عقد الرئيسان عبد الفتاح السيسي وعمر البشير، مؤتمرًا صحفيًّا مشتركًا بمقر رئاسة الجمهورية بالخرطوم؛ لاستعراض أهم ما جاء في المباحثات اليوم، فضلا عن البيان الختامي للجنة العليا الرئاسية المشتركة. وفيما يلي نص كلمة السيسي: أود في البداية أن أعرب عن خالص شكري وعميق تقديري لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة الذي حظينا به في بلدنا الثاني، السودان الشقيق، خلال هذه الزيارة التي جاءت لتؤكد عمق ومتانة أواصر الأخوة والجوار التي تربط بين بلدينا منذ الأزل. كما أود أن أعرب عن سعادتي البالغة لما تشهده العلاقات المصرية السودانية من قوة دفع ملموسة خلال الفترة الأخيرة، والتي تتوج اليوم باجتماعات الدورة الثانية للجنة الرئاسية المصرية السودانية المشتركة. إن الحقيقة الثابتة تظهر أن الأيام والسنين لم تُكسب علاقاتنا الأخوية إلا مزيدًا من الرسوخ والمتانة والقدرة علي التصدي لأية تدخلات خارجية ومعالجة أية مشكلات مصطنعة، كما أنها عكست حجم ما يعلقه شعبا البلدين من آمال وطموحات عريضة نحو تحقيق مزيد من التكامل والترابط بين مصالح شمال الوادي وجنوبه، في ظل ما تمتلكه الدولتان من قدرات بشرية وثروات طبيعية ندر أن تذخر بها أي دولتين جارتين في العالم. لقد شهدت الأشهر الستة الماضية انعقاد العديد من الإجتماعات واللجان المشتركة بين البلدين الشقيقين على مختلف المستويات من بينها الاجتماع الرباعي، واجتماع آلية التشاور السياسي، والهيئة الفنية الدائمة لمياه النيل، ولجنة المنافذ البرية، واللجنة القنصلية، بالإضافة إلى لجنة القوى العاملة، وإنني على ثقة في أن الفترة القادمة سوف تشهد مزيدا من العمل للبناء المشترك على ما تحقق في إطار تنفيذ وثيقة الشراكة الإستراتيجية بين البلدين الموقعة عام 2016، ومن أجل تجسيد طموحات وتطلعات شعبينا الكريمين لتغدو واقعًا ملموسًا. لقد شهدت الفترة الماضية بدء تنفيذ مشروع الربط الكهربائى بين البلدين وهو المشروع الذي من شأنه أن ينقل علاقات التعاون القائمة بين بلدينا إلى مرحلة جديدة تتأسس على تنفيذ المشروعات الإستراتيجية المشتركة التي تعزز من فرص التبادل التجاري والاستثماري، وذلك في ظل ما تحظى به مشروعات الطاقة من أهمية بالغة على صعيد دفع جميع أوجه علاقاتنا الاقتصادية والتنموية. كما استضافت الخرطوم خلال الشهر الجاري الاجتماع الأول للجنة ربط السكك الحديدية بين البلدين، وهو مشروع إستراتيجي آخر يُضاف إلى تعزيز عملية انتقال الأفراد والسلع بين دولتينا، ليمثل بذلك خطوة إضافية على مسار دفع الترابط والتكامل بين البلدين. وتُتوج جهودنا المشتركة اليوم بالتوقيع على اثنتي عشرة مذكرة تفاهم وبرنامجًا تنفيذيًا لتعزيز التعاون بين بلدينا في العديد من المجالات، وهي كلها خطوات تفتح آفاقًا أرحب أمام الارتقاء بعلاقاتنا الثنائية. إن انعقاد اجتماعنا اليوم يأتي في توقيت بالغ الأهمية إذ إنه يوجه رسالة أمل وتفاؤل بمستقبل التكامل بين البلدين الشقيقين، في وقت تشهد فيه منطقتنا تطورات تنهي عقودًا من الصراعات والنزاعات بها والتي أدت إلى إزهاق آلاف الأرواح وسببت دمارًا بالغًا لمقدرات شعوبها، ونسأل الله أن يوفق جهودنا لإرساء السلام والاستقرار والرفاهية لشعوب المنطقة كافة. ولا يفوتني في هذا المقام أن أؤكد دعم مصر الكامل لجهودكم البناءة الأخ الرئيس في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والتي أسفرت عن توقيع أشقائنا في جنوب السودان على اتفاق لتسوية النزاع، وأثق في أن مساعينا المشتركة لتحقيق الأمن الإقليمي سوف تتواصل وتتسع لتحقيق الأمن في منطقة البحر الأحمر بالتنسيق مع الدول العربية والأفريقية المشاطئة، خاصة في ظل ما تشهده منطقة القرن الأفريقي من تطورات إيجابية متسارعة تؤشر إلى عهد جديد نتطلع جميعًا إلى أن يسوده السلام والرخاء والتنمية. تمضي السنوات وتنقضي الأعوام ومع مرورها يتأكد لنا أن وحدة مصير بلدينا سوف تظل حقيقة راسخة الجذور متماسكة البنيان، فهي كشجرة ضاربة بجذورها في أعماق الأرض، تزهر وتزدهر مع كل خطوة نخطوها نحو تعزيز مسيرة عملنا المشترك. وإنني على يقين من أن اجتماع اللجنة الرئاسية العليا المقبل في بلدكم الثاني مصر سوف يشهد مزيدًا من التقارب لما فيه خير شعبينا الشقيقين.