تصور أن قضية يوسف والى وزير الزراعة الأسبق الشهيرة مع صحيفة الشعب حول المبيدات الزراعية المسرطنة، كانت فى هذه الأيام، بالتأكيد كانت ستكون أكثر اشتعالا وستتسارع وتيرتها بسرعة الصاروخ.. وتصور أيضا أن قضية مقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم كانت فى وقت سابق قبل انتشار الصحف والفضائيات، كان الأمر سيختلف كثيرا فى دراميتها، والتغطية كانت ستصبح محددة، وبالتالى كان القاضى المعروف قنصوة لن يضطر لإصدار حكمه بمنع النشر فيها. ودفتر الأحوال المصرية يحتوى على الكثير من قضايا من هذه النوعية، لكن بالطبع هناك اختلاف محورى وعميق جدا بين تغطية وتناول الإعلام والصحافة لها فى فترة ما يمكن تسميتها بفترة ما قبل الفضائيات وعصر الانفتاح الصحفى.. والآن، وهذا يؤكد على مفصلية دور الإعلام والصحافة فى بلورة مثل هذه القضايا وإعطائها أبعادا أكثر خطورة من واقعها الحقيقى، وفى وقت وجيز!.. وكأنها بالفعل حريقة فى دفتر الأحوال المصرية! فعلى سبيل المثال القليل منا يتذكر المواجهات والاتهامات الصحفية والتشهيرية التى كانت متبادلة فى فترة من الفترات بين سمير رجب رئيس تحرير الجمهورية السابق ومصطفى بكرى رئيس تحرير الأسبوع، لكن الكل يتابع الآن الخناقة المثارة بين صحف الشروق والدستور والمصرى اليوم ما بين الحين والآخر، والتى تتجاوز حد تبادل الشتائم والاتهامات، ولا يعرف أحد إلى أى مدى كانت ستتوقف قضية اتهام وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان بالفساد، إذا كانت ظهرت فى وقت اشتعال الفضائيات وكثرة الصحف، فكان من حظه ظهورها فى بداية عصر الفضائيات والصحف. ولا تتذكرون أيضا بالتأكيد قضايا الفراخ المجمدة الفاسدة الشهيرة إلا ببعض التفاصيل الصغيرة، لكن كلنا نتذكر بالتفصيل قضية القمح الفاسد، ليس لقرب وقتها والفارق الذى يصل لأكثر من ثلاثين سنة بين القضيتين، لكن بسبب التغطيات التفصيلية والمتكررة لدرجة التطابق فى العديد من الفضائيات والصحف. ومن هذه القضايا التى أثارت الرأى العام رغم أنها كانت فى عصر ما قبل الفضائيات الدعوى القضائية التى رفعها د. يوسف والى نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة الأسبق ضد أربعة من صحفيى جريدة الشعب المعارضة، وكانوا قد اتهموا والى من خلال حملة صحفية منظمة بالتصريح لاستخدام مبيد محظور دولياً وامتدت هذه الحملة خلال الفترة من 15 فبراير 1998 وحتى 13 أبريل 1999، وبرغم تصاعد حدة هذه القضية التى تحولت من مجرد بلاغ إلى قضية شغلت الرأى العام وقتها رغم أنها لو كانت فى عصر الفضائيات لاشتعلت أكثر وأكثر مما كانت عليه، خاصة بعد رفض يوسف والى المثول أمام محكمة الجنايات لسماع شهاداته فى قضية العمولات الكبرى التى اتهم فيها يوسف عبدالرحمن رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى سابقاً وراندا الشامى مستشارة البورصة الزراعية، حيث أصر وزير الزراعة الأسبق على عدم حضور الجلسة وإرسال محمد حسن مدير مكتبه للعلاقات العامة الذى أكد فى الخطاب الذى حمله للمحكمة إنه لايعلم شيئاً عن الرشوة الجنسية المتهم فيها كل من عبدالرحمن وراندا قائلاً: إنه مشغول بمهام كبرى فى الوزارة ولايعلم شيئاً عن قيام المتهمين بمخالفة القانون، رغم طلب المحكمة حضوره كشاهد إثبات، وبرغم تصاعد حدة هذه القضية التى استمرت 3 سنوات كاملة إلا أن التحقيقات التى تناولت هذه القضية لم تتعد 113 تحقيقاً فى مساحات لاتتعدى ربع صفحة، فى الوقت الذى تصاعدت فيه حدة قضية إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق الذى قدم ضده 47 نائباً بمجلس الشعب بلاغاً للنائب العام المستشار عبدالمجيد محمود يتهمونه بإهدار المال العام واستغلال نفوذه للتربح من منصبه والاستيلاء على تخصيص أكثر من 20 فيللا لأسرته وأقاربه، وأثارت هذه القضية الرأى العام حيث انتشرت على صفحات الجرائد وتناولتها الفضائيات رغم أنها لم تنتشر وقتها كما هى الآن، وقدم فيها الوزير السابق الأدلة التى ترفع الإدانة عنه ولكن شهدت هذه القضية صعوداً وهبوطاً منذ أن تم تقديم هذه البلاغات فى منتصف 2006 وحتى اليوم بعد تقلد الوزير رئاسة شركة الخدمات البترولية ولايزال الملف مفتوحاً، وتجده الفضائيات مادة خصبة لإثارة الرأى العام وإفشاء فضائح الوزير الذى ظل لسنوات غامضاً لايتحدث عما يفعل داخل وزارته، مما دفعه للوقوع فريسة سهلة داخل دائرة الكسب غير المشروع وفق تصورات البعض والتى يزيدها صمت سليمان. ومن القضايا التى تكشف الفارق بين عصر الفضائيات وما قبل الفضائيات خناقة مصطفى بكرى وإبراهيم نافع التى بدأت بحملة من بكرى ضد نافع بعدة بلاغات يتهمه بالتربح من إدارته لمؤسسة الأهرام والتواطؤ مع شركة أنترجروب الدولية المصرية للتجارة، التى يرأسها أحد أنجاله فى شراء أرض بمساحة 1012 فداناً فى منطقة برقاش أول طريق مصر إسكندرية الصحراوى بسعر 2200 جنيه للفدان، وبيعت كأراضى بناء بسعر 250 ألف جنيه للفدان بربح وصل إلى 7,3 مليون جنيه، وفى أول رد فعل لإبراهيم نافع على هذه الادعاءات التى روج لها مصطفى بكرى وتم تحويلها إلى قضية رسمية فى مختلف وسائل الإعلام فظهر فى مختلف وسائل الإعلام يشرح للفضائيات والرأى العام جميع الأقاويل التى تم ترويجها ضده، وعلق قائلاً: إن ما يتهمه به بكرى ماهو إلا حملة ضارية ضده لتشويه صورته، وكان بكرى بطلاً فى مسلسل آخر بعد تصعيد المواجهة بينه وبين سمير رجب رئيس مجلس إدارة ودار التحرير الجمهورية سابقاً حول الفساد داخل الجمهورية يتهمه أيضاً بنهب المال العام وارتكابه مخالفات مالية، ولقد انشغلت الفضائيات بهذه الاتهامات للتشكيك فى نزاهة رؤساء تحرير ومجالس الصحف واستغلالهم لمنصبهم من أجل التربح من ورائه. ومن أشهر قضايا ما قبل عصر الفضائيات فى الوسط الصحفى اتهام إبراهيم سعدة رئيس تحرير أخبار اليوم سابقاً الفنان نور الشريف بالعمالة والخيانة لصالح إسرائيل لقيامه بإنتاج وبطولة فيلم لرسام الكاريكاتير الفلسطينى ناجى العلى والذى تناول قصة العلى، وكيف تمت تصفيته وفى ذلك الوقت كانت مصر تدافع عن السلام مع إسرائيل بعد توقيع اتفاقية السلام ولم ينأ نور من هذا الاتهام الذى طارده لعدة أشهر برغم توضيح موقفه من خلال سرده لأحداث الفيلم ولم يعتذر له سعدة وظلت القضية مفتوحة! فى حين أن الخلاف الشهير بين مرتضى منصور مع عادل إمام كان فى عدة صحف صغيرة العدد وانتهى بنشر إعلان اعتذار من عادل إمام فى الصفحة الأولى فى جريدة الأهرام على مساحة عمودين بطول 20 سنتيمترا بطلب من مرتضى، ويعود الخلاف إلى تصريحات عادل إمام لإحدى الصحف والتى جاء فيها أنهً إبان تولى مرتضى منصور إحدى دوائر الجنح الجنائية طلب منه رشوة فى قضية كانت تنظرها المحكمة ضمن رول القضايا عن فيلم الأفوكاتو التى رفعتها مجموعة من المحامين التابعين له، وعقب النشر مباشرة أقام مرتضى دعوى سب وقذف أمام محكمة جنح الساحل التى قضت بحبس عادل إمام ستة أشهر مع الشغل وكفالة 100 جنيه، وفى جلسة الاستئناف اتفق الطرفان على الصلح وطالب مرتضى عادل بتعويض مليون جنيه واتهم عادل بالتنسيق مع زكى بدر وزير الداخلية وقتها لعرض مسرحية الواد سيد الشغال فى أسيوط لضرب الجماعات المتطرفة هناك مقابل اعتقال مرتضى منصور، ونفذت الخطة بالفعل بجلسة صلح حضرها صلاح السعدنى وشقيقه محمود السعدنى ومحمود الجوهرى. وبالرغم من الضجة التى أثارتها الفضائيات بعد مقتل هبة ابنة ليلى غفران وصديقتها نادين فى الشيخ زايد واتهامها بإقامة علاقات مشبوهة مع الشبان، فضلاً عن تعاطيها المخدرات حيث أفردت الفضائيات مايقرب من 5 ساعات يومياً للحديث عن هذه القضية إلا إنها أغفلت تقرير الطب الشرعى الذى يؤكد عذريتها. فى الوقت الذى تجاهلت فيه وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية تغطية مقتل الفنانة الراحلة وداد حمدى التى فارقتنا فى 25 مارس 1994 ، حيث قام الريجستير الخاص بها متى باسليوسات بطعنها فى أماكن متفرقة بجسدها بعد قيامه بسرقتها، وبرغم أن هذه القضية كانت أول مقتل لفنانة مصرية إلا إن أخبارها لم تتجاوز مساحتها 200 كلمة بالإضافة إلى عدة قصص إخبارية عن مشوارها السينمائى. ومن القضايا الأخرى التى شغلت الرأى العام قبل الفضائيات هروب وفاء مكى ووالدتها لمدة أسبوعين عقب تقديم خادمتيها مروة وهنادى فكرى عبدالمجيد بلاغا رسميًّا تتهمانها فيه بتعذيبهما وحكم عليها بالسجن 10 سنوات وأفردت الصحف مساحات كبيرة تعدت ال 2000 كلمة وصلت عدد الموضوعات إلى 286 صورة إخبارية تفرعت ما بين تحقيق وخبر وقصة إخبارية. كما لعبت الفضائيات دوراً كبيراً فى الخلاف الذى نشب بين فيفى عبده ومدحت صالح حيث ألقى القبض عليه بمنزله فى مدينة 6 أكتوبر لتنفيذ حكم قضائى صادر ضده بالحبس عامين فى قضية شيك بنصف مليون جنيه بدون رصيد لفيفى عبده التى رفضت وساطة كثيرين للتنازل عن حقها القانونى، وخرج مدحت بكفالة 100 جنيه بعد أن قضت المحكمة بحبسه عامين ولكنه استأنف الحكم وخرج بضمان محل إقامته! ولم تكتف الفضائيات بذلك بل ساهمت فى إثارة الرأى العام تجاه قيام 3 فتيات باتهام هالة شو بفبركة الحلقة التى تم بثها على قناة روتانا عن بنات الليل، حيث تناولتها الفضائيات بالتشهير بالقناة قائلة إنها تتناول سبقاً صحفياً وهو قيام قناة خليجية بتأجير فتيات لأداء أدوار بنات الليل فى سلسلة حلقات تناقشها عن بنات الليل فى مصر. وعلينا ألا ننكر دور الفضائيات فى توجيه الرأى العام إزاء قضية مقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم على يد رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى ومحسن السكرى، التى أعطتها أبعاداً سياسية إقليمية مع تدخل عدة دول فى الجريمة! فيما لانعتقد أن أحداً لايزال يتذكر اتهام حنان ترك ووفاء عامر بانضمامهما إلى شبكة دعارة تضم 19 فتاة بسبب 300 ساعة مكالمات فى شرائط كاسيت.. تم ضبطهما وخرجتا بكفالة إلا إن هذه القضية لم تغط إعلامياً بالشكل المعتاد هذه الأيام، ولم تزد على 13 خبراً تم نشرها دون أى تفاصيل عن كيفية القبض عليهما وهل انضمتا فعلاً لهذه الشبكة أم لا؟!.. وهناك أمثلة أخرى كثيرة لقضايا كانت ستزيد اشتعالاً لوكانت فى عصر الفضائيات مما يؤكد مدى دور الفضائيات والصحف الكثيرة فى تحميل العديد من القضايا أعمق من أبعادها المباشرة وسرعة تطورها وتصعيدها عكس ما كانت وفيما سبق!؟ شوبير زينجر! تحولت العادة عند أحمد شوبير إلي احتراف.. فمن المألوف أن تسمع شوبير وهو يقحم أسماء قيادات سياسية وتنفيذية علي برنامجه الرياضي.. بدعوي أن فلانا اتصل به تليفونيا، وعلانا همس له بخبر خاص، وترترنا أرسل له برقية أو ايميل مساندة وتأييد، حتي تحولت الهواية إلي غواية، كنوع من أنواع الاستقواء الوهمي بهذه الأسماء التي ما تلبث أن ترفع يدها عنه وتؤكد في كل مكان أنه لا علاقة لها بهذا الرياضي السابق والإعلامي الحالي الذي تاه في دروب الصراعات والإغواءات.. حتي أن مريديه تتراجع أعدادهم بصورة كبيرة هذه الأيام. شوبير لا هو مسنود ولا يحزنون! فهذه الحصانة الوهمية رسمها في عقول البسطاء وكأنه بطل من ورق علي شاكلة أونولد شوبير زينجر فالعضلات الهوليوودية التي كان يتفاخر بها أرنولد شوارزينجر لم تكن تحسم المعارك إلا أمام الكاميرات.. وبعدما يصرخ المخرج كت.. تنفضح حقيقته!