كتب - محمود صالح كل القضايا في مصر الآن قابلة للاختلاف السياسي لمشروع الدستور أولا أم الانتخابات.. النظام البرلماني أم النظام الرئاسي. لكن ما لا خلاف عليه وما تم الاتفاق بشأنه ومايمثل خطوطا حمراء لاينبغي مجرد التفكير فيها قضيتان الأولي محاصرة الانفلات الأمني المدعوم بقوة بقايا نظام مبارك التي تخوض معاركها الأخيرة علي كل الجبهات باعتبار ذلك الوسيلة الوحيدة لتحقيق استقرار مجتمع وبدء نهضة اقتصاد.. والثانية الأكثر خطورة هي قضية وملف «الفتنة الطائفية» التي سعت أطراف داخلية وخارجية لإثارته عقب سقوط مبارك باعتبار هذه الفتنة أقرب الطرق لانتكاسة «الثورة العظيمة» ولتفتيت مجتمع يستجمع قدراته لبناء دولة تليق بهذا الاسم الكبير.. جمهورية مصر العربية. وبين فلول النظام السابق وغرس الفتنة، كانت وزارة السياحة المسرح الأخير للأحداث! وكانت البداية مجرد مشاحنات انتخابية معتادة بين مجدي جورج حنين - ابن خالة «نجيب ساويرس» - صاحب مجموعة سيتي فرست وآخرين في اتحاد الغرف السياحية وفجأة تحول الموضوع إلي كلام عن مسيحي ومسلم وقام مجدي حنين بتحويل القضية إلي معركة بينه وبين نائب رئيس غرفة الفنادق «ناجي عريان» علي خلفية طائفية بحتة. لايعنينا بالطبع في هذا التحقيق المشاحنات الانتخابية ولا صراعات النفوذ والسيطرة الدائمة في قطاع السياحة، ما يعنينا ما قاله مجدي حنين لنكشف من هو مجدي حنين وماذا يفعل بوزارة السياحة التي تحتاج استقرارا وهدوءا لكي ينهض هذا القطاع الذي خسر 12 مليار دولار في الشهور الثلاثة الأخيرة. نبدأ من تصريحات متوالية نشرها ووزعها مجدي حنين بكثافة خلال الأيام الماضية عن مشكلة «انتخابية لا أكثر» بينه وبين ناجي بديع عريان فقد قال: قبل جلسة الإجراءات علمت بما تم بمكتب الوزير منير فخري عبد النور مما قاله العضو ناجي بديع عريان بشأني وعدم رغبته في تواجدي بالمجلس حيث إن وجودي سوف يغير من هيبة المجلس ليجعله بمثابة «بطرخانة» لكثرة الأعضاء المسيحيين المتواجدين بالمجلس وهنا أوضحت للمجلس أن عريان وتوفيق كمال قد اهتديا إلي الدين الإسلامي منذ أكثر من 20 عاما وأن المجلس ليس بطرخانة «والبطرخانة بالمناسبة هي الكاتدرائية». وأكمل مجدي حنين: الإساءة إلي المجلس واختيار أعضائه مسئولية الجمعية العمومية الآن ولها أن تفصل في هذا القول وأن إثارة الفتنة والتفرقة بين الأديان إنما أثارها منذ البداية ناجي عريان ولعل اهتداءه إلي الدين الإسلامي جعله ينبذ تواجد المسيحيين بجواره. سألت عشرات المصادر عن صحة هذه الواقعة فكانت الإجابة القاطعة أنه لم يحدث شيء من ذلك لا من ناجي عريان ولا غيره وكان الرابط بين إجابات مصادر مقربة من هذا الصراع أن الوسط السياحي لم يعرف أصلا مثل هذه اللغة من قبل خاصة أن معظم المشتغلين بالسياحة يجيدون عدة لغات ومثقفون ومنفتحون ولايمكن لأحدهم أن يفكر بهذه الطريقة من الأساس إذن لماذا فعل مجدي حنين ذلك؟! الإجابة يمكن أن تبدأ بمعلومات متدفقة عن رجل تصفه عائلة ساويرس بأنه «رجل العمليات الخطرة» فهو بعيد عن أن يعرفه الرأي العام ويفضل العمل في الظلام ومع ذلك يقول في منشوراته المكثفة: تعييني في غرفة الفنادق ليس مجاملة وتاريخي يكفي للرد علي المشككين فما هو تاريخه ولماذا قرر وأصر وزير السياحة منير فخري عبد النور «الوفدي» والذي جاء إلي موقعه محمولا علي آمال عريضة بتغيير وتطهير منظومة السياحة ووضع رجال الوزير والنظام السابق في أماكنهم الطبيعية و«تعيينه» في منصبه. سألت كثيرين يعرفون مجدي جورج حنين عن سر هذه الجرأة في تحويل خلافاته مع آخرين إلي قضية طائفية فأكدوا جميعا أن مجدي يجيد الهجوم في لحظات بعينها علي خصومه لإبعاد الأنظار عما يفعله وهنا كان لابد من المعلومات ومع المعلومات الموثقة كانت المفاجآت. فالرجل الذي يتحدث عن تعرضه لهجوم طائفي بسبب ديانته «وهي واقعة مختلقة 100%» هو صاحب القضية رقم 1620 لسنة 96 وفيها قام بتطليق مني حليم زكي بعدها تزوج من مهايحيي نجيب سعد وكانت متزوجة من محمد عبد الفتاح محمد السيد وتم الزواج بحسب الأوراق قبل انقضاء العدة وبعد طلاقها من زوجها المسلم بأربعة أيام وقام بتطليقها في 2002 بحسب أوراق القضية 181 لسنة 20 قضائية ثم تزوج من نيفين عدلي جندي وطلقها أيضا!. ما سبق يؤكد أن مجدي حنين هو الذي يعبث طائفيا لكن الأخطر أن تاريخ الرجل يستدعي أسئلة مثيرة عن سر اختيار الوزير له وتعيينه في لجنة تسيير الأعمال في اتحاد الغرف هل مثلا لأن الوزير يعرف مثلما يعرف الجميع أن مجدي جورج حنين كان عضوا بارزا في الحزب الوطني وفي أمانة السياسات؟! والأكثر أن مجدي حنين لعب دورا سيئا للغاية أيام الثورة حيث قام بإرسال عشرات الرجال المحترمين مفتولي العضلات لتأييد مبارك ونجله، إضافة لما سبق فالرجل يحتفظ من بين كل رجال الأعمال في قطاع السياحة بأوسع وأكبر سجل حافل من القضايا والمخالفات. منها علي سبيل المثال «القضية 10179 لسنة 2006 جنح المعادي» «شيك بدون رصيد» و«10180 لسنة 2006 والقضية 19399 لسنة 2005 والقضية رقم 21046 لسنة 2005 والقضية رقم 13595 لسنة 2006 وفي قائمة القضايا بعض التفاصيل وردت علي لسان مجدي حنين عما حدث له بسبب تعامله في شركاته ومما يدفع للسؤال عن كيف يمكن أن يكون رجل حدث معه هذا في مجال العمل العام من الأساس؟! بعض المعلومات السابقة يمكن أن توضح كيف أصبح مجدي حنين الذي بدأ حياته موظفا في شركة حابي تورز «المملوكة لرءوف غالي» مليارديرا في غضون سنوات قلائل وتحت رعاية ودعم وحماية من عائلة «نجيب ساويرس» ومن أمانة السياسات لكن المعلومات التالية تكشف أكثر. فقد قام مجدي حنين بالتعاون مع وزير الزراعة الأسبق أمين أباظة المحبوس حاليا بوضع يده علي أرض مملوكة للدولة طرح نهر النيل أمام مستشفي القوات المسلحة بالمعادي وأقام مرسي خاصا به ويقوم باستعمال هذه الأرض دون دفع ثمن أو رسوم أو حق استغلال للدولة.. كذلك قام بوضع يده علي أرض زراعية كائنة بمنطقة شبرامنت وتحويلها إلي أرض بناء وتحرر له عدة محاضر ولم يتحرك أحد، وكذلك أرض مملوكة للدولة بمنطقة أبو سمبل التابعة لمحافظة أسوان وأقام علي هذه الأرض فندقا وشاليهات دون دفع أي رسوم للدولة، وكذلك فقد قام مجدي حنين بالتهرب من دفع الضرائب المستحقة علي أرباحه لفندق أبو سمبل وشركة سيتي فرست للسياحة وبواخر نيلية بالأقصر وتحررت عدة محاضر وقضايا تهرب ضريبي ولم يتحرك أحد بالطبع قبل الثورة لمحاسبة رجل مدعوم من نجيب ساويرس وأمانة السياسات شخصيا. بعد الثورة حدثت المعجزة وتحرك الوزير شخصيا باتجاه مجدي جورج حنين وكانت الكارثة بتعيينه هو ورؤوف غالي والد بطرس غالي مدمر الاقتصاد المصري الهارب حاليا في لجنة تسيير الأعمال محطما بذلك آمالا كثيرة في أن يقود منير فخري عبد النور حركة تغيير حقيقية وكبيرة تقتلع رموز الحزب الوطني وأمانة السياسات من الوزارة.. ولكنه تركه.. بل قام بتصعيده وحمايته.. وجعله مسئولا عن تسيير الأعمال حتي أصبح هو وابن خالته «نجيب ساويرس» نجوم الفتنة في أسبوع واحد.!