تجربة حية للتفاعل الإيجابى والعملى فى خدمة الوطن بعيداً عن المزايدات والشعارات، قدمها شباب مصرى رائع مقيم فى فرنسا.. أخذ المبادرة وتفاعل مع الثورة من يومها الأول ولم يكتف بالتظاهر أمام سفارتنا هناك، بل طوروا أمرهم بفعل على أرض الواقع وكان تفاعلهم مدهشا حين تواصلوا بطريقة أو بأخرى للمساهمة فى علاج مصابى الثورة، والأجمل أنهم ساهموا فى علاج 5 من المصابين فى اللجان الشعبية الذين لولاهم لتمكن البلطجية والفلول من إحداث الفوضى. قصص الشباب وإصاباتهم لا تقل فى بطولتها عن هؤلاء الذين أصيبوا فى التظاهرات .. أمام شبابنا النموذج المغترب فى فرنسا فهم أبطال فى عيون الوطن بأدائهم الإيجابى والتزامهم تجاه الوطن الأم .. مصر. الأمر بدأ بمجموعة من الشباب المصريين المقيمين بفرنسا قرروا الحصول على تصاريح من بلدية باريس لتنظيم مظاهرات أمام السفارة المصرية هناك تضامناً مع ثورة 25يناير .. لمدة 4 ساعات يومياً.. ثم التقت هذه المجموعة على هدف واحد وقاموا بتأسيس جمعية 25يناير بفرنسا .. وكانت أهداف الجمعية فى البداية بخلاف التضامن مع الثورة هو الحفاظ والبحث عن حقوق المصريين المقيمين فى فرنسا .. وأهمها كان الحقوق السياسية فى التصويت فى أى انتخابات رئاسية أو برلمانية تخص بلدهم الأم، كذلك مخاطبة المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن طريق السفارة المصرية.. لتعديل سن الإعفاء من التجنيد من 30 إلى 25 عاماً حتى يستطيع الشباب المصرى الذى يعمل بباريس الذى يحتاج لأوراق شرعية فى إتمام أوراقه حتى يجدد إقامته وبدأوا نشاطهم فى 22 فبراير الماضى. فى أثناء أحد اجتماعاتهم قرأوا عن طريق الصدفة فى إحدى الصحف عن أحد مصابى الثورة المصريين الذى يتم علاجه داخل أحد مستشفيات فرنسا .. المجموعة تواصلت مع بعضها وذهبوا لزيارة المصاب المصرى فى المستشفى.. وبعدها اتصلت السفارة المصرية بباريس بأعضاء الجمعية وأبلغتهم بأن هناك مصابين مصريين آخرين فى طريقهم لباريس .. ليتم علاجهم أيضا .. وتكفلت السفارة بتعارف الجمعية بمدام «ماريا نيك» المسئولة عن قدوم المصابين لفرنسا من أجل التعاون المشترك بينهم. «ماريانيك» طبيبة نفسية فرنسية الأصل.. بعد أن بلغت سن المعاش قررت أن تذهب إلى أكثر البلاد جمالاً بالنسبة لها والتى تعشقها منذ الصغر.. وهى «مصر» . أتت مدام «ماريا نيك» لمصر منذ 18 عام ورأست جمعية «الفرنسيين المقيمين بالخارج» فرع مصر، الجمعية لها 150 فرعاً حول العالم. وقضت كل هذه الأعوام حتى الآن فى مصر وعاشت أيام ثورة مصر محتفلة مع المصريين بثورتهم .. وقررت مساعدة مصابى الثورة وتكفلت بعلاقتها مع القنصلية الفرنسية بمصر بتوفير التأشيرات لسفر المصابين .. وأخذت تبحث عن المصابين الذين يحتاجون للعلاج بباريس .. ومن خلال علاقتها بجمعية مصرية أخرى اسمها «جمعية المصريين المدنيين» وصلت إلى 5 مصابين ساهمت بشكل رئيسى فى سفرهم للعلاج بفرنسا. «جيرمين صلاح هريدى» - مصممة إعلانات مصرية - تعيش فى فرنسا منذ الصغر.. والدها يعيش هناك منذ 37 عاماً ويرفض الحصول على الجنسية الفرنسية لأنهم يطالبونه بالتنازل عن جنسيته الأم مقابل ذلك. «جيرمين» هى رئيسة جمعية 25 يناير.. قابلتنا لتتحدث معنا عن المصابين الخمسة الذين سافروا للعلاج بباريس، ووضحت لنا دور الجمعية فى متابعة المصابين 24 ساعة يومياً ودورهم فى جمع التبرعات للإنفاق على علاجهم بمساعدة مدام «ماريانيك» .. والعمل على تحقيق مطالب المصابين أيا كانت وأكدت لنا أن فرنسا متخصصة فى كل مايخص جراجة العين والحروق .. وتعتبر من أهم الدول التى تعالج هذه الأمور بكفاءة.. بالإضافة إلى أن المصابين الخمسة إصاباتهم تتنوع مابين الحروق أو العمى. وتعتبر هذه الحالات هى أخطر الحالات التى عثرت عليها مدام «ماريانيك» ورأت أنها تحتاج للعلاج بباريس فوراً.. والحالات الخمسة أصيبوا أثناء وجودهم فى لجان شعبية لحماية ممتلكاتهم أثناء الانفلات الأمنى . المصاب الأول حسب ماروته جيرمين يدعى أحمد حمدى خليفة.. ألقى عليه أحد البلطجية زجاجة مولوتوف أثناء وقوفه فى إحدى اللجان الشعبية تسببت فى إشعال النار بصدره واحترق جسده بالكامل بنسبة 85% وهو يعالج الآن فى أكبر مستشفيات فرنسا وهو المستشفى التابع للقوات المسلحة الفرنسية وعلاجه على نفقة الدولة الفرنسية وتكلف علاجه حتى الآن 300 ألف يورو وحالته كانت سيئة للغاية بسبب إهمال الأطباء المصريين له داخل مستشفى العجوزة ومستشفى قصر العينى. الحالة الثانية «محمود عبدالفتاح» قام أحد البلطجية بإلقاء ماء النار على وجهه أثناء الوقوف فى إحدى اللجان الشعبية بعد أن اشتبك معهم وهو الآن كفيف ووجهه تم تدميره نهائيا والسبب فيما حدث لوجهه هو إهمال الأطباء للالتهاب الذى أصاب وجهه.. بخلاف أنهم أجروا له إحدى العمليات الطبية وفشلت تماما فى علاجه . «محمود» يتم علاجه عن طريق التبرعات من المصريين سواء فى مصر أو فرنسا.. وبعد أن وصل إلى باريس فى تلك الحالة الحرجة أكد الأطباء هناك احتمالية عودته للرؤية مرة أخرى ولكن بعين واحدة فقط. أما الثالث فهو «أحمد نجيب» متزوج ولديه ثلاثة أطفال قام أحد البلطجية برش مادة كيماوية مشتعلة على وجهه أثناء وقوفه فى إحدى اللجان الشعبية .. أيضا أهمله الأطباء فى مصر وأجروا له إحدى العمليات الفاشلة التى ساهمت فى تدهور حالته.. ويعالج أيضا عن طريق التبرعات التى تدفع للمستشفى.. أما أجر الدكتور المعالج الذى يقوم بعلاجه هو ومحمود عبدالفتاح.. فقد قام أحد الأطباء وهو يهودى تونسى بعلاجهم ورفض الحصول على أجر مقابل ذلك نهائيا. «محمد إسماعيل» ألقى عليه أحد البلطجية زجاجة مولوتوف من على بعد تسببت فى حروق بوجهه ورقبته ويديه وأذنه التى تآكلت تماما وعندما سافر لباريس تم فحصه من خلال الأطباء هناك وأكدوا استحالة إجراء عملية طبية له الآن.. لأن المادة الكيماوية التى أصابته لها تأثير مستمر لن يزول قبل عام من الإصابة.. وبعدها يمكن إجراء العملية .. محمدعاد لمصر حتى يحين موعد العملية والتقينا به وروى لنا ظروف إصابته بقوله: «بعد الإصابة استطاعت شقيقتى عن طريق الإنترنت وإحدى حلقات برنامج العاشرة مساءً على قناة دريم الوصول لمدام نشوى حافظ ومدام هبة السويدى عضوتين من أعضاء جمعية المصريون المدنيون.. وأبلغتهما بحالتى.. ومن خلال علاقتهما بإحدى الجمعيات الفرنسية ساعدتنى فى السفر لفرنسا بعد أن تدهورت حالتى فى مستشفى الدمرداش فكنت لا أستطيع تحريك يدى بسبب تأخر جلسات العلاج الطبيعى .. أما بخصوص العملية الخاصة بأذنى فقال بعض الأطباء المصريين أن هذه العملية لايمكن إجراؤها فى مصر وأخبرونى بضرورة سفرى إلى الخارج لعمل تلك العملية الصعبة .. وبعدها قامت السيدتان المصريتان بالسعى فى إجراءات سفرى لمدة ثلاثة أشهر وبعدها سافرت والتقيت بالسيدة «ماريا نيك» وتعرضت لجلسات علاج طبيعى لمدة ثلاثة أسابيع وعدت إلى القاهرة وسوف أسافر لفرنسا شهر يناير أو فبراير القادم لإجراء العملية. «ياسر» وهو من محافظة السويس وأصيب بمولوتوف تسبب فى حروق برقبته وذراعيه.. ويتم علاجه أيضا عن طريق التبرعات التى تجمعها الجمعيات المذكورة سلفاً.. ومازال هناك يتلقى علاجه المطول. «جيرمين» أوضحت أنها الآن موجودة فى بلدها مصر من أجل جمع تبرعات جديدة لعلاج باقى المصابين، فمحمد إسماعيل ستجرى له عملية فى يناير المقبل ستتكلف حوالى 30 ألف يورو نحاول جمعها الآن ونبحث عن تبرعات أخرى لعلاج أى مصابين يظهرون فيما بعد . وأضافت: وقمنا بالاتفاق مع المستشفى الفرنسى على أن يستقبلوا التبرعات منا مباشرة فى حساب خاص بنا داخل المستشفى يتم الإنفاق منه على المصابين الذين يأتون من خلالنا .. وأبلغنا المستشفى مؤخرا أن الأموال التى وضعناها لديهم نفدت تماما.. ومازلنا بحاجة لمبالغ أخرى. «جيرمين» كشفت أن رجل الأعمال «نجيب ساويرس» قام بالتبرع بمبلغ 35 ألف يورو لعلاج المصابين للجمعية الخاصة بمدام «ماريا نيك» وذلك بخلاف مائة ألف يورو للحالات ال 15 الذين يعالجون الآن بمستشفيات ألمانيا. «جيرمين» تؤكد أن الجمعية على استعداد للتواصل مع أى حالات مصابة جديدة لتسهيل سفرهم لباريس وعلاجهم هناك .. وتأمل أن تجد بأقصى سرعة متبرعين مصريين لعلاج الإصابات الموجودة لديهم وتناشد كل من يستطيع التبرع أن يتواصل معها أثناء تواجدها بمصر.