فى واحدة من أغرب قصص الصعود الإعلامى، استطاع مدرس تعليم صناعى من محافظة سوهاج، تقديم نفسه تدريجيًا ك«باحث فى العلاقات الدولية»، دون امتلاك أى مؤهل أكاديمى أو خبرة بحثية موثّقة، حتى أصبح ضيفًا دائمًا على شاشات بعض القنوات، ومؤخرًا تصدرت صورته غلاف إحدى المجلات المرموقة. بدأت القصة بانضمام «ع.ح» إلى أمانة أحد الأحزاب السياسية بمحافظة سوهاج، والذى شكّل له بوابة عبور إلى دائرة الإعلام فيما بعد. وخلال الشهور الماضية، بدأ الرجل فى الظهور على شاشة بعض القنوات العربية الصغيرة والتى يفتقر أغلبها لمعايير التحقق، لكنه استغل هذا الظهور فى منحه مصداقية لدى قنواتنا المحلية، خصوصًا فى ظل السيولة الشديدة فى تغطية حروب المنطقة، ليظهر بعد ذلك على إحدى الشاشات الموثوقة، كمحلل سياسى، يقدّم آراءه فى ملفات كبرى مثل العلاقات الدولية، والتوازنات السياسية، والحروب الإقليمية. الظهور المتكرر باسمه ووجهه مسبوقًا بالدكتور منحه «شرعية إعلامية»، لنجد صورته مؤخرًا تتصدر غلاف مجلة مرموقة ضمن مجموعة من الخبراء السياسيين يحللون السيناريوهات حول مستقبل المنطقة. القضية هنا لا تتعلق بشخص بعينه؛ بل بظاهرة خطيرة سواء كانت عن قصد أو تقصير، لكنها ترسخ حضور شخصيات غير مؤهلة، لا تملك سوى القدرة على الكلام، والجرأة على التقديم، دون سند علمى أو تجربة حقيقية. صعود «ع. ح» لا يكشف فقط عن ثغرات فى منظومة الإعلام؛ بل يعكس أيضًا تحوّلًا أعمق فى مفهوم «الخبير» و«المحلل»، حيث لم تعد الكفاءة شرطًا؛ بل يكفى الحضور والمظهر، فى ظل غياب الدقة.