شىء طبيعى ومعتاد أن تكون قصور الثقافة بلا نشاط أو دور مؤثر أو أن تتحول إلى خرابات تسكنها الأشباح ..لكن ليس من المقبول إطلاقا أن تسىء إلى ذكرى من تحمل أسماءهم رغم عطائهم العظيم للفن و الثقافة المصرية ، الكلام على قصر ثقافة نجيب الريحانى الذى أقيم فى البيت الذى بناه الفنان الكبير لنفسه دون أن يهنأ به حيث مات فى عام بناءه . تصوير : محمد لطفى وهذا المكان كان يمكن استغلاله جيدا لقيمته التاريخية ولكنه للأسف تحول من مركز تثقيفى جاد وهادف إلى مكان مهجور وجراج ومنبع للحشرات ومسكن للمتشردين فى شكل غير حضارى بالمرة لدرجة دفعت الأهالى لتقديم شكاوى للحى للتصرف فيه . الحكاية فى التحقيق التالى .. القصر - الذى كان جميلا - يبدو فى حالة حزينة تدعو للشفقة والرثاء فلم يكن يتصور صاحبه أن يتحول حلمه إلى مقبرة بهذا الشكل ، كان المهندس الإيطالى شارل عيروط قد أبدع فى تصميم هذا القصر عام 1949حسب اللوحة الرخامية المثبتة على أحد الجدران وقد تم بناؤه على هيئة ثلاث طوابق للاقامة وللبروفات الفنية حيث كان يضم مسرحا كبيرا من الداخل وعدة قاعات صغيرة وكان الريحانى ينوى تحويله إلى مؤسسة فنية للإعداد لأعمال وعرضها أيضا ، ولكنه توفى قبل أن يهنأ بهذا المشروع وربما لم ينم بهذا البيت سوى ليالى قليلة حيث توفى فى نفس عام بنائه ، فانتقل القصر لشقيق الفنان وإبن شقيقيه ، و ظل مغلقا لسنوات طويلة إلى أن استلمته وزارة الثقافة وحولته لقصر ثقافة نجيب الريحانى منذ أوائل السبعينيات لإستحضار روح صاحبه الفنان العظيم واستغلال القيمة الجمالية والتاريخية للمكان وكان مركزا ناجحا بكل المقاييس حيث عقدت به نداوت وورش فنية وعروض مسرحية وفجأة انطفأ هذا الحماس الثقافى وتحول القصر إلى خرابة تسكنها الأشباح . ## يقع بيت الريحانى فى نهاية شارع القصر بحدائق القبة وهو يتمتع بشهرة عالية جدا بين أهالى المنطقة ، المشهد عند مدخل البيت مزعج للغاية وقد تم استغلال السور المحيط به أسوأ استغلال بتحويل ساحتة لجراح تم الترخيص له من محافظة القاهرة لسيارات المنطقة وعلى السور عبارة تقول " محافظة القاهرة جراج رقم 48 " أما أسفل لافتة القصر عند البوابه الرئيسيية الخاصة به فهناك عربية فول لاتغادر المكان وبرميل مياه مغطى بالكرتون وعربة يد صغيرة وعشة تستند على السور حيث ينام فيها حارس الجراج !! يقول حاتم سيف (18سنة) وهو المسؤل عن إدارة جراج ساحة الريحانى : والدى كان مسجونا وبعدما خرج من السجن حصل علي ترخيص من محافظة القاهرة باستغلال ساحة قصرالريحانى كجراج ورقم الرخصة 48 ومعنا أوراق وإيصالات تثبت ذلك ، والجراج يخدم أهالى المنطقة و قمنا باستغلال المساحة الفاضية تحت سور القصر بعدما كانت مقلب زبالة ونظفناها ورفعنا القمامة ووفرنا مساحة بطول الشارع لركن السيارات وندفع كل سنة حوالى 3 آلاف جنيه لتجديد الرخصة . ## كما أصبح سور القصر أيضا مساحة مثالية لنشر الإعلانات والذكريات الخالدة ، أما من الداخل فالوضع أكثر مأساوية حيث تشتكى الحاجة هانم السيد (66 سنة ) إحدى جارات البيت من خزان المياه الموجود المكشوف داخل حوش البيت حيث تنبعث منه الروائح الكريهة والذباب والناموس وكان هذا الخزان قد تم إنشائه خصيصا لسحب المياه الجوفية من تحت القصر ولكن بعد اختلاف مقاول المشروع مع وزارة الثقافة فقد ترك البيت وترك الخزان ليصبح المنظر بهذا الشكل المزعج . الذى تحول لأكوام تراب وأتربة وبقايا أخشاب وأحجار . ## ويؤكد أغلب أهالى المنطقة أن القصر قد فقد دوره الثقافى منذ حوالى 20 عاما وإن كان قد ظل مفتوحا قبل 6 سنوات دون نشاط واضح بعد أن تربى أغلبهم وهم أطفال على أنشطته ، حيث يقول السيد فؤاد (44سنة ) موظف ومن سكان شارع القصر : زمان كان بيت الريحانى حكاية واسماً على مسمى وكنا نشعر بأن صاحبه لايزال حيا نتيجة العروض المسرحية التى كان يشارك فيها الفنان لطفى لبيب وعدد آخر من الفنانين وبخلاف ذلك كان القصر ينظم رحلات ثقافية للعديد من المحافظات والمتاحف كما كانت به مكتبة ثقافية وحديقة ، وكل ذلك للأسف اختفى ولم يعد له وجود وبعدما كنا نتثقف من المكان أصبحنا نتعرض للضرر والأذى بسببه وللأسف المكان أصبح يسىء لإسم صاحبه بهذا الشكل ويؤكد حسين عبد الرازق (67 سنة) موظف بالمعاش أن ملامح القصر تغيرت تماما فقد كان مبنيا من الطوب الطفلة وكان منظره هادئا وكانت فى أعلاه مظلات تحميه من المطر ولكن وزارة الثقافة أعادت ترميمه وقضت على ملامحه القديمة وحولته لبيت عادى من حيث الشكل وكان محاطا بجنائن ومناظر طبيعية وفى البكلونة الكبيرة الخاصة بالبيت غنت ليلى مراد "اتمخترى واتمايلى ياخيل " أيضا كانت المساحة المحيطة بالقصر كبيرة فاستولت الدولة على قطعة أرض منها وحولتها إلى مدرسة وهى تحمل إسم مدرسة نجيب الريحانى حاليا وكان يوجد بالقصر أيضا فرش وأثاثات وكراسى وديكورات لكن كل هذه الأشياء اختفت للأسف والقصر من الداخل كله كراسى مكسورة وعفش قديم وبقايا تحف وتماثيل وبعدما كانت تحيط به الحدائق والأشجار أصبح الآن محاطا بالكراكيب ولم تتبقى من الجنينة الخاصة به غير ثلاث نخلات و شجرتين .