أثارت موافقة مجلس الوزراء المصري على مشروع ل"ميثاق الشرف للإعلام المرئي والمسموع" المخاوف والريبة لدى خبراء الإعلام من القيود الواردة بالمشروع، وتجاهله لمواطن الخلل الإعلامي والشفافية بشأن التمويل. كما شدّدوا على أهمية صدور الميثاق بمبادرة من المجتمع الإعلامي نفسه وليس عن السلطات. وكان مجلس الوزراء قد اعتمد مشروع الميثاق المقدم من وزارة الإعلام، وقرر طرحه للحوار المجتمعي تمهيداً لإقراره وتفعيله في وقت لاحق. وينصّ المشروع الحكومي على تشكيل مجموعة مصغّرة من الإعلاميين المرموقين والشخصيات العامة، لتلقي البلاغات بالخروقات والانتهاكات الإعلامية للميثاق، وتقرير وتوقيع العقوبات الملائمة، وتحديد ما إذا كان إنزال العقوبة يتم على مالك الوسيلة الإعلامية، أم مديرها، أم الإعلامي ذاته. وألزم الميثاق الإعلاميين بلائحة طويلة من الواجبات والقيود، منها الأمانة والحياد، وعدالة العرض والتأكد من مصادر المعلومات وذكر المصدر كلما أمكن. وأكد احترام كرامة الشعوب واختياراتها، وسيادة الدول، وتجنب حملات الإثارة، وخدمة أجندات خاصة أو دول بعينها، وعدم بث أسرار الدولة أو ما يهدد الأمن القومي، أو إثارة الرأي العام بطرق ومعلومات مغلوطة. وشدد على احترام القيم والأخلاق وحرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وحقوق وكرامة الإنسان، والامتناع عن التحريض على الكراهية والعنف والإرهاب، وعدم بث المشاهد الخليعة أو الإيحاءات والمعاني البذيئة، أو الجنسية الفجة، والسوقية. كما أوجب عدم تحبيذ انتهاك الدستور أو القوانين، والامتناع عن بث أي إساءات إلى الذات الإلهية أو الأديان السماوية والرسل والرموز الدينية، وعدم الترويج للشعوذة، أو التعاطف مع الجريمة، واحترام دور المرأة وحقوق الأطفال، والابتعاد عن التأثير على مجريات الدعاوى والمحاكمات القضائية، والامتناع عن إذاعة الإعلانات التجارية التي تنافي الأخلاق ولا تراعى معايير الجودة. وألزم الميثاق المؤسسات الإعلامية بتكذيب أو تصويب الأنباء التي يثبت عدم صحتها، احتراماً لحق التصحيح والرد. في المقابل، أكد مشروع الميثاق حق الإعلاميين في ممارسة عملهم بحرية في الرأي والتعبير، والاستقلالية والحماية من ضغوط السلطات والممولين، والوصول إلى الأخبار والمعلومات والإحصاءات والوثائق، وتسهيل حضورهم الاجتماعات العامة، وتوفير الحماية القانونية لهم من تعسف الجهة المالكة والسلطات على السواء، مادام الإعلامي ملتزماً بالأداء المهني والموضوعي لعمله. إلى ذلك قال الدكتور سامي الشريف، رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون سابقاً، ل"العربية.نت" إن الأصل في مثل هذا الميثاق هو صدوره بمبادرة من الإعلاميين أنفسهم، شريطة أن يسبق صدوره دراسة لمواطن الخلل الإعلامي ومن ثم يعالجها، مما يستلزم الشراكة بين صناع الإعلام والمشرفين على تنظيمه، للخروج بالميثاق الأفضل. ولفت إلى تجاهل مشروع الميثاق لمسألة الشفافية بشأن ملكية القنوات ومصادر تمويلها، وقضية الفصل بين رأس المال والتوجه الإعلامي، ومشكلة خلط الإعلام بالإعلان. من جانبه، وصف رجائي الميرغني، المنسّق العام للائتلاف الوطني لحرية الإعلام ومدير تحرير وكالة "أنباء الشرق الأوسط"، الميثاق ب"كتاب التعليمات"، الذي يحوي الكثير من البنود المطاطة، ويعبر عن جهل بأولويات العمل الإعلامي. وأضاف ل"العربية.نت"، أن المواثيق لابد وأن تكون بإرادة المجتمع المهني، أما التي تصدر عن الهيئات والسلطات فلا قيمة لها، ومصيرها هو السقوط ولا قيمة لها. في السياق ذاته، أشار الدكتور سامي طايع، رئيس المنظمة الدولية للتربية الإعلامية رئيس قسم العلاقات العامة بإعلام القاهرة، ل"العربية.نت"، إلى وجوب أن تتصدى بنود الميثاق الإعلامي لفوضى الفضائيات، ومنح "ترخيص إعلامي" لمن يعمل في مجال الإعلام، ولابد من احترام الإعلام المسؤولية المجتمعية وعقلية المشاهدين.