تظل علاقات الحب بين المسلم والمسيحية من أبرز الخيوط التى لها جاذبية خاصة عند كتاب السينما باعتبارها علاقة مثيرة للجدل والصخب خصوصًا فى هذا التوقيت المفصلى، وفى ظل الاحتقان الطائفى والأحداث القابلة للاشتعال فى ميادين مصر. لكن المؤلف «تامر حبيب» خرج من هذا المأزق بذكاء بدلاً من الوقوع فى مصيدة الرقابة وفخ الكنيسة وتعاليمها بالتأكيد على استحالة استمرارها بين بطل فيلم «واحد صحيح» هانى سلامة وحبه الأول «كندة علوش» التى فضلت الاحتماء بالكنيسة واختيار حياة الرهبنة بدلاً من ارتكاب خطيئة الخروج عن ديانتها. المؤلف اعتبر سلوك الفتاة القبطية تصحيحًا لخطأ الأب الذى استجاب لعواطفه واختار الزواج من مسلمة رغم صدق العلاقة ومتانتها.. لأن الاختيار الثانى وهو الخروج عن الدين معناه اشتعال أزمة لا مبرر لها وفتح باب الاجتهاد بين الجماعات الإسلامية والقبطية ومزيدًا من المليونيات. حب بطل الفيلم «عبدالله» أو«بودى» «هانى سلامة» لأميرة «كندة علوش» كان إحدى علاقات الحب داخل أحداث الفيلم الذى يقدم بطله «الجان» والمتعدد العلاقات النسائية فى ثياب الشاب الذى يبحث عن فتاة تصلح أن تكون زوجة له وهى رحلة بحث عن الكمال وفتاة الأحلام والتى لا توجد أيضا إلا فى الخيال.. «هانى» طوال الفيلم يبحث عن «واحد صحيح» أو فتاة كاملة الأوصاف تمنحه كل متطلباته وتلبى كل احتياجاته، ولكنه يكتشف أن شبكة الفتيات الرباعية حوله منقوصة، فلدى كل واحدة خاصية يبحث عنها، وأن كل الخواص لا تجتمع أبدًا فى فتاة واحدة. الأولى «أميرة» وهى تمثل الحب الأول له محكوم عليها بالفشل لأسباب دينية، الثانية «نادين» «بسمة» فهى تمثل الأخت والصديقة التى تشبع له غرائز الصداقة ويجد نفسه معها بدون قيود الذى يبوح لها بأسراره بلا حدود، وهى أيضا، ويتسبب فى إفساد حياتها الزوجية دون أن يدرى، والثالثة فهى المذيعة «ياسمين رئيس» أو مريم وهى فتاة يجد معها الأمان الحقيقى فهى نصف متحررة ونصف متدينة والعلاقة بينهما حب من طرف واحد وهو «مريم»، أما الرابعة فى حياته فهى لسيدة أعمال متزوجة «رانيا يوسف» والتى تعانى من الحرمان الجنسى مع زوج «مثلى»أو[شاذ جنسيا] «زكى فطين عبدالوهاب» وتجد مع «عبدالله» صورة الرجل المثالى والكامل الذى يلبى شهواتها وفى الوقت نفسه يراها هى الفتاة المناسبة لإشباع رغباته وغرائزه الجنسية. بطل الفيلم مع «بسمة» يجد الدفء والأمان ومع «ياسمين رئيس» يشعر بالأمان والسلام، بينما تلبى د. فاتن «رانيا يوسف» احتياجاته الجنسية، أما «أميرة» فهى الحب المحرم بسبب اختلاف الأديان لكنه فى النهاية يختار الصديقة والحضن الدافئ «بسمة» وهى النهاية التى اختارها مؤلف «سهر الليالى» «تامر حبيب» المتخصص الأول فى نوعية الأفلام الرومانسية والفيلم تيمة جديدة من «سهر الليالى» و«تيمور وشفيقة» و«عن العشق والهوى» ولكنه فى «واحد صحيح» وقع فى متاهة التناقضات بشخصياته المركبة واختار الحلول المثالية بدلاً من الدخول فى صدامات رقابية أو دينية. «واحد صحيح» يعيد للأذهان فيلم «الوسادة الخالية» ل«عبدالحليم حافظ» وإحدى روائع الكاتب إحسان عبدالقدوس ولكن شتان بين المعالجتين. فمن أجل متطلبات الذوق التجارى وقع «تامر» فى فخ الابتذال والمباشرة وأحيانا المبالغة مع بطل «زير نساء» يزهو بعلاقات «السريرية» وسحره مع النساء وجاذبيته الجنسية وعلى أنغام أغنية وردة الشهيرة «فى يوم وليلة» يقدم وصلة جنسية صريحة ومباشرة. المبالغة فى الإيحاءات الجنسية امتدت أيضا فى لغة الحوار لنستمع مثلا إلى مفرادات مثل «المزز» و«المز» و«الفشخ» ومشتقاتها فعلا واسما ومصدرا على لسان بسمة والبطل وهى لغة دخيلة على «تامر حبيب» وأعماله الأخيرة. وحسنا فعل منتج الفيلم كريم السبكى وهو الفرع المودرن والعصرى من نسل السبكية، إن عرض الفيلم فى التوقيت المناسب قبل تفعيل دور الإخوان والتيارات الإسلامية، وإلا فإن مصيره كان المنع والمصادرة وهو ذكاء تسويقى يحسب للسبكى الصغير. «هانى سلامة» يعود فى «واحد صحيح» بعد غياب عامين كاملين لظروف خاصة بعد فيلمه «السفاح» ليؤكد إنه ورقة رابحة فى سوق السينما وأن عرش الفتى الأول ليس حكرا على أحمد السقا وأحمد عز وكريم عبدالعزيزوهو آخر سلالات المخرج الراحل يوسف شاهين، أما «عمرو يوسف » فيثبت يوما بعد يوم أنه القادم نحو البطولة المطلقة بينما تؤكد «بسمة» نضجها وثباتها على الشاشة، فى حين تؤكد «ياسمين رئيس» إنها مفاجأة السينما القادمة - وجاء دورها لتأكيد إمكانياتها. بعد فيلم «إكس لارج» مع أحمد حلمى فى حين أجادت كندة علوش فى إطار الدور المكتوب ومازال أمامها الكثير. فيلم «واحد صحيح » هو التجربة الأولى لمخرج الفيديو كليب «هادى الباجورى» وبدا واضحا تأثيره بإيقاع الموسيقى فبدت الأحداث متدفقة وسلسة فى بداية موفقة.. أما «رانيا يوسف» وهى البطلة التى فرضت نفسها مؤخرا فهى نموذج جديد نجمات الإغراء لكن هل يتركها الإخوان لتخرج موهبتها كاملة على الشاشة.