إيهاب الطاهر ل "البوابة نيوز": الاحتفال بيوم الطبيب المصري يُمثل طاقة أمل    بالتزكية.. إعادة انتخاب ممدوح محمد رئيسًا لحزب الحرية    مستقبل وطن المنيا يكرم 100 عامل مؤقت    بنك قناة السويس يعزز ريادته فى سوق أدوات الدين ويقود إصدارين ناجحين لصكوك متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بقيمة 5.8 مليار جنيه    انهيار منزل سكني من 3 طوابق بالمحلة دون وقوع إصابات.. صور    مصر تُرحب بإعلان وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    طوابير خانقة وأسعار مضاعفة وسط غياب الحلول..أزمة وقود خانقة تضرب مناطق الحوثيين في اليمن    هانز فليك يؤكد جاهزية ثلاثي برشلونة قبل الكلاسيكو أمام ريال مدريد    مصرع طفلة وإصابة 4 أشخاص في حادث بين 3 سيارات بصحراوى البحيرة    لتقديم المستندات.. تأجيل إستئناف متهمين ب "داعش العمرانية" ل 13 مايو    حجاج القرعة 1446.. "الداخلية" تعلن استعداداتها لتقديم أفضل رعاية هذا الموسم    تأجيل محاكمة أربعة متهمين بالتسبب في انهيار عقار بأرض الجولف    محمد محمود عبد العزيز يكشف تفاصيل الأزمة بين بوسي شلبي مع الإعلامي عمرو أديب    أسامة رؤوف رئيسًا للجنة التحكيم الرسمية في المهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج    يغادر دور العرض قريبًا.. تعرف على الفيلم الأضعف في شباك تذاكر السينما    الأرصاد: طقس غداً الأحد شديد الحرارة نهاراً معتدل ليلاً    الأهلي يخطف صفقة سوبر من بيراميدز بعد تدخل الخطيب.. واستخراج التأشيرة    سام مرسي يقود تشكيل إيبسويتش تاون أمام برينتفورد في الدوري الإنجليزي    السودان.. 21 قتيلا في هجوم للدعم السريع على سجن بشمال كردفان    مرسوم عليه أعداء مصر ال9.. «كرسي الاحتفالات» لتوت عنخ آمون يستقر بالمتحف الكبير    منى زكي بعد حصدها جائزة أحسن ممثلة بمهرجان المركز الكاثوليكي: وسام أعتز به في مسيرتي    في يوم الطبيب.. وزير الصحة: الدولة تضع الملف الصحي بجميع ركائزه على رأس أولوياتها    القومي للمرأة يشارك في اجتماع المجموعة التوجيهية لمنطقة الشرق الأوسط    بعد تحقيق مكاسب سياسية.. اتهامات التطرف ومعاداة الإسلام تطارد الإصلاح البريطانى    "صورة الطفل في الدراما المصرية" ندوة بالمجلس الأعلى للثقافة    المشدد 3 سنوات لعاطل تعدى بالضرب على صديقه في القليوبية    استعدادا لموسم الصيف..محافظ مطروح يتفقد مستشفى رأس الحكمة    "بسبب ماس كهربائى" مصرع وإصابة ثلاثة أشخاص إثر نشوب حريق داخل حوش مواشى فى أسيوط    محافظ أسيوط يتفقد تطوير مدخل قرية بنى قرة ونقل موقف السرفيس لتحقيق سيولة مرورية    جدول مواقيت الصلاة في محافظات مصر غداً الأحد 11 مايو 2025    «الإحصاء»: 1.3% معدل التضخم الشهري خلال أبريل 2025    وصول جثمان زوجة محمد مصطفى شردى لمسجد الشرطة    مديرية أمن القاهرة تنظم حملة تبرع بالدم بمشاركة عدد من رجال الشرطة    بيتر وجيه مساعدا لوزير الصحة لشئون الطب العلاجى    طريقة عمل الكيكة بالليمون، طعم مميز ووصفة سريعة التحضير    شئون البيئة: التحول للصناعة الخضراء ضرورة لتعزيز التنافسية وتقليل الأعباء البيئية    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    رئيس الوزراء العراقي يوجه بإعادة 500 متدرب عراقي من باكستان    صحة غزة: أكثر من 10 آلاف شهيد وجريح منذ استئناف حرب الإبادة    جيروساليم بوست: ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    أبرز ما تناولته الصحف العالمية عن التصعيد الإسرائيلي في غزة    محافظ أسوان: توريد 170 ألف طن من القمح بالصوامع والشون حتى الآن    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الكلام وحده لايكفي !?    تحرير 16 محضرا لمخالفات تموينية في كفرالشيخ    تعرف على مواعيد مباريات الزمالك المقبلة في الدوري المصري.. البداية أمام بيراميدز    اليوم.. انطلاق الجولة 35 ببطولة دوري المحترفين    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    استثمارات 159 مليون دولار.. رئيس الوزراء يتفقد محطة دحرجة السيارات RORO    خبر في الجول - زيزو يحضر جلسة التحقيق في الزمالك    «الصحة» تعلن تدريب أكثر من 5 آلاف ممرض وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية السبت 10 مايو 2025    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبدالمنعم سعيد في حوار عن الزمان والمكان ( 1 )
نشر في بوابة الشباب يوم 02 - 01 - 2011

كل شيء في الدنيا يصبح أكثر وضوحا اذا ربطناه بالتاريخ والجغرافيا .. أي بالزمان والمكان . وإطار الزمان وحدود المكان تضفي علي الصورة مزيدا من الموضوعية خاصة عندما نتكلم عن وطن بحجم مصر , ومع مفكر بقيمة الدكتور عبدالمنعم سعيد رئيس مجلس ادارة الأهرام ( ثانيا ) والخبير الاستراتيجي ( أولا ) أما الزمان فقد حددنا له بداية ونهاية .. يبدأ قبل 10 سنوات من الآن , ويمتد للسنوات العشر القادمة .
شارك في الحوار : وليد فاروق محمد
مروة عصام الدين محمد شعبان
كريم كمال محمد فتحي
تصوير : أميرة عبدالمنعم
فالسنوات العشر الماضية شهدت الكثير من التحولات علي المستوي الدولي , وانعكست آثارها علي واقعنا المحلي , سنوات حدثت فيها أزمات سياسية وانهيارات اقتصادية وظهرت فيها ايضا أجيال جديدة من وسائل التكنولوجيا الأكثر تطورا عما كان موجودا قبل سنة 2000 وربما عما كنا نتوقع أن يكون متاحا بين ايدينا اليوم .. ومن الطبيعي أن يكون لكل ذلك انعكاسه علي السنوات العشر القادمة .
أما المكان .. فقلب الوطن العربي , مصر التي تتأثر وتؤثر .. تتقدم وتتراجع .. تنفتح وتنغلق ، ومن ثم يكون السؤال : ماذا حدث في مصر خلال السنوات العشر الأخيرة؟ وكيف انعكس تأثيره علي واقع الحياة الآن؟ وماذا يتوقع الدكتور عبدالمنعم سعيد من خلال قراءته للأحداث لمصر في السنوات القادمة؟
هذا هو الإطار العام .. اما علي المستوي ( الخاص ) فقد اخترنا لاجراء هذا الحوار زمانا ومكانا أيضا .. فقد أجريناه في مطلع الشهر الاخير من عام 2010 وذهبنا الي الدكتور عبدالمنعم سعيد في مكتبه بمؤسسة الاهرام .. وبالتالي كان للأهرام نصيب من الحوار خاصة ونحن نلمس ان هناك اتجاها واضحا لتفعيل دور الصحافة الالكترونية والاهتمام بها باعتبارها تمثل ملمحا مهما من ملامح المستقبل .
* مصطلح او تعبير ( الماضي الجميل ) أصبح شائعا حتي أن كثيرين يرون دائما أنه ليس في الامكان اجمل مما كان .. هل تري اننا نتغير دائما للأسوأ؟
من الناحية الفلسفية كان هناك دائما نقاش حول من هو الرجعي ومن التقدمي في هذه الزاوية تحديدا , وكان هذا نقاشا مهما في الخمسينيات والستينيات , وكان التقدمي يري أن التاريخ ينطلق من اللحظة الحالية وأن الناس دائما تتحسن ولكن الرجعي يعتبر أن الماضي هو أفضل من الحاضر , والرأي الأول يري الدنيا تتغير , وأنه لايوجد شيء يثبت علي حاله ولكن كل الأمور تخضع للتطور , ولكن الرأي الثاني يري ان الأمور ليست فقط تثبت علي حالها ولكنها أيضا ترجع للوراء , ولكن من يقول إن 2000 أفضل من 2010 من الناحية المجردة هذا مستحيل بحكم مجموعة من الأشياء التي لا تحتاج الي تفكير طويل , فمن الناحية الطبية نري اليوم أن الأدوية حدث لها تطور كبير جدا في علاج العظام وآلام المفاصل والسرطان والصداع واصبحت أكثر تقدما مما كنا عليه سنة 2000, واليوم البشرية كلها بغض النظر عن كونك في مجتمع متقدم أو متخلف أصبحت تعيش فترة أطول نتيجة توافر مجموعة من العوامل بدءا من التعذية الي الوقاية الصحية لانخفاض وفيات الأطفال بسبب التطعيمات , فالمسألة ببساطة أصبحت أسرع أيضا , فما كان يتم في قرن أصبح يتم في 10 سنوات , وما كان يتم في ألف سنة أصبح يتم في 10 سنوات , لأن التقدم له علاقة بالزمان والمكان فهناك الآن طائرات اسرع مما كانت عليه منذ 10 سنوات , فالمسافة تكون أقل مما كانت عليه , و كقاعدة عامة اليوم أفضل من سنة 2000 قبل ان نفتح الكتاب لنقرأ ما جري في مصر , وما جري فيها جزء يخصها وجزء خارجها , فلم يكن في سنة 2000 يوجد ( أي باد ) وشكل الكمبيوتر او التليفزيون اختلف , وجودة الألوان اختلفت , وال 3D كان لازم بنظارة أما الآن فيوجد من غير نظارات , ونستطيع الآن ان نعمل شاشة للأطفال بحجم السبورة ونتحكم فيما يعرض علي الشاشة , فطرق التعليم البصرية اختلفت , فالعنصر التكنولوجي غير علاقتنا بالسرعة ورؤيتنا للأشياء , وهذا جاء لمصر , فهناك 20 مليون شاب يدخلون علي الانترنت في 2010, ولكن في سنة 2000 كان فيه نحو 350 الفا فقط , فأصبح 25% من الشعب يدخل علي الانترنت , فلم يكن هذا موجودا من قبل , غير ان هناك تطورات عالمية أثرت في مصر , خصوصا امرين , هما 11 سبتمبر والذي عمل تغييرا في العالم لانه كان مثل جملة اعتراضية علي موضوع العولمة وخصوصا العولمة التكنولوجية والثقافية والاقتصادية , فحصل لها زلزال نتيجة هذه الأحداث , وكوننا عربا ومسلمين دخلنا جملة اعتراضية , والأمر الثاني الأزمة الاقتصادية في 15 سبتمبر 2008 عندما حدث هبوط في بورصة نيويورك والعالم , فعملوا جملة اعتراضية علي العولمة , لانهم بينوا من الناحية الأولي ان العولمة احد افتراضاتها الاساسية انها ستؤدي الي كثير من التفاهم بين الشعوب , وان الناس تحب بعض طول ماهي لاتعرف بعض , ولكن لو عرفوا بعض لا , فعملية التبادل العدواني جعلت الناس تسأل العولمة أصبحت لحد فين , ففيه عولمة أمنية واقتصادية وتكنولوجية , فالموضوع تم تعقيده , ولم يكن بسيطا , وكان يسير في خط مستقيم , والحكاية نفسها موجودة في الأزمة الاقتصادية لأنها حصلت في مركز النظام العالمي وبشكل مدهش وبدأت تبين لنا أن العولمة بدون تحكم بشكل أو بآخر ممكن تؤدي للانهيار , وكان ماحدث خلال السنتين الماضيتين هو بناء نظام للتحكم , والجملتان الاعتراضيتان أثرتا علينا في مصر في الآتي :
أولا تعميق فكرة الإسلام ضد حاجة أخري ولكنها أضافت الزيت علي النار وهي مسألة الطائفية ولايمكن أن نفصلها عن أحداث 11 سبتمبر , وأعطت دفعة كبيرة للاتجاه الذي ينظر للدولة الدينية , يعني ليس صدفة أن الإخوان يحصلون علي 17 مقعدا في مجلس الشعب في 2000 ثم 88 مقعدا في 2005, والاحتكاك الديني الذي بدأ يكون موجودا , والأزمة الاقتصادية عملت نوعا من القيود علي ما بدأ من انطلاقة للاقتصاد المصري , وكل ذلك تغييرات جرت في الدنيا وأثرت علينا .
أما عن التغيرات التي حدثت في الداخل فأولا التغير السكاني , ففي خلال السنوات العشر زدنا بمقدار 15 مليون نسمة أي شعب كامل مثل لبنان علي إسرائيل علي الأردن , فأولا تغير سكاني وداخله مجموعة تغيرات مثل ارتفاع نسبة الشباب يعني حوالي 65% أقل من 30 سنة فنتكلم علي شعب من الشباب , إنما التغير السكاني الآخر أن نسبة المتعلمين في مصر وصلت إلي 72% ففي سنة 2000 كانت أقل من ذلك بكثير فهناك 10% زيادة , فكانت نسبة المتعلمين سنة 60 حوالي 20% والآن 72% فنسمع إن مصر وكوريا كانتا مثل بعض سنة 60 وحتي مصر كانت أحسن , ولكن لم يقل أحد إن كوريا الجنوبية كانت عندها 75% متعلمون ونحن 20% فكان عندهم استعداد للانطلاقة ونحن لا , فلما كان عندنا أسلحة بعد 67 وكانت محتاجة حد يركب دبابة لم يكن هناك أحد ولم يكن هناك من يأخذونه كطيار .
وبجانب ذلك الصحة , فمتوسط العمر المتوقع للمصري حوالي 70 سنة , فقبل الثورة كانت 47 سنة , وسنة 80 كانت 57 سنة , وهذا مهم لأنه بدأ تدريجيا يتغير المفهوم يعني ايه شاب ويعني ايه واحد في منتصف العمر .
اما عن التفاعل مع التكنولوجيا فمع تعلم 72% زادت نسبة استهلاك الموبايل أو التليفزيونات أو الكمبيوتر أو أي باد بنسبة كبيرة , وبالتالي الاتصال مع العالم الخارجي أصبح أكبر بكثير بالنسبة لأي جيل من ساعة بناء الأهرامات , فالجيل الحالي محظوظ للغاية .
أما عن الجغرافيا , ففي الستينيات كنا محبوسين علي النيل ونريد أن نطلع علي الصحراء وكان فيه محاولات وعملوا مديرية التحرير شرق ورشيد ولم تنجح التجربة , وعندما جاء السادات أراد أن يعمل حاجة اسمها الصالحية وعمل مزارع , وحتي الرئيس مبارك لما عمل توشكي لم يحدث جذب سكاني , ولكن في الفترة الأخيرة انتهت هذه المعادلة , وأصبح المصريون يريدون أن يخرجوا من الوادي , فالسادات وضع بذرة 23 مدينة خارج القاهرة ولم يكن أحد يريد أن يذهب لها , ولكن خلال السنوات العشر الماضية الناس بدأت تذهب لهناك وأصبحوا حوالي 4 ملايين نسمة , وفكرة خلق مستوطنات جديدة علي البحر أصبحت موجودة , فالمنطقة من السويس وحتي مرسي علم مأهولة وكانت مناطق غير مأهولة وكان لازم الأول يكون فيه تصريح عسكري , فنجيب المستكاوي كان يكتب عن الغردقة وكأنه في ادغال أفريقيا , بجانب شرم الشيخ التي أصبحت مدينة عالمية مزدهرة , وحتي العريش أصبحت مزدحمة , فالتنمية السكانية موجودة هناك , ولم يكن هذا موجود من قبل , ومادامت هناك جامعة وزراعة وسياحة يبدأ يتخلق مجتمع والساحل الشمالي موجود , والتوجه الآن اننا نخلق مدنا هناك , توجه أطلق عليه الذهاب إلي البحر , وحدث تغير لم يحدث لمصر من قبل وهو إن المصري يكون إنسان بحر , فأهل الإسكندرية وبورسعيد شخصيات مختلفة وعندهم فهلوة وشجاعة وتهويش وشخصية مختلفة عن الإنسان المرتبط بالنهر والوادي , فهذا تغير بدأ في السنوات العشر الماضية ولم يكن هذا ليحدث إلا بوجود تغييرات في مصر , فمثلا لن نذهب للغردقة إلا لو كان فيه مطار , فمصر حتي وقت قريب لم يكن بها سوي مطار دولي واحد وميناء واحد والآن أصبح لدينا أكثر من ميناء ومطار ومايقرب من 13 مطارا دوليا , أما عن حجم الطرق فلم تكن 6 أكتوبر لتحيي كمدينة لولا الطريق الدائري والمحور , ومن ناحية الكهرباء والطرق ووسائل الاتصال فهي التي سمحت بمزيد من الحركة للمصريين فهذه تغييرات كلها سكانية لأن الجغرافيا نفسها تغيرت , فلما أعمل مطار يبقي يعني ايه 500 كيلو للغردقة , فالمسافة نفسها تغيرت .
* كيف أثرت الحركات السياسية التي ظهرت في السنوات العشر الأخيرة علي الواقع السياسي الحالي وهل يمكن تشبيهها بحركات الرفض السياسي والاجتماعي التي ظهرت في مصر قبل الثورة؟
لا أعتقد أن التشبيه هنا وارد , لأن الحركات الشيوعية والإخوان لم تكن حركات وكانت أحزابا سياسية , بمعني أن لها قيادة ولها وثائق منظمة تجاه المجتمع فتريد أن تطيح بالملك ولها تصور معين ولها زعيم مثل حسن البنا , والحركات التي نمت خلال السنوات العشر الماضية مختلفة , وفيها سمة من سمات الحركات الاحتجاجية في الدول المتقدمة انها حركات شباب وليست لها وثائق أساسية لأنهم يكونون خائفين من الانقسام , ويعرفون مايعترضون عليه ولكنهم لايعرفون مايتفقون عليه , ولكن هذه الحركات لم تكن لتوجد لولا وجود الانترنت والفيس بوك وغيرها وأري أنها لاتزال في بدايتها , والواضح في رأيي أن الانتخابات الأخيرة أعطت صدمة لهذه الحركات , لأنه في الآخر رجعنا للأحزاب المنظمة التي لها رأس وقدم , ولها قواعد وناس تسقط وتنجح , إنما هم فين فحدث لهم تهميش , وماحدث لهذه الحركات مثلما حدث من قبل سنة 68 فكل هذه الحركات بدأت تندرج في القوي المنظمة للسياسة الموجودة في المجتمع , والمجتمعات ممكن تطرح الحركات الاحتجاجية التي تبين غضبها من ارتفاع الأسعار أو تصرفات إسرائيل يرفضونها أو الناس تريد أن تترقي مثل الإضرابات , فالناس ممكن تعبر عن هذا , إنما إنها تعمل تغييرا فهذا يحتاج لسبل منظمة , فأنا في تقديري ان الظاهرة التي وصلت من 2000 ل 2010 ليست مثل القديمة التي كانت لها اهداف واضحة . ولكن لما يحدث لها عملية نضج ستندمج ضمن الإطار العام للسياسة المصرية .
* وما تعليقك علي من يقول ان لجنة السياسات تقوم بدور نائب الرئيس؟
أري انه يوجد مبالغة في ذلك , فأمانة السياسات في مصر جزء من منفذي السياسات , فهناك حزب رئيسي مهيمن وهوالحزب الوطني والأحزاب الأخري عايزة تيجي عليه , وبالتالي جري اختراع موضوع وذيوله , والموضوع هو التوريث وذيوله امانة السياسات , فهي أمانة موجودة في كل احزاب العالم المتقدم والتي تقوم بالتفكيرللحزب , وفيه فرق ان ناس تفكر للحزب عن العدالة او القيم العامة , ولكن حد يفكر ماذا نفعل في الصحة اوالتعليم او التخطيط العمراني , ومعظم الحاجات التي نفذتها الوزارة الحالية خرجت من لجنة السياسات , فما يحدث انها في كل سنة تعمل أجندة طويلة وكل موضوع فيها يأخذه مجموعة خبراء ويعرضون ورقة تتم مناقشتها ثم يتم عمل الورقة بشكل جديد ويرون هل هذا الكلام عملي أم لا ؟ ويتكون مشروع معين , فتأخذه الوزارة وتتبناه وتناقشه في مجلس الوزراء ثم تبدأ اللجنة التشريعية وتحوله لقانون ثم يذهب لمجلس الشعب , واحيانا هذه العملية تخرج قانونا مختلفا تماما عما حدث في لجنة السياسات , واذكر مثلا مشروع قانون الجامعات الأهلية فكل التحفظات والتعديلات عليه في مجلس الشوري كانت قادمة من الحزب الوطني مع انه كان قادما اصلا من الحزب الوطني , وهذه اشكال جديدة من التفكير , وامانة السياسات ليست نائبا ولكنها مركز لتفكير الحزب الوطني , واعتقد أن اي حزب عاقل تفكيره في السياسات العامة ليس فقط وظيفة رئيس الحزب او الهيئة العليا لانها هيئة سياسية ولكن لجنة السياسات لا تدير الحزب ولا هي المتحدثة باسم الحزب .
* ولكن هل وجود شخص جمال مبارك في امانة السياسات يعطي هذا الانطباع؟
بالتأكيد وجود ابن الرئيس يعطي لونا خاصا , ولا نستطيع ان نستبعد هذا العنصر , ولكن عندما تتحول الحكاية إلي قانون فالموضوع يختلف , خاصة أن الاستاذ جمال حريص علي ألا يكون له موقف خاص , فعادة فيه خلاف , واعتبر الحزب الوطني جبهة وطنية عريضة مثلما كان هناك حزب الوفد من قبل وكان فيه السعديون قبل أن يكون هناك حزب , والحزب الوطني كجبهة وطنية عريضة فيها يسار ووسط وغيرهما , ويمكن جزء من شخصيته ان عمره ما أخذ جانبا في الموضوعات الخاصة المطروحة .
* وما رأيك فيمن يقول إن مصر منذ أيام محمد علي تتغير من أعلي؟
منذ فجر التاريخ وكل المجتمعات تفعل ذلك , فجماعة صغيرة من الناس الملتزمين وأصحاب العقول وعندهم فكر واضح يقدروا يغيروا العالم , ولم تكن في يوم من الأيام غير ذلك , ففي الآخر اي تغيير منظم لازم يقدم له احد قوانين وطريقة للتطبيق , فمعني ذلك أنها في حاجة لأحد من فوق فالأمور التي تهز المجتمع تأتي من تحت ولكن من يبني المجتمعات يكون من فوق , فالثورة البلشفية قامت وهدت نظام القيصر , وقام ماوتسي تونج وهذا النظام الامبراطوري , فعملوا اللجنة المركزية للحزب الشيوعي , وبالنسبة لمصر فهذا صحيح تماما وواضح جدا من عهد محمد علي وكل التغييرات الكبري قامت من فوق , ولكن المهم ان نعرف انها ليست مطلقة , فأري ان الرغبة في التغيير موجودة من فوق أو اعلي أو من تحت , فكل الحاجات بتقول ان الناس الآن افضل مماكانت عليه , ولكن هناك من سيقول إننا مثل ماليزيا او ناس كثيرين سبقونا , ولكن نحن علي استعداد ان نفعل ما فعلته ماليزيا او تركيا , فلا توجد دولة في العالم تتحكم في الخبز غيرمصر , فكون الدولة تتدخل في الخبز ليس موجودا غير في مصر , وأول ما يحصل طابور يبقي الدولة مسئولة , لانه النظام كله قام علي تحكم الدولة في موضوع الخبز , فتأخذ القمح من الفلاحين تطحنه , وتطلع نظريات فصل الانتاج عن التوزيع فكل هذه الاشياء لا توجد في الدنيا كلها , طيب .. فيه حد عنده عمال وفلاحين؟ مفيش وكوريا الشمالية ليس لديها ذلك , وفي كل انتخابات نتكلم عن تعريف العامل والفلاح , علي حسب رؤية القاضي وقال هذه المرة إن اي واحد عنده شهادة عليا لا يكون عمالا وفلاحين , طب ليه , افرض اننا فلاحون في أمريكا , فهل نحن علي استعداد في مصر ان نأخذ ما فعلوه في هذه البلاد؟ انا شخصيا مع هذا وسنكون مثلها , ولكن المجتمع يخشي المغامرة في هذا , فمعظم هذه البلاد عندها مجانية التعليم لحد الثانوية العامة ولا يوجد احد عنده لحد الجامعة , فأول ماتدخل الجامعة تبقي مثل كوريا الشمالية او غيرها او الدول الاشتراكية السابقة وهذا معناه انك لا تدخل جامعة , لكن لو قلت هذا في مصر يبقي فيه الدستور الذي يتعارض مع هذا الكلام وقضايا كثيرة علي هذا المنوال , ففكر العالم كله أن أول حاجة في التقدم اننا نتعلم فكرة إدارة الثروة , والمشكلة أن البعض هنا يريدون من الدولة باستمرار أن تدير الفقر , فأنت بتقولي 7% نموا , ولكن من شعر بذلك , وإلي أين تصل نسبة الفقر فعندنا 40% والبرادعي جعلها 42 % وهي أرقام غير صحيحة , ولكنها أرقام متداولة وتتحول إلي قناعة اجتماعية , وتكون هذه هي القضية , مع أن المفروض اننا نزيد ثروة المجتمع , وبالتالي الفقير لن يكون فقيرا , فقضية الغني والفقر هي زيادة الفرص امام الناس , فلما اتخرج يبقي عندي فرصة عمل او أعمل بيزنس , والتعليم الجامعي لكي اعمل عقلية للمجتمع وليس لكي أعمل رخصة لواحد ويقول إنه خريج جامعة ففي فيلم مؤسس الفيس بوك كان فيه عبارة في حوار الطلاب مع رئيس الجامعة عندما فكروا يعملوا اتصالا بين الطلاب وقالوا إنهم اخترعوا حاجة فقال لهم إن كل طالب في هارفارد جاء ليخترع حاجة , فهذه هي الفكرة في الجامعة والتعليم الجامعي وهي خلق عقلية مختلفة , ولكن الجامعة عندنا أصبحت عبارة عن مدارس كبيرة , فهذا ثمن لازم ندفعه إذا اردنا ان نكون مثل هذه الدول , فلازم اللي فوق يشرح كثيرا , وهذه مشكلتي دائما مع الحزب , فدائما أقول لهم إن عملنا ليس أن ندير الفقر , ولكن عملنا إننا نزيد ثروة المجتمع , ويكون الرد علي ان هذا سابق المجتمع , واننا لو قلنا هذا الكلام سوف يقولون هؤلاء هم الأغنياء , فمشغولون أيضا بفكرة الكوسة , وكلها قيود قادمة من المجتمع , ولذلك مصر غير قادرة أن تكون مثل هذه الدول .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.