تحت غطاء الرد علي اختراقات روسية متعددة لمعاهدة الحد من الصواريخ النووية متوسطة المدي »INF»، لوح الرئيس ترامب مؤخرا بالانسحاب من تلك المعاهدة التي وقعتها واشنطنوموسكو عام 1978 وكان لها الفضل في منع فئة كاملة من الصواريخ الباليستية والقذائف التي تطلق من الأرض ويتراوح مداها بين 500- 5500 كم. ورغم وضع روسيا في الواجهة إلا أن الهدف الحقيقي لإلغاء الاتفاقية تحرير واشنطن من قيود تمنعها من تعزيز ترسانتها لمواجة التمدد الصيني في المحيط الهادي وبحر الصين الجنوبي. فكونها ليست طرفاً في المعاهدة، تمكنت بكين من بناء ترسانة تهدد حرية الملاحة في أجزاء من المحيط الهادي وتسيطر بها علي بحر الصين. خطورة الانسحاب الأمريكي، الذي يأتي في وقت يزداد فيه التوتر بين روسيا والغرب وتواجه فيه اتفاقيات الحد من التسلح شبح الانهيار واحدة تلو الأخري، أنه يطلق سباقا للتسلح بين القوي الكبري في وقت يهدد فيه التقدم التكنولوجي بإنتاج فئات جديدة من الأسلحة الفتاكة. إضافة إلي ذلك لاتزال جدوي الخطوة محل تشكك، لأن كثيرا من حلفاء أمريكا من المحتمل أن يحجموا عن استضافة أنظمة الصواريخ الأمريكية متوسطة المدي، في الوقت الذي يمكن الاستعاضة عنها ببدائل يتم إطلاقها جواً وبحراً. ومع إصرار موسكو علي أن ردهم سيكون »بالعمل علي استعادة توازن الدفاع النووي» نجد أنفسنا علي أبواب حرب جديدة ولكنها ساخنة جدا هذه المرة.