوأ مما نتوقع على العالم بأسره، ولن تستثني منه أحد. وجهات نظر مختلفة وتحليلات متباينة عما سيحدث، هل سيتم التوافق في النهاية على شكل الحرب التي ستشن على سوريا؟ وهل ستنضم روسياوالصينوإيران للتحالف العالمي بقيادة الولاياتالمتحدة؟ وهل ستكون هناك رؤية موحدة بخصوص بقاء بشار الأسد على رأس السلطة من عدمه؟ كل ما قيل وما سيقال هو مجرد وجهات نظر وتحليلات، لكن عندما ستتحدث البندقية وتنطلق المدافع والصواريخ، لن يتمكن أحد من التنبؤ أو السيطرة على ما سيحدث. ولكن عندما يتحدث هنري كيسنجر- مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق- يجب أن يؤخذ كلامه بعين الاعتبار، حتى لو كان مر على هذا الكلام أكثر من عام، فهو أحد الشخصيات المطلعة ببواطن الأمور، ومراكز صناعة القرار بالولاياتالمتحدةالأمريكية.. كيسنجر أكد لصحيفة ديلي سكيب الأمريكية، أن الحرب العالمية الثالثة على الأبواب، وحدد أطراف المعركة، وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي من جهة، بينما يقبع في الجهة الأخرى معسكر روسياوالصينوإيران، وبالتأكيد سيكون هناك دول وحلفاء آخرين في المنطقة التي ستنطلق منها المعركة، وهي منطقة الشرق الأوسط المنقسمة بطبيعة الحال على الوضع في سوريا، ولكنه توصل لنهاية واحدة وهي أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي الوحيدة التى ستخرج منتصرة من المعركة. السياسي المخضرم لم ينكر القوة العسكرية لروسياوالصين، ولكنه تدارك بأن أمريكا هي من تركت هذه القوى تتزايد وتتنامى، ومن هنا يكون السقوط مرة أخرى. وأفصح عن خطة شيطانية للولايات المتحدةالأمريكية، وهي احتلال 7 دول شرق أوسطية من قبل الجيش الأمريكي لاستغلال مواردها، فالسيطرة على البترول هي الطريق للسيطرة على الدول، أما السيطرة على الغذاء فهي السبيل للسيطرة على الشعوب، وهو ما نجح العسكريون الأمريكيون في تحقيقه حتى الآن بحسب كلامه ولم يتبق سوى إيران. وتحدث كيسنجر- بكل عنجهية- مؤكدا أن القوات الأمريكية قادرة على مواجهة القوات الروسية والصينية والانتصار عليها، ومن ركام الحرب، سيتمّ بناء قوة عظمى وحيدة قوية صلبة منتصرة هي الحكومة العالمية التي تسيطر على العالم. ولا تنسوا أنّ الولاياتالمتحدة تملك أكبر ترسانة سلاح في العالم، لا يعرف عنها الآخرون شيئًا، وسوف نقوم بعرضها أمام العالم في الوقت المناسب. كلام كيسنجر عن الحرب المحتملة، تعضده الشواهد الحالية، وما نشرته صحيفة كيهان الرسمية الإيرانية المملوكة للمرشد العام علي خامنئي، والتي قالت: إن روسيا سترسل في شهر أكتوبر ما يقرب من 95 ألف مقاتل روسي للأراضي السورية، علاوة على 170 طائرة مقاتلة، و700 مدرعة لمساندة بشار الأسد في معركته. صحيح أن أمريكا لم تتحرك حتى الآن، وأنها تحاول أن تجمح الدب الروسي، لكن وزير الدفاع الأمريكي، أعلنها- صراحة- أن الاستراتيجية الروسية في سوريا تصب الزيت على النار، وهو ما ينبئ بتطورات قد تكون في منتهى السوء على العالم بأثره. باب الحرب العالمية الثالثة مازال مواربا، ولم ينفتح على مصراعيه بعد، ولكن الشواهد تؤكد أن عوامل فتحه أكثر من عوامل إغلاقه، ووقتها لن يكون أحد بعيدا عن الحرب، لن يكون العرب بعيدين عن الساحة، وبالتأكيد ستلعب إسرائيل دورها.
اللواء محمود زاهر- الخبير السياسي والاستراتيجي- علق على تصريحات هنري كيسنجر قائلا: هنري كيسنجر يتحدث دائما في 3 اتجاهات، فهو دائما يتحدث ويصرح عن تخطيط قادم للولايات المتحدةالأمريكية، كأن يتحدث عن خوض أمريكا لحرب عالمية، وعندما تستمع بعض الدول لهذا الحديث ترتعد وتتخوف من عواقبه، وهذا يمكن أن نسميه نوعا من التمهيد للتخطيط وليس لحرب، بل هي هيمنة أمريكية بطريقة أو بأخرى غير الحرب. وأضاف اللواء محمود زاهر، أن الواقع والحيثيات تقول: إن الأوضاع في سوريا وفي منطقة الشرق الأوسط تنبي بانتهائها بحرب عالمية ثالثة، لكن الرأي الحسابي وموازين القوى لا ترجح دخول العالم في حرب عالمية خلال الوقت الحالي، فلا توجد قوى تستطيع أن نقول أو نرجح انتصارها في هذه الحرب، كما أن الاتحاد الأوروبي لم يعد بأكمله يسير خلف أمريكا، خاصة فيما يتعلق بمسألة الحروب، علاوة على أن الاقتصاد الأمريكي يعاني من الضعف وتكاد تكون على شفا جرف من الإفلاس. وأضاف: إذا نظرنا على الجانب الآخر سنجد أن الصين مثلا، قامت بضرب قمر صناعي وإسقاطه منذ فترة، وهي كانت تقصد توجيه رسالة لأمريكا، بأنها لديها أسلحة متطورة، تسبق ترسانة الأسلحة الأمريكية بمئات السنين. إذن فحرب عالمية، هي حرب تتحدث عن نهاية العالم.. حرب ليس فيها مهزوم ومنتصر، وهذا صعب جدا، فمصطلح حرب عالمية مستبعد، لأنه لا توجد قوى تستطيع الهيمنة والسيطرة على الأوضاع، فأمريكا لا تستطيع أن تدخل الحرب، وإذا دخلت لا تستطيع السيطرة عليها أو حسمها لمصلحتها. وأضاف: إن كيسنجر يتحدث دائما عن ترجيح كفة الأمريكان في كل مواجهة، وهو نوع من الدعاية والتأكيد على أن أمريكا ستظل تحكم العالم لعشرين سنة قادمة، وهو كلام غير صحيح. وأضاف اللواء زاهر: أنه إذا عدنا بالذاكرة للخلف ثلاث سنوات عندما أعلنت أمريكا أنها ستضرب سوريا وستقضي على نظام بشار الأسد، وحركت أسطولها، وتوقع الجميع أن تتم الضربة خلال أيام، وقتها قلت: إن أمريكا لن تضرب سوريا، وهو ما حدث بالفعل، هو كان فقط نوعا من التصعيد، لمحاولة كسب معركة أخرى تفاوضية، في الماضي كان هناك تفاوض تحت تأثير القوة، ولكن روسيا اتخذت نهجا آخر وهو تفاوض تحت تأثير الحرب القائمة بالفعل.
أما الدكتور سعيد اللاوندي- أستاذ العلوم السياسية- فأكد أن ما يحدث هو إرهاصات لحرب باردة جديدة بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا وريث الاتحاد السوفيتي، مشيرا إلى أن التدخل الروسي في سوريا لمحاربة داعش التي ترى روسيا أنها تمثل خطرا عليها، وليس لمساندة نظام بشار الأسد، مؤكدا أن الحرب الدائرة في سوريا سيعقبها حرب أخرى في جزيرة القرم بأوكرانيا. وأضاف: إن الحرب العالمية قادمة لا محالة، وإذا لم تتمكن الأممالمتحدة من منعها، سيكون مصيرها نفس مصير عصبة الأمم التي انتهت بعد الحرب العالمية الثانية، وبالتالي سيكون هناك نظام دولي مختلف.