هدي سلطان وفريد شوقي لكل فنان من فناني الزمن الجميل حكاية جميلة في شهر رمضان المبارك، لا تتعلق بطقوسه، بل حكاية شخصية طريفة، وكان للشهر الفضيل يد فيها، بشكل أو بآخر، وأشهرها تلك الحكايات، زواج الفنانة هدى سلطان، من وحش الشاشة الفنان فريد شوقي، في رمضان. تبدأ الحكاية عندما جاءت الفنانة هدى سلطان، مع زوجها الأول محمد نجيب، من إحدى قرى مدينة طنطا لا يفارقها حلمها بأن تصبح مطربة مشهورة، ولكن أسرتها بقيادة شقيقها الفنان محمد فوزي، عارضت وبشدة هذا الحلم ووقفت أمام تحقيقه، ولكنها كانت عنيدة فتقدمت لاختبارات الإذاعة المصرية، التي اعتمدتها كمطربة. اكتشفها المنتج جبرائيل تلحمي، وكان انطلاقها نحو عالم السينما من أستوديو النحاس، وقدمت في باكورة أدوارها عام 1950 في فيلم "ست الحسن" للمخرج نيازي مصطفى، مع الفنان كمال الشناوي، والفنانة ليلي فوزي. وفي نفس الأستوديو كان لها موعد آخر مع الفنان فريد شوقي، وكان وقتها حديث الانفصال عن زوجته زينب عبدالهادي، أما هي فكانت تدفع ثمن تحقيق حلمها، فقد طلقها زوجها الأول بسبب الغيرة الشديدة إثر شهرتها في عالم الفن. وروت هدى، عن اللقاء الأول بينهما قائلةً: "كنت في صراع عنيف مع أسرتي وخاصة حينما تزعمه شقيقي فوزي، الذي حارب اشتغالي بالفن ورآه خروجاً علي التقاليد، ولكنني صممت علي ذلك ولتفعل القوة ما تشاء، ورآني أحد المنتجين وعرض علي احتكار جهودي الفنية لمدة ثلاث سنوات لحساب شركته. وقالت هدى: ذهبت لأستوديو الشركة، ودعاني المنتج لزيارة البلاتوه، وقدمني إلى أبطال الفيلم، وكان من بينهم فريد شوقي، قائلاً: "الست هدى سلطان.. وجه جديد" فانحنى فريد، في رشاقة مبتسماً وقال: "أهلاً وسهلاً.. تشرفنا يافندم" قالت: وجلست أتابع التصوير، وكنا في شهر رمضان وكنت متعبة من الجوع، ولاحظت أن "فريد" يختلس النظر إلي بين الحين والآخر، حتى انتهز فرصة إعداد الأضواء واقترب مني قائلا: "تشربي حاجة ساقعة...؟"، فقلت: "لا.. أنا صايمة". وبدت عليه مظاهر الدهشة وهو يقول: "صايمة؟!"، فقاطعته قائلةً: "وبصلي كمان.. غريبة!"، فقال: "أبداً.. أبدا"، وغادرت الأستوديو بعد ذلك والشيء الوحيد الذي كان يطوف بذهني هو نظراته وابتساماته. وأكملت قائلة: "وجدت نفسي فجأة أهتم بكل ما يقال عن فريد شوقي، بأحاديث زملائه عنه، وبما تنشره الصحف والمجلات، وبأفلامه التي لم يفتني منها فيلم، حتى أرادت الأقدار أن يشترك بأول فيلم أحصل فيه على البطولة المطلقة وهو "حكم القوي" عام 1951 مع الفنان محسن سرحان، وكان فرصة ليتقرب كل منا للآخر ونتبادل الحديث عن آلامنا وهمومنا، إلى أن التقت عواطفنا عند نقطة واحدة ولما عرض عليّ الزواج كانت الإجابة أسرع من السؤال، وتزوجنا في اليوم الأخير من تصوير الفيلم". وخلال زواج استمر 15 عامًا وأثمر عن ابنتين هما "ناهد ومها"، قدما خلالها أكثر من 20 عملاً مميزًا في "رصيف نمرة 5"، و"جعلوني مجرماً"، و"الأسطى حسن"، و"بورسعيد" وغيرها، إلى أن انفصلا في الستينيات، لتتزوج بعده من المخرج المسرحي حسن عبدالسلام.