تمهيد الطرق ورفع الأذي عنها من مقومات تيسير الحياة اليومية وزيادة الحركة والإنتاج، فضلا عن زيادة التفاعل والترابط بين أفراد المجتمع ؛ لذلك اعتبر الحبيب المصطفي - عليه الصلاة والسلام - إماطة الأذي صدقة. إن للطرق حقوقا جعلت الحبيب المصطفي يحذرنا من الجلوس فيها دون مراعاة لهذه الحقوق، حيث يقول - عليه أفضل الصلاة والسلام - : » إياكم والجلوس في الطرقات، قال الصحابة : يا رسول الله.. ما لنا من مجالسنا بد، نتحدث فيها، قال : فأما إذا أبيتم إلا المجلس، فاعطوا الطريق حقه، قالوا : يا رسول الله.. فما حق الطريق ؟ قال : غض البصر، وكف الأذي، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر». ومن الأمر بالمعروف أن تنصح الناس بالإحسان إلي المشاة والعابرين للطريق بزراعة الأشجار المثمرة ونباتات الظل، اقتداء بجمعية مسجد الأرقم بن أبي الأرقم التي بادرت بالدعوة إلي تشجير الشوارع في مدينة نصر منذ أكثر من عشرين عاما، فالحبيب المصطفي - عليه الصلاة والسلام - يقول: »ما من مسلم يزرع زرعا أو يغرس غرسا، فيأكل منه طير أو إنسان أو سبع أو دابة إلا كان له به صدقة». أما النهي عن المنكر فيستوجب نصح الآخرين بعدم إلقاء المخلفات في الطرقات، والإبلاغ عن كل ما يعوق حركة المرور من تجمعات طائشة تضر ولا تنفع، مثل سباقات الدراجات البخارية والسيارات، والمسابقات غير الشرعية التي تحدث زحاما وتكدسا بالطريق كمواكب الزفاف وما أدراك ما مآسي مواكب الزفاف في شوارعنا ؟! كل هذه منكرات لابد من التكاتف لمواجهتها، كما فعل أسلافنا، حيث مر عبد الله ابن عمر - رضي الله عنهما - بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا، وقد جعلوا لهذا الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر : لعن الله من فعل هذا، فإن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا. ما أعظم منزلة من يميط الأذي عن الطريق عند الله - سبحانه وتعالي - لقول الحبيب المصطفي - عليه الصلاة والسلام - : » بينما رجل يمشي بالطريق وجد غصن شوك، فأخره، فشكر الله له، وغفر له». تمهيد الطرق ورفع الأذي عنها من أهم مقومات نهضة المجتمعات ورضا الله عنها في الدنيا والآخرة.