المحلل السياسي الأمريكي «خوان وليامز» وجه إعلامي معروف في الولاياتالمتحدةالأمريكية يظهر بشكل دائم علي قناة «فوكس الشهيرة» التي يتهمها البعض بتبني الأجندة اليمينية، ظهر وليامز منذ أيام علي فوكس متحدثا عن الجدل الدائر حول أوضاع المسلمين في الولاياتالمتحدة. قال وليامز : قرأت العديد من الكتب حول حركة الحقوق المدنية في هذا البلد - يقصد الولاياتالمتحدة - ولكن ما إن صعدت إلي الطائرة ورأيت من يرتدي ملابس إسلامية لإظهار هويته كمسلم أشعر بالتوتر والقلق. في رد فعل مبدئي قررت شبكة NPR الإذاعية التي يعمل بها وليامز فصله من العمل بها، ثم توالت ردود الفعل ضده في البلد الذي يفاخر بحرية الرأي والإعلام، ويستعديه علينا مجموعة من المتشبثين بوهم اسمه الحرية المطلقة. أهدي هذا الخبر الذي نشره موقع CNN الإخباري إلي إخواننا الذين عاتبوني علي المقال الذي كتبته في الأسبوع الماضي تحت عنوان : « قلة الأدب.. باسم الحرية»، قالوا لي إن العنوان كان ثقيلا، وإن الدفاع عن حرية التعبير ليس قلة أدب بحال من الأحوال، هكذا قالوا، وأنا موافق علي ما قالوه، مع ملاحظة بسيطة وهي أن ما قلته في مقالي مختلف تماما عما ذهبوا إليه. ما قلته هو أن الأصوات العالية فيالمجتمع تصرخ بلا انقطاع «حرية التعبير في مصر أوشكت علي الانتهاء» في عملية إرهاب للعقل والمنطق والفطرة السليمة.. حينما يظهر في المجتمع بعض ما يفرض إعادة النظر أو مراجعة النظم أو التطبيقات أو القوانين التي تنظم الحياة العامة ومن بينها ما يتعلق بحرية التعبير في وسائل الإعلام المختلفة نتيجة الاستخدام الخاطئ للحرية، وخلط مفهوم الحرية ومضمونها بقلة الأدب ونقص التربية. أما التقرير الذي أورده موقع ال«CNN» تعليقا علي خبر فصل الإعلامي الشهير الذي أدلي بتصريح يستفز مشاعر المسلمين، فقد جاء فيه أن عددا من المتابعين في الولاياتالمتحدة أعربوا عن رفضهم لتصريحات وليامز التي تأتي وسط جدل واسع حول وضع المسلمين في أمريكا، خاصة بعد الزوبعة التي أثارتها دعوة أحد المتعصبين إلي حرق المصحف الشريف. الناطق باسم جمعية الأمريكيين المسلمين إبراهيم رامي، قال : إن علي الناس النظر إلي الأمر علي أنه حافز للحوار، وأشار إلي ما ذكره المتهم بمحاولة تفجير سيارة مفخخة في نيويورك، فيصل شاه زاد، خلال محاكمته، من أن الحرب بين المسلمين وأمريكا قد بدأت للتو، وهذه حقائق لا يمكن تجاهلها، ولكن هذا لا ينفي أن هناك - في الولاياتالمتحدة - من يؤكد لنا عدم وجود خلفيات دينية لما جري، وأن الحرب علي الإرهاب ليست حربا علي الإسلام. سيدة أمريكية مسافرة في أحد المطارات قالت تعليقا علي الموضوع: أعتقد أن هذا الأمر بات مفهوما بعد كل ما جري خلال السنوات الماضية، ولكن رأي وليامز شخصي يعبر عن نفسه، أما أنا فلا أشعر بخوف مماثل. وقال راكب آخر إن وليامز يمثل رأي شريحة كبيرة من الأمريكيين، وللأسف فإن هذه الشريحة علي خطأ. من جهة أخري، أعرب مسلمون عن امتعاضهم من هذا التصريح. الشاهد هنا أن إجراءً عنيفا من وجهة نظري اتخذته الشبكة الإذاعية التي يعمل بها المعلق السياسي الذي قال علي الهواء في موقع آخر كلاما متطرفا يعبر عن وجهة نظره الشخصية، في رأيي أن عقوبة الفصل قاسية للغاية، لكن الشبكة لم تتحمل وجوده فيها خشية علي مصالحها من غضب الرأي العام الذي يميز بين الرأي الحر الشخصي وبين إشاعته بين الناس عن طريق وسائل الإعلام. ربما يجد المعلق المفصول عملا آخر لدي مؤسسة تتبني أفكاره ومعتقداته ضد المسلمين، لكن يبقي الموقف الذي تبلور ضده بصفة عامة دليلا علي تحرك الرأي العام المستنير الرافض لتهديد الأمن الاجتماعي بإشاعة الضغائن بين مواطنين مختلفين في العقيدة الدينية ينتمون إلي بلد واحد. لم يخرج أحد في الولاياتالمتحدة ليقول أن المحطة التي فصلت من العمل معلقها المشهور، صدرت إليها تعليمات بفصل المعلق، أو أنها خطوة لتقييد حرية التعبير في البلاد، ربما لا يعجب هذا التصرف شريحة من المتعصبين ويدعوهم للاحتجاج، ولكن في الحدود التي لا تمس أمن المجتمع، وهنا تجدر الإشارة إلي أنه بقدر الحرية المتداولة في المجتمع، بقدر ما تكون هناك ضوابط صارمة للغاية تعصف بالراغبين في التحول إلي الفوضي حتي في الولاياتالمتحدة ذاتها.