قال أحد حكماء السلفية عن الجهاد بأننا أصابنا الفقر حين سكتنا عن الجهاد وفتح المدن والدول ليدخلوا فى الإسلام كما كان يفعل أسلافنا، وإن كنا فعلنا لتم تقسيم أبناء هذه الدول علينا سبايا وعبيدا وجوارى، وكلما أراد أحدنا مالا باع أحد عبيده أو جواريه فينتعش حاله، وقال إن للجهاد (أو هكذا يسميه) لذة يعلمها أهل الإخلاص للإسلام. فذلكم هو فكر المفكر السلفى أبو إسحق الحوينى، فهل لهذا الفكر علاقة بالإسلام الذى ندين به، وهو الفكر الذى يزعم أنه يتبع القرآن والسنة بفهم سلف الأمة، فهل فهم سلف الأمة من مصادر التشريع حتى يستحثنا الحوينى على قتال الفرنجة الذين لايدينون بالإسلام. لقد كان ما أسماه التاريخ بالفتوحات الإسلامية التى تمت دون عدوان على ديار الإسلام أو تهديد لها عاراً على المسلمين، وماجاء النبى محمد صلى الله عليه وسلم بذلك النهج ولا جرت سنته على ذلك، ومهما قال من قال ودون من دونوا من يشار إليهم ببنان التاريخ بأنهم فلتات عصرهم، فما أمر الإسلام بالعدوان على الدول الآمنة والمسالمة التى لم تهدد ديار الإسلام حتى يستحثنا الحوينى على ذلك العدوان تحت مظلة من تسمية حبيبة يحبها الناس وهى الجهاد، فلابد من فهم دلالات الآيات القرآنية قبل أن نغترف من الحديث النبوى بلا ضابط، فالله تعالى يقول:(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) الممتحنة8، فهل نبرهم كما يقول القرآن، أم نقاتلهم لنجبرهم أن يدخلوا فى الإسلام كما تذكر السنة. فتلكم هى المناهج الوهابية فى الالتفاف والتطويق، فكما التف وهابيو العصر الحديث على الناس وأسموا أنفسهم بالسلفية، لأنه اسم حبيب أن تنتسب إلى السلف، فبدلاً من الاسم الوهابى المذموم فهم يقولون إنهم السلفية، وكذلك يتحدث شيخهم عن العدوان ويسميه جهاداً، فذلكم الالتفاف الذى انخدع به أهل مصر، كما انخدعت المنتقبات بأنهن يمارسن ديناً كما قال لهم مشايخ الوهابية أو السلفيون الجدد، وكما كثر الجلباب وانطلقت اللحى باسم السنة. وإن استرقاق الناس واستعباد أهل البلاد المنهزمة إلا أمر يذمه دين الإسلام، فالله تعالى يقول: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبتلى بعضكم ببعض والذين قتلوا فى سبيل الله فلن يضل أعمالهم) محمد4، فهل لم يدر بخلد رجل السلفية وشيخها الدلالات القرآنية لقوله تعالى: (فإما منا بعد وإما فداء) لقد سن الله حدوداً فى شأن الأسرى، وهو إما إطلاق سراحهم منَّا من المسلمين عليهم، وإما أن نقبل فدية لفض الأسر، فلا يوجد استرقاق وعبودية إلا فى ذهن شيخ السلفية. ولقد فاضت المراجع القديمة التى كتبها الفارون من فقه الآية مهما كان وزنهم بما قاله شيخ السلفية الذى يقدم النقل على العقل، لكن أين الكتاب والسنة اللذين تتشدق السلفية بهما؟ فالسلفية لاترى الدين إلا من خلال ما هو مدون باسم الأقدمين، حتى وإن كان مدسوساً عليهم، ومهما كان مخالفاً للقرآن، فالعقل عندهم فى إجازة مفتوحة. كيف استباح الرجل أسر النساء والصبيان واقتيادهم عبيداً وجوارى، وكيف يحل له تقسيم البشر على المقاتلين من أهل مصر، وكيف يستبيح لنفسه أن يسىء إلى الإسلام بفقه لايداخلنا شك فى خرفه، وكيف يعلن على الملأ بالفضائيات بوحشية ينسبها زوراً للإسلام بل كيف استساغ أن يدافع عن منطقه بمداخلة تليفونية بقناة الحكمة، لكنها السلفية. لقد شرع القتال فى الإسلام دفاعاً ولم يشرع هجوماً، ولانبدأ أحداً بالقتال مادام أنه لم يهدد حدودنا وليس بقتالنا عبيد أو جوار، إن هذا المنهج يحبط أية محاولة للتعريف بالإسلام الصحيح، فالله تعالى يقول: (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا إن الله لايحب المعتدين) البقرة.19 فالمتدبر للآية السابقة يجد أن الإسلام حذرنا من تجاوز حد رد العدوان حال الحرب التى شنها غيرنا علينا، فلاشك أنه يمنعنا من بدء حرب يكون غرضها خسيساً وهو استرقاق أبناء الدول بزعم ما يسمونه فتوحات إسلامية والإسلام منها براء. فالرجل اتخذ من حديث رواه الإمام مسلم رائداً له فى فتياه المحمومة، حيث يروى صحيح مسلم ما يزعمونه بكتاب الجهاد والسير بباب تأمير إمام الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيرها، بأن يخير المسلمين البلاد التى يريدون إخضاع أهلها للدخول فى دين الإسلام، فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم. بل بهذا الصحيح المبجل باب لايمكن أن يكتب اسمه إلا قاطع طريق متمرس وهو باب (جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام من غير تقدم الإعلام بالإغارة). لذلك فأبو إسحق أسير ذلك المفهوم الذى لايصلح إلا للقراصنة، بينما لاينتهج بفقه القرآن الذى يتصادم بالكلية مع ذلك الفهم الكئيب. أما عن الفقر الذى أصاب البلاد كما ورد بكلمة الحوينى، فهو فقر البعد عن دين الله، سواء كان هذا الابتعاد سلبياً بالانحراف أم إيجابياً بالتشدد، ولست أدرى كيف يقاتل المسلمون دولاً أكثر تقدماً منهم، هل سنكون مثل البربر الذين يهدمون الحضارات لشهوة القتال، أم سنكون مثل غزاة الشمال الذين كانوا يعبدون الفالهالا من دون الله وحطموا حضارة الإنجليز بهمجيتهم. ألا يدرى الحوينى ومن هم على شاكلته بأننا نعيش عالة على علم وعقل الأمم، ألا يدرى بأنه يتكلم فى ميكروفون وتليفزيون ما خطت يد أسلاف المسلمين ولاخلفهم خردلة فى سبيل الوصول إليه، فكيف به يريد منا أن نحطم بأيدينا الحضارات والعلوم والفنون ليستريح ضمير السلفية ونعود لعصر لمبة الجاز وتربية الماعز. ألا يعلم رجل السلفية أن العالم الإسلامى لم يقدم كتاب علم للبشرية منذ أكثر من أربعمائة سنة، فلم يترجم من العربية إلى اللغات الأخرى إلا كتب الأدب، فما هى إسهاماتنا فى بناء الحضارة الإنسانية على الأقل منذ أن تمت ولادة الحوينى وحتى اليوم، وكيف يستسيغ الرجل أن ينطق بفمه أن يجاهر بسبى النساء والأطفال، وهل يكون الجهاد فى تدمير الحضارات ونهب الدول، وسبى النساء والأطفال كما ذكر بخطبته القديمة والتى قام بتحديثها حين دافع عما جاء بها بقناة الحكمة، فأين فقه الرجل من الإسلام وتعاليمه، لا شك أن عليه الاعتذار لكل الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية عن فهمه عن الجهاد وعن إصراره على الخطأ، فالدعوة مسئولية أمام الله والناس، وليست دعوة للهمجية. حق الرد لا علاقة لى بالوطنى المنحل ردا على ما نشرته مجلة روز اليوسف بالعدد رقم 4350 يوم السبت الموافق 22 أكتوبر سنة 2011 بالصفحة رقم 13 بالعمود الأول السطر رقم 27 حيث ورد. سامح رشاد أحد المنتمين للحزب الوطنى المنحل!! وحيث إن ما ورد لايمت للواقع بصلة ومنافِ تماما للحقيقة ويضر بسمعة المرشح بين المرشحين والناخبين إذ لم يسبق لى أن انتمى إلى أى حزب من الأحزاب فى السابق ولم يخض المعركة الانتخابية من قبل ولا علاقة لى بالحزب الوطنى المنحل، وإننى خلال ثلاثين عاما ماضية كنت فى خدمة الناس ولم انتمى إلى أى حزب أو جماعة ورشحت نفسى بعد انقضاء العهد البائد بما شمله من تزوير بالمجالس البرلمانية السابقة وشعارى «مصر أولا وفوق الجميع» فى ظل مزيد من الحرية والإصلاح. سامح رشاد المحامى