أثبت الأزهر أنه المؤسسة الجامعة التي تتوحد تحت ظلالها جميع التيارات بأطيافها المختلفة، فقد استطاع من خلال المؤتمر الذي أعده الإمام الأكبر فضيلة الدكتور أحمد الطيب لتفعيل وثيقة الأزهر والذي دعا إليه رؤساء الأحزاب ورموز القوي السياسية أن يوحد الصف، ويجمع الشتات وينهي الانقسام الذي يضر بمصلحة الوطن ويسير به إلي طريق المجهول.. ورغم أن الأزهر دوره ليس سياسيًا ولا حزبيًا، إلا أنه وضع نُصب أعينه مستقبل مصر أولاً، وقبل أي شيء، ورأي أن عليه دورًا وطنيًا لابد من القيام به في ظل تلك الأخطار التي تحيط بالبلد داخليا وخارجيا.. وأحمد الله أن وثيقة الأزهر نالت تأييد وموافقة جميع أعضاء المؤتمر، ومختلف القوي السياسية الذين اتفقوا بالإجماع علي تفعيلها لتكون استرشادية بما يسهم في تحقيق التوافق بين التيارات المختلفة. وما لفت انتباهي في وثيقة الأزهر أنها تحمل في طياتها الدعوة إلي بناء دولة ديمقراطية حرة لجميع المواطنين تُعلي مبدأ المواطنة والمساواة بين المصريين جميعًا في الحقوق والواجبات، وتنهي ذلك الجدل الدائر حول الدولة المدنية والدولة الدينية، خاصة وأن الأزهر لم يستأثر في الوثيقة برأي خاص به بل جاءت بنودها نتيجة لنقاش فكري مجتمعي للخروج برؤية توافقية لمختلف التيارات الموجودة داخل المجتمع المصري، والتي انتهت إلي الاتفاق علي مصطلح الدولة الديمقراطية بدلا من الدولة المدنية، وكم أتمني أن تنتقل هذه الوثيقة من استرشادية إلي إلزامية تلتزم بها جميع القوي السياسية. فهنيئًا للأزهر الذي يعيش الآن عصره الذهبي بعد أن بادر بإعلان تلك الوثيقة المتحضرة التي أثبتت مدي رقي وعظمة هذه المؤسسة ذات المنهج الوسطي المعتدل.