«أنا مدين لمدرسة الإخوان بكل ثقافة إسلامية عندى ومدين لهم باستقامتى على هذا الطريق».. هكذا قال «زغلول النجار» الذى يصنف نفسه كباحث فى الإعجاز العلمى بالقرآن الكريم والذى يشغل منصب رئيس لجنة الإعجاز العلمى بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية فى لقاء تليفزيونى سجلته معه قناة «الجزيرة» منذ أشهر قليلة. هكذا أعلن على الهواء اعتزازه بانتمائه لثقافة جماعة ذات تاريخ دموى حافل بجرائم راح ضحيتها عشرات من المصريين الذين دفعوا ثمن ألاعيب الإخوان السياسية ومحاولاتهم المستمرة إضفاء الغطاء الدينى الزائف على خططهم ومؤامراتهم التى لا تصب فى النهاية إلا فى مصلحة التطرف والعنف الطائفى. ذلك التطرف الذى مازلنا ندفع ثمنه حتى الآن والذى لا تعد تفجيرات الإسكندرية الأخيرة إلا واحدة من أبرز تجلياته. لسنا نبالغ إذا اعتبرنا «زغلول النجار» ابن الجماعة المحظورة التى ينحدر منها أيضا «سيد قطب» والذى وضع المعالم على طريق الدم مسئولا بشكل أو بآخر عن تلك التفجيرات الأخيرة التى أعادت إلى الأذهان شبح الإرهاب الذى ظل جاثما على صدور المصريين منذ الثمانينيات وحتى نهاية الثمانينيات والذى مازال مصرا على التحليق على رؤوسنا حتى الآن. نعم لم يشارك «زغلول النجار» فى التخطيط للتفجيرات، لم يذهب إلى الإسكندرية يوم الجمعة قبل الماضى ولم يكن واقفا للاطمئنان على نجاح العملية فى حصاد أكبر عدد ممكن من أرواح المسيحيين الذين انتزعوا من صلواتهم الآمنة ليلقوا فى نار الإرهاب، ولكنه فعل ما هو أسوأ من ذلك عندما سمح لنفسه بالتورط فى زرع بذور التطرف بعقول مجتمع أصبح الدين هو غذاءه الأول والأخير، عندما أخذ يبث سموم الطائفية فى كتاباته ولقاءاته التليفزيونية وعندما سمح لنفسه أن يهزأ بعقيدة سماوية لها قدسيتها دون أدنى احترام لمشاعر المصريين الذين ينتمون لها ولهذا كله لا يسعنا إلا أن نجده.. مذنبا. * إهانات مباشرة فى السابع من نوفمبر 2007 شن الإعلامى «عمرو أديب» من خلال برنامجه الشهير «القاهرة اليوم» هجوماً على القمص «زكريا بطرس» والذى ينتمى إلى الكنيسة الأرثوذوكسية المصرية والمعروف بهجومه الشديد على الإسلام ورسوله، ومحاولاته المستمرة لهدم العقيدة الإسلامية. هجوم عمرو كان عنيفا لدرجة أنه طالب رئيس الجمهورية بإسقاط الجنسية المصرية عن «زكريا بطرس». ليس هذا هو المهم ولكن أهمية تلك الحلقة تجىء مما حدث لاحقا. فبالرغم من أن الهجوم الذى شنه «محمد سليم العوا» ضيف الحلقة على «زكريا بطرس» لم يكن أقل عنفا من هجوم «عمرو أديب» إلا أن مداخلة «زغلول النجار» وما حملته من هجوم لم تكن أقل ضراوة من تفجيرات الإسكندرية،حيث راح يفتى على الهواء مباشرة بأن «الكتاب المقدس هو كتاب «مكدس» وليس «مقدس» وأن الله لم يُنزل شيئا اسمه العهد القديم أو العهد الجديد بل أنزل التوراة والإنجيل فقط». لم يكتف «زغلول النجار» بتلك الإهانات المباشرة التى تنال من قدسية واحترام العقيدة المسيحية و كل من يدين بها وإنما راح يصف «زكريا بطرس» بأنه «الشيطان الأكبر»، مطالباً باتخاذ إجراءاتٍ حاسمةٍ ضده وضد ادعاءاته المستمرة فى حق الإسلام والمسلمين» مشددا على ضرورة تفنيد افتراءاته وسبه وقذفه فى حق الصحابة وثوابت الدين الإسلامى. المفاجأة أن «زغلول النجار» لم ينتبه إلى أنه أقدم على نفس الجرم الذى ارتكبه «زكريا بطرس» عندما راح ينال هو الآخر من ثوابت الكتاب المقدس ليتحول الأمر فى النهاية إلى لعبة طائفية سخيفة تورط فيها الاثنان بقصد أو بدون قصد لندفع نحن ثمنها فى النهاية. الطامة الكبرى فى تصورنا كانت صمت «عمرو أديب» والذى لا يمكن التعامل معه إلا باعتباره نوعاً من التخاذل لا يليق بإعلامى من المفترض أن له جماهيرية عليه أن يعى مسئوليتها جيدا بدلا من أن يسمح لنفسه بالتورط فى تمرير مثل هذه الرسائل الطائفية من خلال برنامجه متناسيا أن النجاح الحقيقى لأى إعلامى ليس بكم الحرائق التى يمكنه إشعالها وإنما كم الحرائق التى يمكنه إخمادها. * أكذوبة التنصير جرائم «زغلول النجار» المتطرفة لم تنته عند هذا الحد رغم أن نتيجة الواقعة الأولى كانت قيام قداسة البابا شنودة وعدد من المحامين المسيحيين فى مقدمتهم «نجيب جبرائيل» برفع دعوى قضائية ضده استنادا إلى ما قاله فى حلقة «القاهرة اليوم» إلا أن «زغلول» كان مصرا على المضى برحلة السقوط فى فخ الطائفية. لم يتوقف «النجار» عن اللعب بنار الفتنة بل كان حريصا على إشعالها وأن يبث فيها من تطرفه ما يجعلها قادرة على التمدد والانتشار وبشكل متزايد. فراح يتهم الكنيسة بقتل «وفاء قسطنطين» التى قيل إنها أسلمت ثم تم تسليمها للكنيسة وأخذ يطالب بخروجها على الناس من خلال الإعلام لتثبت أنها مازالت على قيد الحياة وكأنه لا يعلم خطورة إلقاء اتهامات كارثية كهذه دون حتى أن يملك دليلا واحدا يثبت حقيقة ما يقوله وكأنه لايعلم أيضا أن وحش التطرف الذى ينمو بجسد المجتمع يتغذى على رسائل التحريض التى تضمنها كلامه خاصة عندما أكد أنه يعتبر «وفاء قسطنطين» شهيدة العصر وأنه سيهدى آخر كتبه إليها. لم تتوقف تجاوزات «النجار»، بل استمرت ووصلت إلى حد توجيه اتهامات سافرة ومباشرة إلى الكنيسة المرقسية بأنها متورطة فى مشروع لتنصير المسلمين، خاصة بعد اتهامه «مكارى يونان» بأنه «رجل لا هم له سوى تنصير أبناء المسلمين». المفارقة أن الرجل راح يصيغ صورا وهمية لمخطط التنصير الذى تحدث عنه حيث زعم بأن «القمص عزيز بنى خلف مزارع دينا على أرض منهوبة من الدولة 10 فيلات يهرب إليها الشباب. المتنصر» وأن الكنيسة تستغل فقر الناس من أجل أن تقوم بتنصيرهم، بل إنه قال بالنص فى حوار له مع إحدى الجرائد الخاصة «إذا ذهبتم إلى الكنيسة المرقسية يوم الأحد، سترون كيف يستغلون فقر الناس ومرضهم والبطالة، فمثلا بعض الناس المصابين بالصرع يقولون لهم إنهم فى الكنيسة المرقسية يعالجون هذا المرض، وهم يستغلون حالة المريض لينصروه». إن الأزمة الحقيقية فى تصريحات «زغلول النجار» ليست فقط فى مدى طائفيتها وزيفها وإنما فى أنها كانت بمثابة رسائل مستمرة ومضاعفة من التحريض تدفع المتعصبين من الطرفين نحو الاصطدام ببعضهما البعض ليصبح صوت العنف فى النهاية أقوى من أصوات الاعتدال المسلمة والمسيحية على حد سواء.