انكشف المستور، وظهر المتسبب في استمرار الحرب العبثية في اليمن، والمستمرة منذ اكثر من اربع سنوات، وضاعت فرصة جديدة تضاف إلي محاولات أخري للتوصل إلي السلام، عندما غاب الحوثيون عمدا عن تلك المفاوضات،التي دعا اليها مبعوث الاممالمتحدة مارتن غريفيث في جنيف الأسبوع الاول من هذا الشهر، رغم وجود وفد الحكومة والشرعية اليمنية، والعجيب ان عملية تلكؤ ومقاطعة الحوثيين لمباحثات جنيف للبحث عن آلية لوقف الحرب،مر دون اي حساب او عقاب او حتي ادانة صريحة، من اي جهة سواء المبعوث الاممي نفسه،او مجلس الأمن او المنظمات الحقوقية، التي أقامت الدنيا ولم تقعدها عبر تقارير مغلوطة، تتهم قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، بارتكاب تجاوزات في حق المدنيين في اليمن البداية كان في اعلان مارتن غريفيث مبعوث الأممالمتحدة لدي اليمن، في أغسطس الماضي،خبر موافقة طرفي الصراع في اليمن الحكومة الشرعية والحوثيين، عن اجراء مشاورات ستجري بينهما في الأسبوع الأول من هذا الشهر في جنيف، تمهيداً لحل سياسي وفض للنزاع المسلح المستمر منذ 2014.، وكان غريفيث واضحاً بأن المشاورات ليست مشروطة من أي طرف، وسيأتي كل وفد للتشاور من دون أي شروط مسبقة، ولا حتي وقف النار علي أساس هدنة مؤقتة.، وانتظر غريفيث سبتمبر علي أحر من الجمر.كان الاتفاق علي ان المشاورات ستتناول ثلاث ملفات وتستمر ثلاثة أيام. وهي الأسري والمعتقلون وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، وإعادة فتح مطار صنعاء، وتم التوافق علي عدم عقد اي لقاءات مباشرة بين الطرفين سوي في الجلسة الافتتاحية فقط، فماذا حدث .. بدأت الشروط والعراقيل حتي قبل موعداستئناف المفاوضات ولم تكن مطروحة من قبل، لكنها كانت فرصة ظنها الحوثي مواتية، لليّ ذراع المبعوث الأممي وإحراجه للضغط علي وفد الحكومة الشرعية للقبول بعدم تفتيش طائرتهم والسماح لهم باستخدام الطائرة للإخلاء الطبي لجرحاهم من وإلي سلطنة عمان، ومحاولة متكررة لطلب تواجد وفد سعودي وآخر إماراتي في المشاورات، في البداية قالوا إن تحالف دعم الشرعية لم يصدر تصريحا للطائرة التي ستقلهم إلي جنيف، واتضح سريعا أنها كذبة، وأن التصريح صدر بناء علي طلب من الأممالمتحدة. بعد ذلك طرحوا شروطهم التي يعلمون سلفاً أنها لن تكون مقبولة، وظهرت حقيقة تأخر وصول الحوثيين، في إنهم يسعون لإخراج قيادات مطلوبة تابعة لهم، وكذلك بعض الخبراء الإيرانيين الموجودين باليمن، إلي جانب جرحي لبنانيين خبراء ومقاتلين تابعين لحزب الله اللبناني. وفي حقيقة الامر ان امتناع الحوثيين عن المشاركة في مشاورات جنيف، يكشف مدي الارتباط بين جماعة الحوثي وإيران، ومحاولات طهران الربط بين عدد من الصراعات الإقليمية سواء في لبنان تأخير تشكيل الحكومة، وفِي سوريا والدور الإيراني هناك،او العراق ودور طهران في صراع المناصب الرئيسيّة، وآخرها اليمن وافشال جولة جنيف الاخيرة، التي علق عليها الكثيرون الآمال في التوصل إلي حل،ولا يمكن النظر إلي المشهد في المنطقة علي هذه الصورة بعيدا عن الوضع الإقليمي عامة، والملمح الأهم الذي تتجه الأنظار إليه منذ عدة أشهر، هو الوضع المأزوم في إيران، نتيجة إعادة فرض العقوبات الأميركية عليها، وهو زلزال له توابعه وانعكاساته علي الساحات الأربعة، خاصة في اليمن فالحوثي أداة في يد إيران، وميليشيا أنصار الله الحوثية تأتمر بأمر قاسم سليماني، الذي نصب نفسه مندوب نظام ولاية الفقيه في المنطقة العربية، وكل خطوة يقوم بها الحوثيون هي أمر بالتحرك يأتي من طهران، بما فيها مشاورات جنيف الأخيرة، التي تعمدت طهران أن تفشلها في إشارة علي قدرتها علي التحكم في أمن المنطقة، وتذكير بأن وكلاءها المسلحين رهن أمرها، مهما كانت الضغوط الدولية عليها أو علي جماعاتها المسلحة، ومهما وصل التضييق الاقتصادي عليها. لقد كشفت مقاطعة مشاورات جنيف عن أن الحوثي ليس له من أمره شيء، رضي أم لم يرض هو ورقة إيرانية لم تحترق بعد، وكلما زادت الضغوط الأميركية علي إيران كما هو حاصل الآن، شحذت أظفارها ضد الدول التي لها فيها موطئ قدم، وبالتالي فإن أي تقدم يحرزه غريفيث أو تراجع، إنما هو منوط بالحالة الإيرانية التي ستعاني كثيرا خلال الفترة القادمة مع زيادة العقوبات الامريكية بعد نحو شهر ونصف. من يريد الحل في اليمن فعليه ان يقبل بالحسم العسكري ويساعد عليه او يضغط سياسيا علي جماعة الحوثي للوصول إلي مائدة التفاوض.