بعد مرور عشرات السنين وقيام العلماء بالتنقيب فى المنطقة العربية سيتم العثور على حفريات تدل على إنسان هذا العصر.. بعد الفحص يتوصلون إلى أن أهم صفات هذا الإنسان أنه "ابن سبعة أشهر"!.. لأنه "يحب ألا يحك له أحد على أنفه".. وسيؤلف علماء الاجتماع الكتب عن هذا الإنسان الذى حذف قيم طول البال والصبر على الحوار والخلاف فى الرأى من قاموس تعاملاته.. يعنى فضيحة عالمية!..وليس بعيداً أن يتبرأ أحفادنا منا مدعين أن هذه الحفريات ما هى إلا بقايا لشعوب هاجرت إلى المنطقة!! وسيدلل علماء الاجتماع على صدق أبحاثهم بالدراسات التى صدرت حديثاً والتى أكدت أن 70٪ من العرب المشاركين فى البرامج الحوارية التليفزيونية لا يتحلون بآداب الحوار، وأن الرجل أكثر استخداماً لهذا الأسلوب. كما ستدل الحفريات أيضاً على أن الممارسة السياسية داخل البرلمانات لم تكن بأفضل حالاً، فبالإضافة لضعف القدرة على التواصل لا يوجد من يريد الاستماع إلى الآخر بل تتم مقاطعتهم بعد أول دقيقتين من حديثهم اللهم إلا إذا كان الآخر سعادة الوزير المسئول! وسيتفق البعض معى على نزول عقاب من الله لكل من لا يعطى الآخر مساحة فى التعبير عن رأيه، وهذا العقاب سيترك علامة مميزة تسهل مهمة الباحثين فى تصنيفهم على أنهم جماعة "حوار الطرشان"! كما أن هناك متلازمة أخرى لهذه الحالة.. أن كل من يختلف معى فى الرأى عدو لى وجب القضاء عليه، حتى إن كان من سأقضى عليه هو أقرب المقربين. الله يرحم أجدادنا الذين كانوا يؤمنون بالحكمة التى تقول: إننى على استعداد أن أدفع حياتى ثمناً لتعبر عن رأيك.. كما تعلمنا أن: رأيى صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب. ولا شك أن هذه الأزمة التى نعيشها تبدأ من المنزل والمدرسة، والتى تعم كل منهما أساليب القمع تحت مسمى التربية الخطأ فى المنزل والتعليم غير السليم فى المدرسة ثم تظهر نتائجهما السلبية فى كل مكان.. فأين ذهب كلامنا الجميل عن حرية كل فرد فى التعبير عن نفسه؟!.. أم أنه كلام ابن عم حديث