يمنع الآباء والأمهات أطفالهم الصغار من مشاهدة التليفزيون ويسمحون لهم فقط بمشاهدة أفلام الكرتون التى يفترض أنها تخاطب عقول الصغار ولا يوجد بها ما يخشاه الآباء، بل إنها تعلم الأطفال الأخلاق والسلوكيات الإيجابية، لكن الأمر اختلف اليوم فقد أصبحت أفلام الكرتون تعلم الأطفال العنف والعدوانية. وقد أثبتت أحدث الأبحاث والدراسات الخاصة بسيكولوجية الطفل أن النمو المعرفى والسلوكى للطفل يبدأ فى التشكل فى سن صغيرة للغاية، فالطفل يبدأ فى التعلم من خلال الملاحظة والمشاهدة العادية التى تؤثر على نمو الطفل فى سنواته الأولى، وكل ما يأتى بعد ذلك هو مجرد تطور لهذا النمو. البعض يجد فى أفلام الكرتون وسيلة لتسلية الطفل، لكن هذه الأفلام أصبحت اليوم تشكل شخصية الأطفال بسبب الساعات الطويلة التى يقضونها أمام شاشات التليفزيون يشاهدون أفلام الكارتون، لكن الخبراء يؤكدون أن كثيرا من أفلام الكرتون الشهيرة تعلم الأطفال العنف وتشتت تركيزهم، فمثلا «توم آند جيرى» ينقل للطفل كما كبيرا من العنف كما يرى المتخصصون من خلال المغامرات التى تبدو لنا كبارا وصغارا مضحكة ومسلية لكنها فى الوقت نفسه تحمل مشاهد ضرب بالشاكوش وإلقاء من أماكن عالية إلى غير ذلك من المشاهد التى تنقل للطفل رسالة بها كم غير قليل من العنف والتى تصل فى بعض الأحيان إلى حد طعن «توم» لغريمه الفأر «جيرى» بالسكين. وقد أثبتت العديد من الدراسات ومنها دراسة امريكية أجراها مجموعة من الباحثين فى جامعة أيوا أن أفلام كرتون «بوكيمون» و«سكوبيدوو» و«توى ستورى» و«توم آند جيرى» تنقل للأطفال صورة محببة عن العنف حيث تصور العنف على أنه أمر مضحك. وتؤكد هذه الدراسات أن الأطفال لا يدركون الفرق بين الخطأ والصواب وبالتالى فمن المحتمل أن يقلدوا. الخطير فى مثل هذه الأفلام أن الشخصيات التى تتعرض للضرب أو القتل فى هذه الأفلام لا تتأذى ولا تموت، وبالتالى فإن الرسالة التى تنقلها هذه الأفلام للطفل الصغير هى أن الشخص الذى يضرب لا يتألم وإذا قتلت شخصا لن يموت. وتنمى هذه الأفلام العدوانية والعنف لدى الأطفال، فضلا عن السلوك غير الاجتماعى، كما تقلل مشاهدة هذه الأفلام من شعور الأطفال وتأثرهم بمشاهد العنف، حيث يعتادون على ذلك ويفقدون أهم ما يميز الصغار وهو كونهم كائنات حساسة. بعض الآباء يرون أن تأثير الكرتون على أبنائهم ضعيف لأنهم لا يشاهدونه لساعات طويلة، لكن الدراسات تؤكد أن الأمر لا يرتبط بعدد الساعات أكثر مما يرتبط بنوع الكرتون الذى يشاهده الأطفال، فالتأثير واحد أيًا كان عدد الساعات، إذ إن مشاهدة مشهد عنف واحد كافية لكى يتصرف الطفل بشكل عدوانى أو عنيف. وأخيرا أثبتت دراسة أمريكية قامت بها مجموعة من الباحثين بجامعة فرجينيا الأمريكية باختبارات على عينة مكونة من ستين طفلا يبلغون من العمر أربع سنوات، ثم تم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات، قامت كل مجموعة من الأطفال بنشاط مختلف عن المجموعة الأخرى لمدة تسع دقائق، قامت المجموعة الاولى بالرسم والتلوين، بينما قامت المجموعة الثانية بمشاهدة فيلم كرتون بعنوان «Caillou»، أما المجموعة الثالثة فقد شاهدت كرتون «سبونج بوب». ثم بدأت مجموعة الباحثين بإجراء اختبارات على قدرة الأطفال على التركيز وحلول الألغاز المنطقية والاستجابة للمشكلات، وجاءت النتيجة متفاوتة بين الأطفال فى المجموعات الثلاث رغم تطابق أعمارهم. اتسمت المجموعة التى شاهدت «سبونج بوب» بعدم التركيز وظهر تضرر الذاكرة القصيرة لديهم ومقارنة بالمجموعتين الأولى والثانية كان أداء المجموعة التى شاهدت «سبونج بوب» سيئا للغاية فى حل المسائل واختبارات الانتباه. الباحثون أكدوا فى دراستهم أن السبب فى هذه التأثيرات السيئة أن «سبونج بوب» ليس كرتونا تعليميا ولا يعتمد على الحدوتة المسلية، بل على جذب نظر الأطفال الذين ينشغلون بتتبع الحركات السريعة ل«سبونج بوب» وباقى شخصيات الكرتون. وهذا التأثير الذى أثبتته الدراسة جاء بمشاهدة تسع دقائق فقط فما بالنا إذا شاهد الطفل الحلقة التى تستغرق حوالى اثنتين وعشرين دقيقة كاملة، بالتأكيد سوف يكون التأثير أكبر والضرر أعمق بكثير. وينصح الباحثون الآباء بمتابعة تركيز أبنائهم بعد مشاهدة «سبونج بوب» من خلال توجيه بعض الأسئلة التى تختبر درجة انتباههم وتركيزهم، كما ينصح الباحثون الآباء بضرورة تقليل عدد ساعات مشاهدة أبنائهم لكرتون «سبونج بوب» الذى أصبح من أشهر الشخصيات الكرتونية اليوم ليس فى أمريكا فقط، ولكنه وصل إلى عالمنا العربى أيضا وأصبحت هذه الشخصية بلونها الأصفر محببة لدى أطفالنا.