بعد أن شهد شارع قصر العينى أكبر مواجهة بين المتظاهرين وقوات الجيش.. جاءت جامعة عين شمس لتلفت الأنظار خاصة بعد انتشار شائعة تعليق الدراسة بها احتجاجا على سقوط شهيدين من طلبة الجامعة «علاء عبدالهادى ومحمد مصطفى».. وقام زملاؤهما بعمل مسيرة كبيرة تقدمها رئيس الجامعة وهو المشهد الذى ربما لأول مرة نشاهده، فلم نعتد أن نرى رئيس الجامعة يحتج على الحكومة ويخرج من الجامعة بمسيرة مطالباً بالقصاص. لذلك حاولنا أن نستكشف آراء هذا الرجل فى الأوضاع السياسية الراهنة ورغم أننا رافقناه لأكثر من يقول د. علاء: فكرة تعليق الدراسة كورقة ضغط على الحكومة أمر وارد ليس لدىَّ اعتراض عليه، وبالفعل ناقشنا الفكرة لكن معظم الطلاب رفضوا خاصة كلية التجارة والحقوق والطب وعلى أساس ذلك لم يتم التعليق. ربما كنت أول رئيس جامعة يشارك فى مسيرة احتجاجية من هذا النوع.. لماذا قمت بذلك؟ - فعلت هذا لأننى لستُ راضياً عما حدث.. وكل المصريين غير راضين عن أحداث مجلس الوزراء.. نحن فى الجامعة غاضبون بسبب سقطوط شهداء بالرصاص الحى فى هذه الأحداث.. لكننا كمسئولين مطالبون بأن ننصح الطلاب بعدم تصعيد شكل الاحتجاج، لأن الجامعة لا تمتلك أفراد أمن يمكنهم حماية هؤلاء الطلاب إذا خرجوا بمسيرتهم من داخل الجامعة إلى الشارع، خاصة أن منطقة «العباسية» مُجتمع صعب ونتذكر جميعاً ما حدث للمتظاهرين فى يونيو الماضى، وحتى يومنا هذا عندما نسير بمسيرات فى هذه المنطقة يحدث احتكاكات بين الأهالى والطلاب وهذا ما يثير الخوف بداخلى لأن كل ما يهمنى فى هذا الشأن هو حماية هؤلاء الطلاب. المظاهرة داخل أسوار الجامعة تُزيد الموقف قوة وعندما تبدى إدارة الجامعة تأييدها لرغبات الطلاب فى الاحتجاج هذا يعنى أنهم يمثلون قوة أكبر من خروجهم للشارع. الطلاب لهم كل الحق فى أن يطالبوا بالقصاص للشهداء ونحن نؤيدهم رغم أن ذلك لم يكن يحدث من قبل أن يتخذ المسئول موقفاً مثل هذا، ويمكن أن نعتبر ذلك شيئاً من محاولة استقلال الجامعة وأن يكون لها وضع مختلف عن الماضى وتصبح حُرة فى آرائها. كيف رأيت الأحداث بداية من «محمد محمود» وحتى «مجلس الوزراء وقصر العينى»؟ - هناك لُغز غير مفهوم.. ذهبت إلى داخل شارع محمد محمود وسط اشتعال الضرب - قبل بناء الحاجز- لأعرف ماذا يحدث هناك.. الشارع كان مُظلما ورائحة الغاز قوية جداً، شاهدت المصابين بالتشنجات وغيرها من الحالات الصعبة. لكن وجدت أنه بمجرد وصول جنود الجيش لموقع الاشتباك يقوم المتظاهرون من تلقاء أنفسهم بالتراجع، لكن فى اليوم التالى تراجع الجيش وعاد العنف من جديد بين الشرطة والمتظاهرين.. فإذا كان الجيش يستطيع حل المشكلة فلماذا لم يقم بحلها من البداية؟! هناك اقتراح بفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية فى 25 يناير القادم.. هل توافق على هذا الاقتراح.. أم أنك مع استمرار الحكم العسكرى حتى يونيو القادم؟ - لا أؤيد هذا الاقتراح.. لكنى أؤيد اقتراحاً آخر قرأته فى إحدى الصحف وهو إعطاء بعض الصلاحيات التنفيذية لرئيس مجلس الشعب يستمر بها لفترة 6 شهور لحين الانتهاء من وضع الدستور.. وعلى المجلس العسكرى أن يعطى للبرلمان الفرصة وتكون الصلاحيات التنفيذية بين مجلس الشعب والحكومة ويتبقى فقط للمجلس العسكرى مسئولية الأمن. هل أنت مُقتنع بأن رئيس الوزراء الحالى د. الجنزورى يمتلك صلاحيات رئيس الجمهورية؟ - بالطبع لا يمتلك هذه الصلاحيات، فهذا كلام غير مُقنع لأنى أعتقد أنه يلجأ للجيش فى أمور عديدة.. فلابد من إعطاء الوزراء صلاحيات أكثر ليستطيعوا القيام بأعمالهم. بعد مرور أكثر من 10 أشهر على الفترة الانتقالية.. ما هو تقييمك؟ - هناك نحو 6 أشهر «غلط».. الفترة زادت وتأخرنا كثيراً نتيجة افتقادنا للبُعد، نحن لا نستطيع ترتيب الأولويات والخطوات رغم وضوح الرؤية، فالوقت لم يكن له أى قيمة فى الشهور الماضية. عندما تنتهى الانتخابات سيحدث تغيير طبيعى لوجود مجلس الشعب وسيكون هو أول هيئة حقيقية يمكن أن نعتمد عليها.. فأتذكر أحد الأمريكان عندما زار مصر مؤخراً قال «هذا بلد عجيب.. بلا برلمان بلا دستور بلا رئيس جمهورية ولا وزير داخلية وبالرغم من ذلك الأمور تسير بشكل طبيعى!». معظم المشاكل التى يعانى منها المجتمع المصرى بسبب سوء منظومة التعليم.. فمتى ستخرج لنا الجامعة مواطنين مؤهلين لجميع الوظائف بقدرات متفوقة؟ - سيحدث تغيير كبير فى غضون 4 سنوات، وسأقوم بتغيير جميع مناهج جامعة عين شمس العام المُقبل. معظم الطلاب يكرهون الجامعة لأنهم لا يتعلمون شيئاً حقيقياً والكتاب يُمثل لهم إزعاجاً لأنهم مُضطرون لحفظه حتى ينجحوا فقط!.. أيضاً أساتذة الجامعة, يرون أن التدريس أصبح شيئاً روتينياً ويشعرون بأن حقهم مهضومٌ.. ومع كل ذلك نحن كإدارة مطالبون بأن نبدأ فى تطوير الجامعة فى ظل هذه المشكلة الصعبة خاصة أن هناك بعض الناس لا يقبلون التغيير أو التطوير. التطوير سيحدث من خلال تطوير فكر الأساتذة أولاً ثم نفس الشىء مع الطلاب.. فهناك انعدام تواصل بين الطرفين، الطالب مُتعجرف والأستاذ غير قادر على توصيل المعلومة.. وليتم حل هذه الإشكالية يجب أن نترك الفرصة للتربويين والمتخصصين فى وضع المناهج، فى مصر يوجد العديد من هؤلاء المتخصصين لكن بعضهم يهتم أكثر بالأسلوب النظرى الذى يفتقد للتطبيق العملى على أرض الواقع، لكن بالطبع مع بعض المحاولات ستكون هناك نتيجة إيجابية.. ولابد ألا نُلزم الطالب بأن تظل المحاضرة فى مدرج كليته فقط فطالب التاريخ على سبيل المثال يمكنه أن يحضر محاضرة فى كلية الآثار بجامعة أخرى غير جامعته كنوع من التغيير لنفصله عن الروتين، هذا تفكير متفتح جداً يحتاج إلى قبول الطرفين حتى يتم تطبيقه وأنا كرئيس جامعة لا أستطيع أن أقوم بذلك بمفردى. أرى أن تطوير الجامعة لا يحتاج إلى تطوير سياسة البلد لأنك تستطيع تغيير سياسة الجامعة من حيث النشاطات وتغيير المناهج وشكل الامتحانات دون الرجوع للدولة لذلك لابد أن تقتنع الجامعة بأنها لا تخدم الطالب إنما تخدم المجتمع ككل لتنتج له شباباً مؤهلا، أيضاً الاهتمام بصنع القيادات الشابة، فقيادى اليوم لا يستطيع التحدث بالإنجليزية! ولا يمتلك بعض القدرات المهمة وهذا بالطبع غير مقبول. فى نوفمبر 2010 منحت حملة «الدفاع عن طلاب مصر» جامعة عين شمس لقب الجامعة الأسوأ على مستوى مصر.. هل تعتقد أنها كانت كذلك بالفعل؟ - عين شمس كانت سيئة من حيث كل شىء وتعانى من إهمال كبير من كوادرها التى اهتمت بنفسها على حساب الجامعة كذلك الاهتمام بالأمن كان أكثر من اللازم لتلبية رغبات أمن الدولة. كطبيب وأستاذ جامعى.. كيف رأيت عملية فض اعتصام كلية الإعلام بالقوة فى مارس الماضى؟ - إدارة جامعة القاهرة كانت تتصرف بنوع من الخوف، ولم يتمكنوا من اتخاذ القرار السليم، فجاء الحل برحيل إدارة الكلية، وما حدث من الشرطة العسكرية هناك لن نسمح به فى عين شمس، لأن الثورة أنهت عصر السيطرة الأمنية على الجامعات. وماذا عن عملية تأمين الجامعة؟ عندما يتم تسليمى رئاسة الجامعة رسمياً سيكون التأمين أول اهتماماتى سنأتى بفرق أمن للجامعة ونؤهلها للتعامل مع الطلاب من خلال بعض المتخصصين، وفى نفس الوقت سنطلب من الطلاب أن يكون هناك احترام فى التعامل مع فرد الأمن وسنطور البوابات وكارنيهات الدخول وسنمنع دخول أى شخص من خارج الجامعة.