(رويترز) – يقترب الاسلاميون من السيطرة على البرلمان المصري فيما لازالت الريبة المتبادلة بين الطرفين الرئيسيين في هذه الحسبة حزب الحرية والعدالة وحزب النور السلفي تجعل من غير المرجح أن ينضما الى ائتلاف حاكم يتألف منهما فقط. هذا الانقسام في معسكر الاسلاميين يفتح مجالا لليبراليين والعلمانيين للقيام بدور في أول حكومة بعد الانتخابات ويحد من احتمال استئثار حزب واحد بحكم مصر كما كان عليه الحال فعليا منذ الخمسينات وحتى الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في 11 فبراير. حزب النور الذي تأسس بعد سقوط مبارك هو الاكبر بين الاحزاب السلفية التي تلقى تأييدا من المسلمين شديدي الالتزام. وكانت أكبر مفاجأة في الانتخابات هو نجاحه في الجولة الاولى من الانتخابات البرلمانية وحصوله على 24.4 % من الاصوات في خريطة سياسية جديدة. ويتوقع أغلب المحللين أن يحصل السلفيون بصفة عامة على ما بين 10 و15 % من الاصوات. وقال عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين ل"رويترز" الاثنين ان من السابق لاوانه الحديث عن شكل الائتلاف الحاكم القادم لانه لم يتم حسم سوى أقل من ثلث المقاعد البرلمانية. وفي الجولة الاولى من الانتخابات حصل حزب الحرية والعدالة على 36.6 % من الاصوات بفارق كبير بينه وبين المنافسين. وقال العريان ان حزبه ما زال داخل التحالف الديمقراطي وانه ملتزم تجاه شركائه ولم يتحدث قط عن أي تحالف اخر. ويشمل هذا التحالف حزبين غير دينيين وهما حزب الكرامة وحزب الغد غير أن الاخوان المسلمين هم العنصر المهيمن على التحالف. ومنذ الاطاحة بمبارك أكدت جماعة الاخوان على أهدافها المتعلقة بالاصلاح السياسي والتي تتقاسمها مع مجموعة متنوعة من الاطراف السياسية التي شاركت في الانتفاضة مع عدم التركيز بصورة كبيرة على المبادئ الاجتماعية المحافظة التي عادة ما تكون مصاحبة للحركات الاسلامية. وكان العريان قد قال ل"رويترز" في أكتوبر الماضي قبل اتضاح مستوى التأييد الشعبي للسلفيين ان المتشددين سيكونون عبئا على أي ائتلاف. وأضاف "من الافضل ومن الحكمة أن يعمل كل منا بشكل منفرد. انهم جدد على الحياة السياسية وسيشكلون عبئا على أي ائتلاف، لدينا خبرة تتجاوز 30 عاما ونحن منتشرون في أنحاء البلاد." وقال المحلل السياسي اسندر العمراني "ائتلاف ينتمي للوسط هو ما يريده الاخوان بما يتوقف على النتائج النهائية، لديهم تحفظات على السلفيين لانهم من الممكن أن يسببوا قلاقل في السياسة الداخلية بسبب تفسيرهم للشريعة المنتمي للعصور الوسطى على سبيل المثال." وأضاف "لكن اذا حصل السلفيون بالفعل على 25 % من الاصوات سيكونون قوة يعتد بها في المسائل الثقافية بأي حال." وعلى الجانب الاخر قال عماد عبد الغفور رئيس حزب النور ان دور الحزب لن يكون هامشيا بجانب جماعة الاخوان. وقال في حوار مع "رويترز" "نحن نكره التبعية لانهم يقولون دائما أنتم تتخذون قراراتكم مثل الاخوان، نحن بفضل الله لا نتخذ قراراتنا تبع الاخوان، فنحن لنا رؤيتنا." ومضى يقول "نحن لا نستبعد أن يحاولوا (الاخوان) تهميشنا لان هذا لاحظناه فى بداية الامر ولا نستبعد أن الامر يستمر لاظهارنا بأننا الكتلة المشاغبة ولشيطنة التيار السياسي السلفي واظهاره بأنه هو المشاغب والمخالف." وتابع "تجربة الاحزاب الاخرى مع الاخوان كانت مريرة فهم يتناولون الاخوان خلف الكواليس بالذم الشديد، أنا أفضل ائتلافا وطنيا موسعا." ونقلت صحيفتان يوم الاحد عن نادر بكار المتحدث باسم حزب النور قوله ان الحزب اقترح أربعة وزراء لحكومة جديدة يحاول كمال الجنزوري الذي تولى رئاسة الوزراء في فترة سابقة تشكيلها في الوقت الحالي. ونفى الحزب لاحقا أنه تقدم بمثل هذا الاقتراح. وكتب علي عبد العال في صحيفة "حزب النور" ان الاسلاميين بصفة عامة يرون أن هناك حاجة الى المشاركة مع عناصر وأحزاب سياسية أخرى سواء كانت ليبرالية أو يسارية وان فكرة تشكيل حكومة اسلامية خالصة ربما تكون غير مقبولة في أذهانهم الان أكثر من أي وقت مضى لاسباب كثيرة. ويقول محللون ان من الاسباب العملية الرئيسية التي تثني الزعماء الاسلاميين عن فكرة الانفراد بالحكم هي أن مصر تواجه مشكلات اقتصادية خطيرة ربما تجعل من الصعب على الاسلاميين الوفاء بتوقعات ناخبيهم. وأوضح مثالين لذلك قطاعا البنوك والسياحة. فالسلفيون يريدون التخلص التدريجي من البنوك غير الاسلامية ومن محال بيع الخمور ومن ارتداء لباس البحر على الشواطئ المصرية. لكن الحكومة لديها التزامات لن تنتهي قبل عام 2020 كما أن السياحة التي تقوم أساسا على الشواطئ تمثل نحو 12 % من الاقتصاد المصري. ونقلت صحيفة المصري اليوم عن أشرف ثابت عضو الهيئة العليا لحزب النور قوله "لدينا خطة لتعديل قانون البنوك الا أنه من الصعب تنفيذه مرة واحدة حتى لا ينهار الاقتصاد." والقاسم المشترك بين الاخوان والسلفيين هو الاهداف طويلة المدى وأكد الاثنان على التدرج والاقناع والتوافق في تطلعاتهما لتعزيز الاتجاه الاسلامي في مصر. لكن جماعة الاخوان تتخذ طابعا حداثيا ويقودها مهنيون من الطبقة الوسطى مثل الاطباء والمهندسين والمدرسين والمحامين مع وجود عدد محدود للغاية من رجال الدين في حين أن الجماعات السلفية تضم عددا أكبر من رجال الدين في قيادتها ويبدو أنها تلقى تأييدا بين الطبقات الافقر. وفي التصويت في محافظة الفيوم التي يغلب عليها الطابع الريفي صوت المزارعون وأقاربهم في الاسبوع الماضي لحزب النور بأعداد كبيرة قائلين انهم أعجبوا ببرنامجه الاسلامي وانهم يعرفون المرشحين ويثقون بنزاهتهم، في القاهرة تضاربت اراء الناخبين حول امكانية تعاون الاخوان والسلفيين لتشكيل كتلة اسلامية واحدة مهيمنة