كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية خبراً وتناقلته بعض المواقع الإلكترونية عن قيام الرئيس الإسرائيلى (شيمون بيريز) بزيارة إلى أثيوبيا الشهر المقبل، وهى تعد أول زيارة لرئيس إسرائيلى يزور القارة السمراء، زاعمة أيضا - الصحيفة - أن سبب الزيارة هو القلق الإسرائيلى من التغلغل الإيرانى فى المنطقة. ولكن.. خبرا كهذا لا يجب أن يمر دونما أن نتوقف أمامه ونتساءل.. لماذا هذه الزيارة الآن؟ فهى محاولة من إسرائيل لتأييد وتدعيم الاتفاقية الإطارية لحوض النيل، وذلك بعد زيارة وفد (الدبلوماسية الشعبية) المصرية إلى أوغندا فى إطار التواصل مع دول حوض النيل، حيث ضم الوفد 35 شخصية سياسية وحزبية ومجموعة من شباب الثورة وشخصيات عامة، ولم يكتف وفد الدبلوماسية الشعبية بذلك، بل قام بترتيب زيارة إلى أثيوبيا أيضا ومحاولة إنهاء الخلافات بين مصر ودول حوض النيل التى دامت 30 عاما. فزيارة شيمون بيريز إلى أثيوبيا إنما يقصد بها العمل على زيادة الخلاف بينها وبين مصر، ومحاولة منه أيضا إلى العمل على سرعة تنفيذ اتفاقية دول المنبع لحوض النيل، خاصة بعد موافقة ست دول وآخرها بوروندى وهو النصاب القانونى الذى به يدخل حيز التنفيذ بعد موافقة برلمانات هذه الدول، مما يترتب عليه نقصان فى حصة مياه النيل الخاصة بمصر.. إنها الحرب إذن. فإسرائيل تدرك تماما أهمية نهر النيل بالنسبة إلى الشعب المصرى، فهو شريان الحياة بالنسبة لنا وأى مساس به هو عبث بمقدرات هذا الشعب وحياته. فمنذ محاولة اغتيال الرئيس السابق حسنى مبارك فى أثيوبيا عام 1995 تخلت مصر عن دورها الريادى فى منطقة حوض النيل، وأفسحت الطريق أمام إسرائيل لتقوم هى بنفس الدور من تقديم المساعدات فى المجالات المختلفة، منها مساعدة أثيوبيا فى بناء عدة سدود وتقديم السلاح إلى جنوب السودان ومساعدته على الانفصال عن شمال السودان. فهذا المخطط الصهيونى جاء بعد فشل حكومة إسرائيل فى الحصول على مياه النيل من مصر بغرض تنمية وزراعة صحراء النقب، وذلك عن طريق مد أنابيب من نهر النيل تمر من تحت قناة السويس ثم إلى سيناء لتصب فى صحراء النقب. وهذا الرفض من جانب الحكومة المصرية جعل إسرائيل تسعى لمساندة أثيوبيا فى بناء سد الألفية على النيل الأزرق الذى يقوم بحجز مقدار من حصة مياه مصر، يقابله تخفيض إنتاج الكهرباء والقضاء على زراعة ما يقرب من مليون فدان. والآن.. ألم يعد كافيا هذا المخطط الصهيونى كمبرر لوقف اتفاقية تصدير الغاز الإسرائيلى، الذى ندعم به المواطن الإسرائيلى، نعم نحن نقدم دعما للمواطن الإسرائيلى فى الوقت الذى تسعى فيه إسرائيل إلى منع وصول المياه إلينا.. نعم نحن نحترم المعاهدات الدولية شأننا شأن جميع دول العالم.. أما الاتفاقات التجارية، فمن حقنا أن نتوقف أمامها وأن نجعلها ورقة ضغط نستطيع بها تحقيق مكسب لشعب أو درء خطر عنه.