أندهش وأنزعج عندما أري بعض صغار المسئولين في مؤسساتنا الحكومية يتعالون علي البسطاء، ويرفضون مقابلتهم والاستماع لمشكلاتهم الملحة وتخفيف همومهم، بل يتجاهلون أيضا الرد علي شكاواهم. لماذا الاستكبار والاستعلاء والغرور بالسلطة؟! فليس هناك مسئول علي وجه الأرض أعظم من الحبيب المصطفي -- الذي رأي عجوزا تخرج من سوق مكة حاملة علي ظهرها حملا ثقيلا، فقال لها: عنك يا خالة، وحمله عنها وطلب أن ترشده إلي بيتها، وأرادت أن تكافئه بالمال فرفض وقال: أنت مثل أمي وديني يدعوني لمساعدتك واعانتك، أحبت أن تشعره بالامتنان، فأخذت تنصحه وتوصيه -علي طريقة مجاذيب السوشيال ميديا حاليا- بألا يتبع الدين الجديد الذي يتحدث عنه أهل مكة، لأن زعماء مكة يقولون: إن محمد بن عبدالله الذي جاء بهذا الدين يفرق بين الناس وآلهة آبائهم وأجدادهم ويسحر كثيرا من أتباعه، فتجاذب الحبيب المصطفي -- أطراف الحديث معها، وحاورها حول الدين الجديد، وموقفه من المرأة والمسنات والمسنين بصفة خاصة حتي أعجبت بحلاوة منطقه، وعندما أصبحا بجوار بيتها سألها: هل رأيت محمد بن عبدالله؟ قالت: لم أره قط، قال: أنا محمد بن عبد الله. فسكتت وبكت لما رأته من جميل فعله وحسن صنيعه قبل حلاوة منطقه، وأعلنت إسلامها، وكادت تقبل رأسه الشريف، فقال لها: هوني علي نفسك يا خالة، فأنا مثل ابنك.. مشهد آخر للحبيب المصطفي -- وهو يهدئ من روع صحابي دخل عليه وهابه هيبة شديدة، وتلعثم في مخاطبة الرسول النبي حفيد عبدالمطلب بن هاشم خادم زوار بيت الله الحرام، وما أدراك ما هذا الشرف في الجاهلية والإسلام! لم يقل له الرسول إلا: »هون عليك يا أخي؛ فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة». في ظل التقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصال لم يعد مقبولا أن يتجاهل أي مسئول الحوار المنطقي مع الناس.