بداية أُقر أننى كنت قد قاطعت السينما منذ سنوات طويلة، بعد أن سيطرت أفلام المقاولات والمؤامرات على الساحة السينمائية، وأصبحت متعتى الحقيقية فى مشاهدة الأفلام القديمة.. انتقدت كثيرًا عدم توثيق السينما لمحطات مهمة ومصيرية، وانتصارات عظيمة لقواتنا المسلحة، في الوقت الذى تُوثق فيه السينما العالمية بطولات دولها. لم أجد فيلمًا يُجسِّد حرب أكتوبر المجيدة، وجسارة وبطولة الجندى المصرى، وعقيدته القتالية.. ولم أرَ فيلمًا يُوثق القضايا الوطنية.. طالبت مرارًا - من خلال عدة ندوات فنية وموضوعات صحفية - بضرورة عودة الروح إلى السينما، وأن تقوم بدورها الوطنى تجاه الوطن؛ باعتبارها واحدة من أهم القوى الناعمة.. ومساء أمس الأول، وجدت ضالتى؛ عندما تلقيت دعوةً كريمةً من الشؤون المعنوية لقواتنا المسلحة الباسلة؛ لمشاهدة العرض الخاص لفيلم "الممر" بقاعة المنارة، بحضور أبطال الفيلم، وحشد كبير من الشخصيات العامة ورؤساء التحرير وكبار الكتاب والإعلاميين.. وجدت نفسى حريصًا على حضور الفيلم، بعد الضجة الكبرى التى أحدثها بعد عرضه ضمن أفلام عيد الفطر المبارك، حيث أصبح حديث الرأى العام، وحقق أعلى الإيرادات رغم خلو مشاهده من العرى والابتذال وإثارة الغرائز.. فوجئنا أننا أمام عمل سينمائى عظيم يُوثق لمرحلة زمنية من أخطر المراحل التى مرت بها مصر فى تاريخها، بدءًا من نكسة حرب 1967 وحتى حرب الاستنزاف.. وجدنا أنفسنا وجهًا لوجه أمام أضخم فيلم عسكرى فى تاريخ مصر، يُجسِّد الفترة التى سبقت انتصار أكتوبر73، وتحديدًا الفترة من 67 إلى 68، مع بداية تكوين وحدات الصاعقة.. استمتعنا بمشاهدة فيلم عظيم، أعتبره عبورًا جديدًا لصناعة السينما، حيث أبدع كل من شارك فيه، خاصة الفنان أحمد عز، ليقدموا لنا فيلمًا يستحق المشاهدة، ويستحق أن يُنافس على جوائز الأوسكار، وأطالب صُناع السينما بفيلم على غراره يُجسِّد نصر أكتوبر العظيم؛ الذى مر عليه الآن 42 عامًا دون أن يُوثق بفيلم يُجسِّد بطولة رجال عبروا قناة السويس، وحطَّموا خط بارليف وأسطورة جيش إسرائيل الذى لا يُقهر.. كل شيء رائع فى هذا العمل السينمائي الضخم، لكن دور المراسل الصحفى العسكرى الذى جسَّده الفنان أحمد رزق يُمثل لغزًا فى الوقت الذى يُسجل فيه التاريخ العسكرى بطولات مراسلين عسكريين كان لهم دور كبير فى انتصاراتنا خلال الحروب، أذكر منهم بمؤسستنا "أخبار اليوم" الكاتبين الصحفيين العظيمين الراحلين جمال الغيطاني وفاروق الشاذلي، عقب انتهاء العرض، حرصنا على تحية وتهنئة أبطال الفيلم؛ الذين شاهدوا العرض معنا، وقمت بتوجيه تحية خاصة للنجم إياد نصار، الذى جسَّد دور القائد الإسرائيلى الذى أسره أبطالنا، وأوسعوه ضربًا، والفنانين أحمد صلاح حسنى وأحمد فلوكس؛ اللذين أديا دورهما ببراعة، والفنان محمد فراج الذى جسَّد دور الجندى الصعيدى القناص باقتدار، وتحدث اللهجة الصعيدية بإتقان شديد.. "الممر"، فيلم رائع، أعتبره ممرًا إلى السينما التى نحلم بها.. أتمنى أن تكون بداية لعدد من الأفلام التى تُوثق أمجاد مصرنا الحبيبة، وأن يكون الفيلم المقبل عن حرب أكتوبر المجيدة..