وضع الاسلام آدابا لحقوق وواجبات الضيف والضيافة باعتبارها من مكارم الأخلاق ومحاسن العبادات، وفي إطار استضافة مصر لكأس الأمم الافريقية ويبقي أن نتذكر آداب الضيافة في ضوء القرآن والسنة لتكون أخلاقنا ومعاملاتنا لضيوف مصر خير سفير لتعاليم الاسلام السمحة وأخلاق المصريين. وعن التعريف بالضيف وما يتعلق بالضيافة في ضوء القرآن والسنة يقول د. سيف رجب قزامل أستاذ الفقه المقارن أنها من معالم الشريعة الإسلامية تضمنتها آيات القرآن الكريم والاحاديث وبداية »الضيف في اللغة من الألفاظ التي يستوي فيها المذكر والمؤنث والمفرد والجمع» وقال تعالي : »قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ» أي هؤلاء ضيوفي، وقد قيد بعض الفقهاء الضيف بالسفر اشتراطا لقيام الضيافة، وعرفه بعض المعاصرين بأن المراد به الغريب الذي ينزل بغير بلده ولا ينظر إلي حاله هل معه مال ينفق منه أو لا بخلاف ابن السبيل الذي فرغت نفقته وله حق معلوم في أموال الاغنياء، والضيافة بمعناها البسيط نزول شخص عند آخر لتقديم قراه وهو ما يقدم للضيف من مأكل ومشرب وحسن استقبال ويكون الإنسان مضيافا عندما يكون كريما مع ضيوفه. الضيافة عبادة ويؤكد د. سيف أن كرم الضيافة من مكارم الاخلاق ومحاسن العبادات كما أنه عادة مصرية وكانت في الأمم السابقة حيث ورد في السنة أن أول من ضيف الضيف هو إبراهيم عليه السلام قال تعالي : »وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ» ووجه الدلالة أن الله سبحانه يخبر عن إبراهيم عليه السلام وضيفه كيف حياهم بعد أن حيوه وقد رآهم في صورة شبان حسان عليهم مهابة عظيمة دون أن يدري أنهم ملائكة الله ولكن استبان له ذلك فيما بعد حين رأي أيديهم لا تصل إلي الطعام ومن جم أدبه عليه السلام لم يسألهم أولا هل نأتيكم بطعام؟ بل أعده ووضعه بين أيديهم مما يدل علي استحباب خدمة الضيوف ولم يأمرهم أمرا يشق علي سامعه بصيغة الجزم بأن يأكلوا بل قال آلا تأكلون علي سبيل العرض والتلطف وصار ما فعله إبراهيم عليه السلام من آداب الضيافة لما بعده من الأمم، وهذا موقف تعرض له رسول الله موسي مع العبد الصالح عندما مرا علي قرية وطلبا طعاما فامتنع أهل تلك القرية عن اطعامهما وكان التعبير القرآني »فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا» ويدل علي مشروعية سؤال الضيافة بالطعام دون الميل إلي الايواء، ومن الاحاديث أن رجلا من الانصار بات به ضيف فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه فقال لامرأته نومي الصبية واطفئي السراج وقربي للضيف ما عندك فنزلت الآية »وَيُؤْثِرُونَ عَلَي أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ» ويدل ذلك علي فضيلة إيثار الضيف ومنها الاحتيال في إكرامه بأن طلب اطفاء السراج حتي لا يري الضيف قلة الطعام وأنهما لا يأكلان معه فيمتنع عن الأكل، ومنها اشتراك المسلمين وتعاونهم في قري الاضياف إذا كثروا وكان بعض أجواد العرب يشعلون نارا سميت »نار القري» أي نار الضيافة ليستهدي بها الضيوف وتشمل ضيافتهم الاطعام والحماية والدفاع عنهم. نشر الوعي ويقول الشيخ عمر البسطويسي من علماء الازهر: هناك بعض السلوكيات السيئة التي يقابلها الضيف الاجنبي الذي يزور مصر إما للتنزه أو المشاركة في مناسبات قومية مما يكون له مردود سلبي علي جهد الدولة وصناعة السياحة.. من ذلك استغلال بعض سائقي التاكسي له مما يسبب ضررا كبيرا لذا الأفضل أن يكون هناك تاكسي السائح تشرف عليه وزارة السياحة وتختار له السائقين وفقا لمجموعة من الضوابط أهمها إجادة اللغات الاجنبية والتعامل الراقي في تقديم الخدمات لهؤلاء الضيوف أيضا انتشار بعض الاطفال المتسولين الذين يقومون بالتسول ومضايقة الزائرين في الشوارع خاصة في اشارات المرور. ويضيف هناك بعض الباعة الجائلين الذين يمارسون ضغوطا علي السائحين لبيع التذكارات وورق البردي والعاديات مما يشعر الضيف بقيد في حركته واختياره بالاضافة إلي قلة جودة السلع المعروضة وهذا سلوك غير حضاري. لابد أن نتدارك هذه السلبيات فالامر يحتاج إلي تثقيف ونشر الوعي بأن مضايقة الزائرين أمر يضر بأحد مصادر الدخل القومي لمصر وايضا حتي يستمتع الضيف القادم إلينا بواجب الضيافة الذي شرعه الاسلام ويصبح سفيرا لبلادنا عند عودته لوطنه.