في الوقت الذي ترقب فيه الجميع أن يغسل الإعلام المصري ذنوبه من ( التشعلق ) في السلطة ومباركة النظام الفاسد وتزوير إرادة الشعب طوال 30 عاما وضبط إرساله علي موجة الرأي العام والثورة وجدناه يتفرغ للانتقام من نجمة ثورة يناير ، قناة الجزيرة ( مباشر ) وهي اللاعب الأول في إنجاح الثورة المصرية والبطل الحقيقي لها.بينما انشغلت الفضائيات الخاصة بمصالح أصحابها. إن معركة الإعلام المصري تبدو وكأنها اقتصرت علي تصفية حسابات والانتقام من الذين ساهموا في إنجاح الثورة.. إجهاض ثورة يناير هو نفسه الدور الذي لعبته باقي القنوات الفضائية الخاصة التي انقسمت إلي نوعين الأول محطات ولدت من رحم النظام والثانية القنوات الوليدة التي خرجت من رحم الثورة، النوع الأول خلع سريعا ثياب النظام ليرتدي ثوب النضال والسير علي جثث شهداء ثورة مصر، أما الثاني فتوزع ما بين النفاق طوال الوقت لثوار ميدان التحرير علي طريقة النفاق للسلطة وبين اللعب بأجندات سياسية لحساب رجال الأعمال. الإعلام الخاص وصل إلي حالة من الفوضي والانفلات بعد أن اختلط برأس المال لترويج مشروعات الاستثمار السياسي وتحول المشهد في الإعلام العام والخاص إلي صور عشوائية ووصل الأمر إلي ظهور الكثير من علامات الاستفهام حولهما. الإعلام الرسمي يعاني من فقر رأس المال وضعف الرؤية السياسية بينما كان الإعلام الخاص الذي يعاني من تضخم رأس المال يبالغ في رسم خطاب إعلامي تحريضي وأصبح بالتالي الإعلام المصري موجها لتحقيق أهداف بعيدة عن إرادة الشعب، إعلام لا يقود الرأي العام بل يتحرك معه ففقد بالتالي هدفه الأساسي. إن المناخ الجديد الذي أفرزته ثورة يناير كان يهييء لمولد إعلام حر ومستقل قادر علي تحريك الرأي العام إلا أنه لم يكن في المحصلة النهائية عند مستوي الشعب وبات منفصلا عن نبض الجماهير. أما القائمون علي برامج ( التوك شو ) لم يدركوا أن خيطا رفيعا يفصل بين الحرية والفوضي والمهنية والاحتراف فخلقوا حالة من البلبلة لدي الرأي العام الذي يتأثر بما يقدمونه من مواد إعلامية بعد أن نجحوا في تصدير وجوه جديدة للشاشة باتت معروفة للجميع بنفس الأفكار والآراء ووجهات النظر من قناة لأخري، والمذيع في كل الأحوال هو البطل والمناضل، فبخلاف البرامج الحوارية المؤثرة التي ترتكز علي منح ( الوسيط ) أو الضيف سلطة التحدث والإدلاء برأيه وترك للمشاهد حرية تكوين الرأي الخاص به يدخل المذيع كطرف يتجاوز حقوق الوسيط بفرض رأيه ولهذا يغيب الحياد. وسط الفوضي الفضائية وتخبط الشاشة فرض الإعلام الإلكتروني كلمته في مواقع التواصل الاجتماعي والتي أصبحت صاحبة الجلالة في تكوين رأي عام صريح ولا يعرف المجاملة أو النفاق سواء في السرعة غير العادية في نقل الأحداث والتعقيب عليها أو إصدار القرارات التي لا ترتبط بأجندات سياسية أو مصالح خاصة ومازالت تواصل الدور القيادي في نقل نبض الشارع المصري بدون نفاق أو مبالغة بعيدا عن عمالقة غسيل الأموال الذين يدافعون عن أنفسهم ومصالحهم التي تقف في الغالب أمام مصالح هذا الوطن. -- هذا الأسبوع تشهد القنوات الفضائية موسم التصفية والحساب علي خلفية مقاعد البرلمان واستبدال شعار «نافق» الصورة تطلع حلوة إلي «ادفع» الصورة تطلع حلوة ولا عزاء للثوار وشهداء مصر.