أعلن حزب النور التبرؤ من صفحة بعنوان «هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بمصر»، وما تدعو إليه والتى ظهرت على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» وقام بإنشائها عدد من شباب الدعوة السلفية المنتمين للحزب بهدف الترويج لفكرة الشرطة الدينية. وجاء فى بيانهم الأول أنهم بدأوا فى إنشاء هيئة على نفس شاكلة الهيئة الموجودة بالمملكة العربية السعودية، ودافعهم إلى ذلك يرجع إلى اختيار الغالبية من الشعب المصرى للإسلام ولحكم الشريعة. ونسأل: هل ممارسة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر تكون للفرد أم للمجتمع أم للدولة؟ وما دور كل طرف فى ممارسة هذا الأمر؟ ونقرأ قوله تعالى: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله» «الآية 110: آل عمران ، «المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم» «الآية 67: سورة التوبة». فالأمر بالمعروف ليست له علاقة بالحلال والنهى عن المنكر ليست له علاقة بالحرام، فالحرام هو كل ما ورد تحريمه فى القرآن الكريم من الله تعالى فقط مثل قتل النفس بغير حق، أما النهى فمرتبط بظروف محددة، فالله تعالى يحلل ويحرم ويأمر وينهى، والإنسان يأمر وينهى فقط، فمثلا الطبيب ينهى عن التدخين والدولة تمنع التدخين فى الأماكن العامة. ولكن كيف نفهم حدود الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟ وكيف نطبقه فى وقتنا الحاضر؟ يقول تعالى: «الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين» «الآية 112: سورة التوبة»، فالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لهما حدود لا يجب تجاوزها، ونقرأ قوله تعالى: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله» «التوبة: 71»، وقوله تعالى: «الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر» «الحج: 41»، ونلاحظ فى أداء الشعائر من صلاة وزكاة مرة يسبق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر كما فى آية الحج، ومرة يأتى بعدهما كما فى آية التوبة، ونجد أن بعض الأوامر يمارس على المستوى الفردى كإقامة الصلاة، وبعضها يمارس على المستوى الجماعى وتحتاج إلى تنظيم وإشراف كالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وإيتاء الزكاة وحفظ حدود الله. والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ليس فيهما إكراه ويقوم بهما الفرد والمجتمع والدولة، وذلك من خلال الأسرة على مستوى الأفراد، والمدرسة ودور العبادة ووسائل الإعلام والمجالس التشريعية ومؤسسات المجتمع المدنى على مستوى المجتمع والدولة، لأن العقائد وممارسة الشعائر لا علاقة لها بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فمثلا من يجبر الناس على الصلاة بالقوة أو يجبر النساء على لبس الحجاب، فإن هذا لا من الأمر بالمعروف ولا من النهى عن المنكر. لقد تم وضع تفسير الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يقوم على القهر والإكراه، مع أن الله تعالى لم يحدد آليات لممارسة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، بل تركها للأعراف السائدة ضمن إطار التعايش فى سلام بين أفراد المجتمع، إلا أنه تعالى اشترط لممارسة هذا الأمر عدم تجاوز الحدود بالبعد عن القهر والإكراه. كاتب وباحث فى الدراسات الإسلامية