الحديث مع د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع أشبه بالسير فوق حقل من الألغام.. فالرجل إجاباته دائماً صادمة.. لاتقف مثل غيره داخل المنطقة الرمادية، التى احترف الكثيرون من أهل السياسة - أو ممن يدعون أنهم أهل لها - الوقوف بها. فالطريق إلى الانتخابات الرئاسية عند «السعيد» يبدأ من انتخابات الشورى التى سيشارك فيها حزبه ب 9 مرشحين.. ويعتبرها اختباراً لجدية الوعود بشفافية الانتخابات.. ومن «الشورى» ينتقل الحزب إلى انتخابات مجلس الشعب، التى يدور الحديث فى «بيت اليسار» الآن حول تقديم 70 مرشحاً لها، وهى البوابة التى سيقرر الحزب من خلالها المشاركة فى الانتخابات الرئاسية من عدمه. بداية.. ما تقييمك للمشهد السياسى الحالى فى ضوء استعدادات الحزب لانتخابات الشورى ثم الشعب؟ الانتخابات هذه المرة متوالية «الشورى والشعب ثم الرئاسة».. وكل منها يلى الآخر، لكن البعض يترك الشعب والشورى ويقفز للانتخابات الرئاسية رغم أنها المرحلة الأخيرة.. وهذا موقف غير سياسى، ونحن لهذا السبب نبدأ من أول السلم بانتخابات الشورى وننوى أن نخوض معركة جادة.. ونجعلها معياراً لمدى شفافيتها ومدى قدرتها على تحقيق إرادة الناخبين، ومقياساً لخوضنا معركة الشعب والتى ستكون هى الأخرى معياراً لمعركة انتخابات الرئاسة. هناك أصوات كثيرة تطالب بالإشراف القضائى على الانتخابات وتروج إلى أنه بدون هذا الإشراف عليه فلن تكون هناك انتخابات؟ لايوجد بلد به إشراف قضائى كامل على الانتخابات.. والإشراف القضائى نفسه ليس ضمانة أكيدة لمنع تزوير الانتخابات.. والتزوير أنواع.. أليس المرشح الذى يشترى الصوت ب 1000 جنيه مزوراً؟.. هو يزور إرادة الناخب بأن يشترى صوته ويفرض عليه بالإكراه أن يصوت له ولا يمكن لأى قاضٍ ولو جلس حتى عشرة قضاة أن يكتشفوا التزوير.. فالمواطن يدخل بريئاً هادئاً ويوقع فى الدفتر ويلون إصبعه، ويأخذ البطاقة ويأخذ معاه موبايل من المرشح ويصور له الصورة.. وقيمة الألف جنيه كبيرة بالنسبة لهذا المواطن «هيدوق هو وأولاده طعم اللحمة» لأول مرة فى حياتهم و «هيجلهم جزم».. أهى ثروة حقيقية.. وأنا أذكر أن الدكتور قدرى حفنى كتب مقالة بأن تلميذا عنده فى الماجستير بعد الانتخابات سأله الدكتور قدرى عملت إيه فى الانتخابات؟ فرد عليه قائلاً: الحمد لله لقيت بيعة كويسة للصوت بتاعى.. فماذا سيفعل القاضى مع هذه الحكاية؟!.. ومع كل الاحترام للقضاة هم ليسوا نسيجاً واحداً، وليسوا جميعاً من الملائكة هناك قضاة فى الانتخابات المرة قبل الماضية اتهموا بعضهم البعض بأنهم زوروا الانتخابات، .. ومطالب الإشراف القضائى لتقليل التزوير، وليس لمنعه.. أو لمنع التصويت للغائبين. بعض القوى السياسية والحركات الاحتجاجية تطالب بإشراف أو رقابة دولية على الانتخابات.. ما رأيك؟ لو جابوا قوات الأممالمتحدة إللى بتحارب فى أفغانستان.. فهذا أيضاً مرفوض.. فقضية الديمقراطية هى معركة تخوضها الجماهير من أجل تحقيق الشفافية.. وإذا اقتنعت الجماهير بأنهم عفواً «بهايم» وليس من المفترض أن يدافعوا عن مصالحهم.. وأتوا بواحد خواجة يدافع عنهم ويحمل لهم الصناديق.. فهذا أمر غير صحيح.. إذا لم يستطع الشعب المصرى أن يحزم أمره وأن يكون حارساً لانتخابات شفافة فلا أمل فى كل من يأتى من الخارج.. والخواجات هيعملوا إيه.. هيقعدوا «زى القلل».. ويشترى المرشح الأصوات زى ماهو عايز.. حتجيب من الاتحاد الأوروبى هنخترع ناس.. فمصر ليست العراق، الواقعة تحت وصاية الأممالمتحدة. حسنا.. سوف نأتى بمراقبين.. ومن الآن يثق فى أوروبا؟.. فى انتخابات أوكرانيا قبل السابقة زور الأوروبيون نتيجة أوكرانيا لإنجاح مرشح معارض لروسيا، وأسقطوا المعارض للاتحاد الأوروبى؟ والبرلمان الأوروبى أرسل لنا مئات الوفود وفى كل البرلمانات العالمية يقفون يدافعون عن الديمقراطية فى مصر قائلين أن أحد النواب قبض عليه وسجن.. وتشرح لهم كما تشرح ولا نتيجة.. هم أمسكوا بإيديك «إللى بتوجعك».. هل هذا احترام لحقوق الإنسان؟! وأنا كنت فى مؤتمر برلمان البحر المتوسط وبالمصادفة كان محمد بركة العضو العربى بالكنيست الإسرائيلى يلقى خطابه وقال أنا مقدم فى 3 قضايا أمام محكمة عسكرية إسرائيلية بتهمة التظاهر ضد الجدار العازل وقفت وقلت ساعدوا بركة.. احموا بركة.. ولم ينطق أحد من رجال برلمان الاتحاد الأوربى. تابعت الحديث حول ما نشر فى بعض الصحف المستقلة حول أن هناك صفقة بين حزب الوفد والحزب الوطنى لإنجاح بعض مرشحى حزب الوفد فى الانتخابات البرلمانية.. هل تعتقد أن لهذا الأمر نصيباً من الصحة؟ ما نشر لايقبله عقل.. فماذا تعنى الصفقة؟.. هى اتفاق سرى بين شخص من حزب الوفد والحزب الوطنى.. ولن يخرج أحد ليقول أنه عمل صفقة «يعنى مش هيطلع صفوت الشريف مثلا يروج فى الصحف ويقول أنا عملت صفقة.. ولا محمود أباظة كذلك.. فمن أين جاءت بهذه المعلومات.. لايمكن تصور أن هذه المعلومات تسربت إلا إذا الموساد أو CIA سجل لهم أو قوى دولية خارقة فعلت هذا الأمر.. لايمكن تصور أن أحد طرفى الصفقة سوف يصرح بذلك.. طب دا عمل جدول والجدول غلط.. وهو رئيس الحزب مش عارف أن فلان مرشح فئات وليس عمال وبعدين مثل هذا الجدول يقدم لمين.. تروح تقوله طب أنا هنجح ده وأنت تنجح ده والدائرة دى.. الهدف من ذلك تشويه ما تحقق فى مؤتمر ائتلاف المعارضة والتوقيت ليس مصادفة.. أعتقد أن النشر هدفه التشويش، وعلى رئيس التحرير المشرف فى الجريدة أن يضع هذا فى اعتباره.. وحتى لو كان واثقاً 100% كان عليه أن يؤجل النشر لأنه وضع نفسه موضع الشبهات. وهل الوقت الحالى مناسب من الناحية العامة لطرح فكرة التعديلات الدستورية؟ منذ عام 1979 وأنا أطالب بتعديلات دستورية وبشفافية فى الانتخابات وإصدار قانون صارم يمنع الانفاق والبذخ فى العملية الانتخابية، وإذا نجحت فى تعديل الدستور إلى قضية جماهيرية فهذا هو المطلوب، ولكن كيف تحقق ذلك؟ بأن نقنعها أن الديمقراطية تعنى الشفافية، والشفافية تعنى مواجهة الفساد وحماية الفقراء.. وعدم الموافقة على هذا التوزيع المعيب للدخل القومى العام الذى تستحوذ عليه حفنة ضئيلة من المجتمع.. يعنى أن الحكومة تنصب قامتها وتستطيع أن تواجه الفساد.. وإذا اقتنعت الجماهير بذلك فإن هذا سيتحقق. ورفاعة الطهطاوى قال «للرأى العمومى سلطان قاهر على قلوب الحكام» لماذا أنا أطالب بالديمقراطية لأنه يجب أن نقنع الرأى العام بأن يكون له سلطان قاهر. وهل تتوقع الاستجابة لإجراء تعديلات دستورية فى الوقت الحالى، رغم التأكيدات على أنه لانية لفعل هذا الأمر وسط الزخم الانتخابى الراهن؟ حتى لو كانت التعديلات الدستورية مستحيلة.. فليس من المفترض أن يخرج قادة الحزب الحاكم ويقولون «مفيش تعديلات دستورية».. لا دستورهم ولا دستورنا.. فهذا ميثاق بين الحكم والجماهير.. البعض يضعك فى موضع تجريدك من الجماهير فيقول أنت ضعيف.. أنت غير قادر على العمل.. أنت لاتفعل شيئاً أنت ظاهرة كرتونية ثم يطالبون بإشراف دولى على الانتخابات.. فكيف ستتحرك الجماهير إذن؟! منذ أن جاء الدكتور محمد البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية وهناك مواقف متناقضة من الحزب تجاهه.. بما تفسر ذلك؟ إذا قرأت الورقة التى أصدرناها وبيان المكتب السياسى ومطالب رئيس الحزب ستكتشف أنها نفس الموقف قد نختلف فى جملة قدمت أو أخرت، ولكن الموقف من البرادعى واضح تماماً، ولا خلاف فى الحزب عليه.. هو شخصية محترمة وله الحق أن يترشح لكن ليس إلهاً وليس مبعوث العناية الإلهية ومن ثم إذا أخطأ أو تجاهل مواقف معينة فبأدب وباحترام نرد عليه.. كيف يطلب منا أن نصدق ونوافق على كل ما يقوله البرادعى ويكون صائباً، وكل ما سكت عنه يكون مقبولاً.. هذا أمر غير صحيح.. ما قاله البرادعى حول قيام حزب على أساس دينى نقطة خلاف جوهرية بينه وبيننا لايجوز ولايمكن إخفاؤها وأضف إلى ذلك حديثه عن نسبة العمال والفلاحين. نحن نقر أن نسبة العمال والفلاحين يساء استخدامها فى كثير من الأحيان.. والدولة فيها من ليسوا من العمال والفلاحين «يعنى من الصفوة إللى قال عليهم البرادعى» لكننا نرى أن الفساد يزداد وكذلك الانفاق فى الانتخابات.. فكيف يمكن ل 90% من الشعب المصرى أن يترشح أمام من ينفق عشرة ملايين وعشرين مليونا، كيف يمكن أن نقول إن هناك ديمقراطية.. وكان عليه أن يطالب أولاً بفرض عقد معقول يتلاءم مع مستوى معيشة الجماهير وليس مع مستوى ثراء الفاسدين والمرتشين والراشين، لأن أستاذ الجامعة الذى يريد أن يترشح، وهو من الصفوة لن يستطيع مجاراة هذا الانفاق.. بل من الممكن ألا يكون معه رسم الترشح من حيث الأصل.. فهناك 1000 جنيه يجب إيداعها.. وهناك رسم النظافة 1000 جنيه أخرى أى أنه قبل أن ينزل من باب بيتهم يجب أن يكون معه 2000 جنيه، فالأمر ليس بالبساطة التى تحدث بها الدكتور البرادعى. هذا الموضوع يحتاج إلى تأنٍ فى طرحه ويحتاج إلى مراعاة مصالح جماهير العمال والفلاحين.. وعندما كان هناك حادث الفتنة الطائفية فى مرسى مطروح التزم البرادعى الصمت لم يتحدث عنه، وكذلك قضية تعيين المرأة فى مجلس الدولة لم يتحدث عنها.. السهو فى السياسة مثل الخطأ تماماً لأن السهو يعنى أنك لاتريد أن تقول.. «مفيش بقى سياسى يسهو». فى ضوء ما طرحته عن البرادعى.. ما تقييمك إذن عن دعوة التغيير التى يتحدث عنها؟ البرادعى يدعو إلى التغيير.. ماذا يريد أن يغير.. وإلى أين.. هو يريد تغييرا يرضى كل الأذواق وهذا غير ممكن.. ونحن نرفض أى تغيير ضد الدولة المدنية.. والتغيير الذى لايصنع الحرية والليبرالية نحن نرفضه، والتغيير الذى لا يوافق على حقوق متكافئة للمرأة والرجل أنا ضده، والتغيير الذى لايرسخ مفهوم الحقوق المتكافئة للمسلم والقبطى أمر مرفوض أيضاً.. والتغيير يمكن أن يكون للخلف. ولكن لماذا طالبتم بحوار مع البرادعى؟ نحن نحترمه ونريد أن نسمع وجهة نظره.. سوف نقول له حضرتك سكت عن هذا أو ذاك ليه؟.. وحتى لانتخذ منه موقفاً لمجرد أنه قال جملة هنا أو جملة هناك.. نحن نريد أن نستوضح منه. بوضوح.. هل تخشى من أن يحدث البرادعى حالة داخل الحزب ينتج عنها انضمام أعضاء من التجمع لجمعية البرادعى؟ ليس عندنا من ذهب إليه.. ونحن لسنا ضد أن يعمل جبهة، ولكن ليس شرطاً ولا فرضاً أن الذى لاينضم لجبهة البرادعى يكون خائنا، ومتعاونا مع السلطات وحزباً ضئيلاً «كرتونياً.. فالأمر ليس جنة ونار.. من يذهب للبرادعى يبقى دخل الجنة.. ومن لايذهب إليه يبقى دخل النار. وهل تخشون داخل التجمع من تنامى قوى المستقلين أو أن يكون ذلك على حساب الأحزاب؟ نحن لانخشى من أحد.. لا من البرادعى كمستقل ولاغيره.. ولو طلب البرادعى أن ينضم للحزب.. فعندى تعبير ظريف «سلالم 1 كريم الدولة 40 درجة وعليه أن يصعدها.. والتجمع لايمكن أن يقبل أن يقفز أحد مباشرة إلى أعلى الحزب، وأقصى شىء هو أن اللائحة تعطى اللجنة المركزية الحق أن تضم فى صفوفها شخصية كذا وكذا وحتى لو طلب الانضمام يجب أن يعلن موافقته على لائحة الحزب ودخوله للجنة المركزية لايعطيه الحق فى أن يرشح نفسه. وهل حديثك هذا فى إطار أن البرادعى طلب الانضمام للحزب؟ إطلاقاً.. أنا أرد فقط على سؤالك.. فلا هو طلب هذا ولاطلبنا منه ذلك.. فنحن لانستورد قيادة من السوبر ماركت.. نحن حزب محترم ولسنا بحاجة إلى شخص نشتريه من خارج الحزب لكى نرشحه لانتخابات الرئاسة، لأن لدينا من يمكن أن نرشحه لانتخابات الرئاسة. وكم عدد المرشحين الذين يخوضون انتخابات الشعب؟ الحديث يدور حول 70 مرشحاً. والشورى؟ تسعة. وما تقييمك لفكرة التوكيلات الشعبية؟ التوكيلات ليست اختراعا.. ومن اخترعها فى مصر لم تكن ثورة 1919,. من اخترعها أحمد عرابى واستخدمها الشعب المصرى والعرابيون فى مواجهة الخديو، ولما جاءت ثورة 1919 اشتقت هذا الفعل، والدستور ليس به توكيلات ولا القانون به توكيلات.. وإذ رأى البرادعى هذا الأمر فمن حقه إن كان يسعى لتحريك الرأى العام. ولماذا يختلف الحزب مع أعضاء الجمعية الوطنية المحيطين بالدكتور البرادعى؟ - المستقلون مع الدكتور البرادعى أنواع، ووقت الجد سوف يظهر من يعطى بجد ومن كان يدعى.. والمشكلة أن هناك من ينتمى لجمعية البرادعى بحسن نية ورغبة أكيدة فى مساندته ليكون مرشحاً للرئاسة، وبعضهم يستهدف أن يحقق ذلك عن طريق البرادعى مالم يستطع هو تحقيقه عندما كان نشطاً فى منظمات أو حركات أخرى، وبعضهم يدخل مكايدة للنظام ومكايدة لأحزاب المعارضة.. وهناك كثيرون جداً يطمحون للتغيير ويلتفون حول البرادعى وهم يدعون للتغيير ونحن ندعو للتغيير وبإمكاننا أن نعمل فى ساحة واسعة، ولكن ليس شرطاً أن ننضم لفلان أو علان.؟