فيما تساءلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن أسباب فوز الإسلاميين بغالبية الأصوات خلال المرحلتين الأخيرتين من الانتخابات البرلمانية الحالية، أشارت الصحيفة بعد أن انتقلت إلي مدينة الإسماعيلية، مهد دعوة جماعة الإخوان إلي أن أحد أهم أسباب نجاحهم بمعظم الأصوات هو تركيزهم علي تلبية الاحتياجات الاجتماعية للمواطنين الذين يتوجهون إلي مكاتب الجماعة من أجل الحصول علي «الأغطية» في الشتاء علي سبيل المثال، ويقدمها الحزب لهم مع كتيبات عن الحملة الانتخابية. وأوضحت الصحيفة أن العديد من الناس يطلبون المساعدات المالية لدفع فواتير العلاج، فيبذل الإخوان جهداً مضنياً من أجل تحقيق ذلك، كما أن بعض النساء يتلقين دروساً مجانية في العلوم ونقلت عن أحمد كنواني، الذي يعمل في الخدمة الاجتماعية، قوله: «إن الإسلاميين يبلون بلاءً حسناً في هذا المجال». وعن الدعم المالي لتقديم الخدمات الاجتماعية، قالت الصحيفة إن المسلمين المتدينين الذين يقدمون المساعدات للجماعات الإسلامية يبدون أكثر كرماً من المؤيدين للأحزاب العلمانية، لافتة إلي أن الجماعات السلفية تتواجد في كل مكان، في حين أن الأحزاب العلمانية غائبة. ونقلت الصحيفة عن سماح عبدالكريم 25 عاماً، وتعمل مدرسة قولها: إن الأحزاب الأخري لا نراها إلا في فترة الانتخابات. وعن السؤال بشأن خشيتها علي وظيفتها إذا ما تسلم الإسلاميون الحكم، قالت سماح إن السلفيين يقفون إلي جانب النساء لأنهم يساعدون الفقيرات منهن. وتوصلت الصحيفة إلي أن ما سبق يعكس فكرة عامة، وهي أن السبب الأول الذي دفع المصريين للتصويت للأحزاب الإسلامية ليس لأنهم يبحثون عن أنظمة متدينة شبيهة بالنظام الإيراني، بل لاعتقادهم بأن المرشحين الإسلاميين متقون ويعكسون القيم التقليدية. ونقلت الصحيفة عن عبدالوهاب سيد جمال، المتطوع في تثقيف الناخبين، قوله «إن الناخبين يشعرون بأن الأحزاب العلمانية كانت فاسدة وأنها لم ترفع من مستوي معيشتهم، وهم يعتقدون أن المرشحين الذين يخشون الله لا يتلقون الرشوة»!
.. وقيادات بالجماعة تتهم (السلفيين) بالعمل لحساب (فلول الوطني) في مقال نشرته مجلة نيوزويك تحت عنوان (الحزب الإسلامي المتحفظ يعيد تشكيل السياسة في مصر)، ذكرت فيه أنه عندما فاز التحالف الذي يضم مجموعة من الأحزاب الإسلامية المتشددة بربع نسبة الأصوات في المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية المصرية، أصيب الليبراليون بالاستياء، وحتي جماعة الإخوان أصابتها الدهشة. ولكن المفاجأة لم تكن من نصيب أي من سكان قرية غيط النصاري بشأن هذا الفوز الكبير، حيث تقع هذه القرية علي مشارف مدينة دمياط في شمال شرق دلتا النيل، وهي مسقط رأس الشيخ محمد الطويل، الواعظ السلفي وأحد مرشحي حزب النور عن هذه الدائرة. وتشير (النيوزويك) إلي أن القرية كانت مليئة بملصقات تحمل صور الشيخ محمد الطويل، الذي دخل في مواجهة مع أحد مرشحي جماعة الإخوان أثناء إعادة المرحلة الأولي. وتنقل (النيوزويك) عن أحد ساكني هذه القرية قوله عن الشيخ (إنه رجل صالح يخدم المجتمع، فهو يصلي ويقوم ببناء المدارس والمساجد، كما فاز بجائزة لحفظ القرآن)، ولدي سؤاله عن البرنامج السياسي لحزب النور، أجاب هذا الرجل قائلا: (أعرف الشيخ شخصيا، ولا يهمني برنامجه فأنا لا أفهم السياسة). وتشير إلي أن السلفيين هم جماعة إسلامية متشددة ترغب في العيش قدر المستطاع علي نهج حياة صحابة الرسول بحيث يطلق الرجال لحاهم وترتدي المرأة النقاب. كما يدعو السلفيون إلي الفصل التام بين الجنسين ويرون أن نظام المملكة العربية السعودية مثال يحتذي به. وتري الكاتبة أنه رغم فوز ائتلاف الأحزاب العلمانية بنحو 15% من أصوات الناخبين، كانت المنافسة الانتخابية قائمة في المقام الأول بين الإسلاميين والإسلاميين. وجدير بالذكر أنه في المكاتب المحلية لحزب الحرية والعدالة، لم يحاول الإخوان إخفاء دهشتهم وانزعاجهم من نجاح السلفيين الانتخابي. فقد قال ياسر داود (لدينا 80 عاما من الخبرة، ولكن مرشحهم أمضي بضعة أشهر في السياسة). ومع ذلك، برز حزب الحرية والعدالة كأقوي أحزاب مصر في مرحلة ما بعد الثورة، حيث نال ما لا يقل عن 40 في المائة من الأصوات. ومع ذلك، يبدو أن بعض المصريين يشعرون بالارتياب إزاء جماعة الإخوان التي وصفوها بأنها سرية ومتعجرفة وتهتم بمصالحها الخاصة فقط. ومن الواضح أن السلفيين نجحوا في نيل دعم بعض الناخبين الذين يصوتون للمرة الأولي. وتنقل النيوزويك عن خالد العسيلي، الأمين العام لحزب الوسط المعتدل في محافظة دمياط، قوله (تخيل امرأة في السبعين من العمر ذهبت للتصويت للمرة الأولي في الريف، ووجدت شخصا من حزب النور في مركز الاقتراع يقول لها انتخبي فلان وفلان وستدخلين الجنة). وتشير المجلة كذلك إلي أن الإخوان يشكون الآن من استخدام حزب النور السلفي للدين للتأثير علي الناخبين. ويزعم الإخوان أن السلفيين يستفيدون الآن من دعم أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي المنحل.