رابط نتيجة مسابقة معلم مساعد علوم، وبدء تلقي التظلمات غدا    رئيس الإسماعيلية الأزهرية يشهد ختام برنامج الذكاء الاصطناعي لرياض الأطفال (صور)    مدبولي يستعرض استجابات منظومة الشكاوى الحكومية لعدد من الحالات بقطاعات مختلفة    انطلاق اللقاء التنشيطي للمجلس القومي لحقوق الإنسان بالإسكندرية (صور)    محافظ أسيوط يتفقد مبادرة إعادة تدوير رواكد الأخشاب إلى مقاعد دراسية    إهمال صيانة أم أحمال أم الموجة الحارة؟.. أسباب انقطاعات الكهرباء المتكررة مؤخرًا    مهمته التعرف على جثث القتلى، جندي إسرائيلي يتخلص من حياته    مقتل 4 أشخاص جراء أمطار غزيرة وفيضانات في شمال الصين    قرعة كأس الخليج للشباب، منتخب مصر في المجموعة الثانية    "رجلُه برّه الشباك".. تحرّك عاجل من الداخلية ضد سائق "ربع نقل" على الدائري | فيديو    وصول فيروز لحضور مراسم تشييع جثمان نجلها زياد الرحباني (فيديو وصور)    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    وزير الصحة: مصر أول دولة تحصل على التصنيف الذهبي للقضاء على فيروس "سي"    تمرين ينظم نسبة السكر في الدم لدى مصابي السكري.. احرص عليه    "بطاقة لكل عبوة".. مصدر يكشف موعد تطبيق منظومة "التتبع الدوائي"    مؤشرات أولية لعلمى علوم.. الحد الأدنى للقبول بطب الأسنان لن يقل عن 93.1%    المصري يستنكر بشدة ما حدث من تجاوزات في مباراة الترجي الودية    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    هل ستفشل صفقة بيع كوكا لاعب الأهلي لنادي قاسم باشا التركي بسبب 400 ألف دولار ؟ اعرف التفاصيل    الصفاقسي: معلول سيتولى منصبا إداريا في النادي بعد الاعتزال وهذا موقف المثلوثي    شركة عجيبة للبترول: وضع بئر Arcadia-28 على الإنتاج بمعدل 4100 برميل مكافئ يوميا    طقس اليوم بمطروح والساحل الشمالى.. حار رطب ونشاط الرياح وارتفاع الأمواج    جامعة جنوب الوادى تستعد لاستقبال طلاب المرحلة الأولى بمعامل التنسيق غدا    الداخلية تكشف حقيقة فيديو الاعتداء بمادة حارقة: واقعة قديمة أُعيد نشرها    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ورأس المال يربح 4,5 مليار جنيه    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    لبنان يودع عبقرى الموسيقى والسياسة.. جنازة زياد الرحبانى اليوم فى بكفيا    نشاط مكثف لتحالف الأحزاب في انتخابات الشيوخ 2025    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    رئيس الوزراء البريطاني سيحث ترامب على الضغط على إسرائيل لوقف الحرب فى غزة    الشرطة الألمانية: انهيار أرضي يُحتمل أن يكون السبب في حادث القطار المميت    رئيس وزراء السودان يصدر قرارا بتعيين 5 وزراء جدد    الصحة العالمية : مصر أول بلد بالعالم يحقق المستوى الذهبي للتخلص من فيروس C    الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2025 - 2026 «أيام الدراسة والإجازات»    الإطار التنسيقي الشيعي يدين هجوم الحشد الشعبي على مبنى حكومي ببغداد    الأرز والعدس.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية اليوم الإثنين 28 يوليو 2025    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الإثنين 28-7-2025 بعد ارتفاعه الأخير في 5 بنوك    الاتحاد الأوروبي يقر تيسيرات جديدة على صادرات البطاطس المصرية    السيسي يحتفل بدخول شاحنات "هزيلة " بعد شهور من التجويع… وإعلامه يرقص على أنقاض مجاعة غزة    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    بالصور.. اصطدام قطار بجرار أثناء عبوره شريط السكة الحديد بالبحيرة    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    «اقعد على الدكة احتياطي؟».. رد حاسم من حسين الشحات    طرائف الانتقالات الصيفية.. الزمالك وبيراميدز كشفا عن صفقتين بالخطأ (صور)    هدي المفتي تكشف علاقتها ب ويجز لأول مرة: "مش مقربين"    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 28 يوليو    وائل جسار ل فضل شاكر: سلم نفسك للقضاء وهتاخد براءة    السيطرة على حريق بشقة سكنية في البلينا وإصابة 3 بحالات اختناق    «مكنتش بتاعتها».. بسمة بوسيل تفجر مفاجأة بشأن أغنية «مشاعر» ل شيرين عبدالوهاب.. ما القصة؟    إدريس يشيد بالبداية المبهرة.. ثلاث ميداليات للبعثة المصرية فى أول أيام دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    الاحتلال يقصف حَيَّيْ التفاح والشجاعية في مدينة غزة    أم وابنها يهزمان الزمن ويصنعان معجزة فى الثانوية العامة.. الأم تحصل على 89% والابن 86%.. محمد: ليست فقط أمى بل زميلتي بالدراسة.. والأم: التعليم لا يعرف عمرا وحلمنا ندرس صيدلة.. ونائب محافظ سوهاج يكرمهما.. فيديو    الباذنجان مهم لمرضى السكر والكوليسترول ويحمي من الزهايمر    هل الحر الشديد غضبًا إلهيًا؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاقة متشابكة بين التقانة وفن الحكي :عن الكتابة في عصر مُظلم جديد

ينحرف الادّعاء بتشابك العلاقة بين فن الحكي والتقانة كثيرًا عن الحقيقة؛ إذْ يصطف الطرفان مثل أفعي تأكل طرف ذيلها، صارت آلة دائبة الحركة: تحظي التقانة بدور مُتجدد في التأثير علي الطريقة التي تُروي بها القصص، إلي جانب أنّها مصدر الإلهام للكثير من تلك القصص. لا ينحصر ذلك في الخيال العلمي: فعلي سبيل المثال؛ تأمّل الطريقة التي أثّر بها وجود الهواتف الذّكيّة علي عدد من القصص والمجازات العاديّة. إذْ لم تعد حكاية عن التيه أو انقطاع المعلومات أو العجز عن الوصول لشخص ما مقبولة منذُ سنوات عديدة- لكن صعود تقانات جديدة يخلق أيضًا نوعًا من القصص الجديدة التي تنتظر أن تُروي.
إلي ذلك، يظل التقاطع بين مراقبي وممارسي التداخل بين التقانة والحكي؛ لا سيّما في تجلياته الأدبيّة، بالغ الصِّغر. لقد واظبت سنوات علي حضور فعالية تُدعيBook^2 »‬amp تضمّ كُتّابًا وخبراء فنيين وناشرين وغيرهم (كانت مارجريت أتوود المشهورة بحرصها علي سبر التقانة في أعمالها الأدبيّة بين الحاضرين ذات عام.) جيمس بريدل واحد من المراقبين ذوي الباع الطويل لهذا التداخل بين التقانة وكل الأشكال الأدبيّة، والّذي تحتفظ مدوّنته booktwo.org بمكان بارز في هذا الشأن طوال ما يزيد علي عشر سنوات.
كتب بريدل عام 2011 أنّ: »النصّ يدوم؛ فهو لا يعتمد علي وجود منصّة ولا يقتصر الوصول إليه علي مصدر واحد أو يفرض قراءته في مكان مُعيّن أو استيعابه بطريقة مُحددة. النصّ لا يعتمد علي التقانة؛ بل النصّ ما يصنع التقانة.»‬
يستطلع كتاب بريدل الجديد»‬عصر مظلم جديد»همومًا أوسع- المراقبة؛ الذكاء الاصطناعي؛ المغالاة التقنيّة- لكنّ مسائل النصّ والسرد تطفو تحت السّطح. ذلك أنّ بريدل يستقصي كيف تنفخ القصص الحياة في الأسئلة التي يطرحها في كتابه، مُستعينًا بالكثير من النصوص ليشرح الأمثلة التي يُقدّمها عبر الكتاب.
كتاب »‬عصر مظلم جديد»عمل مُفارق؛ رثائي؛ ورؤيوي. إذْ يُعانق المفارقة وحدود المعرفة- لا سيّما حدود المعرفة التي خوّلتها لنا التطورات التقنية الراهنة والاضطراب السياسي والفوضي البيئيّة. كي نعي ذلك؛ يكتب بريدل: »‬لا يسلك التاريخ دائمًا مسارًا صاعدًا صوب الأصلح، ولا يتعلّق هذا- وما كان له- بالنوستالجيا. بل بالتسليم بأنّ الحاضر بات مشوّشًا، وأنّه يتشعّب بطرق حاسمة ومُربكة في ذات الآن، تنبع من فكرة التاريخ نفسها. لا شيء واضح، ولن يكون. فما تغيّر ليس أبعاد المستقبل، بل قابليته للتنبؤ.»
سيلقي البحث عن الكثير من الأعمال التي نوّه عنها كتاب بريدل بالقراء إلي مسار فكري وخيال علمي؛ يشمل رواية كيم ستانلي روبنسون الملحميّة عن السفينة أرورا، وسلسلة روايات الخيال العلمي كلتشر لإيان بانكس، وروايات جرانت موريسون المصوّرة الثوريّة المليئة بالهلاوس اللامرئيون. لكن في حين يستعين الكُتّاب بالتقانة المستقبلية لإثارة أسئلة الحاضر، يثير كتاب بريدل سؤالًا آخر: هل يتغافل كُتّاب الرواية اليوم عن إمكانات اللحظة الراهنة ببعض تلك المعضلات والأسئلة بهدف التلاعب؟
تمزج جوانب من كتاب »‬عصر مظلم جديد» بين تخيلات مُقلقة للغاية؛ إذْ يبدو قسم يُقدِّم تفاصيل ذوبان طبقة جليد في سيبريا- يسفر عنه انطلاق غاز الميثان وحيوانات ميتة مصابة ببكتريا الأنثراكس- كأنّه مُصمم خصيصًا لإلهام قصص الخيال العلمي المثيرة وقصص الرعب علي السواء. تتردد هنا أيضًا أصداء أكبر لعلاقة التكافل بين رواية الخيال العلمي والرواية التأمّلية؛ ففي أوائل عام 2016، استشهد جيف فاندرمير برواية روي سكرانتون تعلّم الموت في الأنثروبوسين» التي تستقصي التداعيات المفزعة للتغير المناخي، باعتبارها كتابًا غيّر حياته قائلًا: »‬بالنسبة لي، تبلور الرواية وتعبِّر عمّا كان يدور بخلدي وأحاول استيعابه.» الشيء الّذي يُضفي علي الأجساد البديلة والمشاهد المنسوخة بكتبه الأخيرة»‬بورن»و»‬الطائر الغريب»، دلالات جديدة.
ثمّة إشارات خاطفة في »‬عصر مظلم جديد» للأشكال التي تتداخل بها اهتمامات بريدل مع موضوعات الرواية الآن؛ حيثُ يكتب في الجزء الأخير من الكتاب: »‬مجموعات تعزيز النفس، من ضحايا أوهام الاضطهاد إلي مرضي المورجيلونز والمتشككين في الحادي عشر من سبتمبر وأعضاء حزب الشّاي، هؤلاء جميعًا يبدون سمة مميزة لعصر مظلم جديد.» وسرعان ما يطرح خلاصة سريعة قائلًا أنّ: »‬نظرية المؤامرة هي السرديّة المهيمنة واللغة المشتركة لكل الأزمنة: إذْ تفسِّر بحق كل شيء؛ إذا ما قُرئت بشكل مناسب.»
من ثمّ يطرح كل هذا أنّ الخيال العلمي ربّما لا يكون السبيل الوحيد للتعاطي مع المخاوف التقنيّة الراهنة. تأمّل الطريقة التي تسرد بها روايات تختلف في أساليبها مثل رواية ألكس شاكار لومينيريوم وجوناثان ليثيم مدينة مزمنة وتوماس بينشون الحافّة الدامية، تجربة العزلة مُدّة طويلة داخل المجتمعات الافتراضيّة. تأمّل الطريقة التي تحوِّل بها روايات مثل رواية دانا سبيوتا »‬ستون آرابيا» وريفكا جالتشن»‬ اضطرابات جويّة»، تجربة البارانويا والمرض العقلي إلي بيانات إنسانيّة عن الحياة المُعاصرة.
لدي كل من سبيوتا وجالتشن نظرتها الخاصّة للأسلوب الّذي تتعاطي به رواياتها مع الهموم المعاصرة. في حديث مع هرميون هوبي، أدلت جالتشن بتعليق ثاقب عن نظرتها للرواية: »‬تُشبه الرواية تفكيرًا مضادًا. هذا النوع من التفكير فريد في براعته بالكشف عن الأمور العاديّة التي لا ننتبه إليها لأنّنا اعتدناها.» وقالت سبيوتا في حديث أجرته سنة 2012 مع مجلّة BOMB عن طبيعة الرواية أنّ: »‬يحظي التاريخ بالحقائق القابلة للإثبات؛ لكن كل ما عدا تلك الحقائق- ككل ذكرياتنا الشخصيّة- هي أمور تتحوّل وتتصل وتُبني باستمرار. في مستطاع الروايات أن تشغل تلك المساحة بين الوعي والحقائق.»
اللافت للنظر أنّ مقالًا نقديًّا بعنوان »‬صعود الرواية العصبيّة»كتبه ماركو روث منذُ تسع سنوات تقريبًا نُشر في مجلّة n+1 عام 2009، يُقدِّم وجهة نظر نقيضة لما جاء في كتاب بريدل، وفيه يستقصي روث القيمة التاريخيّة لروايات تصدّرتها الظروف السيكولوجيّة المُختلفة، إلي جانب سعيه لفهم لماذا طغت هذه النظرة علي الرواية المعاصرة. يكتب روث في مقاله أنّ: »‬كُتبًا مثل بروكلين يتيمة الأمّ (1999) لجوناثان ليثم في وجود بطلها المصاب بمتلازمة توريت، تُلقي عبء المعني والتمييز علي عاتق تصورات أبطالها الفريدة للعالم.»لكن في حين يتشكك روث في قدرة تلك الأعمال علي نقل تصورات بديلة للعالم، يصطف هذا التصوّر لحدٍّ ما مع ما ناقشه بريدل بعد عشر سنوات تقريبًا في كتابه »‬عصور مظلم جديد».
يقول روث في نهاية مقاله »‬صعود الرواية العصبيّة» أنّ هذه: »‬الرواية في شكلها الحالي تُقدِّم نموذج الهزيمة المعرفيّة. نتصوّر أنّ العلم سيبلغ تلك التخوم، لكنه يخفق.» ثُمّ يواصل روث ليقدِّم برهانًا يدعم تصورات بريدل عن وجوه التقارب بين السرد والتقانة، حتّي حين يتوصلون إلي استنتاجات مختلفة: »‬الغريب أنّ العلم وهو يتحرّك في اتجاه إعادة توصيف كاملة للعقل، قد لا يتجاوز تكرار وترتيب الرؤي الأولي للرواية النفسيّة.»
يُشير بريدل بالصفحات الأولي من كتابه »‬عصر مظلم جديد» إلي: »‬دليل علي مزيد من التلاحم المدروس مع التقانة، الّذي يقترن مع فهم مختلف كُليًّا لما يُمكن التفكير فيه أو معرفته عن العالم.» وسواء كان الكُتّاب يحلمون بمستقبل مقبول تقنيًّا أو يستقصون الأساليب التي تتعاطي بها عقولنا مع العالم المُحيط بنا؛ فإنّ جُلّ هذا الوعي نابع علي الأرجح من الأدب. يوفِّر كتاب بريدل باستقصائه حقائق مزعجة عن واقعنا الراهن، وسائل يُمكنها إلهام الكُتاب بطرق غير متوقّعة، تساعدهم علي تخيّل عالم أفضل جديد.
عن ليتراريهب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.